المحامي علي ابوحبله - في اليوم العالمي للفقر؟؟؟ الفلسطينيون يجوعون ويزدادون فقراً

كتب المحامي علي ابوحبله


تحت مرأى ومسمع العالم الفلسطينيون في غزه يموتون جوعا وباتوا جميعا تحت ما دون خط الفقر وهم عاجزون عن توفير مقومات الحياة نتيجة الحصار الإسرائيلي الممعن في سياسة التوغل والقتل دون أن يرف جفن لمسؤولية ودون تحرك دولي لإنقاذ الأرواح البريئة من الجوع والفقر المدقع

عار على المجتمع الدولي أن يحتفل في اليوم العالمي لمحاربة الفقر وهو عاجز عن تأمين مستلزمات الحياة لمليوني فلسطيني في غزه باتوا يعيشون في فقر مدقع بعد أن أقدمت إسرائيل في حربها على غزه بتدمير كل مقومات الحياة وهدم البيوت على ساكنيها واستهداف الشجر والحجر

إن الظلم عواقبه وخيمة ويقوض احترام الذات ويدمر القدرات الشخصية، كما يحرم الناس من كرامتهم وفرصة الخروج من الفقر. ولذا، فسوء المعاملة الاجتماعية والمؤسسية خسارة كارثية للإمكانات البشرية للمجتمع.

في فلسطين وفي ظل استمرار الحرب وسياسة الحصار والتجويع يظل الفقراء هم من يناضلون لمكافحة الفقر والمطالبة بحقوقهم التي أقرتها القوانين والمواثيق الدولية ويحملون المجتمع الدولي المسؤولية عن ما يلحق بهم من موت محتم في ظل سياسة جبروت القوه وعدم انصياع اسرائيل للقرارات الدولية وقرار محكمة العدل الدولية وجميعها تطالب بوقف

إطلاق النار وإدخال المساعدات الغذائية وقد أفادت مؤسسات حقوقية بأن نحو 400 ألف فلسطيني مهددون بـ"الموت جوعا وعطشا" في محافظتي غزة وشمال القطاع جراء الحصار الإسرائيلي ومنع وصول المساعدات.

يأتي ذلك فيما تواصل إسرائيل شن عملية عسكرية منذ 10 أيام ضمن حرب إبادة سكان غزة المستمرة منذ عام وفق ما تمت تسميته " خطة الجنرالات " وفي هذا يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان -ومقره جنيف- إن "نحو 400 ألف فلسطيني مهددون بالموت جوعا وعطشا شمال وادي غزة جراء قرار إسرائيل بمنع وصول مساعدات أو بضائع إليهم منذ أسابيع عدة، في وقت تواصل هجوما واسعا على شمال غزة لليوم العاشر على التوالي لتفريغ المنطقة من سكانها" وأضاف المرصد في بيان "نحو 200 ألف فلسطيني في محافظة شمال غزة (بيت حانون، جباليا، بيت لاهيا) غير قادرين منذ 10 أيام كاملة على الحصول على أي مواد غذائية أو ماء للشرب نتيجة الحصار والعملية العسكرية".

وأكد أن "عشرات الفلسطينيين المحاصرين بمخيم جباليا توجهوا إلى مركز التموين التابع لوكالة أونروا تحت وطأة الجوع، لكن الجيش الإسرائيلي استهدفهم بالقذائف والطائرات المسيرة، مما أسفر عن مقتل 10 وإصابة 40 آخرين"، مشيرا إلى أن العديد من الضحايا لا يزالون في الشوارع ويتعذر نقلهم إلى المستشفى.

ولفت المرصد إلى أن "من ينجو من قصف إسرائيل مهدد بالقتل بالتجويع والتعطيش في واحدة من أكبر جرائم القتل بالتجويع، مما يعكس النية الواضحة لاستخدام التجويع سلاح قتل وفرض أحوال معيشية يقصد بها التدمير الفعلي للفلسطينيين في غزة، ضمن جريمة الإبادة" وأضاف أن "آلاف السكان المحاصرين في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمالي قطاع غزة نفد لديهم كل مخزون الطعام".

الفلسطينيين يعيشون في أوضاع كارثية ليس لها مثيل من التدهور الخطير في حقوقهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وكذلك حرمانهم من الحقوق المدنية والسياسية وعدم تمكنهم من المشاركة في اتخاذ القرارات والسياسات. وما زال الذين يعيشون في فقر مدقع يمثلون عارا أخلاقيا على المجتمع الدولي ، حيث يعاني الأشخاص الذين يعيشون في فقر من عديد أشكال الحرمان المترابطة والمتلازمة التي تمنعهم من إعمال حقوقهم وتعمل على استدامة فقرهم في ظل عدم توفر فرص العمل، وغياب السكن الآمن، وغياب الطعام المغذي، ووجود تفاوت في إتاحة الوصول إلى العدالة.

تزايد أعداد الفقراء والمحرومين من حقهم في الحياة الكريمة باستمرار نتيجة تداعيات الحرب التي تشنها إسرائيل ، وقد بلغت معدلات البطالة في القطاع نحو 90%، وعدد العاطلين عن العمل حوالي 500 ألف شخص، فيما ارتفعت معدلات البطالة والفقر المدقع لتتجاوز 99%. وباتت كافة الاسر في غزه بحاجه للمساعدات العينية والنقدية وكذلك الحال في الضفة الغربية حيث بلغت نسبة البطالة حد غير مسبوق نتيجة انغلاق سوق العمل داخل إسرائيل أمام الفلسطينيين وزادت معها عدد الأسر المح تاجه وباتت هي الأخرى تعيش الفقر المدقع

وقد اختارت الأمم المتحدة موضوع هذا العام لليوم العالمي للفقر المدقع إنهاء سوء المعاملة الاجتماعية والمؤسسية والعمل معًا من أجل إنشاء مجتمعات عادلة ومسالمة وشاملة للجميع

إن الفقر ذو أبعاد متعددة، بعضها مرئي وبعضها خفي، ولكنها مترابطة. والغاية من موضوع هذا العام هي إبراز أحد أبعاد الفقر الخفية، وهو سوء المعاملة الاجتماعية والمؤسسية التي يعاني منها أولئك الذين يعيشون في فقر، كما سيدرس طرق العمل معًا من أجل تحقيق الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة لتعزيز المجتمعات العادلة والمسالمة والشاملة للجميع.

إن سوء المعاملة الاجتماعية ينشئ بيئة لسوء المعاملة المؤسسية، علاوة على سلسلة من المواقف السلبية، مثل عدم الثقة وقلة الاحترام، فضلاً عن السيطرة على السياسات والممارسات التمييزية، وحرمان الأشخاص من حقوقها الإنسانية الأساسية كالوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والإسكان والحق في الهوية القانونية.

إن سوء المعاملة الاجتماعية والمؤسسية يتفاعلان ويعززان بعضهما البعض، مما يؤدي إلى تفاقم هذا العنف ذي الحدين والظلم، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين يواجهون أشكالا أخرى من التحيز، بما في ذلك ميولهم أو هويتهم الجنسية، العرق أو الأصل الإثني.

إن الفهم العميق للفقر ولكيفية تفاعل مختلف أشكال العنف والهيمنة مع بعضها البعض وتأثيرها على أولئك الذين يعيشون في حالة فقر أمر بالغ الأهمية.

ووفق هذا المفهوم فانه في فلسطين لن يتم القضاء على الفقر من خلال تقديم المعونات الإغاثية الإنسانية، وإتاحة فرص عمل أو من خلال ضمان توفير المسكن اللائق والصحة والتعليم، وكل تلك الحقوق مهمة واساسية لضمان استمرار الحياة، لكن الأهم هو الاستقرار السياسي ونعني بذلك زوال الاحتلال الإسرائيلي الذي يقوض الاقتصاد الفلسطيني ويسطو على مقدرات وموارد الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير، ويدمر ويحاصر قطاع غزة والضفة الغربية، مما يتطلب تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة الفلسطينية، فمخاطر الفقر ليست متعلقة فقط بالجوع والحرمانـ، بل تطال الكرامة المتأصلة بالإنسان.

بدون ذلك لن تنجح الجهود المحدودة التي تبذل للحد من نسب الفقر، وسيبقى الحال على ما هو عليه من حلول ترقيعيه، بل ستتسع دائرة الفقر المدقع أكثر ما هي عليه الان، وتأثير ذلك على انهيار منظومة القيم والأخلاق وانتشار العنف والجريمة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى