حوار – جعفر الديري:
الأمسية الشعرية الخليجية الخامسة التي أقامتها جمعية الشعر الشعبي شهدت أصواتا شعرية مهمة في الساحتين الشعريتين البحرينية والخليجية. ولعل أجمل ما كان في الأمسية الأخيرة أن الأسماء المشاركة كانت أسماء شبابية تتحرك بقوة على الساحة البحرينية الخليجية. وكانت هناك مشاركة متميزة لشاعر من صور عمان وهو الشاعر خميس المقيمي، الذي لفت الأنظار ليلتها بقصائده العذبة والقائه الحساس وذائقته الشعرية الخصبة. والشاعر خميس المقيمي يعتبر اليوم أحد الأصوات الشعرية التي برزت بقوة على ساحة الشعر الشعبي العمانية، والتي استطاعت حفر وجودها وامكاناتها على رغم صعوبة الظهور، اذ ان هناك الكثير من الشعراء الشعبيين في سلطنة عمان ينتظرون ظهورهم، بحسب رأي المقيمي نفسه. ومع الشاعر المقيمي كان لصفحة تراث هذا اللقاء الذي تنبع أهميته من كونه شهادة من شاعر عماني شاب على الساحة الشعرية العمانية ورؤيته لساحة شعرية شقيقة هي الساحة الشعرية البحرينية. نفرد هنا اللقاء...
كثير من الدعم
* نحن نسمع كثيرا عن اهتمام السلطنة بالشعراء الشعبيين وعن حجم الدعم الكبير الذي تبديه مؤسسات المجتمع المدني، فهل هو أمر واقع من دون مبالغة؟
- وفرت السلطنة للشاعر العماني الكثير من الامكانات للظهور، والمؤسسة الثقافية تبذل قصارى جهدها لتوفير المناخ الملائم الذي يستطيع الشاعر من خلاله الانطلاق نحو الجماهير، وعلى رغم ذلك فإن هذا الدعم لا يعتبر دعما كبيرا، والدليل نجومية الشاعر العماني في سلطنة عمان مع عدم معرفته في الخليج العربي. وأتصور أن هذا خطأ كبير، ويمكن أن تكون بعض المؤسسات الأخرى مقصرة بهذا الشأن اذ لم توظف امكاناتها لابرازه بالصورة اللائقة في الخليج العربي على الأقل. لكني لا أريد المبالغة بهذا الخصوص إذ إن هناك من يدعم بقوة؛ فوزارة التراث والثقافة والهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية خصصت عدة مسابقات ثقافية تعنى بمسألة البحث عن الابداع أيا كان سواء كان شعرا أو قصة أو مسرحا أو مقالا. وبما أنها خصصت هذه المسابقات أشعر أنها تهتم بنوعية ووعي الشاعر الذي من خلاله تراهن عليه وتمنحه كل طاقاتها.
* فهل نستطيع التعرف على ملامح الشعر العماني وخصوصيته؟
- الشعر العماني يعيش أبهى مراحله ويمر بتجربة واعدة جدا، فقط لو أتيحت له فرصة الحضور في أروقة الساحة الشعبية النبطية الخليجية لاستطاع عن جدارة لفت كل الانظار اليه.
أسماء بمثابة الأساتذة
* ومن هي الأسماء التي تكرست أكثر في المشهد الشعبي العماني؟
- هناك أسماء بمثابة الأساتذة كمحفوظ الفارس، مسعود الحمداني وآخرين، وهناك أسماء بارزة حاليا كحمود الحجري، طاهر العميري، وخالد العريني وغيرهم كثيرون.
* وكيف شهدت بالمقابل الاهتمام بالشاعر البحريني في مملكة البحرين؟
- لم أتعرف على الشاعر البحريني الا منذ العام الماضي. تعرفت على اياد المريسي، عيسى السرور، فاروق عبدالله، محمد خلف، هناء الجودر وغيرهم من شعراء البحرين على رغم وجودهم في الساحة البحرينية قبل أكثر من عشر سنوات. وهذا دليل تقصير من المؤسسة الاعلامية البحرينية في عدم وصول الشاعر البحريني الكفؤ الينا في السلطنة، لذلك لا أستطيع الحكم على الساحة أو على المؤسسات الا من هذا الباب، فما أراه حقيقة أن هناك شاعرا بحرينيا جميلا لكنه لم تتوافر له الامكانات المناسبة للظهور.
التواصل مع المبدع الخليجي
* هل اطلعت على الساحة الشعرية البحرينية، ومن هي الأسماء التي تلقى لها اهتماما أكبر؟
- الساحة الشعبية في البحرين تعيش أبهى مراحلها، والدليل هذه الأمسيات. واهتمام مثقفي البحرين بالتواصل مع المبدع الخليجي أكبر دليل على صحة الساحة الشعبية البحرينية. وأتصور أن هذا الجيل الجديد من الشعراء جيل واع بدرجة كبيرة، ويمتلك الكثير من عناصر الادهاش والفن الذي نستطيع أن نباهي به نحن الخليجيون أمام كل المثقفين العرب. وأنا أقرا الشعر الفصيح بنهم ومولع بالمرحوم ابراهيم العريض وأضرابه من الشعراء الذين أستمع الى الكثير من محاضراتهم. وقد كان للعريض الفضل في توجيهي الى شاعري المفضل المتنبي، وكذلك الأمر مع قاسم حداد الذي التقيت به في صلالة والذي كان يتحدث شعرا، الأمر الذي يدل على المكانة والمستوى الجميل الذي وصلت اليه الساحة الشعرية البحرينية بما فيها الشعبية.
* بمناسبة الحديث عن المتنبي، لقد أشار العريض في احدى كتاباته الى ولع العمانيين الخاص بالمتنبي، فهل هو أمر صحيح؟
- زرع المتنبي نفسه ابداعا في رئتي كل عاشق للابداع، وحب المتنبي لا يقتصر على العرب فقط، بل هناك من المثقفين الغربيين من سلبته تجربة المتنبي تماما، ويكفي أنه شاعر الدنيا. ولا أعتقد أن المنطقة العمانية فقط تحب المتنبي إذ إن هناك الكثير الكثير من عشاقه، وهناك من الشعراء من يحبه بأنانية مفرطة، إذ إن كل مثقف أو محب للمتنبي يحبه بطريقته، فالمتنبي يتوغل بسهولة في كريات الدم البيضاء ويحولها الى خضراء خصبة.
أهمية الاطلاع
* وأين تجد أهمية الاطلاع على الآثار الإنسانية بما فيها الأدبية، بالنسبة إلى الشاعر الشعبي؟
- الشاعر الذي يتوقف عن الابحار في التجارب الإنسانية لابد من توقفه عن الشعر أو أن يسبقه الآخرون بمراحل، فلابد للشاعر من الاطلاع على الرواية بالاضافة الى الشعر فصيحا وعاميا، وعلى الثقافات الإنسانية كافة، ليكون قادرا على تحقيق مقصده.
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية: العدد 680 - الجمعة 16 يوليو 2004م.
الأمسية الشعرية الخليجية الخامسة التي أقامتها جمعية الشعر الشعبي شهدت أصواتا شعرية مهمة في الساحتين الشعريتين البحرينية والخليجية. ولعل أجمل ما كان في الأمسية الأخيرة أن الأسماء المشاركة كانت أسماء شبابية تتحرك بقوة على الساحة البحرينية الخليجية. وكانت هناك مشاركة متميزة لشاعر من صور عمان وهو الشاعر خميس المقيمي، الذي لفت الأنظار ليلتها بقصائده العذبة والقائه الحساس وذائقته الشعرية الخصبة. والشاعر خميس المقيمي يعتبر اليوم أحد الأصوات الشعرية التي برزت بقوة على ساحة الشعر الشعبي العمانية، والتي استطاعت حفر وجودها وامكاناتها على رغم صعوبة الظهور، اذ ان هناك الكثير من الشعراء الشعبيين في سلطنة عمان ينتظرون ظهورهم، بحسب رأي المقيمي نفسه. ومع الشاعر المقيمي كان لصفحة تراث هذا اللقاء الذي تنبع أهميته من كونه شهادة من شاعر عماني شاب على الساحة الشعرية العمانية ورؤيته لساحة شعرية شقيقة هي الساحة الشعرية البحرينية. نفرد هنا اللقاء...
كثير من الدعم
* نحن نسمع كثيرا عن اهتمام السلطنة بالشعراء الشعبيين وعن حجم الدعم الكبير الذي تبديه مؤسسات المجتمع المدني، فهل هو أمر واقع من دون مبالغة؟
- وفرت السلطنة للشاعر العماني الكثير من الامكانات للظهور، والمؤسسة الثقافية تبذل قصارى جهدها لتوفير المناخ الملائم الذي يستطيع الشاعر من خلاله الانطلاق نحو الجماهير، وعلى رغم ذلك فإن هذا الدعم لا يعتبر دعما كبيرا، والدليل نجومية الشاعر العماني في سلطنة عمان مع عدم معرفته في الخليج العربي. وأتصور أن هذا خطأ كبير، ويمكن أن تكون بعض المؤسسات الأخرى مقصرة بهذا الشأن اذ لم توظف امكاناتها لابرازه بالصورة اللائقة في الخليج العربي على الأقل. لكني لا أريد المبالغة بهذا الخصوص إذ إن هناك من يدعم بقوة؛ فوزارة التراث والثقافة والهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية خصصت عدة مسابقات ثقافية تعنى بمسألة البحث عن الابداع أيا كان سواء كان شعرا أو قصة أو مسرحا أو مقالا. وبما أنها خصصت هذه المسابقات أشعر أنها تهتم بنوعية ووعي الشاعر الذي من خلاله تراهن عليه وتمنحه كل طاقاتها.
* فهل نستطيع التعرف على ملامح الشعر العماني وخصوصيته؟
- الشعر العماني يعيش أبهى مراحله ويمر بتجربة واعدة جدا، فقط لو أتيحت له فرصة الحضور في أروقة الساحة الشعبية النبطية الخليجية لاستطاع عن جدارة لفت كل الانظار اليه.
أسماء بمثابة الأساتذة
* ومن هي الأسماء التي تكرست أكثر في المشهد الشعبي العماني؟
- هناك أسماء بمثابة الأساتذة كمحفوظ الفارس، مسعود الحمداني وآخرين، وهناك أسماء بارزة حاليا كحمود الحجري، طاهر العميري، وخالد العريني وغيرهم كثيرون.
* وكيف شهدت بالمقابل الاهتمام بالشاعر البحريني في مملكة البحرين؟
- لم أتعرف على الشاعر البحريني الا منذ العام الماضي. تعرفت على اياد المريسي، عيسى السرور، فاروق عبدالله، محمد خلف، هناء الجودر وغيرهم من شعراء البحرين على رغم وجودهم في الساحة البحرينية قبل أكثر من عشر سنوات. وهذا دليل تقصير من المؤسسة الاعلامية البحرينية في عدم وصول الشاعر البحريني الكفؤ الينا في السلطنة، لذلك لا أستطيع الحكم على الساحة أو على المؤسسات الا من هذا الباب، فما أراه حقيقة أن هناك شاعرا بحرينيا جميلا لكنه لم تتوافر له الامكانات المناسبة للظهور.
التواصل مع المبدع الخليجي
* هل اطلعت على الساحة الشعرية البحرينية، ومن هي الأسماء التي تلقى لها اهتماما أكبر؟
- الساحة الشعبية في البحرين تعيش أبهى مراحلها، والدليل هذه الأمسيات. واهتمام مثقفي البحرين بالتواصل مع المبدع الخليجي أكبر دليل على صحة الساحة الشعبية البحرينية. وأتصور أن هذا الجيل الجديد من الشعراء جيل واع بدرجة كبيرة، ويمتلك الكثير من عناصر الادهاش والفن الذي نستطيع أن نباهي به نحن الخليجيون أمام كل المثقفين العرب. وأنا أقرا الشعر الفصيح بنهم ومولع بالمرحوم ابراهيم العريض وأضرابه من الشعراء الذين أستمع الى الكثير من محاضراتهم. وقد كان للعريض الفضل في توجيهي الى شاعري المفضل المتنبي، وكذلك الأمر مع قاسم حداد الذي التقيت به في صلالة والذي كان يتحدث شعرا، الأمر الذي يدل على المكانة والمستوى الجميل الذي وصلت اليه الساحة الشعرية البحرينية بما فيها الشعبية.
* بمناسبة الحديث عن المتنبي، لقد أشار العريض في احدى كتاباته الى ولع العمانيين الخاص بالمتنبي، فهل هو أمر صحيح؟
- زرع المتنبي نفسه ابداعا في رئتي كل عاشق للابداع، وحب المتنبي لا يقتصر على العرب فقط، بل هناك من المثقفين الغربيين من سلبته تجربة المتنبي تماما، ويكفي أنه شاعر الدنيا. ولا أعتقد أن المنطقة العمانية فقط تحب المتنبي إذ إن هناك الكثير الكثير من عشاقه، وهناك من الشعراء من يحبه بأنانية مفرطة، إذ إن كل مثقف أو محب للمتنبي يحبه بطريقته، فالمتنبي يتوغل بسهولة في كريات الدم البيضاء ويحولها الى خضراء خصبة.
أهمية الاطلاع
* وأين تجد أهمية الاطلاع على الآثار الإنسانية بما فيها الأدبية، بالنسبة إلى الشاعر الشعبي؟
- الشاعر الذي يتوقف عن الابحار في التجارب الإنسانية لابد من توقفه عن الشعر أو أن يسبقه الآخرون بمراحل، فلابد للشاعر من الاطلاع على الرواية بالاضافة الى الشعر فصيحا وعاميا، وعلى الثقافات الإنسانية كافة، ليكون قادرا على تحقيق مقصده.
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية: العدد 680 - الجمعة 16 يوليو 2004م.
الشاعر المقيمي: الساحتان الشعبيتان البحرينية والعمانية تعيشان أبهى مراحلهما
الأمسية الشعرية الخليجية الخامسة التي أقامتها جمعية الشعر الشعبي شهدت أصواتا شعرية مهمة في الساحتين الشعريتين البحرينية والخليجية. ولعل أجمل ما كان في الأمسية الأخيرة أن الأسماء المشاركة كانت أسماء شبابية تتحرك بقوة على الساحة البحرينية الخليجية. وكانت هناك مشاركة متميزة لشاعر من صور عمان وهو...
www.alwasatnews.com