علجية عيش - دور كرة القدم الجزائرية في مواجهة الإحتلال الفرنسي

(إعلامي جزائري يكتب مذكراته عن "الكاب" بمنطقة الأوراس و علاقته بالثورة)

لعبت كرة القدم في الجزائر دورا بارزا في دعم الثورة الجزائرية و الدفاع عن الهوية الوطنية و إبطال فكرة الجزائر فرنسية، عندما حوّل لاعبون الكرة إلى سلاح يردون به على الإحتلال الفرنسي ، جعلوا من الملاعب ساحة للمعركة يلتقي فيها العدوّ مع صاحب الحق ، خاصة بعد مجازر 08 ماي 1954 ، انضم فيها لاعبي كرة القدم إلى جيش التحرير الوطني، إلى أن تم تشكيل فريق جبهة التحرير الوطني عندما تواصل لاعب محترف اسمه محمد بومرزاق مع قادة جبهة التحرير الوطني بفرنسا لتشكيل فريق وطني يمثل الجزائر دوليا و الذي عرف بفريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم
465743152_585227447274537_8851251414092571813_n.png
فليست الحرب سلاحا ناريا أو دبابات أو تفجيرات فقط ، بل الحرب تستعمل فيها كل الوسائل التي تحشد بها الجماهير والشعوب، من أجل أن تواجه عدوّها، فقد كان ظهور النوادي الرياضية في الجزائر من أولى النوادي الرياضية على المستوي العربي، و كان لهذه النوادي دور لا يستهان به و هذا بشهادة من عاشوا تلك المرحلة، أول نادي تأسس في الجزائر هو النادي الرياضي القسنطيني CSC الذي تأسس عام 1898 من قبل مجموعة سكان قسنطينة ، يعتبر من قدماء النوادي الرياضية في الجزائر، وقد عرف النادي الرياضي القسنطيني بتسميته الأولى ثجمعية إقبال الرياضيث والتي تأسست في جوان من نفس السنة، حيث تم اختيار ألوان الفريق بالأخضر و الأسود لاعتبارات دينية و توجهات سياسية فالأخضر يرمز للدين الإسلامي، أما الأسود فكان حدادا للحقبة الاستعمارية في الجزائر.
و ثاني نادي تأسس هو نادي مولودية وهران سنة 1917 عندما اتفق عشرة أعضاء بتأسيس نادي تحت اسم نادي المولودية الإسلامية الوهرانية، و يعتبر نادي مولودية وهران من الأندية الأكثر شعبية في الجزائر، ويلقب أنصاره بــ: "الحمراوة " ، ثم نادي مولودية الجزائر و ذلك في أوت 1921 ، ثم نادي شبيبة القبائل J.S.K الذي تأسس سنة 1946 و من خلال تاريخه يعتبر نادي شبيبة القبائل من بين أفضل الفرق الرياضية في إفريقيا، وأكثر فرق كرة القدم الجزائرية تتويجًا بالألقاب الرسمية، وكان هدف هذه النوادي محاربة الاستعمار وذلك بإسماع صوتها للخارج، و يرجع اسم المولودية إلى شخص صاح بأعلى صوته من داخل مقهي و ردّد كلمة "مولودية" عندما كان البحث جاريا لإختيار اسم يطلق على هذه النوادي، و ذلك نسبة للمولد النبوي الشريف الذي كان يحتفل به الشعب الجزائري في ذلك اليوم ، ومن هذا المنطلق بدأت النوادي تظهر للوجود بقوة مثل "النادي الرياضي القسنطيني" و"الاتحاد الرياضي الإسلامي الوهراني" وغيرها من الأندية.

في هذه المناسبة جاء الإحتفال بالذكري الـ: 70 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954 هذه السنة بلون جديد ، حيث امتد إلى كرة القدم و الحديث عن أبرز لاعبيها الذين أعطوا للرياضة جانبا ثوريا و جعلوا منها وسيلة لمواجهة الإحتلال الفرنسي، حين اجتمع رياضيون و إعلاميون للحديث عن "النادي الرياضي قسنطينة"CSC في يوم إعلامي نظمته المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية، و "شباب أوراس باتنة" الذي احتضنته مكتبة الإحسان بباتنة، و الأدوار التي قطعها كل فريق أيام الثورة ، مقدما خيرة لاعبيه فداءً للجزائر، ليأتي الحديث عن فريق شباب أوراس باتنة CAB، و تاريخ نشأته و دوره في الحركة الوطنية، هي شهادات قدمها الإعلامي علي بن بلقاسم من خلال حوارات أجراها مع رؤساء فرق و نوادي رياضية كانت تدعم الثورة الجزائرية و قال أن هذه الحوارات لم تنشر بعد في الصحف الوطنية، لأنها مذكرات يعمل علي طبعها في كتاب قريبا، يؤرخ فيها المراحل التي مر بها " شباب أوراس باتنة" الذي ساهم في تشكيل الحركة الوطنية ، جعله رمزا مهما في منطقة الأوراس، بعد أن قدم 64 عنصرا في الفريق، فداءً للوطن و هم يعدّون من خيرة لاعبيه ، استشهدوا من أجل الإستقلال، و قد تحدث هذا الإعلامي عن تجربته الإعلامية، و ما قدمه للصحافة الجزائرية لمدة تزيد عن أربعين (40) سنة ميدان، فكان من الإعلاميين المخضرمين.

حسب هذا الإعلامي تأسس الكاب عام 1932 ، وبعد ثلاثة ايام من اندلاع الثورة الجزائرية أي في 03 نوفمبر 1954 صدر قرار بتجميد الفريق، و كان هذا القرار وراء صعود عناصر الفريق إلي الجبل في عام 1956 ، كما تحدث عن كمال مصطفاي الذي كان رئيسا لشباب اوراس باتنة ، و هو صيدلي ، أدي الخدمة الوطنية بباتنة و استقر فيها بعد الإستقلال ، مذكرا كذلك بالدور الذي قام به علي النمر و رفاقه في التصعيد الثوري، و هكذا ارتبطت كرة القدم في الجزائر و في كل مناسبة بـ: "فريق جبهة التحرير الوطني" الذي تأسس عام 1958 لرفع معنويات الجزائريين المناهضين للاحتلال الفرنسي ، و هذا بمبادرة من محمد بومزراق و ظل إلى غاية الإستقلال، و لعب 62 مقابلة ما بين سنوات 1958 و 1962،مسجلا انتصارات عديدة ، و لا يزال اسم فريق جبهة التحرير الوطني يذكر على كل الألسنة في الداخل و الخارج نظرا لبطولاته ، هكذا كانت كرة القدم الجزائرية سفيرا لدي شعوب العالم كله أعطت درسا لفرنسا بأن الجزائر دولة لا تُقْهَرُ.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى