د. محمد عباس محمد عرابي - عرض دراسة الارتحال في الشعر الجاهلي (دراسة نقدية) للدكتورة وفـاء العليـان

عرض / محمد عباس محمد عرابي


أقامت وزارة الثقافة في دولة قطر في شهر مايو 2024م على هامش معرض الكتاب أقامت ندوة عن الارتحال والوداع في الشعر العربي وفيها تحدث الشاعر حمود الصاهو عن وصف الشاعر لرحلته على ناقته عبر الصحراء والجبال والوديان وعلاقة الارتحال بالأطلال وغير ذلك،
وللدكتور بودالي التاج دراسة بعنوان تقاسيم الرحلة وبناء الذات في القصيدة الجاهلية
وفيما يلي عرض لرسالة الارتحال في الشعر الجاهلي (دراسة نقدية) للدكتورة وفـاء العليـان
على النحو التالي:
الارتحال في الشعر الجاهلي (دراسة نقدية) من إعداد الدكتورة /وفـاء سليمـان علي العليـان، وهي بحث مقدّم لنيل درجة الماجستير في الآداب (اللّغة العربية / الادب والنقد)
إشراف الأستاذ الدكتور / جميل محمـود مـغـربي كلية الآداب والعلوم الانسانية
جامعة الملك عبد العزيزجدة – المملكة العربية السعودية26جمادى الاولى 1432-هـ 30 ابريل -2011م، وفيما يلي ما ذكرته الباحثة في التعريف بهذه الدراسة نعرضه بنصه على النحو التالي:
مقدمة: نال الارتحال نصيباً كبيرًا من الشعر الجاهلي، ذلك الارتحال الذي نشأ كترجمة لحياة الجاهلية الدائرة حول تلك البيئة الجافة التي تفرض مبدأ الارتحال عل كل قاطن فيها.
وقدتنوعت أنواع الارتحال في البيئة الجاهلية بشتى أنواعه " رحلة الظعائن ورحلة الشاعر على ناقته عبر الصحراء والجبال والوديان وعلاقة الارتحال بالأطلال والدمن والرسم".
وبيانًا لكل ذلك بينت المؤلفة في هذه الدراسة أن الدراسة تنطلق من تحديد مفهوم الارتحال، وعلاقته بالشعر الجاهلي، وأغراضه، وبعض العادات والمعتقدات المرتبطة بالارتحال
مكونات الدراسة: وتكونت أربعة فصول:

الفصل الأول:
تناول مفهوم الارتحال وعلاقته بالعصر الجاهلي
الفصل الثاني:
تحدث عن (أغراض وعادات ونموذج للارتحال) متناولا أغراض الارتحال من تجارة وتكسب والمعتقدات المرتبطة بالارتحال
الفصل الثالث:
عرض لـ (وصف الطبيعتين الجامدة والحية في شبه الجزيرة العربية) في الشعر الجاهلي
الفصل الرابع:
ناقش الوقوف على الأطلال والرسوم إضافة لتشبيه الأطلال

نتائج الدراسة:
من أهم النتائج التي توصلت إليها:

أولا: هناك نقطة تدعم الارتحال كمبدأ يؤسس لموروثاتنا العربية القائمة على العادات والتقاليد التي تميزنا كعرب على سائر الأمم الأخرى هي أن هذا التنقل يعتبر من أهم دعائم التفاعل بين أفراد المجتمع الواحد، أو بين المجتمعات المتباينة مما يؤدي لترسيخ بعض الصفات التي ورثناها عن الأجداد كالكرم والمروءة والنجدة والشجاعة وغير ذلك إذ إن هذه الصفات جميعها تنشأ نتاجاً لحاجتنا للآخر، أو لحاجة الآخر لنا، ولم تتضح معالم هذه الحاجة دون تداخل المجتمعات تداخلاً لا يتم إلا بالتنقل.
وتقول الباحثة إن حياة البادية باعتمادها على ذلك التنقل أسست لنا هذه الصفات التي كنا ولا زلنا نفاخر بها.

ثانياً:
يزيد السكن في البادية وكثرة الارتحال من ارتباط الفرد بمظاهر الكون الطبيعية من برق ورعد ومطر وسراب وغيرها، ولا يزداد تأمل الفرد في تلك المظاهر ولا تنمو درجة تفاعله معها إلا بواسطة الاختلاء بها والاختلاء لهذا يكون غالباً عن طريق الارتحال الدائم، لذلك وجدنا أن الارتحال ساعد على خلق علاقة شاعرية مرهفة، وساعد على نشوء ونمو درجات من التفاعل بين الأفراد والطبيعة بمظاهر المتباينة فما كان منه إلا أن ترجم ذلك الانسجام في قصائده. فأدى الارتحال بذلك لغرس نوع من الحساسية المرهفة على دواخل الشاعر الجاهلي، وبذلك برز عنصر الصدق الفني في القصيدة الجاهلية عندما أفرز عليها الجاهلي ما يجيش بدواخله من انفعالات مشحونة بما يكتنزه من قوالب صياغية مأخوذة من مظاهر الطبيعة فكان الناتج نصاً شعرياً مغرقاً في الرفاهية منعوتاً بالصدق الفني.

ثالثاً:
بينت الباحثة أنه مع التدرج الزمني لم يطرأ تغيير أو تعديل في المفهوم الاصطلاحي لكلمة الارتحال وظل التغيير يطرأ على وسائل الارتحال التي كلما تقدم الزمن كلما غلبت عليها صبغة التطور فينتج عن ذلك قلة الفترة الزمنية التي تطوي فيها المسافة نفسها التي كانت تطوى سابقاً إضافة إلى أنه كلما قلت فترة الارتحال كلما قل المجهود الجسدي للمرتحل.

رابعاً:
يعد الارتحال خارج حرية الجاهلي حرية الاختيار بين ممارسة الشيء أو تركه فطالما أصبح الإنسان محاطاً بالبيئة الجاهلية – مكانياً وزمانياً – فهو مطالب بالتفاعل معها وفق متطلباتها التي يقوم أغلبها على الارتحال لأهميته التي يؤكدها الشعراء أنفسهم عندما يلوذون إليه أو إلى ما يتعلق به رغبة منهم في التخلص من الحديث عن موضوع بعينه. فيصبح الارتحال بذلك متنفساً، كما يقول امرؤ القيس :
فدع ذا وسلّ الهم عنك بجسرة = ذمول إذا صام النهار وهجراً
ويقول طرفة بن العبد :
وإني لأمضي الهمّ عند احتضاره = بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
ويقول النابغة :
فعد عمّا ترى إذ لا ارتجاع له = وأتم القتود على عيرانة أجد

خامساً:
يعتبر السعي وراء الرزق من الدوافع الأساسية التي تفرض على الجاهليين ممارسة الارتحال والتنقل، ذلك لإيمانهم التام بارتباط الرزق بالحركة وتجديد الأمكنة، ولما جاء الإسلام رسخ لذلك المفهوم وأكده ودعا إليه، قال تعالى ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فأمشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور).
وفي الختام بينت الباحثة أنه : بينما كانت الصحراء تمثل مسرحاً للارتحال، كانت تمثل كذلك مسكناً للجاهليين، فأصبح الارتحال بالنسبة للجاهلي يعني الحياة بأكملها. إذ لا يتم التفاعل بين أفراد القبائل التي تضمها بيئة واحدة إلا بعد أن تفرز هذه البيئة متطلباتها في سلوك أفراد هذه القبائل. وبيئة الجاهليين هي الصحراء، بينما متطلبات الصحراء تفرض مبدأ الارتحال وعدم الاستقرار بذلك وجدنا أن الارتحال يدخل في الصيد، والتجارة، والجدب، وموضوعات الشعر المختلفة، والحروب، وأيام العرب، وغير ذلك، فأصبح الارتحال بذلك مركزاً تدور حوله عجلة الحياة في الفترة الجاهلية.
التــوصيات : بينت الباحثة أنه لم تكن هذه الدراسة سوى إضاءة سلطناها على الشعر الجاهلي حتى نبين لكل متلقٍ جماليات ذلك الشعر وأنه ليس بعيداً عن لغة الشعر المتداولة في عصرنا الحاضر بمختلف مضامينها الجمالية، وأن مفرداته التي هي أدوات توصيل فكرة المبدع للمتلقي إن كانت قد ابتعدت قليلاً عن لغة خطابنا اليومي فهي بالتأكيد لم تخرج عن محيطه، لذلك نوصي كل مختص أو مهتم بالأدب بأن لا يجعل انطباعية تصفحه الأولى للأدب الجاهلي سداً يحجبه عن ذلك الإبداع الخفي الذي أورثنا قيما وسجايا لازلنا نفاخر بها، ولا زالت تميزنا عن غيرنا من الشعوب .
وأوصت الباحثة كذلك بضرورة التعمق في دراسة الشعر الجاهلي، وأن يفيد بحثنا في دراسة ظاهرة الارتحال نقداً وتحليلياً كلاًّ وفق رؤيته ومنهجه حتى تعم الفائدة العلمية والمعرفية.
كما أوصت الباحثة كل ناقد بأن لا يبتعد عن مضمار الشعر الجاهلي فجمال الشعر الجاهلي يكمن في صلاحيته لاستيعاب كافة المدارس النقدية المستحدثة، مما يؤكد أنه شعر متجدد.
كذلك فإن الشعر الجاهلي تناوله كثير من الباحثين فتعددت، بل وتباينت الآراء حوله، فكثرت الاستنتاجات والأحكام لذلك نوصي كل متغلغل في هذا المجال بأن لا يتعجل في إطلاق حكم قد تكون خيوط ضوئه رمت ظلالها على جهة مقابلة فأصبحت غير مرئية للباحث وتجاوزها عن غير قصد منه، فيصبح بذلك حكمه إما ناقصاً أو بعيداً عن الصواب.
بينت الباحثة أنه عن طريق الدراسة والتحليل تم بيان كيف أن الارتحال أصبح دعامة الحياة الجاهلية، ومركزها بتفاصيلها المتباينة فقد رمى الارتحال بظلاله على دواخل الجاهلي فسلم نفسه للوحدة والتفرد، وأصبح للجاهليين علاقة خاصة وحميمة بالوحش فآنسهم في التفرد بالفلوات والقفار التي تمرسوا بها وعرفوا مسالكها ودوربها معرفة تجعلهم لا يضلون قصدهم، كما لا تضل الشمس قصدها
ورمى الارتحال بظلاله أيضاً على حياتهم فرسخ وأسس من الصفات التي أصبحت مميزة للعرب فهم أناس يمتازون بالكرم، على قول حاتم الطائي:
إذا ما بخيل الناس هرت كلابه = وشق، على الضيف الضعيف، عقورها
فإنّي جَبانُ الكلبِ، بَيْتي مُوَطّأٌ = أجود، إذا ما النفس شح ضميرها
وإن كلابي قد أهرت وعودت، = قليـلٌ، على مَنْ يَعـتريني، هَريــرُها .
وهم يجتازون الصحراء بقساوتها ووعورتها تقودهم الأنفة وإباء الضيم انظر لقول المتلمس:
إن للهوان حمار الأهل يعرفه = والحر ينكره والرسلة الأحد
ولا يقيم على خسف يراد به = إلا الأذلان عير الأهل والوتد
هذا على الخسف معقول برمته = وذا يشج فلا يبكي له أحد
وبعد لقد حاولت المؤلفة في هذه الدراسة أن تتحد عن الحياة الجاهلية عن طريق دراستها دراسة عامة فقط، لتوضح للقارئ بصمة الارتحال في كل جزء من هذه الحياة.



المراجع:
الدكتورة /وفـاء سليمـان علي العليـان، الارتحال في الشعر الجاهلي (دراسة نقدية) ،بحث مقدّم لنيل درجة الماجستير في الآداب (اللّغة العربية / الأدب والنقد)،جامعة الملك عبد العزيزجدة – المملكة العربية السعودية26جمادى الاولى 1432-هـ 30 ابريل -2011م،
الارتحال والوداع في الشعر العربي
وزارة الثقافة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى