(14)
اجتاح المغول معقل الخليفة العباسي في بغداد وأحدثوا الأهوال في عاصمة الخلافة العباسية، ومنذ أدرك الغازي أن بلوغ العالم الإسلامي بكامل ترابه يبدأ من مصر خاصة بعد معارك الصليبيين في مصر التي انتهت بأسر لويس التاسع في المنصورة (مدينة ساحلية بشمال مصر) وعى حكام مصر الدرس فإذا وصل هذا العدو بلاد الشام فإن الجيش يخرج لملاقاتهم خارج مصر حتى لا يبلغ مرحلة الخطر المحدق، ففي عام 1260م هزم السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (1260 – 1276م) الجيش المغولي في عين جالوت بالجليل بل وطاردهم إلى ما وراء نهر الفرات فعلا رصيد الظاهر بيبرس بالعالم الإسلامي وأصبح حاكما لمصر وسوريا وفلسطين، ولم تكن القدس بالنسبة للماليك ذات أهمية سياسية كما الأمويين والعباسيين والأيوبيين ولكن مكانتها الدينية والروحانية لم تخمد أبدا فحرص المماليك على تشييد المباني الدالة على هويتهم والتي تزيد من رصيدها الديني والتاريخي وزارها بيبرس 1263م
طقوس صوفية بحتة:
المماليك أصولهم من خوارزم وبلاد ما وراء نهر الفرات وفي هذه البلاد نمت التقاليد الصوفية بدرجة ما بقصد التعبد والتجرد لله، شابها ما شابها فيما بعد من الخرافات على غير منهج أهل السنة والجماعة من السلف الصالح، لذا فالتصوف فكر متجذر فيهم وطبيعي أن ينتعش في ظل حكم المماليك فأقاموا ضريحيين لسيدنا موسى، وسيدنا صالح عليهما السلام وجعلوا لضريح سيدنا موسى علم خاص به كما هي عادتهم!! وقاموا بعمل مسيرات لهذين الضريحين قبل عيد القيامة لدى المسيحيين بأسبوع وأقاموا الصلوات وترتيل القرآن وحلقات الذكر فارتأت كارين هذا نوع من الاستعراض كإعادة لشكل المدينة الإسلامي الذي عبث به الصليبيون ونمو الروح الدفاعية لدى المسلمين للدفاع عن المدينة من أي هجوم محتمل من قبل المسيحيين لردع الفكرة قبل الشروع في تحقيقها.
وأنا هنا بدوري أقول:
ما تراه الكاتبة من سلوك المسلمين أنه استعراض ليس إلا رد فعل مباشر على سلوك الصليبيين الذي لم يتورعوا عن ارتكاب أبشع المذابح وتعليق الأجراس على المسجد الأقصى ووضع الخمور عند قبة الصخرة استعدادا لاحتفالهم بعيدهم في استفزاز صريح لمشاعر المسلمين بالتعرض لمقدساتهم.
وباعتراف كارين وهي من المنصفين بلا شك أن القدس لم تنعم بالسلام قط إلا في ظل القيادة الإسلامية، والمسجد الأقصى هو من أقدس مقدسات المسلمين فضلا عن كونها مدينة الكثير من الأنبياء الذين نجلهم جميعا عن عقيدة وهذا سلوك يتفرد به المسلمون فقط دون غيرهم، لذا عدم التعرض للمخالفين من الذين حرفوا دينهم أو حتى الوثنين هو أمر إلهي حتى لا يسبوا الله عدوا بغير علم طالما لم يتجاوزوا الحد، ما يعني أن سلوكهم ليس إلا نوع من الردع المعنوي وإعادة الأمور إلى نصابها.
﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الأنعام/ 108.
يهود ما بعد السبي البابلي:
الذين طردهم الرومان والمسيحيون من القدس احتقارا لهم وأعادهم عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي رغم علمهم بأنهم يبطنون لنا الدسائس والمؤامرات ولكنهما سلكا سلوك الأسوياء الجديرين بحمل المنهج الإلهي إلى عموم البشر، ليستظلوا بفسطاط الإسلام العظيم، وهم أنفسهم الذين لم يضمروا لنا خيرا قط.
وفي ذلك تقول كارين:
في عام 1267م قام الحاخام موشي بن نحمان وكان مبعدا من إسبانيا، بإداء العلية (الهجرة إلى جبل صهيون ومعبد يهوه) وروعته حال المدينة البائسة حيث وجد لدى وصوله عائلتين يهوديتين فقط، ودون أن يثبط ذلك عزمه أنشأ النحماني معبدا في منزل مهجور ذي قوس جميل في الحي اليهودي وعرف ذلك المعبد بمعبد رامبان نسبة إلى الراباي موشي بن نحمان، وأصبح مركزا لحياة اليهود في قدس المماليك، وجذب صيت النحماني الفكري كمتخصص في التلمود طالبي العلم وبدأوا في الاستيطان في القدس ليدرسوا في يشيفا النحماني، وأحس النحماني بالراحة في منفاه نتيجة لقربه الفيزيائي من أورشاليم، وأصبح بوسعه كما قال «أن يتحسس حجارتها ويربت عليها ويذرف الدموع على حالها الخرب» وكأنما قد احتلت المدينة مكان زوجته وعائلته الذين اضطر إلى تركهم في إسبانيا، واقتنع أن من واجب جميع اليهود استيطان فلسطين وبدت له حالة أورشاليم المأساوية وريفها المحيط بها، والتي أتلفتها الحروب المتقطعة على مدى الأعوام الثلاثمائة الماضية، برهانا على ان تلك الأرض لن تزدهر على أيدي المسيحيين أو المسلمين، بل إنها تنتظر عودة ملاكها الحقيقيين، وعلم النعماني أتباعه أن العلية مفهوم إيجابي وأمر ملزم من جميع اليهود من كل الأجيال، غير أن الاضطهاد المعادي للسامية الذي خبره النحماني جعل روحه صماء صلبة كالحديد، ونمى فيه عداء جديد للمسيحيين، وأيضا للمسلمين الذين استطاع اليهود في القرون السابقة التعايش معهم بأسلوب مثمر حينما كانت الأندلس في أيدي المسلمين، وعكست كلماته التي خاطب بها قومه اليهود التصلب إزاء منافسي قومه الدينيين والسياسيين فقال:
«لقد أمرنا أن ندمر تلك الأمم إن هم حاربونا، أما إن أرادوا السلم سنسالمهم ونتركهم يقيمون هنا بشروط محددة، ولن نترك الأمر في أيديهم أو أيدي أية أمة أخرى في أي وقت أو زمان.
وتبرهن تلك الأمثلة على الصدع الدائم الذي أوجدته الحروب الصليبية وإعادة فتح إسبانيا بين أديان إبراهيم الثلاثة»
هؤلاء هم يهود ما بعد السبي البابلي، الذين كتبوا التلمود بأيديهم وجعلوه توراتهم فقد ساقوا فيه كل الأباطيل، وتعاليم دموية ومنها محاربة كل الأمم التي تعيق أن يحكموا القدس وأكنافها، وليست القضية في عودتهم إلى جبل صهيون ولكن المشكلة في مناصبتهم العداء المطلق لغيرهم حتى وإن سالموهم فعيشهم تحت قيادتهم يكون بشروط محددة، ومن هنا كتبوا بروتكولاتهم الدموية النابعة من التلمود الشيطاني والذي يجافي المنطق والحق والعدل، والتي بها امتلكوا كل المفاتيح من خلال السيطرة على عالم المال والأعمال ومن ثم الاقتصاد، ونتيجة طبيعية أصبح الكل من كل الملل حتى منافقي المسلمين يتملقون لهم ويسعون لنيل رضاهم، إنه العلو الكبير الذي ذكره القرآن عنهم والذي ينبئ أيضا بزوالهم
﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ الإسراء من 4-8
وهنا أستطيع أن أقول أن الناموس الإلهي جبل دائما على أن تعمل يد الله، فإذا ازداد الفساد والطغيان فإن الله يرسل نبي ليعيد الأمور على نصابها، ولما كان سيدنا محمد هو النبي الخاتم فإن المنوط بهم زوال الطغيان ليعتدل الميزان هم ثلة منا اصطفاهم الله وصنعهم على عينه فنراهم يتحملون ما لا يطيقه غيرهم، فقط بالإيمان واليقين بالله وموعوده، مارسوا الدربة على المشقات ومختلف أنواع الظروف، وبذلوا الجهد الجهيد كي يبلغوا تلك المرحلة، لتنطق شرارة الطوفان الذي أسقط الأقنعة من على كل الوجوه في كل بوصة على هذه الأرض وأزال الأحجبة التي كانت ساترة للكثير، بينما المعاندين الذين يظنون أنهم القابضون على كل النواصي ليسوا إلا مستدرجين إلى حتفهم.
﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ. وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ الأعراف 182- 183
قد روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج”
وللحديث بقية إن شاء الله
اجتاح المغول معقل الخليفة العباسي في بغداد وأحدثوا الأهوال في عاصمة الخلافة العباسية، ومنذ أدرك الغازي أن بلوغ العالم الإسلامي بكامل ترابه يبدأ من مصر خاصة بعد معارك الصليبيين في مصر التي انتهت بأسر لويس التاسع في المنصورة (مدينة ساحلية بشمال مصر) وعى حكام مصر الدرس فإذا وصل هذا العدو بلاد الشام فإن الجيش يخرج لملاقاتهم خارج مصر حتى لا يبلغ مرحلة الخطر المحدق، ففي عام 1260م هزم السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (1260 – 1276م) الجيش المغولي في عين جالوت بالجليل بل وطاردهم إلى ما وراء نهر الفرات فعلا رصيد الظاهر بيبرس بالعالم الإسلامي وأصبح حاكما لمصر وسوريا وفلسطين، ولم تكن القدس بالنسبة للماليك ذات أهمية سياسية كما الأمويين والعباسيين والأيوبيين ولكن مكانتها الدينية والروحانية لم تخمد أبدا فحرص المماليك على تشييد المباني الدالة على هويتهم والتي تزيد من رصيدها الديني والتاريخي وزارها بيبرس 1263م
طقوس صوفية بحتة:
المماليك أصولهم من خوارزم وبلاد ما وراء نهر الفرات وفي هذه البلاد نمت التقاليد الصوفية بدرجة ما بقصد التعبد والتجرد لله، شابها ما شابها فيما بعد من الخرافات على غير منهج أهل السنة والجماعة من السلف الصالح، لذا فالتصوف فكر متجذر فيهم وطبيعي أن ينتعش في ظل حكم المماليك فأقاموا ضريحيين لسيدنا موسى، وسيدنا صالح عليهما السلام وجعلوا لضريح سيدنا موسى علم خاص به كما هي عادتهم!! وقاموا بعمل مسيرات لهذين الضريحين قبل عيد القيامة لدى المسيحيين بأسبوع وأقاموا الصلوات وترتيل القرآن وحلقات الذكر فارتأت كارين هذا نوع من الاستعراض كإعادة لشكل المدينة الإسلامي الذي عبث به الصليبيون ونمو الروح الدفاعية لدى المسلمين للدفاع عن المدينة من أي هجوم محتمل من قبل المسيحيين لردع الفكرة قبل الشروع في تحقيقها.
وأنا هنا بدوري أقول:
ما تراه الكاتبة من سلوك المسلمين أنه استعراض ليس إلا رد فعل مباشر على سلوك الصليبيين الذي لم يتورعوا عن ارتكاب أبشع المذابح وتعليق الأجراس على المسجد الأقصى ووضع الخمور عند قبة الصخرة استعدادا لاحتفالهم بعيدهم في استفزاز صريح لمشاعر المسلمين بالتعرض لمقدساتهم.
وباعتراف كارين وهي من المنصفين بلا شك أن القدس لم تنعم بالسلام قط إلا في ظل القيادة الإسلامية، والمسجد الأقصى هو من أقدس مقدسات المسلمين فضلا عن كونها مدينة الكثير من الأنبياء الذين نجلهم جميعا عن عقيدة وهذا سلوك يتفرد به المسلمون فقط دون غيرهم، لذا عدم التعرض للمخالفين من الذين حرفوا دينهم أو حتى الوثنين هو أمر إلهي حتى لا يسبوا الله عدوا بغير علم طالما لم يتجاوزوا الحد، ما يعني أن سلوكهم ليس إلا نوع من الردع المعنوي وإعادة الأمور إلى نصابها.
﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الأنعام/ 108.
يهود ما بعد السبي البابلي:
الذين طردهم الرومان والمسيحيون من القدس احتقارا لهم وأعادهم عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي رغم علمهم بأنهم يبطنون لنا الدسائس والمؤامرات ولكنهما سلكا سلوك الأسوياء الجديرين بحمل المنهج الإلهي إلى عموم البشر، ليستظلوا بفسطاط الإسلام العظيم، وهم أنفسهم الذين لم يضمروا لنا خيرا قط.
وفي ذلك تقول كارين:
في عام 1267م قام الحاخام موشي بن نحمان وكان مبعدا من إسبانيا، بإداء العلية (الهجرة إلى جبل صهيون ومعبد يهوه) وروعته حال المدينة البائسة حيث وجد لدى وصوله عائلتين يهوديتين فقط، ودون أن يثبط ذلك عزمه أنشأ النحماني معبدا في منزل مهجور ذي قوس جميل في الحي اليهودي وعرف ذلك المعبد بمعبد رامبان نسبة إلى الراباي موشي بن نحمان، وأصبح مركزا لحياة اليهود في قدس المماليك، وجذب صيت النحماني الفكري كمتخصص في التلمود طالبي العلم وبدأوا في الاستيطان في القدس ليدرسوا في يشيفا النحماني، وأحس النحماني بالراحة في منفاه نتيجة لقربه الفيزيائي من أورشاليم، وأصبح بوسعه كما قال «أن يتحسس حجارتها ويربت عليها ويذرف الدموع على حالها الخرب» وكأنما قد احتلت المدينة مكان زوجته وعائلته الذين اضطر إلى تركهم في إسبانيا، واقتنع أن من واجب جميع اليهود استيطان فلسطين وبدت له حالة أورشاليم المأساوية وريفها المحيط بها، والتي أتلفتها الحروب المتقطعة على مدى الأعوام الثلاثمائة الماضية، برهانا على ان تلك الأرض لن تزدهر على أيدي المسيحيين أو المسلمين، بل إنها تنتظر عودة ملاكها الحقيقيين، وعلم النعماني أتباعه أن العلية مفهوم إيجابي وأمر ملزم من جميع اليهود من كل الأجيال، غير أن الاضطهاد المعادي للسامية الذي خبره النحماني جعل روحه صماء صلبة كالحديد، ونمى فيه عداء جديد للمسيحيين، وأيضا للمسلمين الذين استطاع اليهود في القرون السابقة التعايش معهم بأسلوب مثمر حينما كانت الأندلس في أيدي المسلمين، وعكست كلماته التي خاطب بها قومه اليهود التصلب إزاء منافسي قومه الدينيين والسياسيين فقال:
«لقد أمرنا أن ندمر تلك الأمم إن هم حاربونا، أما إن أرادوا السلم سنسالمهم ونتركهم يقيمون هنا بشروط محددة، ولن نترك الأمر في أيديهم أو أيدي أية أمة أخرى في أي وقت أو زمان.
وتبرهن تلك الأمثلة على الصدع الدائم الذي أوجدته الحروب الصليبية وإعادة فتح إسبانيا بين أديان إبراهيم الثلاثة»
هؤلاء هم يهود ما بعد السبي البابلي، الذين كتبوا التلمود بأيديهم وجعلوه توراتهم فقد ساقوا فيه كل الأباطيل، وتعاليم دموية ومنها محاربة كل الأمم التي تعيق أن يحكموا القدس وأكنافها، وليست القضية في عودتهم إلى جبل صهيون ولكن المشكلة في مناصبتهم العداء المطلق لغيرهم حتى وإن سالموهم فعيشهم تحت قيادتهم يكون بشروط محددة، ومن هنا كتبوا بروتكولاتهم الدموية النابعة من التلمود الشيطاني والذي يجافي المنطق والحق والعدل، والتي بها امتلكوا كل المفاتيح من خلال السيطرة على عالم المال والأعمال ومن ثم الاقتصاد، ونتيجة طبيعية أصبح الكل من كل الملل حتى منافقي المسلمين يتملقون لهم ويسعون لنيل رضاهم، إنه العلو الكبير الذي ذكره القرآن عنهم والذي ينبئ أيضا بزوالهم
﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ الإسراء من 4-8
وهنا أستطيع أن أقول أن الناموس الإلهي جبل دائما على أن تعمل يد الله، فإذا ازداد الفساد والطغيان فإن الله يرسل نبي ليعيد الأمور على نصابها، ولما كان سيدنا محمد هو النبي الخاتم فإن المنوط بهم زوال الطغيان ليعتدل الميزان هم ثلة منا اصطفاهم الله وصنعهم على عينه فنراهم يتحملون ما لا يطيقه غيرهم، فقط بالإيمان واليقين بالله وموعوده، مارسوا الدربة على المشقات ومختلف أنواع الظروف، وبذلوا الجهد الجهيد كي يبلغوا تلك المرحلة، لتنطق شرارة الطوفان الذي أسقط الأقنعة من على كل الوجوه في كل بوصة على هذه الأرض وأزال الأحجبة التي كانت ساترة للكثير، بينما المعاندين الذين يظنون أنهم القابضون على كل النواصي ليسوا إلا مستدرجين إلى حتفهم.
﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ. وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ الأعراف 182- 183
قد روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج”
وللحديث بقية إن شاء الله