أنا كلُ شيءٍ يُشبهُني
وأبي حِرفيٌ ماهرْ
يركبُ الطائرةَ كلَ عامٍ ليُلَونَ جُدرانَ المسجدِ الحرامْ
يشدُ الخيطَ بسرعةٍ فائقةٍ
يُسقط بسكينهِ الطبقاتِ المهترئةَ
التي تشكلتْ على هيئةِ غاباتِ وذئابِ وأغنامْ
يطوفُ حولَ الكعبةِ بفرشاتِه ودَلوهْ
ليُرممَ ما أتلفتُه الطبيعةُ وحرارةُ الشمسِ
وكلما هاتفني لألحقَ به أقسمُ لهُ
أنّ كلَ شيءٍ يُشبهُني
حتى النافذةَ التي أُطل منها أنا وأمي
ولا أعرفُ دورانَ الأرضِ ولا أرى الملائكةَ إلا منها
نمتْ ملامحي على هيئتِها
أمي الحفافةُ البارعةُ أُساعدها
تَنزِعُ الشُعيراتِ النابتةَ في وجوهِ النساء
تهُذبُ الحواجبَ والشفاه
وأنا أرسمُ على أجسادهن خرائطَ لطرقٍ وجسورْ
تدقُ التعاويذَ على أفخاذهن
ليعودَ الذي غابَ
أنا أربّتُ على صُدورهن
وهي تسردُ لهن قَصصَ الأنبياءِ كلَ صباحْ
أنا أُدَّونُ الأسماءَ وأُنظمها
وأعلقُ على النافذة الرايةَ الحمراءَ
وكلما نادتني
أقسمُ لها
أن كل شيء يشبهني
حتى بابَ حديقتِنا الخلفيّ
الذي يفتحُ على مسارِ الطائراتِ
التي قصفتْ حصنَ بارليفَ في وقتٍ ما
تشكلتْ عيني على هيئتِه
وحاجبي كعتبتِه
أقفُ أمامَه وأقسمُ
أن كل شيء يشبهني
أخي ذهبَ يستخرجُ النفطَ من عمقِ الرمالْ
ينبطحُ على بطنِه ليتشممَ رائحةَ الغازِ في باطنِ الأرضْ
يزحفُ كأفعى صحْراوية بمهارةٍ وحنكةٍ نحوَ البئرْ
يشدُ كلَ عامٍ أنبوبًا ضخمًا باتجاهِ الغربِ
ويمدُنا كلَ عامٍ بسراويلَ بيضاءْ
وقداحاتٍ تكفي لإشعالِ بلدتِنا
وكلما هاتفني أقسمُ له
أن كل شيء يشبهني
حتى شارعَنا الضيقَ
الذي رسمتُ على حائطِه خِلسةً كلابًا تتصارعْ
مفتوحٌ على ناصيته مصنعٌ للألعاب النارية
وحوانيتُ تبيعُ التبغَ للمسنينَ
ومعهدٌ دينيٌ قديمْ
أقفُ على ناصيتِه وأقسمُ
أن كل شيء يشبهني
أنا أعملُ في ملهى يبيعُ الخمورَ في الليلْ
وفي الصباحِ أدلكُ أجسادَ النساءِ في مركزٍ رياضي
لديّ دراجةٌ هوائيةٌ أركبُها لأُحصي مصابيحَ الكهرباءِ
التي سُرِقتْ
و أمرُّ على معابدِ أجدادِنا الشاسعةْ
أكتبُ على أعمدتِها كلَ فجرٍ
أقسمُ أن كل شيء يشبهني
أبي قالَ اركبْ معنا
أمي قالتْ قرةُ عينٍ لي
أخي قالَ أَرسله معي
أنا أقسمتُ بـهذا البلد
أنّ كل شيء يشبهني
محمد عكاشة
من ديوان كيف تربي سحابة
وأبي حِرفيٌ ماهرْ
يركبُ الطائرةَ كلَ عامٍ ليُلَونَ جُدرانَ المسجدِ الحرامْ
يشدُ الخيطَ بسرعةٍ فائقةٍ
يُسقط بسكينهِ الطبقاتِ المهترئةَ
التي تشكلتْ على هيئةِ غاباتِ وذئابِ وأغنامْ
يطوفُ حولَ الكعبةِ بفرشاتِه ودَلوهْ
ليُرممَ ما أتلفتُه الطبيعةُ وحرارةُ الشمسِ
وكلما هاتفني لألحقَ به أقسمُ لهُ
أنّ كلَ شيءٍ يُشبهُني
حتى النافذةَ التي أُطل منها أنا وأمي
ولا أعرفُ دورانَ الأرضِ ولا أرى الملائكةَ إلا منها
نمتْ ملامحي على هيئتِها
أمي الحفافةُ البارعةُ أُساعدها
تَنزِعُ الشُعيراتِ النابتةَ في وجوهِ النساء
تهُذبُ الحواجبَ والشفاه
وأنا أرسمُ على أجسادهن خرائطَ لطرقٍ وجسورْ
تدقُ التعاويذَ على أفخاذهن
ليعودَ الذي غابَ
أنا أربّتُ على صُدورهن
وهي تسردُ لهن قَصصَ الأنبياءِ كلَ صباحْ
أنا أُدَّونُ الأسماءَ وأُنظمها
وأعلقُ على النافذة الرايةَ الحمراءَ
وكلما نادتني
أقسمُ لها
أن كل شيء يشبهني
حتى بابَ حديقتِنا الخلفيّ
الذي يفتحُ على مسارِ الطائراتِ
التي قصفتْ حصنَ بارليفَ في وقتٍ ما
تشكلتْ عيني على هيئتِه
وحاجبي كعتبتِه
أقفُ أمامَه وأقسمُ
أن كل شيء يشبهني
أخي ذهبَ يستخرجُ النفطَ من عمقِ الرمالْ
ينبطحُ على بطنِه ليتشممَ رائحةَ الغازِ في باطنِ الأرضْ
يزحفُ كأفعى صحْراوية بمهارةٍ وحنكةٍ نحوَ البئرْ
يشدُ كلَ عامٍ أنبوبًا ضخمًا باتجاهِ الغربِ
ويمدُنا كلَ عامٍ بسراويلَ بيضاءْ
وقداحاتٍ تكفي لإشعالِ بلدتِنا
وكلما هاتفني أقسمُ له
أن كل شيء يشبهني
حتى شارعَنا الضيقَ
الذي رسمتُ على حائطِه خِلسةً كلابًا تتصارعْ
مفتوحٌ على ناصيته مصنعٌ للألعاب النارية
وحوانيتُ تبيعُ التبغَ للمسنينَ
ومعهدٌ دينيٌ قديمْ
أقفُ على ناصيتِه وأقسمُ
أن كل شيء يشبهني
أنا أعملُ في ملهى يبيعُ الخمورَ في الليلْ
وفي الصباحِ أدلكُ أجسادَ النساءِ في مركزٍ رياضي
لديّ دراجةٌ هوائيةٌ أركبُها لأُحصي مصابيحَ الكهرباءِ
التي سُرِقتْ
و أمرُّ على معابدِ أجدادِنا الشاسعةْ
أكتبُ على أعمدتِها كلَ فجرٍ
أقسمُ أن كل شيء يشبهني
أبي قالَ اركبْ معنا
أمي قالتْ قرةُ عينٍ لي
أخي قالَ أَرسله معي
أنا أقسمتُ بـهذا البلد
أنّ كل شيء يشبهني
محمد عكاشة
من ديوان كيف تربي سحابة