المحامي علي ابوحبله - "البطة العرجاء" تحرر نتني اهو من القيود الامريكيه

في أقلّ من أسبوع قامت إسرائيل بعمليات استهدفت فيه حاضنة حزب الله الشعبية وقيادات في الصف الأول ، عملية تفجيرات البيجر واستهدفت شريحة واسعة من أعضاء وكوادر حزب الله والثانية استهداف قيادات في الصف الأول في الضاحية الجنوبية عبر طائرات "إف-35" قصفت خلالها عمارات سكنية أودت بحياة القيادي إبراهيم عقيل، وهو من مؤسسي حزب الله، وأحمد محمود وهبي، قائد عمليات قوة الرضوان منذ العام 2024، في هجوم إسرائيلي غير مسبوق على ضاحية بيروت الجنوبية.

هذه العمليات بحسب معايير حزب الله هي كسر لقواعد التوازن والردع في الصراع مع إسرائيل وتهدف إسرائيل منها ، محاولة استعادة جزء من هيبتها وصورتها التي سقطت يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين فشلت أجهزتها العسكرية والأمنية والاستخباراتية في التنبؤ بهجوم الفصائل الفلسطينية، خاصةً حركة حماس، وفي التصدي له، مما شكل فشلًا أمنيًا وعسكريًا غير مسبوق في تاريخ الكيان الإسرائيلي

هذه العمليات التي تشكل خرق فاضح لكافة القوانين والمواثيق الدولية واعتداء صارخ على سيادة الدولة اللبنانية تأتي ضمن محاولة إعادة بناء معادلة الردع الإقليمية مع الخصوم، خاصة إيران وحلفاءَها في المنطقة العربية، وأهمهم حزب الله في لبنان، والتي تغيرت بشكل كبير لغير صالح الكيان الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتأتي في سياق سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحقيق صورة إنجاز يهرب بها من فشله الذر يع في حربه على قطاع غزة.

هذه العمليات تشكل خطر يتهدد أمن وسلامة المنطقة ويخشى من تدحرجها لحرب إقليمية موسعه وهي بعلم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وهي حاضرة وبقوة ليس فقط من خلال علمها ومعرفتها بهذه العمليات مسبقًا، بل أيضًا من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي واللوجيستي. فلا يُتخيل أن تُقدم إسرائيل أو يتجرأ نتنياهو على القيام بهذه العمليات دون وجود موافقة أميركية مسبقة عليها، وذلك ليس فقط بهدف التنسيق، وإنما أيضًا لحماية ظهرها في حال حدوث أي ردود أفعال على ما قامت به، وتحسبًا لأي عواقب قد تنجم عن القيام بهذه العمليات.

والسؤال المهم هو: لماذا تبدو واشنطن مستسلمة لمنطق نتنياهو الذي يسعى، على ما يبدو، لتوسيع دائرة الصراع في المنطقة بما قد يؤدي إلى اشتعال حرب إقليمية واسعة قد تدفع الولايات المتحدة فاتورتها، وتؤثر سلبًا على مصالحها في المنطقة؟ عدة عوامل تقف خلف هذا الموقف الأميركي:

أولا :- تتفق الإدارة الأميركية الحالية مع إسرائيل في السعي لاستعادة معادلة الردع التي سقطت قبل عشرة شهور، والتي أثّرت سلبًا على صورة أميركا باعتبارها الحليف والداعم الأساسي للكيان الصهيونيّ، وبالتالي هناك مصلحة مشتركة مع تل أبيب في هذا الموضوع الاستراتيجي والهام أقله من وجهة نظر إسرائيليه

ثانيا :- تحاول واشنطن معاقبة إيران وحلفائها في المنطقة؛ انتقامًا منهم لإفشالهم مخطط التطبيع الذي كان يسير على قدم وساق قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكان يعوّل عليه الرئيس بايدن باعتباره أحد إنجازاته في السياسة الخارجية، خاصة في ظل فشله في كافة الملفات الأخرى، مثل: ملف الحرب الروسية على أوكرانيا، وملف العلاقة مع الصين، وكذلك ليصبح جزءًا من إرثه بعد اعتزاله العمل السياسي.

ثالثا :- مسعى إدارة بإيدن في تدشين نظام إقليمي جديد يسعى لدمج إسرائيل في المنطقة ، بحيث تلعب فيه إسرائيل دور محوري ، في ظل سعي واشنطن لإعادة التموضع في المنطقة من أجل التركيز على ملفَي الصين وروسيا.

لا شك أن أمريكا تمر بمرحلة انتقالية وهي أشبه بالبطة العرجاء التي تحرر نتني اهو من القيود الأمريكية وبات يخشى من أن يتحول دور أميركا من مجرد الدفاع عن إسرائيل إلى التورط في حرب هجومية ضد إيران وحلفائها، وهو ما قد يؤدي إلى اشتعال المنطقة فعليًا وارتفاع احتمالات سقوط خسائر في الأرواح، وبالتالي ارتفاع التكلفة السياسية داخليًا في أميركا.

ومن جهة أخرى ، فإن انصياع الإدارة الأميركية لمنطق نتنياهو يضعف صورة أميركا أمام حلفائها الآخرين ويظهرها دولة ضعيفة لا تستطيع فرض رؤيتها على هؤلاء الحلفاء في ظل تمنع ورفض نتنياهو للمطالبات المختلفة بضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب.

بكلمات أخرى، فإن واشنطن التي تبدو تابعة ومستسلمة بشكل كبير لمغامرات نتنياهو، تتحمل جزءًا أساسيًا من اشتعال المنطقة وتدحرج كرة اللهب إقليميًا، بشكل يجعلها تدفع ثمن ذلك إن آجلًا أو عاجلًا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى