إحسان الله عثمان - التعددية الثقافية... مٱلات السلام والوحدة الوطنية

الثقافة في معناها الأرحب حصيلة التجارب الإنسانية ومجموع المعارف والمعتقدات والفنون والأخلاق والقوانين والعادات والقدرات المكتسبة التي تعبر عن نفسها في مجموعة القيم والتقاليد وأشكال السلوك والتي تتمثل فيها فلسفة وجوهر حضارة من الحضارات.. إطار مادي ومعنوي وسيلة لتوجيه سلوك الأفراد وتنظيم حياتهم الاجتماعية ومستوى التقدم الحضاري وتسهم في تكوين هوية الأفراد والجماعات وتساعد في تعزيز التماسك الاجتماعي والشعور بالانتماء.
يمكن تقسيم الثقافة إلى جوانب عديدة، منها:
1. **الثقافة المادية**: تشمل الأدوات، والتقنيات، والمباني، والملابس، وكل ما له وجود مادي ملموس.
2. **الثقافة غير المادية**: تشمل القيم، والمعتقدات، والأفكار، والعادات، والتقاليد، واللغة، والفنون، والأدب.
يتحدد الواقع الثقافي عادة بالنظر إلى الميراث التاريخي لرقعة الأرض والموقع الجغرافي والإمتزاج السلالي والتفاعل الفكري بين المجموعات السكانية.. أي بعوامل الجيويوليتك والديمغرافيا والإنثروبولوجيا والحضارة.
التنوع الثقافي في السودان يعتبر من أغنى وأثمن مكونات الهوية السودانية. يتألف من العديد من القبائل والمجموعات العرقية التي تمتلك تراثاً ثقافياً متنوعاً. يعكس هذا التنوع التاريخ الطويل للبلاد كمفترق طرق للثقافات والحضارات العابرة..
ظلت مساحة السودان بموقعها الجغرافي ساحة للتفاعل والانصهار عبر التاريخ وبؤرة استقطاب بشري للعديد من المجموعات السكانية والقبائل والأجناس من حول حدوده العديدة الطويلة .. توافدوا لأسباب الزراعة أو العلم أو التجارة أو غيرها جاءوا بثقافاتهم التي تعايشت وتفاعلت مع الثقافات المحلية فأصبحت للثقافة السودانية سمات ومواصفات موضوعية إمتدت منذ العصور الأولى قبل مجيء المسيحية وقبل قدوم الإسلام تفاعلت جدليا مع خصائص المكان و متغيرات الزمان وتبلورت في الموروث الشعبي والقيم و أنماط السلوك..
تُعدُّ مسألة الهويّة من أعظم و أعقد إشكالات الحكم وبناء الدَّولة في تاريخ السودان الحديث والمعاصر.. ويظل جدل الهويّة وفشل إدارة التنوُّع في السودان .. اكثر من 100 لغة و 500 لهجة محلية شكّل تحديا مستمراً في تحقيق السلام المجتمعي وبناء دولة المواطنة منذ فجر الاستقلال وحتى اليوم في كيفية أدارة هذا التنوع و الاستفادة منه..
ادارة وتوظيف التنوع والثراء الثقافي السوداني يمكن ان يسهم في ترسيخ الوحدة الوطنية من خلال الاعتراف والاحتفاء بالاختلافات الثقافية بين المكونات المختلفة للمجتمع ويعزز من الهوية الوطنية ويساهم في بناء مجتمع متعدد ومتماسك..
مرحلة صعبة تمر بها البلاد اليوم تحتاج إلى قوة اجتماعية وسياسية تعمل جاهدة على ترسيخ النسيج الاجتماعي عبر وسائل التعايش السلمي، وإنشاء مفوضيات ومؤسسات صناعة الوعي وصياغة الرأي العام وخاصة أجهزة الإعلام ومنابر الثقافة ومراكز البحث والدراسات، ووضع استراتيجيات وآليات لإدارة التنوع الثقافي والإثني، وتسليط الأضواء على هذا الثراء الثقافي والحضاري في مناهج التعليم وتوظيف اراء ومجهودات علماء النفس والاجتماع والاقتصاد والسياسة، والاستفادة من تجارب وخبرات الدول التي نجحت في تحقيق الوحدة من خلال التنوع..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى