تقف نظرية الترجمة اليوم على النقيض من كل المعايير وهي تشدد على امتلاك الأداة المثلى والمقدرة على التوصيل، وتهدف في جوهرها إلى تفسير عمليات النقل بالاعتماد على مبادئ ألسنية. ويشغل هذا التوجه جزءا كبيرا من اهتمام المترجم الذي لا يكتفي بوصف تلك العمليات، وربما لن يجد في بعض التنظيرات الحديثة أكثر من مجرد افتراضات.
ومن المؤكد أنه تم الاتفاق على مجموعة من المبادئ والشروط التي ينبغي للمترجم الالتزام بها، غير أنه من الخطأ الحكم على ترجمة ما بمقتضى تلك المبادئ وحسب. فالترجمة الأدبية -مثلا- تتطلب وعيا بالأنساق الثقافية للمجتمعات، من حيث كون الترجمة تتم بين ثقافتين، كما يفترض من المترجم مراعاة الكثافة الإيحائية للدلالات والرموز، والأهم من ذلك عليه أن يدرك العلاقات الخفية التي تنشأ بين المحتوى والتعبير. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الترجمة الأدبية تراهن على حس المترجم، وذوقه، وتكوينه، وتمرسه بالفن الذي يترجمه، وتفاعله معه.
وينتج من هذه الطروحات جدل حاد قد يقلل من جدوى الاعتقاد في نظرية الترجمة، والسعي المتواصل إلى البحث عن جسر تواصل، غير أن ذلك يضاعف جهد السؤال، ويزيد من بشأنه، فائدة ونفعا.
لقد برزت الترجمة دائما على أنها الميدان الشامل للتواصل، واكتسبت في ضوء المعارف الجديدة مفاهيم عدة، ترمي في أساسها إلى تحديث المناهج الترجمية التي يظهر أن أغلبها يتجه إلى المترجم له ضمانا بحصول الإفهام وإيصال الرسالة.
ومن هنا ألجأتني هذه الدراسة إلى تصور الآليات الترجمية التي اعتمد عليها الغربيون في نقل تراث الشرق القصصي العظيم، ألف ليلة وليلة، ورحلة شهرزاد إلى الغرب، التي كانت مدخلا مهما للعالم الشرقي في نظر الغرب، وانبهار الآخر -في الثقافة العالمية- بسحر طرائق سردها الغرائبي.
طورت ألف ليلة وليلة، في وقت مبكر، الإحساس بلذة النص، فاستحوذت على أذواق المتلقين، بما في ذلك النخبة والعامة، لا سيما وقد أحدثت هزة جمالية في التلقي الأوروبي، فانتقلت به من سكونية القوالب الكلاسيكية إلى حركية التحرر من قيودها، وما مهد لهذه السيطرة والسيادة هو الإثارة، والخيال الخصب، والسلاسة، والمرونة، “فالحكايات الشعبية هي عبارة عن نماذج قصصية مجردة غير معقدة
ولا ريب في أن تلك الجهود لم تكن على قدر مشترك من الدوافع والنوايا، فانبهار الغرب بألف ليلة وليلة جعلهم يحصرون اهتمامهم الأكبر بموضوعاتها في عصر عقلاني طغت فيه الكلاسيكية، واستبد فيه العقل. ومع ذلك فقد كرسوا جهودا مماثلة لمعرفة أصول هذا التراث الذي زعزع كيانهم، وأحدث انقلابا في أذواقهم، حتى قال عنه غوستاف لوبون Gustave LeBon في كتابه حضارة العرب، ص 450، ” تعد ألف ليلة وليلة من أكثر الكتب التي وضعها الإنسان إمتاعا مع ما فيها من نواقص واضحة جدا، وأضيف إلى ما فيها من متعة ما في قراءتها من فائدة، فبها ينال القارئ معارف صحيحة عن طبائع العرب، ومشاعرهم، ووجه تفكيرهم في بعض الأدوار”.
فالنص يتضمن أنثروبولوجيا ثقافة الانتماء العربي لألف ليلة وليلة بأوجهه المختلفة، الإبداعي والفكري والثقافي، وأساليب حياة المجتمع وسلوكياته، فهي ليست حديثا غثا وباردا، وإنما هي رصد شامل للطبائع والمشاعر والأفكار.
ما من ثقافة تتجرد من وجدانها إلا ويكون مصيرها الزوال. جَرِّدْ أمة ما من رومانسيتها وانظر بعد ذلك ماذا عساها أن تكون؟ لقد تعهدت الرومانسية بإعادة الكائن إلى ينبوعه الفطري، وقد يعد الحكي من أروع الممارسات الرمزية جمالية وتعبيرا عن الحس الفطري للإنسان على نحو ما ذكره محمد رجب النجار (التراث القصصي في الأدب العربي، ص3) بقوله فـ”الحكي، أسطوريا -كان أو أدبيا- هو ميراث الحضارات الأول، وقد واكب الإنسان منذ أقدم العصور التي كان يحبو فيها خطواته الأولى على مدارج الحياة البشرية، إبّان طفولتها الشعرية، ليس لأن الحكي كان آنذاك الأداة المعرفية الأولى التي عرفها الإنسان القديم سبيلا إلى صوغ الفكر الديني، والثقافي، والعلمي، أو لأنه الأداة الأبلغ أثرا، والأقوى تأثيرا في تشكيل الوعي الإنساني، بل فوق هذا كله؛ لأن الإنسان كائن قصصي بالخِلقة، وبالفِطرة الطَّبيعيَّة، ليس لأنه كائن ثقافي، بالفعل، بل لأن الحكي نفسه جِبِلَّة طبيعية فيه، تلبي نزوعا إنسانيا يستحيل تجاهله، في كل العصور التاريخية والمراحل العمرية للإنسان”[1]، فمهما ادعت العقلانية استبدادها بالكائن فإنها لا تمتلك إزاء السيطرة البدئية للخيال أية قوة لمواجهتها، بدليل انفلات المخيلة من عقالها في أوج العصر الكلاسيكي عندما تفتح وعي القارئ الأوروبي على كنوز الشرق بكل ذلك التدفق الخلاق من لا محدودية التصوير إلى لا معقولية التخييل.
فكان حضور ألف ليلة وليلة في الغرب بداية عهد رومانسي طمس برودة الأشياء، وبعثها من جديد، باعتراف الغربيين أنفسهم، فقد ذهب محمد جاسم الموسوي (ألف ليلة وليلة في نظرية الأدب الإنكليزي، ص22) إلى القول إنه “في هذه المجلدات يرقص السحرة، والجن، والمصابيح، والخواتم، والطلاسم، بوفرة تجعل القارئ يتعجب ويندهش مستغربا، هذا القارئ الذي لم يتعرف من قبل على غير ساحرات يمتطين المكانس، أو جني قزم يرقص بعض الأحيان في ضوء القمر”.
إن ما نعثر عليه في الأساطير هو الجانب النقي في حياتنا، غير أننا لسنا مفعمين بذلك الفيض من النقاء؛ لأننا نفتقد إلى الإحساس بحرارة ما يربطنا به، وربما كان فعل الحكي -بوصفه ممارسة طقسية تتشكل عبرها علاقة الإنسان بوجوده الفعلي والرمزي- امتدادا لجوهر الأسطورة في اختبار الوعي البشري، “فالقصد من الأساطير القديمة هو أن تناغم بين العقل والجسد، بإمكان العقل أن ينطلق بعيدا وبأساليب عدة، ويبتغي أشياء لا يريدها الجسد، والأساطير والشعائر كانت وسائل من شأنها أن تضع العقل في انسجام مع الجسد، وأن تجعل أساليب الحياة متوافقة مع ما تمليه الطبيعة” (جوزيف كامبل: قوة الأسطورة، ص106). ضمن هذا التناغم يمكننا اعتبار ألف ليلة وليلة أسطورة الشرق بما تولد عنها من رؤيا كونية رافقت تجربة الإنسان التأملية، ولما كان التأمل أرقى من الفهم فقد تهافت عليها القراء من مختلف أرجاء المعمورة.
لقد طورت ألف ليلة وليلة، في وقت مبكر، الإحساس بلذة النص، فاستحوذت على أذواق المتلقين، بما في ذلك النخبة والعامة، لا سيما وقد أحدثت هزة جمالية في التلقي الأوروبي، فانتقلت به من سكونية القوالب الكلاسيكية إلى حركية التحرر من قيودها، وما مهد لهذه السيطرة والسيادة هو الإثارة، والخيال الخصب، والسلاسة، والمرونة، “فالحكايات الشعبية هي عبارة عن نماذج قصصية مجردة غير معقدة، وسهل على الإنسان أن يتذكرها ولا تعيقها حواجز من اللغة والثقافة” (نور ثروب فراي: الماهية والخرافة، ص44).
وليس غريبا في مثل هذه الحالة أن تتخطى الليالي العربية حدود الزمان والمكان فتخترق جملة من المعارف والآداب ومن ضمنها الأدب الروسي، والإنكليزي، والألماني، بما في ذلك الأدب الفرنسي الذي كان بوابة المرور إلى الشرق. وقد صاحبت تلك التأثيرات مجموعةُ عوامل أهمها تجديد الأدب الأوروبي في التعامل مع روح الشرق في ضوء ما ذكرته (نادية سلطان: تأثيرات ألف ليلة وليلة على الأدباء الروس في القرن التاسع عشر، عالم الفكر، 18-1987) “باستخدام الشعر الغنائي الرقيق، والأسلوب الشرقي المنمق، والخيال، والهجاء، والسخرية التي تهدف إلى تهذيب الصغار والكبار على السواء، وكذلك عالم السحر الخارق والبذخ الشرقي بوجه عام وبساطة الشرق وسحر لياليه”.
ولقد أظهر القارئ الأوروبي ترحيبا لا مثيل له بألف ليلة وليلة حيث وصلت إلى كل الطبقات، وتغلغلت في أذهان معظم الكتاب والروائيين والشعراء، وباعتراف هؤلاء أنفسهم جرى الاهتمام بألف ليلة وليلة على الصعيدين الأكاديمي والثقافي، والفضولي، واستمر تأثيرها أجيالا متلاحقة، ولا تزال تثير حولها التساؤلات إلى يومنا هذا.
وكانت بداية اقتحامها عوالم الغرب الأدبية ذات صلة بخرق ألفة التلقي حيث تقول مارثا بايك كونانت Martha Beck Conant إن “مجرد الرغبة الهروبية لتجاوز القواعد المحددة للكلاسيكية الجديدة قد حققت نفسها في مطالعة هذه الحكايات العجيبة الغريبة عن المخاطر والسحر” (محمد جاسم الموسوي). ولما كان النزوع إلى الخارق والمذهل أمرا عاديا فقد توسل القارئ الأوروبي في الليالي العربية انقلابا وجدانيا لامس ذلك النزوع الفطري الذي احتلت الكلاسيكية جزءا كبيرا منه، وفي تطلعه إلى تفجير رتابة تلك النمطية وجد هذا القارئ خَلاصه في جو الليالي حيث استعاد طبيعة الأشياء وبساطتها “ومن هنا قوبلت ألف ليلة وليلة بحماسة فائقة في عصر ساده تململ الهيمنة الصارمة للعقلانية، ونزوع إلى الترويح عن النفس في فسحة من الخيال بعيدا عن تلك الرصانة الطاغية” (رنا قباني: أساطير أوروبا عن الشرق، ص55).
إن القول بفكرة قيام ألف ليلة وليلة على تفعيل الخيال السحري وتوسيع رمزية ذلك الخيال إلى أقصاه، أمر لا يمكن استبعاده. غير أن المغالطة التي قد يقع فيها البعض هي الغلو في تأكيد السمات السحرية من دون غيرها مما تنفرد به الليالي من قيم فنية وجمالية وإنسانية، “وبكلمة موجزة فإن قارئ هذا القرن قد وجد المتعة في متابعة هذه الحكايات، وسحرته أجواؤها بلذة غريبة، لكنه يمكن أن يكون قد اتفق مع السندباد في استنتاجه بأن لا تحصيل دون مشقة، وأن السماء تكافئ النشيط الشريف”، (محمد جاسم الموسوي، ص22).
لقد أحدثت ألف ليلة وليلة هزة جمالية وفلسفية، فعلى المستوى الجمالي أضافت إلى الخيال الأوروبي أبعادا رمزية، وفجرت لديه طاقة لامتناهية من الإيحاء، وخلقت في وجدانه إيقاعا رومانسيا حالما، وزودته بروحانية الشرق. أما على المستوى الفلسفي فقد شكلت الليالي سؤالا أنطولوجيا يشتبك بأسباب الوجود، وامتحان الذات، سواء تعلق الأمر بما تصرح به الكلمات أو بما تضمره. ويعد الزمن أحد أعظم تجليات تلك الرؤية الفلسفية، ” فصراع بينلوب pénélope كان ضد وقت ما، فهي في انتظار رجوع مخلصها وزوجها عوليس Ulysses. أما شهرزاد فهي تصارع ضد مفهوم الوقت، وبهذا تطرح ألف ليلة وليلة معضلة فلسفية من أعقد ما يكون وهي معضلة مفهوم الزمن المجرد” (فريال جبور غزول: البنية والدلالة في ألف ليلة وليلة، مجلة فصول 4-1994).
ونكاد نجزم بتلاحم الرؤيا بين الأساطير اليونانية وألف ليلة وليلة، ولعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا بفاعلية التناص، فحتى وإن لم تكن لدينا الحجة على إثبات ذلك التلاحم، فلا أحد يجزم بانفصال الثقافات [عدا بابل] حيث تفرق اللسان بعد توحد من أجل حصول الاتصال مجددا عن طريق المثاقفة Acculturation. وقد رصد إحسان عباس مجموع الرؤى المشتركة لما أثارته الملاحم اليونانية من موضوعات وما تطرقت إليه الليالي: البطل، الحب، الجمال… حيث أورد أوجه التشابه بين تلك الموضوعات بحسب ما يراه غرونباوم G. Von Grunbaum، على سبيل المثال كل أبطال الحكايات اليونانية والقصص العربية في ألف ليلة وليلة يتمتعون بقسط وافر من الجمال والحب من أول نظرة مشتركة بين القصص اليونانية والعربية، (إحسان عباس: ملامح يونانية في الأدب العربي، ص182)، ناهيك عن تقارب الخصوصية التعبيرية في النسيج البنائي، والاتفاق في الغاية من الفعل (في الحكايات) والوصول إلى الهدف.
وقد أولت الدراسات المقارنة في الآداب الغربية عناية مبكرة بألف ليلة وليلة نظرا إلى ما حققته من انتشار عالمي. ومن الطبيعي ألا يقتصر اهتمامهم على الجوانب الإيجابية لهذا الفن، غير أن الذي حدث هو وقوع القارئ الأوروبي في شرك الخلط بين الواقع والخيال لعدم تمكنه من الفصل بين الفن والتاريخ؛ في حين سعت بعض الفئات إلى تكريس صورة الشرق [المنحرف]، وبالغت في تضخيم ظاهرة الحريم.
توسل القارئ الأوروبي في الليالي العربية انقلابا وجدانيا لامس ذلك النزوع الفطري الذي احتلت الكلاسيكية جزءا كبيرا منه، وفي تطلعه إلى تفجير رتابة تلك النمطية وجد هذا القارئ خَلاصه في جو الليالي حيث استعاد طبيعة الأشياء وبساطتها “ومن هنا قوبلت ألف ليلة وليلة بحماسة فائقة في عصر ساده تململ الهيمنة الصارمة للعقلانية، ونزوع إلى الترويح عن النفس في فسحة من الخيال بعيدا عن تلك الرصانة الطاغية”
وتبقى حقيقة الليالي راسخة في تفوقها الفني، فلا أحد ينكر ما لها من الفضل في تفسير مسار الأدب الأوروبي، حتى إن أحدث الدراسات الغربية تصر على انبثاق أولى النوى الروائية عن روائع الشرق مثل ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، وحكايات الشطار، والمقامات، ومن ثمَّ “فإن هذه الآثار العربية لم تكن إلا ذروة جبل جليدي ضخم ينبغي للغرب أن ينقب فيه عن أصل جنس الرواية، كما تشير إلى ذلك الباحثة الروائية الأميركية مارجريت آن دودي Margaret Anne Doddy في كتابها الضخم “القصة الحقيقية للرواية” The real story of the novel الذي صدر عام 1997، (عبدالنبي أصطيف: بين المركز والمحيط- الأدب العربي في دائرة الأدب العالمي، مجلة المعرفة 440- 2000).
وعلى الرغم من تطور البحوث والدراسات إلا أن فكرة تأصيل كتاب الليالي ما تزال تلقى بعض الاعتراضات، فالبعض يعده تراثا عالميا، ملكا لشعوب الأرض قاطبة، بسبب ما لحقه من التغييرات عبر قرون من الرواية والنقل والنسج، بينما تتمسك الثقافة العربية بشدةٍ بانتماء هذا التراث المتجذر فيها، والمنبثق عن جدليات سوسيو- لغوية تسمح بتعميق هذا الأثر وترسيخه في منظومة الفلكلور العربي بكل امتداداته الحضارية بما في ذلك المعتقد، أما الدراسات التي حاولت التوفيق بين الأصول الفارسية والعربية لألف ليلة وليلة، فإن أغلبها يعكس موقفا شبه موضوعي، يرمي إلى ثبت مرجعية هذا التراث العريق، غير أن هذا الموقف بدوره يضمر ميلا شديدا إلى الأصول غير العربية.
ومهما كانت المعطيات النظرية الناجمة عن المقارنات الوصفية دقيقة وملتزمة، فإنه لم يصلنا من “هزاز أفسانة” سوى العبارة نفسها، فهذه الألف خرافة كما تترجمها المصادر أكثر مجهولية من ألف ليلة وليلة التي تعرف إليها العالم بنقش ذهبي في بلاط الخليفة العباسي. ولعل تودوروف Tzvitan Todorov كان وفيا لحدس التأمل الفطري، حين خص هذا الاستثناء القصصي بقوله “إن ألف ليلة وليلة تعطي الجواب ساخرا لمن أراد أن يعرف القبل والبعد.
فالقصة الأولى، قصة شهرزاد تبدأ بهذه الكلمات، التي يمكن أن تسمع بكل المعاني [ولكن يجب ألاّ نفتح الكتاب لكي نقرأها، وإنما يجب أن نتوقعها توقعا؛ إذ أنها جيدة في مكانها]: “يحكى”، إنه من غير المجدي أن يبحث المرء عن أصلها ضمن الزمن؛ ذلك لأن الزمن يأخذ أصله في القصة. وإذا كان قبل القصة الأولى ثمة “حكي” فإن بعدها ثمة “سيحكى” ( تزفيتان تودوروف: مفهوم الأدب، ص149) وهكذا تفتتح ألف ليلة وليلة عصر اللاّيقين Uncertainty، وتهيئ العالم لاستقبال معنى الممكن والمحتمل، وما تزال تضيف إلى التجارب الإنسانية الكثير من بساطة التأمل وبراءة الفطرة.
ياسمين فيدوح
باحثة من الجزائر
ومن المؤكد أنه تم الاتفاق على مجموعة من المبادئ والشروط التي ينبغي للمترجم الالتزام بها، غير أنه من الخطأ الحكم على ترجمة ما بمقتضى تلك المبادئ وحسب. فالترجمة الأدبية -مثلا- تتطلب وعيا بالأنساق الثقافية للمجتمعات، من حيث كون الترجمة تتم بين ثقافتين، كما يفترض من المترجم مراعاة الكثافة الإيحائية للدلالات والرموز، والأهم من ذلك عليه أن يدرك العلاقات الخفية التي تنشأ بين المحتوى والتعبير. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الترجمة الأدبية تراهن على حس المترجم، وذوقه، وتكوينه، وتمرسه بالفن الذي يترجمه، وتفاعله معه.
وينتج من هذه الطروحات جدل حاد قد يقلل من جدوى الاعتقاد في نظرية الترجمة، والسعي المتواصل إلى البحث عن جسر تواصل، غير أن ذلك يضاعف جهد السؤال، ويزيد من بشأنه، فائدة ونفعا.
لقد برزت الترجمة دائما على أنها الميدان الشامل للتواصل، واكتسبت في ضوء المعارف الجديدة مفاهيم عدة، ترمي في أساسها إلى تحديث المناهج الترجمية التي يظهر أن أغلبها يتجه إلى المترجم له ضمانا بحصول الإفهام وإيصال الرسالة.
ومن هنا ألجأتني هذه الدراسة إلى تصور الآليات الترجمية التي اعتمد عليها الغربيون في نقل تراث الشرق القصصي العظيم، ألف ليلة وليلة، ورحلة شهرزاد إلى الغرب، التي كانت مدخلا مهما للعالم الشرقي في نظر الغرب، وانبهار الآخر -في الثقافة العالمية- بسحر طرائق سردها الغرائبي.
طورت ألف ليلة وليلة، في وقت مبكر، الإحساس بلذة النص، فاستحوذت على أذواق المتلقين، بما في ذلك النخبة والعامة، لا سيما وقد أحدثت هزة جمالية في التلقي الأوروبي، فانتقلت به من سكونية القوالب الكلاسيكية إلى حركية التحرر من قيودها، وما مهد لهذه السيطرة والسيادة هو الإثارة، والخيال الخصب، والسلاسة، والمرونة، “فالحكايات الشعبية هي عبارة عن نماذج قصصية مجردة غير معقدة
ولا ريب في أن تلك الجهود لم تكن على قدر مشترك من الدوافع والنوايا، فانبهار الغرب بألف ليلة وليلة جعلهم يحصرون اهتمامهم الأكبر بموضوعاتها في عصر عقلاني طغت فيه الكلاسيكية، واستبد فيه العقل. ومع ذلك فقد كرسوا جهودا مماثلة لمعرفة أصول هذا التراث الذي زعزع كيانهم، وأحدث انقلابا في أذواقهم، حتى قال عنه غوستاف لوبون Gustave LeBon في كتابه حضارة العرب، ص 450، ” تعد ألف ليلة وليلة من أكثر الكتب التي وضعها الإنسان إمتاعا مع ما فيها من نواقص واضحة جدا، وأضيف إلى ما فيها من متعة ما في قراءتها من فائدة، فبها ينال القارئ معارف صحيحة عن طبائع العرب، ومشاعرهم، ووجه تفكيرهم في بعض الأدوار”.
فالنص يتضمن أنثروبولوجيا ثقافة الانتماء العربي لألف ليلة وليلة بأوجهه المختلفة، الإبداعي والفكري والثقافي، وأساليب حياة المجتمع وسلوكياته، فهي ليست حديثا غثا وباردا، وإنما هي رصد شامل للطبائع والمشاعر والأفكار.
ما من ثقافة تتجرد من وجدانها إلا ويكون مصيرها الزوال. جَرِّدْ أمة ما من رومانسيتها وانظر بعد ذلك ماذا عساها أن تكون؟ لقد تعهدت الرومانسية بإعادة الكائن إلى ينبوعه الفطري، وقد يعد الحكي من أروع الممارسات الرمزية جمالية وتعبيرا عن الحس الفطري للإنسان على نحو ما ذكره محمد رجب النجار (التراث القصصي في الأدب العربي، ص3) بقوله فـ”الحكي، أسطوريا -كان أو أدبيا- هو ميراث الحضارات الأول، وقد واكب الإنسان منذ أقدم العصور التي كان يحبو فيها خطواته الأولى على مدارج الحياة البشرية، إبّان طفولتها الشعرية، ليس لأن الحكي كان آنذاك الأداة المعرفية الأولى التي عرفها الإنسان القديم سبيلا إلى صوغ الفكر الديني، والثقافي، والعلمي، أو لأنه الأداة الأبلغ أثرا، والأقوى تأثيرا في تشكيل الوعي الإنساني، بل فوق هذا كله؛ لأن الإنسان كائن قصصي بالخِلقة، وبالفِطرة الطَّبيعيَّة، ليس لأنه كائن ثقافي، بالفعل، بل لأن الحكي نفسه جِبِلَّة طبيعية فيه، تلبي نزوعا إنسانيا يستحيل تجاهله، في كل العصور التاريخية والمراحل العمرية للإنسان”[1]، فمهما ادعت العقلانية استبدادها بالكائن فإنها لا تمتلك إزاء السيطرة البدئية للخيال أية قوة لمواجهتها، بدليل انفلات المخيلة من عقالها في أوج العصر الكلاسيكي عندما تفتح وعي القارئ الأوروبي على كنوز الشرق بكل ذلك التدفق الخلاق من لا محدودية التصوير إلى لا معقولية التخييل.
فكان حضور ألف ليلة وليلة في الغرب بداية عهد رومانسي طمس برودة الأشياء، وبعثها من جديد، باعتراف الغربيين أنفسهم، فقد ذهب محمد جاسم الموسوي (ألف ليلة وليلة في نظرية الأدب الإنكليزي، ص22) إلى القول إنه “في هذه المجلدات يرقص السحرة، والجن، والمصابيح، والخواتم، والطلاسم، بوفرة تجعل القارئ يتعجب ويندهش مستغربا، هذا القارئ الذي لم يتعرف من قبل على غير ساحرات يمتطين المكانس، أو جني قزم يرقص بعض الأحيان في ضوء القمر”.
إن ما نعثر عليه في الأساطير هو الجانب النقي في حياتنا، غير أننا لسنا مفعمين بذلك الفيض من النقاء؛ لأننا نفتقد إلى الإحساس بحرارة ما يربطنا به، وربما كان فعل الحكي -بوصفه ممارسة طقسية تتشكل عبرها علاقة الإنسان بوجوده الفعلي والرمزي- امتدادا لجوهر الأسطورة في اختبار الوعي البشري، “فالقصد من الأساطير القديمة هو أن تناغم بين العقل والجسد، بإمكان العقل أن ينطلق بعيدا وبأساليب عدة، ويبتغي أشياء لا يريدها الجسد، والأساطير والشعائر كانت وسائل من شأنها أن تضع العقل في انسجام مع الجسد، وأن تجعل أساليب الحياة متوافقة مع ما تمليه الطبيعة” (جوزيف كامبل: قوة الأسطورة، ص106). ضمن هذا التناغم يمكننا اعتبار ألف ليلة وليلة أسطورة الشرق بما تولد عنها من رؤيا كونية رافقت تجربة الإنسان التأملية، ولما كان التأمل أرقى من الفهم فقد تهافت عليها القراء من مختلف أرجاء المعمورة.
لقد طورت ألف ليلة وليلة، في وقت مبكر، الإحساس بلذة النص، فاستحوذت على أذواق المتلقين، بما في ذلك النخبة والعامة، لا سيما وقد أحدثت هزة جمالية في التلقي الأوروبي، فانتقلت به من سكونية القوالب الكلاسيكية إلى حركية التحرر من قيودها، وما مهد لهذه السيطرة والسيادة هو الإثارة، والخيال الخصب، والسلاسة، والمرونة، “فالحكايات الشعبية هي عبارة عن نماذج قصصية مجردة غير معقدة، وسهل على الإنسان أن يتذكرها ولا تعيقها حواجز من اللغة والثقافة” (نور ثروب فراي: الماهية والخرافة، ص44).
وليس غريبا في مثل هذه الحالة أن تتخطى الليالي العربية حدود الزمان والمكان فتخترق جملة من المعارف والآداب ومن ضمنها الأدب الروسي، والإنكليزي، والألماني، بما في ذلك الأدب الفرنسي الذي كان بوابة المرور إلى الشرق. وقد صاحبت تلك التأثيرات مجموعةُ عوامل أهمها تجديد الأدب الأوروبي في التعامل مع روح الشرق في ضوء ما ذكرته (نادية سلطان: تأثيرات ألف ليلة وليلة على الأدباء الروس في القرن التاسع عشر، عالم الفكر، 18-1987) “باستخدام الشعر الغنائي الرقيق، والأسلوب الشرقي المنمق، والخيال، والهجاء، والسخرية التي تهدف إلى تهذيب الصغار والكبار على السواء، وكذلك عالم السحر الخارق والبذخ الشرقي بوجه عام وبساطة الشرق وسحر لياليه”.
ولقد أظهر القارئ الأوروبي ترحيبا لا مثيل له بألف ليلة وليلة حيث وصلت إلى كل الطبقات، وتغلغلت في أذهان معظم الكتاب والروائيين والشعراء، وباعتراف هؤلاء أنفسهم جرى الاهتمام بألف ليلة وليلة على الصعيدين الأكاديمي والثقافي، والفضولي، واستمر تأثيرها أجيالا متلاحقة، ولا تزال تثير حولها التساؤلات إلى يومنا هذا.
وكانت بداية اقتحامها عوالم الغرب الأدبية ذات صلة بخرق ألفة التلقي حيث تقول مارثا بايك كونانت Martha Beck Conant إن “مجرد الرغبة الهروبية لتجاوز القواعد المحددة للكلاسيكية الجديدة قد حققت نفسها في مطالعة هذه الحكايات العجيبة الغريبة عن المخاطر والسحر” (محمد جاسم الموسوي). ولما كان النزوع إلى الخارق والمذهل أمرا عاديا فقد توسل القارئ الأوروبي في الليالي العربية انقلابا وجدانيا لامس ذلك النزوع الفطري الذي احتلت الكلاسيكية جزءا كبيرا منه، وفي تطلعه إلى تفجير رتابة تلك النمطية وجد هذا القارئ خَلاصه في جو الليالي حيث استعاد طبيعة الأشياء وبساطتها “ومن هنا قوبلت ألف ليلة وليلة بحماسة فائقة في عصر ساده تململ الهيمنة الصارمة للعقلانية، ونزوع إلى الترويح عن النفس في فسحة من الخيال بعيدا عن تلك الرصانة الطاغية” (رنا قباني: أساطير أوروبا عن الشرق، ص55).
إن القول بفكرة قيام ألف ليلة وليلة على تفعيل الخيال السحري وتوسيع رمزية ذلك الخيال إلى أقصاه، أمر لا يمكن استبعاده. غير أن المغالطة التي قد يقع فيها البعض هي الغلو في تأكيد السمات السحرية من دون غيرها مما تنفرد به الليالي من قيم فنية وجمالية وإنسانية، “وبكلمة موجزة فإن قارئ هذا القرن قد وجد المتعة في متابعة هذه الحكايات، وسحرته أجواؤها بلذة غريبة، لكنه يمكن أن يكون قد اتفق مع السندباد في استنتاجه بأن لا تحصيل دون مشقة، وأن السماء تكافئ النشيط الشريف”، (محمد جاسم الموسوي، ص22).
لقد أحدثت ألف ليلة وليلة هزة جمالية وفلسفية، فعلى المستوى الجمالي أضافت إلى الخيال الأوروبي أبعادا رمزية، وفجرت لديه طاقة لامتناهية من الإيحاء، وخلقت في وجدانه إيقاعا رومانسيا حالما، وزودته بروحانية الشرق. أما على المستوى الفلسفي فقد شكلت الليالي سؤالا أنطولوجيا يشتبك بأسباب الوجود، وامتحان الذات، سواء تعلق الأمر بما تصرح به الكلمات أو بما تضمره. ويعد الزمن أحد أعظم تجليات تلك الرؤية الفلسفية، ” فصراع بينلوب pénélope كان ضد وقت ما، فهي في انتظار رجوع مخلصها وزوجها عوليس Ulysses. أما شهرزاد فهي تصارع ضد مفهوم الوقت، وبهذا تطرح ألف ليلة وليلة معضلة فلسفية من أعقد ما يكون وهي معضلة مفهوم الزمن المجرد” (فريال جبور غزول: البنية والدلالة في ألف ليلة وليلة، مجلة فصول 4-1994).
ونكاد نجزم بتلاحم الرؤيا بين الأساطير اليونانية وألف ليلة وليلة، ولعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا بفاعلية التناص، فحتى وإن لم تكن لدينا الحجة على إثبات ذلك التلاحم، فلا أحد يجزم بانفصال الثقافات [عدا بابل] حيث تفرق اللسان بعد توحد من أجل حصول الاتصال مجددا عن طريق المثاقفة Acculturation. وقد رصد إحسان عباس مجموع الرؤى المشتركة لما أثارته الملاحم اليونانية من موضوعات وما تطرقت إليه الليالي: البطل، الحب، الجمال… حيث أورد أوجه التشابه بين تلك الموضوعات بحسب ما يراه غرونباوم G. Von Grunbaum، على سبيل المثال كل أبطال الحكايات اليونانية والقصص العربية في ألف ليلة وليلة يتمتعون بقسط وافر من الجمال والحب من أول نظرة مشتركة بين القصص اليونانية والعربية، (إحسان عباس: ملامح يونانية في الأدب العربي، ص182)، ناهيك عن تقارب الخصوصية التعبيرية في النسيج البنائي، والاتفاق في الغاية من الفعل (في الحكايات) والوصول إلى الهدف.
وقد أولت الدراسات المقارنة في الآداب الغربية عناية مبكرة بألف ليلة وليلة نظرا إلى ما حققته من انتشار عالمي. ومن الطبيعي ألا يقتصر اهتمامهم على الجوانب الإيجابية لهذا الفن، غير أن الذي حدث هو وقوع القارئ الأوروبي في شرك الخلط بين الواقع والخيال لعدم تمكنه من الفصل بين الفن والتاريخ؛ في حين سعت بعض الفئات إلى تكريس صورة الشرق [المنحرف]، وبالغت في تضخيم ظاهرة الحريم.
توسل القارئ الأوروبي في الليالي العربية انقلابا وجدانيا لامس ذلك النزوع الفطري الذي احتلت الكلاسيكية جزءا كبيرا منه، وفي تطلعه إلى تفجير رتابة تلك النمطية وجد هذا القارئ خَلاصه في جو الليالي حيث استعاد طبيعة الأشياء وبساطتها “ومن هنا قوبلت ألف ليلة وليلة بحماسة فائقة في عصر ساده تململ الهيمنة الصارمة للعقلانية، ونزوع إلى الترويح عن النفس في فسحة من الخيال بعيدا عن تلك الرصانة الطاغية”
وتبقى حقيقة الليالي راسخة في تفوقها الفني، فلا أحد ينكر ما لها من الفضل في تفسير مسار الأدب الأوروبي، حتى إن أحدث الدراسات الغربية تصر على انبثاق أولى النوى الروائية عن روائع الشرق مثل ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، وحكايات الشطار، والمقامات، ومن ثمَّ “فإن هذه الآثار العربية لم تكن إلا ذروة جبل جليدي ضخم ينبغي للغرب أن ينقب فيه عن أصل جنس الرواية، كما تشير إلى ذلك الباحثة الروائية الأميركية مارجريت آن دودي Margaret Anne Doddy في كتابها الضخم “القصة الحقيقية للرواية” The real story of the novel الذي صدر عام 1997، (عبدالنبي أصطيف: بين المركز والمحيط- الأدب العربي في دائرة الأدب العالمي، مجلة المعرفة 440- 2000).
وعلى الرغم من تطور البحوث والدراسات إلا أن فكرة تأصيل كتاب الليالي ما تزال تلقى بعض الاعتراضات، فالبعض يعده تراثا عالميا، ملكا لشعوب الأرض قاطبة، بسبب ما لحقه من التغييرات عبر قرون من الرواية والنقل والنسج، بينما تتمسك الثقافة العربية بشدةٍ بانتماء هذا التراث المتجذر فيها، والمنبثق عن جدليات سوسيو- لغوية تسمح بتعميق هذا الأثر وترسيخه في منظومة الفلكلور العربي بكل امتداداته الحضارية بما في ذلك المعتقد، أما الدراسات التي حاولت التوفيق بين الأصول الفارسية والعربية لألف ليلة وليلة، فإن أغلبها يعكس موقفا شبه موضوعي، يرمي إلى ثبت مرجعية هذا التراث العريق، غير أن هذا الموقف بدوره يضمر ميلا شديدا إلى الأصول غير العربية.
ومهما كانت المعطيات النظرية الناجمة عن المقارنات الوصفية دقيقة وملتزمة، فإنه لم يصلنا من “هزاز أفسانة” سوى العبارة نفسها، فهذه الألف خرافة كما تترجمها المصادر أكثر مجهولية من ألف ليلة وليلة التي تعرف إليها العالم بنقش ذهبي في بلاط الخليفة العباسي. ولعل تودوروف Tzvitan Todorov كان وفيا لحدس التأمل الفطري، حين خص هذا الاستثناء القصصي بقوله “إن ألف ليلة وليلة تعطي الجواب ساخرا لمن أراد أن يعرف القبل والبعد.
فالقصة الأولى، قصة شهرزاد تبدأ بهذه الكلمات، التي يمكن أن تسمع بكل المعاني [ولكن يجب ألاّ نفتح الكتاب لكي نقرأها، وإنما يجب أن نتوقعها توقعا؛ إذ أنها جيدة في مكانها]: “يحكى”، إنه من غير المجدي أن يبحث المرء عن أصلها ضمن الزمن؛ ذلك لأن الزمن يأخذ أصله في القصة. وإذا كان قبل القصة الأولى ثمة “حكي” فإن بعدها ثمة “سيحكى” ( تزفيتان تودوروف: مفهوم الأدب، ص149) وهكذا تفتتح ألف ليلة وليلة عصر اللاّيقين Uncertainty، وتهيئ العالم لاستقبال معنى الممكن والمحتمل، وما تزال تضيف إلى التجارب الإنسانية الكثير من بساطة التأمل وبراءة الفطرة.
ياسمين فيدوح
باحثة من الجزائر