تجليات الذات الأنثوية ومكاشفة الأنساق المضمرة في الوعي الجمعي قراءة نقدية في المجموعة القصصية " امرأة البدايات" لهايدي فاروق. د. محمد عبدالله الخولي

في مجموعتها القصصية "امرأة البدايات" ترتكز "هايدي فاروق" على المرأة بوصفها الأيقونة الكبرى التي تنبني عليها مجموعتها القصصية، مما يجعل هذه المجموعة القصصية "امرأة البدايات" على المحك المباشر للأدب "النسوي". فالمرأة حاضرة وبقوة في هذه المجموعة القصصية لهايدي فاروق.
تكاشف "هايدي" القارئ بالمكنون السيكولوجي للمرأة، من خلال تسليط الضوء عليها، في محيطها الاجتماعي، بوصفها الشخصية الأيقون في هذا العمل الأدبي، مستغرقة في كشف أدق مكنونات الذات الأنثوية، وما يختلج بداخلها من أفكار ورؤى وأحاسيس ومشاعر تعانيها المرأة وحدها، في ظلال المجتمع الذي تعيش فيه.
إن وجود "الرجل" بوصفه الآخر أو "المرآة" – التي من خلالها تتجلى أحداث المجموعة القصصية – هو وجود ثانوي، وإن كان أصيلا في وجوديته البنائية لهذه المجموعة، ولكنه الوجود العارض/ المساعد في بلورة الأفكار والمضامين التي تسعي "هايدي فاروق" إلى إظهارها والإلماح إليها. فالرجل في القصص العشرين – التي انبنت منها هذه المجموعة – هو الآخر المناهض للوجود الأنثوي في المجتمع، ومن المفترض أن يكون "الرجل" هو الاكتمال الذي تتجلى من خلاله المرأة في وجودها، ليس اكتمال النقص، هو المقصود، ولكنه الاكتمال الفطري، فكما تكون المرأة في حاجة ضرورية لوجوده، فهو الآخر، وجوده مرتهن بها. ولكنه حاضر في المعمار السردي في "امرأة البدايات" بوصفه العلة أو السبب المباشر في انتكاسات الذات الأنثوية، ومن المفترض أن يكون على النقيض من ذلك.
بداية من العنوان، تزاوج "هايدي" بين صيغتي: الإفراد والجمع، حيث المرأة واحدة، والبدايات متعددة، واختلاف الصيغتين يشير إلى دلالة قاطعة، أن الذات الأنثوية واحدة في تطلعاتها، متماهية في الفكر والرؤى، حيث تتأثر الذات الأنثوية في مجموعها الكمي بنفس الأسباب وتجلياتها العرضية، فلن تجد امرأة تشذ عن القاعدة عن عمومية الذات الأنثوية، فما تتأثر به هذه، تتألم منه تلك، ولذا تكمن بلاغة العنوان : "امرأة البدايات" في صيغته الإفرادية للمرأة، ليكون ذلك أيقونة دالة على وحدة الشعور الجمعي للذات الأنثوية. بينما جاءت البدايات جمعا، وهذا يحيلنا بالضرورة إلى أن كل قصة من القصص العشرين تحمل بداية مختلفة عن الأخرى. ولكنها البدايات فقط، التي لا تصل فيها الذات الأنثوية إلى مآربها الوجودية والحياتية.
لم ترتكز "هايدي فاروق" في بنائها المعماري لمجموعتها القصصية على اللغة وحدها، ولكنها استعانت بالرسم، واستطاعت كسر الحدود بين سردية اللغة التي يتلقاها القارئ عن طريق فعل القراءة – وسردية التشكيل البصري المتجسد في "الرسم" الذي يتلقاه القارئ عن طريق حاسة "البصر" وبشكل احترافي جعلت "هايدي" السرديتين تسيران في اتجاه واحد لخدمة النص في كليته الإبداعية "ويمكن الاصطلاح على هذه التجربة بالقصة التشكيلية، التي تستدعي الرسم ليس حلية وتنميقا شكليا فحسب، وإنما توظّفه توظيفا تفاعليا" حيث تتفاعل اللغة مع فن الرسم تفاعلا يصل إلى حد التماهي؛ بغية إظهار المضامين النفسية بصورتين مختلفتين، وقناتي اتصال تختلف في حدودها الإدراكية، ولكنهما في النهاية يكونان نسقا إبداعيا واحدا لخدمة النص ذاته " حيث يسري أثر عناصر الرسم في بناء دلالة معينة، وكل تجريد قد يضيئه الرسم، أو تشرحه القصة بإيحاء وتكثيف، سواء بتعداد الأوصاف، أو بالتلميح إلى كنه الأيقونات البانية والبادية عبر التداخل الذي يتوصّل إليه القارئ. وتتطلب قراءة الرسوم معرفة تعني بعناصرها المدمجة في النص، وإدراكها يكون أكثر دينامية من قراءة المعطى اللغوي." وكأن كلاهما يوضح الآخر، ويظهره بشكل مختلف،"فالصورة شبكة من العلامات والمؤشرات والرموز الثابتة والمتحركة." فالرسم الذي استعانت به "هايدي" يحمل دلالات ورموزا وإشارات تسعف المتلقي في عمليتي: القراءة، والتأويل؛ بغية الوصول إلى خفايا الشعوريات التي تتخفّى في الذات الأنثوية في بعدها السيكولوجي؛ فلكل فن من الفنون خصائص مائزة لا تجدها في فن آخر، "حيث مسّ هذا التشكيل الرسمي الفعل السردي وأنساقه المختلفة؛ لأن المخاطب في القصة هو نفسه في الرسم." وهذا يعني اشتراك النسقين: اللغة، والرسم في أداء مهمة واحدة.
لم تقف "هايدي فاروق" بحدود "الرسم" على تلك الصور التي تصدرها لنا في بدايات قصصها العشرين، ولكن اشتبك "الرسم" مع العناوين الفرعية للمجموعة القصصية، في شكل أيقونة دائمة، تحمل في طياتها مدلولات العنوان الرئيس "امرأة البدايات" حيث يعلو العنوان الفرعي للقصة صورة امرأة لا يظهر من وجهها إلا المقدمة، والتي تعني البداية/ البدايات، بينما يختفي الجزء الخلفي لرأس المرأة، فلا يبين منها، إلا مقدمة وجهها، وهذه الترسيمة بدلالاتها المتعددة تتصل بشكل مباشر بعنوان المجموعة القصصية الرئيس"امرأة البدايات" وتحتل هذه الترسيمة المساحة المكانية الأنصع في أعلى الصفحات التي تحمل عناوين القصص الفرعية، بينما يظهر تجويف هوائي لا حدود له، وهذا التجويف يجعل الرأس ناقصة الاكتمال، فهي دائما تكتفي بالوجه والذي يعني البداية، ولا تهتم بالرأس من حيث ظهورها الكلي في الترسيمة، ويسكن التجويف الخلفي لهذه الرأس رقم القصة، على هذا النحو: القصة الأولى، القصة الثانية، الخ. ناهيك أن الوجه المطل علينا دائما من خلال هذه الترسيمة، هو وجه المرأة، وكأن "هايدي" فاروق عن طريق تقنية الرسم تشير إلى أنّ السيادة في كل البدايات في مجموعتها القصصية تعتني بالمرأة وحدها، فهي صاحبة البدايات؛ ولذا عليها يدور المدار وحدها.
تقنية الكادر ومركزية اللقطة:
تختلف البنية السردية في القصة عن الرواية، فالأخيرة تتعدد فيها الأحداث وتختلف الأماكن، ويمتد فيها الزمن، أما القصة تعتمد اللقطة عن طريق تقنية "الكادر" والذي يعني عملية التبئير/ التوسيع على لقطة بعينها، أو مشهد أو حدث واحد، وهذا ما فعلته بحرفية واقتدار "هايدي فاروق" في مجموعتها القصصية، فعلى سبيل التمثيل لا الحصر، في قصتها الموسومة بــ "الأرجوحة" ترتكز اللقطة على لقطة/ صورة الأرجوحة في زمنين مختلفين، ومن خلال هذه اللقطة عبر الكادر الرئوي الخاص بــ " هايدي" استطاعت أن تكشف البعد النفسي للبنت عندما تفتقد سند الأبوة، حيث ينعكس هذا الفقد سيكولوجيا على الذات الأنثوية تحديدا، وتظهر تجلياته في تصرفاتها في واقعها المعاش. وفي قصة "نص الحكاية" تركز هايدي فاروق الكادر على "الأسانسير" الذي تقبع بداخله "سعاد" ومن خلال معالجتها اللغوية وسّعت "هايدي" المكان/ الأسانسير وجعلت منه بطلا مشاركا في عملية البناء السردي للقصة، حيث حمّلت الكاتبة (المكان) دلالات نفسية، وجعلت منه مرآة ينعكس عليها الوضع الاجتماعي لــ "سعاد" وشخوص آخرين، أضفوا مزيدا من حيثيات المجتمع على مرآة المكان. وفي قصة " إفراج عاطفي" تسلط الكاتبة الضوء على صورة الملابس المتكدسة في الخزانة، حيث كانت الملابس التي حرمتها الفتاة على نفسها دليل انكسارها النفسي، وهي تمنّي نفسها بعودة "عمر"، فتقنية "الكادر" تمارسها "هايدي فاروق" باحترافية متعالية تبرز من خلالها الجانب الإبداعي الخاص بها في فن كتابة القصة القصيرة. ومما يجب الإلماح إليه – من وجهة نظري الخاصة – أن تقنية الكادر من أهم الخصائص التي تنماز بها القصة القصيرة عن الرواية "فالقصة القصيرة نص مكثف إلى أقصى درجة، لا حشو فيه، ولا تأكيد ولا تكرار، وربما يسمح بالتشبيه في أضيق الحدود." ولذا ينبغي على الكاتب تفعيل ما يسمى بآلية "التبئير" أو الكادر، حيث يركز القاص على لقطة بعينها، يبني عليها سرديته القصصية، وهذا يفتح المجال الأرحب أمام القاص، إذ يسمح له أن يبني سرديته على لقطة أو صورة ويستخلص منها الجانب الشعوري والوجداني دون أن يرتكز على حدث بعينه " فالقصة القصيرة لا تحتمل غير حدث واحد، وقد تكتفي بتصوير لحظة شعورية نتجت من حدث تم بالفعل أو متوقع حدوثه، ولا يدهش القارئ إذا انتهى من القصة ولم يعثر بها على حدث، إذ يمكن أن تكون مجرد صورة أو تشخيص حالة أو رحلة عابرة في أعماق شخصية حائرة أو ثائرة." وهذا ما نجده واضحا جليا عند هايدي فاروق في قصتها "عقد الياسمين" و "هابي هالوين" و"دوائر الفالس" حيث اعتمدت "هايدي" هنا على اللقطة التي من خلالها يتجلى الجانب الوجداني على مرايا الذات الأنثوية، حيث انتفى الحدث الذي تنبني عليه القصة، وبقيت اللقطة/ الصورة هي العماد الأساسي للبنية القصصية، وفي هذا الجانب تحديدا تتجلى فنية الكاتبة والقاصة "هايدي فاروق" التي استطاعت من خلال "اللاحدث" أن تبرز البعد السيكولوجي للشخصية الأنثى "فالقصة القصيرة تقوم بتصوير شخصية واحدة أو على الأكثر اثنتين في موقف بسيط دون أن تعبأ بغيرهما، وتكتفي في رسم صورتيهما بالإيماء إلى الملامح، والإشارة إلى المتميز منها ذي الأثر في سلوك الشخصية ودوافعها النفسية." إذ الغاية القصوى التي تتغياها "هايدي فاروق" هي إظهار الجانب النفسي للذات الأنثوية من خلال سرديتها، واستطاعت الكاتبة بالفعل أن تظهر هذا الجانب وفق رؤيتها لهذه الذات، ولم تكن هايدي فاروق في حاجة إلى أحداث بعينها، تظهر من خلالها سيكولوجية الذات؛ فهي امرأة – أعني الكاتبة - ولذا تستطيع بكل سهولة أن تكاشفنا بحقيقة الذات الأنثوية في صورتها الجمعية، فالذات الساردة هنا تنوب عن كل النساء، فهي أجدر- بوصفها امرأة- أن تفكك أمام القارئ طلاسم الأنثى في بعديها الاجتماعي والنفسي. "فالرؤية إذن في القصة القصيرة ليست غير نقطة ضوء تطل في لحظة بسبب موقف قد يبدو للبعض عاديا... فكاتب القصة القصيرة يجلس في غرفة ويطل على شيء ما من ثقب الباب أو من النافذة."
تقنية الرصد وتجليات الزمكان:
تعد المجموعة القصصية "امرأة البدايات" رصدا تسجيليا للمرأة وأحوالها في واقعها المعاش، واعتمدت "هايدي" على تقنية الرصد والتسجيل برؤيتها الفنية المتعالية لتبرز لنا الجوانب النفسية والبعد الاجتماعي للذات الأنثوية التي تنشطر من خلال هذه المجموعة القصصية بين الخيبة والأمل، بين الانكسار والصمود، بين أن تكون وألّا تكون، وبين وجودها الإنساني الذي تناضل من أجله، وهيمنة المجتمع برجعيته الذكورية التي تهشّم هذا الوجود على مقاصل التخلف المجتمعي، فعند مطالعتنا لقصة "شباك الجوازات" نرى الأنثى تناضل من أجل وجودها الإنساني الذي تتغياه، وهي تواجه بكل العنف من المجتمع الذي يحاول كسر شوكتها، وفي "الطابور" الممتد أمام شباك الجوازات ترصد الشخصية حدثا بعينه يقلّب عليها المواجع، ولكنه يفتح أمامها شباك أمل، حيث عادت مرة أخرى إلى الطابور، وهي مصممة أن تنال حقها في الحياة. وما حدث أمامها من عراك واقتتال بين المرأة والفتاة، جعلها تسترجع الزمن الفائت وتستدخله في الحدث، حيث ينسحب الزمن الماضي، ويحضر بقوة متناهية وينصهر بشكل فني مع الحدث في زمنه الحاضر، فيشتبك المكان مع الزمن الاسترجاعي، وتدخل القصة بكليتها في دائرة "الزمكان" ويتلاشى الزمن في المكان، ويبرز الحدث الحاضر في ظلال الزمن الفائت، وهذا التمازج بين الزمان والمكان يجعل القصة بكليتها قائمة على "الزمكان" الذي يسيل فيه الزمن ويخترق ماضويته ويحل بمرجعياته الاجتماعية والسيكولوجية في بؤرة المكان الارتكازي للقصة.
وهذا ما نجده أيضا في قصة " فكان لها" تلك القصة التي تخللت مفردة "حضن" أول سطر فيها بعد حرف الجر "في" وتكون النهاية جملة عبقرية تتعلق بمفردة "حضن" التي استهلت بها "هايدي فاروق" قصتها، حيث تقول في نهاية القصة: " ألقت نفسها بين ذراعيه.. لم يقاوم.. أنفاسها تتوق.. وجهه وجسدها يذوب بين ذراعيه.. استسلم.. فكان لها." وكأنّ عبارة " في حضن سلاسل جبال البحر الأحمر" حمّلتها "هايدي" بحمولات شعورية تجلّت في عبارات الشوق والتوق التي ختمت بهما الكاتبة قصتها، وبنفس التقنية عاد الزمن بماضويته وحمولاته الشعورية والنفسية ليقبع في الحاضر ويهيمن على المكان الذي يحمل هو الآخر دلالات نفسية تتجلى من خلال عملية التأويل، ويتلاشى كلاهما في الآخر – أعني الزمان والمكان – ولم تنسى " هايدي" أن تفعّل تقنية الرصد والتسجيل في وصف مشهدية العشق والتّلهُّف لتبيان المكنون الذاتي للمرأة التي تبحث عن وجودها في دروب العشق الذي تنوجد به الذات الأنثوية.
تنماز القصة عند "هايدي فاروق" بانسيابية زمنية، حيث يتجمّد الزمن ويسيل وفق رؤيتها التي تتشكل من خلالها البنية السردية لمجموعهتا القصصية، " إذ تحتم علينا زمنية القصة التوقف عند مكانيتها، فهما لا ينفصلان أبدا، فبالقدر الذي نجد في القصة مؤشرات زمنية غير ملموسة، نواجه بالاقترابات المادية الملموسة للمكان، وهي ما يحقق للقصة توازنها الوجودي بخلق كتابة عن فضائية معينة، وهي صفة المكان وأحد سناداته." أي يتحول المكان إلى فضاء تبرز من خلاله رؤية الأديب "فالقصة القصيرة الفنية الحديثة تصور موقفا يستغرق دقائق أو ساعة أو ربما ساعات أو يوما كاملا، وفي العادة لا يمتد فيها الزمن ليماثل نظيره في الرواية." ولكن يتحول الزمن إلى آلية سردية يطوعها الكاتب لخدمة النص.
انكشاف الذات وتعرية المجتمع:
تتكشف الذات الأنثوية وتطلعاتها من خلال المجموعة القصصية "امرأة البدايات" لــ "هايدي فاروق" حيث قامت بالولوج إلى عالم الأنثى واستعلنت بواطنها في نصها الأدبي المائز، فيكاد القارئ يتعرّف على عالم الأنثى بكل خوابيه من خلال مطالعته لهذه المجموعة القصصية، ليس هذا وحسب، ولكن استطاعت "هايدي" أن تصل إلى مراكز العمق في هذه الذات، فانكشفت خباياها، وانجلت بواطنها، فكانت الكاتبة تقرأ لنا النص الأصلى من سفر الأنثى الذي يصعب على الرجل قراءته ومكاشفته ومعرفة كنهه وماهيته، ولم يفت هايدي فاروق أن تعري المجتمع من خلال التركيز والرصد والتسجيل للتخلف والرجعية التي تسيطر على قطاع كبير من هذا المجتمع، وهذا ما نجده واضحا جليا في قصتها " شهور العدة" حيث استطاعت هايدي أن تعري الجهل والتخلف والرجعية، كما تجلى هذا مرة أخرى في قصة " الضيف"، كما ألمحت الكاتبة بحرفية متعالية أنّ هذا الجهل ليس مقتصرا على مستوى اجتماعي بعينه، بل استشرى هذا التخلف حتى أصاب المجتمع في شتى مستوياته وكل طبقاته، فالكل في لحظة بعينها يتكشّف ويتعرّى ويقع تحت وطأة التخلف والرجعية.
تعيش المرأة مأساة حقيقية في ظلال الرجعية والتخلف، وقد صورت "هايدي فاروق" تلك المأساة بعبقرية فائقة، في أكثر من مشهد يتخلل مجموعتها القصصية المميزة، ولعل المشهد الأنصع الذي تتجلى من خلاله المأساة في أشنع صورها، مشهد مقتل " أماني" ذات الست سنوات، تلك البريئة التي دهستها سيارة "الخليجي" الذي اشترى أختها "نورا" بثمن بخس دراهم معدودة، وها هي " نورا" ترى وتسمع صراخ أختها وهي تُدهس بمنتهى العنف تحت عجلات السيارة. مشهد عبقري كهذا، تتجلى من خلاله مأساة "امرأة البدايات" التي لا تكتمل بداياتها فهي في حالة صراع دائم مع المأساة. وهذا التوصيف المشهدي المائز لــ "هايدي فارق" يدل على عبقريتها وتفوقها على نفسها في مجال كتابة القصة القصيرة.

المصادر والمراجع:
1/ عمر العسري، أطياف في مرايا القصة، سليكي أخوين، ط1، المغرب، 2019.
2/ فؤاد قنديل، فن كتابة القصة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، ط1، القاهرة، 2002.
3/ هايدي فاروق، امرأة البدايات، روز اليوسف، ط1، القاهرة، 2024.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى