المحامي علي ابوحبله - أحداث أمستردام انتهازية إسرائيلية تخفي اعتداءات وعنصرية

كتب المحامي علي ابوحبله


لم تفوت إسرائيل فرصه لاستغلالها إلا وتتحدث عن معاداة السامية وباتت معادة السامية سيفا فوق رقاب من يجرؤ على توجيه النقد لإسرائيل واتهامها بالعنصرية وهذا ما حدث في أمستردام بين إسرائيليين غوغائيين هتفوا الموت للعرب وقيام بعضهم بتمزيق العلم الفلسطيني ليشتبكوا مع مناصرين للفلسطينيين في هولندا ، فقد استغلت على الفور أحداث أمستردام، لتضعها في خانة معاداة السامية والعنصرية تجاهها في أوروبا من قبل العرب والمسلمين.

وذهب العديد من المسئولين الإسرائيليين يتقدمهم رئيس الوزراء نتنياهو ، بأحداث أمستردام إلى ادعاء ممارسة العنصرية ضد اليهود، وذلك ضمن الاستغلال لأي ما هو شبيه بذلك، للضغط على الحكومات الأوروبية واستقطاب دعم ومساندة الرأي العام الأوروبي لتل أبيب.

لم يعد الأهم في أحداث أمستردام التي وقعت ليل الخميس ـ الجمعة معرفة إن كان هناك عنصريون معادون للسامية بين أنصار نادي أياكس أمستردام ممن اشتبكوا مع مناصرين لنادي مكابي تل أبيب الإسرائيلي، فوجود مثل هؤلاء مرجّح في بلد يحكمه يمين متطرف ومعجب بإسرائيل في الوقت نفسه، مثلما أن العنصريين يوجدون في كل مكان من العالم. الأهم ربما تكون الإضاءة على كيف تستغل إسرائيل أحداثاً حتى إن كانت مشاكل رائجة بين مشجعي كرة القدم، لتوظفها في دعايتها عن نفسها وأنها هي ضحيةً معاداة السامية يحق لها ما لا يحق لغيرها قتلاً واستيطاناً وإبادة لشعب واحتلالاً لبلد.

انتهازية إسرائيل يدفعها للتغطية عن ما ترتكبه من جرائم حرب الاباده في غزه ولبنان لتستغل مباراة كرة قدم تدرك كيف تخفي جانباً من الصورة لحصر الاهتمام بالجانب الذي يهم دعايتها، فتتجاهل أن الاشتباكات تخللتها أو سبقتها هتافات عنصرية لمشجعين إسرائيليين (مجموعهم يزيد عن ثلاثة آلاف) ضد المسلمين والعرب، وبتمزيقهم أعلاماً فلسطينية، وتتناسى أن الاشتباكات كانت بين طرفين، وإن كان الطرف الإسرائيلي أقلية بطبيعة الحال لكون المباراة كانت تُلعب على أرض الفريق الخصم في العاصمة الهولندية. هكذا تجنت إسرائيل وفبركت الحدث بمجموعة من الأكاذيب، كتسريب وسائل إعلام عبرية ومسئولين إسرائيليين خرافات من نوع أن هناك مخطوفين وربما قتلى إسرائيليين، وأن ما حصل "مذبحة"، ليتبين في النهاية أنه ليس هناك قتلى ولا مخطوفون، ولا حتى إصابات جدية، بل خمسة جرحى لم يحتاجوا إلى المكوث في المستشفى أكثر من بضع ساعات (من دون القول إن كانوا جميعهم من مشجعي مكابي تل أبيب أو أياكس أمستردام). خمسة أشخاص استدعى جرحهم تحريك إسرائيل طائرات إجلاء من أمستردام، وزيارة مستعجلة من وزير الخارجية جدعون ساعر إلى هناك، واستنفاراً سياسياً إعلامياً كاد أن يتحول عسكرياً، وترويجاً لبروباغاندا تضع إشكالاً بين مشجعين في خانة المؤامرة على اليهود وإسرائيل.

وكل من يتابعون أخبار كرة القدم يعلم ويدرك أن الاشتباكات في الملاعب ليست ظاهرة غريبة، بل منتشرة جداً في كل العالم، ولا تبرير في ذلك لأحداث أمستردام، وهي مؤسفة ككل أحداث عنفيه، ولا إنكار في ذلك لوجود لاسامية وعنصرية، بل مجرد تصويب على جانب من الرواية تغيّبه السردية الإسرائيلية، وتذكير بأن العنصرية ضد اليهود تقابلها كراهية وعنصرية للمسلمين. الفارق أن العنصرية ضد اليهود هناك دولة تمتهن استغلالها وتضخيمها، مدعومة بمنظومة سياسية وإعلامية عالمية، بدليل هذه المواقف الصادرة في عواصم غربية ضخمت اشتباكات أمستردام. في المقابل، هناك إسلاموفوبيا غالباً ما يتم التقليل من حجمها وتصويرها على أنها مجرد ظاهرة هامشية حتى ولو تُرجمت قتلاً جماعياً لعرب ولمسلمين تحديداً لأنهم عرب ومسلمون.


قد لا تجدد تلك المواجهات بهذا الشكل القوي، ربما تحدث بعض المشاكل ولكن الدول الأوروبية تتبنى قوانين في الأساس وتتخذ إجراءات أمنية تمنع وقوع أحداث كهذه، والحقيقة أن من بين هذه الإجراءات التضييق كثيرا على المؤيدين للقضية الفلسطينية سواء من الناحية القانونية أم العملية، فهناك دول تمنع حمل أعلام فلسطين، وتمنع الأشخاص من دخول أماكن وهم يرتدون أزياء أو شارات فلسطينية تشير لانتمائهم ، خاصة إن العديد من الدول الأوروبية تتبنى في الأساس قوانين وإجراءات تتعلق بأنشطة يقوم بها العرب من خلال القوانين والإجراءات ذات الصلة، ونجد أنها بالفعل محاولة لعدم ممارسة أنشطة ليس للعرب فقط ولكن لأي من يريد أن يسلط الضوء من خلال فعاليات على ما يجري من أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة والضفة الغربية ثم لبنان، وتكون إجراءات لتقليل إمكانية نشر الحقائق وبثها لدى الرأي العام الأوروبي، وتكشف ما تقوم به إسرائيل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى