جعفر الديري يُثير موضوع النشر الرقمي ويلفت لأهمية إحياء الأرشيف الصحفي

عبر جلسة حوارية حول كتابه «على أعتاب دلمون» بأسرة الأدباء والكتاب
جعفر الديري يُثير موضوع النشر الرقمي ويلفت لأهمية إحياء الأرشيف الصحفي


قدّم الشاعر والكاتب جعفر الديري، أمسية حوارية حول كتابه «على أعتاب دلمون؛ ألوان من الثقافة والتراث البحريني»، مساء الأحد 25 أغسطس، في «أسرة الأدباء والكتاب»، داعيًا فيها الكتاب والصحفيين لجمع أرشيفهم الصّحافي وإعادة إحيائه بنشره عبر الوسائل الرقمية أو التقليدية، وذلك لإتاحته كمادة لجيل اليوم والأجيال القادمة، مشيرًا إلى المزايا والإمكانات التي يتيحها النشر الإلكتروني.

ولفت الديري بأن المواد الصحيفة - بخلاف الأخبار القصيرة وبعض التغطيات الآنية - التي سبق وأن كُتبت في الصحف يطويها النسيان ما لم تؤرشف وفق منهجيات كتابية تليق بإعادتها وتخليدها في كتب. لافتًا النظر إلى أهمية هذه المواد على الأصعدة المختلفة، وعلى أهمية إعادة إحيائها وحفظها من النسيان.

وحول دافعه لنشر كتابه «على أعتاب دلمون»، بين الديري "لقد شدّتني عاطفتان لنشر هذا الكتاب، الأولى وطنية، فما ورد في الكتاب هو جزء من التراث، والواجب على كل مواطن المساهمة في حفظه، وإبرازه للناس وخصوصًا الشباب، والعاطفة الثانية إبداعية، فمن من خلال الاطلاع على حياة الأدباء والفنانين، تكوّن لدي شعور بأهمية ما يكتنز به التراث المادي والشفاهي، وأهمية استثماره في كتابة النصوص سواء الشعرية أو السردية، بالإضافة إلى رغبة صادقة لدي في إعادة الاعتبار لكتب ذات قيمة بطبعات قديمة لا يعلم عنها الجيل الجديد، ولا عن مؤلّفيها المهمّين، ومن المهم تذكير الشباب بهم، وبإسهاماتهم".

وأضاف الديري: "إذا قرأنا الأدب الروسي على الخصوص، فسنجد نماذج لأدباء كبار كانوا شديدي الاهتمام بتراثهم، بوشكين مثلا شمس الشعر الروسي، استلهم عديدا من أعماله الشعرية والقصصية من الحكايات التي وعتها ذاكرته حينما كان يستمع الى مربيته وهي تسرد عليه ما تحفظه من حكايات وأحداث، بل إن غوغول الروائي الروسي الكبير كتب ذات مرة يلوم فيها الروس لأنهم لم يولوا أشعار بوشكين المتأخرة ما تستحق من عناية واهتمام، مقابل ما حظيت به أعماله في بداياته من ذيوع وانتشار بين أواسط الناس، لكن غوغول لا ينكر أن بوشكين كان أكثر التصاقا بتراث الروس منه في أشعاره المتأخره، وهذا ما جعل الناس لا يتعلَّقون بها كثيرا، تولستوي أيضا كان شديد الحرص على تدوين ما يحكيه كبار السن، وقد أصدر عدة كتب في هذا الإطار، ومنها كتاب ترجم الى العربية بعنوان (حكايات شعبية)، استفاد منها في كتابة القصص، وكتابة الحكايات للأطفال، كما فعل بوشكين الذي يعد أحد رواد أدب الأطفال، والحقيقة ان قصصه للأطفال كانت إعادة لحكايات شعبية متداولة".

وحول الكتب الورقية لمؤلفين بحرينيين، قال الديري "انه حديث مؤلم، وإذا أردت الحديث بشكل أكثر تخصيصا أقول أني لمست وضعا صعبا للكتاب البحريني من خلال عملي كبائع للكتب في مكتبة تجارية، فلا أحد يعبأ به، ويمكن تلمس العذر لمن لا يشاهد الكتاب، أما أن يوضع الكتاب في مقدمة المكتبة، أمام القراء طوال عام كامل ولا يعبأ به أحد، فهذا أمر مشين، والمشكلة ان الكتّاب البحرينيين أنفسهم لا يشترون لبعضهم اللهم إلا عدد محدود منهم، وقد حاولت الاحتيال على ذلك بنشر الكتاب الكترونيا كي يحصل على قرّاء من خارج البحرين".

وقد توجه الديري في الآونة الأخيرة لإعادة إحياء أرشيفه الصحفي من حوارات وكتابات حول المبدعين البحرينيين والحالة الثقافية البحرينية عبر جمعها وإصدارها في عددٍ من الإصدارات الإلكترونية.

من جانبه أشار الشاعر كريم رضي، الذي أدار الحوار، إلى مشكلة تتعلق بالكتاب الإلكتروني وهي «تعرّضه للسرقة، كما حدث مثلا للروائي الراحل فريد رمضان وغيره من كتّاب ومؤلفين»، مؤكدًا على أهمية الكتاب الورقي، لافتًا للمبادرة التي سبق وأن طرحها وعمل عليها الباحث الدكتور منصور سرحان، بتحويل كتب المؤلفين البحرينيين الورقية إلى رقمية، على أن تُقرأ من خلال موقع المكتبة فقط، ولا يمكن سرقتها أو تنزيلها بأي حال من الأحوال!

وفي مداخلته وجد الباحث والأكاديمي عارف الموسوي، في النقطة التي أثيرت حول النص الإلكتروني واعتباره مرجعا أم لا، إشكال من ضمن الإشكالات التي يواجهها الأكاديميون، لافتًا إلى كون النشر الورقي معتبرًا أكثر من النص الإلكتروني عند الأكاديميين!

من جهته أكد الشاعر الدكتور راشد نجم، أنّ النص الإلكتروني تقنية فرضت نفسها، وسيأتي اليوم الذي تعترف فيه جميع الجامعات بها، معتبرًا تجميع الأديب أو الصحافي لاشتغلاته في كتاب ورقي أو إلكتروني خطوة مهمة، تتلافى مشكلة الاطلاع على النتاج المبعثر في الصحف والدوريات. لكن مجملاً اشترط أن لا تؤخذ المادة المنشورة في الصحف، وتوضع كما هي في الكتاب، بل يعاد إخراجها مع الصور والإضافات، حيث مساحة الكتاب الإلكتروني غير محدودة، مبينًا أن قارئ اليوم قارئ بصري، ومن المهمّ حين نكتب للشباب أن نلتفت إلى كون هذه الأجيال لم تعش تلك الأيام، ولا بد من الصورة فهي بمثابة ذاكرة للمكان.

بدوره قال الدكتور حسن مدن في مداخلته "اكتشفت أن ذاكرة الصحيفة قصيرة، فنحن نقرأ المقال اليومي مثلاً، ويكاد يموت في نفس اليوم، فهو لا يعيش طويلاً في ذاكرة القارئ إلّا فيما ندر، بينما يمثل الكتاب، الذاكرة الطويلة ويمكن العودة إليه في أيّ وقت، وهو متاح في المكتبة وعند الناشر، وفي معارض الكتب، ويمكن الوصول إليه بسهولة".

وأضاف "أن بعض كتبي مثل (الكتابة بحبر أسود) هو في الأساس مقالات سبق وأن نشرت في الصحف، وأزعم أنه لا يوجد مقال واحد جديد نشرته في هذا الكتاب، فهي مقالات نشرت على مدار خمسة وعشرين عامًا، اخترت منها ما يصب في موضوع القراءة والكتابة، لكني أعدت كتابتها في بعض الحالات، فالمقال اليومي قصير والكلمات محدودة، وعلى مدار هذه السنوات ربما تناولت المسألة نفسها أكثر من مرة، ومن زوايا مختلفة، ووجدت مقالات تتناول مسألة واحدة، فجمعتها في مقال مطول، وأعدت بناءَه من جديد، وصار جديدًا عندما نشر في الكتاب".

أما الباحثة والأكاديمية الدكتورة شرف المزعل، فأكدت اهتمامها الكبير بتعريف طلبتها في جامعة البحرين بالنتاجات البحرينية، من خلال دعوتها لهم للقيام بعروض وما يشبه التحقيق لهذه الكتب، بالإضافة إلى تعريفهم بتراثهم، من خلال تكليفهم بجمع الخرافات والأساطير، ما أثمر عن تعرُّفتهم على مورث معروف في الوسط الثقافي وآخر غير معروف، مثل جني منطقة أبو صيبع، متسائلة المزعل عن سبب تأنيث جميع المخلوقات المرعبة؟ كأم حمار، أم الشعوم، أم الخضر والليث، واستخدامها لترعيب الأطفال ونهيهم عن الخروج من البيت.

ملحق رؤى صحيفة الأيام البحرينية.

السبت 07 سبتمبر 2024

https://www.alayam.com/online/culture/1067150/News.html

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى