حاتم عبدالهادي - عن النص والنظرية الأدبية

النص الأدبي يطرح منهاجيات قراءاته المتعددة،، وما المناهج سوى طرائق استرشادية للقراءة الأدبية، فالنص هو الفيصل، وما النظرية سوى إجراءات تساعد عمل الناقد، لكنها لا تصنع نصا، والنقد كله لن يكون موجودا دون النص، فهو السيد الذي يقود ويوجه عربة النقد إلى كل المسارات، والسياقات.
النص ،أو القصيدة أو القصة او الرواية، أو المقال وغيره هو أساس وجوهر الإبداع، والنقد لاحق عليه، ومن النص نستقي المناهج والنظريات، ونبتني عالما نقديا هدفه القراءة والتحليل والتفسير وفك الشيفرات، وتقريب المعنى والقصدية لمبدع النص، أما النقد الإبداعي هو نص مواز، ومتواشج مع النص الأول للمبدع، ولا انفصال بين النقد والنص، بل هي عملية تلاحم وتواشج من أجل البحث عن المعنى، وجوهر قصدية المبدع، وما التأويل سوى سباحة في عالم النص، وفتح آفاق جديدة لتناوله، والوصول إلى المعنى وخوافيه، وكوامنه عبر الكون والعالم والحياة.

1728220789626.png


وليس معنى انتصارنا للنص أن نلغي النظرية والمنهاجية، فهما الوسائل التي تواضعنا عليها للضبط المنهجي، والطرائق العلمية لفهم السياق النصي وفيوضاته، لكن لا يجب على الناقد أن يقوم بلي عنق النص ليطبق النظرية، فهنا تسقط النظرية والإطار أمام هذا البنيان الشاهق للنص.
ولنلحظ أن هناك خطأ يقع فيه كثير من النقاد، كأن يحدد بأنه سيقوم بدراسة أو قراءة النص من وجهة نظر بنيوية، أو تفكيكية، او ما بعد حداثية وغير ذلك، فيقول في شراك المنهج، وتقييدات النظرية.
والناقد الحصيف -كما أرى- هو الذي يقرأ النص بمنظور النصية المتراءاة له، والتي قد تحدد أكثر من وسيلة ومنهج ونظرية لسبر أغوار النص، حسب طروحات ما يبديه النص، وليس ما يحدده الناقد، فالنادي المبدع لا يجب أن يضع النظرية أمامه ليطبقها حرفيا على النص، وليعلم أن النظرية والمنهج ليسا القانون الفيصل في القراءة الأدبية فحسب، بل هما عوامل مساعدة للقراءة، لأن النص ذاته ليس سوى طرائق تعبيرية معيارية، وليس رموزا هندسية، والناقد يبحث في المعنى وما ورائياته، وقد يتأمل ويفترض ليصل إلى الغائيات وجوهر المعنى، وليس هناك نصا أنموذجا ، ولكنه تماثلات وتوافقات تستخدم اللغة وجماليات المعنى والموسيقا، أو الإيقاع، أو الهارمونيطيقا، بغية انتاجية نص يصل إلى القارىء من أقرب طريق، عبر الوسائط والسياقات النصية، دون تكلف، ودون أن يضع المؤلف نظرية ما في ذهنه، أو يضع الجمهور في اهتمامه، وهو يقوم بفعل الكتابة،وغيرها.
إن النص هو الفطرة الأولى للحياة، يتشكل حسب ثقافة ورؤى المبدع، وما يطيقه لإنتاج قطعة جمال يشكلها فوق قطيفة الحياة البديعة، فالنص هو الذي يصنع الحياة، وهو جوهر المعنى الذي يقودنا إلى المبدع الأول، الخالق العظيم للجمال والوجود والأشياء.
حاتم عبدالهادي السيد
٠١٠٠٥٧٦٢٧٠٢مصر٠٠٢

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى