المحامي علي ابوحبله - إسرائيل تعاني من مأزق استراتيجي وتنزلق لحرب استنزاف

كتب المحامي علي ابوحبله


الحرب التي تشنها إسرائيل على غزه تفتقد لخطة استراتجيه واضحة الأهداف وهي عاجزة عن تحديد مرحلة ما بعد .؟؟؟ ومع دخول الحرب عامها الثاني ، لم تتمكن من تحقيق الأهداف المعلنة للحرب باستعادة الرهائن والقضاء على حركة حماس وردع حزب الله وأنصار الله وجبهات المساندة، وهو ما أفضى بإسرائيل للوقوع في فخ حرب استنزاف قد تكون طويلة الأمد في ظل توسع الجبهات ..

أن الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع والضفة الغربية والقدس تحولت إلى هدف بذاتها وليست وسيلة لتحقيق أهداف سياسية كما هو شأن الحروب في السابق، وهو ما أدركه في مرحلة مبكرة الكاتب الإسرائيلي المختص في شؤون الأمن والاستخبارات يوسي ميلمان؛ الذي يرى أن أحد أسباب تعثّر الجيش الإسرائيلي في تحقيق هدف الحرب، هو أن المستوى السياسي منذ البداية لم يُحدّد أهدافا دقيقة للحرب، إذ إن الأهداف المُعلنة يُنظر إليها منذ اليوم الأول على أنها أهداف غير واقعية، ولذلك فإسرائيل لا تملك أية إستراتيجية أو تصور لإنهائها.

وحسب " إيان لوستيك " ، أعلنت إسرائيل عن قائمة متزايدة الاتساع من أهداف الحرب التي تشمل القضاء على حماس، وإعادة جميع الرهائن، والضمانات بأن غزة لن تهدد إسرائيل مرة أخرى، ومنع السلطة الفلسطينية من أي دور في حكم الأراضي، و"منع أي "عنصر" يربي أطفاله على الإرهاب، ويدعم الإرهاب، ويمول الإرهاب، ويدعو إلى تدمير إسرائيل"، وإنشاء منطقة عازلة واسعة داخل غزة تفصل إسرائيل عن سكان القطاع. ومع ذلك، لم يشرح أي زعيم إسرائيلي كيف يمكن لـ"عملية السيوف الحديدية"، كما أُطلق على حملتهم العسكرية، أن تحقق هذه الأهداف.

في ظل استمرار الحرب دون أفق سياسي تدخل إسرائيل إلى هزيمة تاريخية حسب " صحيفة معاريف " الإسرائيلية التي قالت: يبدو أن إسرائيل تواجه هزيمة تاريخية رغم القتال الضاري الجاري في غزة والأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية العسكرية لحماس، فأهداف الحرب لم تتحقق، ومع ذلك يستمر مجلس الوزراء الحربي وهيئة الأركان العامة في "تضليل الجمهور بإصدار تصريحات مبهمة وأنصاف حقائق" حسب الصحيفة.

إن سياسة الغطرسة والغرور التي بات عليها قادة الكيان الإسرائيلي يدفعهم لاستعمال القوة الغاشمة والإمعان في سياسة القتل والت غول في استباحة الدم الفلسطيني في ظل غياب تصور سياسي إسرائيلي واضح لمستقبل قطاع غزة وللعملية السلمية برمتها ، بالتزامن مع الاستمرار بإطلاق شعارات كبيرة وتبنّي أهداف غير منطقية وغير قابلة للتحقق؛ يعني أن إسرائيل تتجه نحو السقوط في مصيدة خطيرة من الاستنزاف متعدّدة الجبهات،

الغطرسة والتعنت والتعصب والانفصال عن الواقع تقود إسرائيل إلى حرب شاملة ومفتوحة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس ؛ وحرب استنزاف مع حزب الله على الجبهة الشمالية قد تنزلق إلى حافة القتال المفتوح، واستمرار هجمات الحوثيين وتصاعده من اليمن ضد إسرائيل لمحاولة فرض حصار على الملاحة في باب المندب والبحر المتوسط والبحر العربي بشكل كلي أو جزئي، وتزايد احتمال انفجار خطر المواجهة العسكرية المفتوحة في الضفة الغربية واندلاع انتفاضة ثالثة، وتصاعد انخراط قوى المقاومة في العديد من دول الإقليم في المواجهة وتوسيع هجماتها ضد إسرائيل، وقد تتطور المواجهة باتجاه حرب إقليمية واسعة بين إيران وإسرائيل إذا ردت إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير

وثمة إجماع على أن إسرائيل عاجزة عن تحقيق نصر نظامي، بإحداث تغيير جوهري في وضعها الاستراتيجي، من خلال إزالة التهديد الذي تفرضه قوى المقاومة فالنصر النظامي لا يتحقق من خلال الوسائل العسكرية فحسب؛ بل يتطلب إجراءات سياسية ومدنية واقتصادية تؤدي تدريجيا إلى تغيير في المنطق الكامن خلف سلوك قوى وفصائل المقاومة ، والذي يتطلب إضعاف الحاضنة الشعبية ، وهو ما فشلت فيه الألة العسكرية والمؤسسة السياسية الإسرائيلية.

الصراع بين إسرائيل وإيران له طابع جيوسياسي، بينما القضية الفلسطينية هي مسألة احتلال استعماري استيطاني، والمقاومة هي مشروع تحرر وتقرير مصير .

وخلاصة القول أن إسرائيل دخلت في حرب استنزاف ومنيت بهزيمة إستراتيجية، ولن تفلح الخطابات الاستعلائية المنمقة للتفوقية العرقية اليهودية الاستيطانية في محو وتصفية القضية الفلسطينية. فقد باتت قرارات محكمة العدل الدولية واضحة حول الاحتلال والاستيطان، وسوف تنهار السردية الإسرائيلية بربط المقاومة الفلسطينية بالمشاريع الإيرانية، فالصراع بين إسرائيل وإيران ذو طبيعة جيوسياسية، بينما القضية الفلسطينية هي مسألة احتلال استعماري استيطاني، والمقاومة هي حق تحرر وتقرير مصير .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى