كثيرٌ من الناس يخلطون، من حيث المعنى، بين "النبي" و"الرسول"، علما أن الرسولَ نبيٌّ والنَّبي يبقى نبيّاً، إن لم يكلَّف بتبليغ رسالة سماوية. والقرآن الكريم واضح في هذا الشأن. والأمثلة كثيرة في هذا القرآن. فعندما يتعلَّق الأمرُ بتبليغ رسالة الإسلام، فاللهُ، سبحانه وتعالى، يخاطب محمدا (ص) كرسولٍ وغيرَه من الرُّسل. وعندما يتعلَّق الأمر، فقط، بالنُّبوَّة، فالله، سبحانه وتعالى، يخاطبه كنبي. ولهذا، نجد، في القرآن الكريم، آياتٍ تبدأ ب"يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ" وأخرى تبدأ ب"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ". وكأمثلة لهذين النوعين من آيات القرآن الكريم، أذكرُ، على سبيل المثال :
1."يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (المائدة، 67).
2."بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (التحريم، 1).
ومن الأخطاء التي يرتكبها كثيرٌ من الناس، هو ظنُّهم بأن الرسولَ والنَّبي معصومان من الخطأ. غير أن الحقيقة يُبيِّنها، بوضوحٍ، القرآن الكريم حيث أن الرسول، وحده، هو المعصوم من الخطأ ومن شر الناس، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 67 من سورة المائدة، المشار إليهاأعلاه.
ثم هل يُعقَل أن يكلِّف اللهُ، سبحانه وتعالى، بشرا بتبليغ رسالة سماوية دينية ولا يعصِمه من الخطأ؟ علما أن البشرَ يٌصيبون ويُخطئون. والمنطق يقول بأن تبليغَ الرسالة كاملة ومكمولة، أي بدون زيادةٍ ولا نقصان، عن طريق الوحي à travers la révélation، لا يصحُّ إلا إذا كان المُبلِّغُ معصوما من الخطأ وكذلك معصوما من شر الناس، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (الشورى، 51).
والوحيُ هو الفعل acte الذي، بواسطتِه، اللهُ، سبحانه وتعالى، يبعثُ رسالةً message إلى الشخص (رسول أو نبي) الذي أختاره الله، عزَّ وجلَّ، ليكونَ نبياً أو رسولاً أو هما معا.. السؤال الذي يفرض نفسَه علينا، في هذه الحالة، هو : "هل هناك معايير لا ختيار الأنبياء والرُّسل"؟
الجواب على هذا السؤال لا يحتاج إلى توضيح. الله، سبحانه وتعالى، الذي يقول على نفسِه إنه على كل شيءٍ قدير ويعلم ما يروج في الأرض والسماء، لن يُعجزَه، أي من السهل عليه أن يختارَ من بين البشر مَن هو جديرٌ بالنبوة ومَن هو مؤهَّلٌ لتبليغ رسالاته، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" (الحج، 70).
مايُثِير الانتباهَ، في هذه الآية، هو أن فعل "يَعْلَمُ" مُصاغٌ في المضارع. والمُضارع، كما أشرتُ إلى ذلك في عدَّة مقالات، يدل على فعلٍ يحدث في الحاضر والمستقبل. بمعنى أن اللهَ علمَ ويعلم ما يروج في السماوات والأرض. فمن السهل عليه أن يختارَ، من بين البشر، مَن هو جديرٌ بالنبوة وبتبليغ الرسالة. وقد أكَّد ذلك، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 124 من سورة الأنعام التي نصُّها : "وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ". والتأكيد جاء، في هذه الآية، حين قال، سبحانه وتعالى : "...اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ…".
أما النبي، فإنه، كالرسول، ينزل عليه الوحي. لكنه غير مكلف بتبليغ رسالةٍ سماوية. لكن الوحيُ الذي نزل يُسخِّره لدعوة الناس لعبادة الله طِبقاً، كما سبق الذكرُ، لمناهجَ وشرائعَ أنزلها، سبحانه وتعالى، على رُسُلِه من قبل. وبالتالي، فهو بشرٌ مثل جميع الناس، يُخطئ ويُصيب، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (الأحزاب، 1). أو مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 1 من سورة التَّحريم، المُشار إليها أعلاه.
فإذا كان النبي معصوما من الخطأ، فلماذا خاطبَه الله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 1 من سورة الأحزاب، قائلاً له : "...يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ…"؟
أما في الآية رقم 1 من سورة التَّحريم، فإنه، سبحانه وتعالى، يلوم النبي لأن هذا الأخير، بعد مُضاجعة أَمَتِه وحتى لا يُغضبَ أزواجَه الأخريات، حرَّم على نفسه هذه الأمَة. فأجابه، سبحانه وتعالى قائلا : "...لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ…". لو كان النبيُّ معصوما من الخطأ ما كان، عزَّ وجلَّ، أن يُوجِّهَ له هذا اللوم.
أما الرسول، فينزل عليه الوحيُ، لكنه مُطالبٌ بتبليغه للناس، كما أُنزِلَ إليه. في هذه الحالة، الرسول يلعب دورَ الناطق الرسمي باسم الله، أي أراده اللهُ، سبحانه وتعالى، أن يكونَ صِلةَ وصلٍ بينه وبين الناس.
الفرق بين النبي والرسول في الإسلام هو أن الرسول بعثه الله برسالة وشرع جديد، أما النبي فهو من نزل عليه الوحي من الله ليدعوَ لعبادة الله طِبقاً لأحد المناهج أو الشرائع التي أنزلها الله على رسله من قبل. فالنبي هو الذي يتلقى النَّبأَ من الله، بينما الرسول هو الذي أرسله الله، سبحانه وتعالى، إما لقومٍ من الأقوام، وإما للناس جميعا. وهو ما خصَّ به، سبحانه وتعالى، آخِرَ الأنبياء والرُّسل، محمد (ص). وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولًا.
وحسب ما وردَ في القرآن الكريم، الرُّسُل، غالبا ما يجدون صعوبةً في تبليغ ما نزل عليهم من وحيٍ. وهذا يعني أن الناس المستهدفين بالتبليغ، يُظهرون مقاومةً ومُعارضةً شديدتين للرُّسل، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" (الحجر، 11)، أو مصداقا لقولِه، عزَّ وجلَّ : "وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (النحل، 113).
1."يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (المائدة، 67).
2."بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (التحريم، 1).
ومن الأخطاء التي يرتكبها كثيرٌ من الناس، هو ظنُّهم بأن الرسولَ والنَّبي معصومان من الخطأ. غير أن الحقيقة يُبيِّنها، بوضوحٍ، القرآن الكريم حيث أن الرسول، وحده، هو المعصوم من الخطأ ومن شر الناس، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 67 من سورة المائدة، المشار إليهاأعلاه.
ثم هل يُعقَل أن يكلِّف اللهُ، سبحانه وتعالى، بشرا بتبليغ رسالة سماوية دينية ولا يعصِمه من الخطأ؟ علما أن البشرَ يٌصيبون ويُخطئون. والمنطق يقول بأن تبليغَ الرسالة كاملة ومكمولة، أي بدون زيادةٍ ولا نقصان، عن طريق الوحي à travers la révélation، لا يصحُّ إلا إذا كان المُبلِّغُ معصوما من الخطأ وكذلك معصوما من شر الناس، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (الشورى، 51).
والوحيُ هو الفعل acte الذي، بواسطتِه، اللهُ، سبحانه وتعالى، يبعثُ رسالةً message إلى الشخص (رسول أو نبي) الذي أختاره الله، عزَّ وجلَّ، ليكونَ نبياً أو رسولاً أو هما معا.. السؤال الذي يفرض نفسَه علينا، في هذه الحالة، هو : "هل هناك معايير لا ختيار الأنبياء والرُّسل"؟
الجواب على هذا السؤال لا يحتاج إلى توضيح. الله، سبحانه وتعالى، الذي يقول على نفسِه إنه على كل شيءٍ قدير ويعلم ما يروج في الأرض والسماء، لن يُعجزَه، أي من السهل عليه أن يختارَ من بين البشر مَن هو جديرٌ بالنبوة ومَن هو مؤهَّلٌ لتبليغ رسالاته، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" (الحج، 70).
مايُثِير الانتباهَ، في هذه الآية، هو أن فعل "يَعْلَمُ" مُصاغٌ في المضارع. والمُضارع، كما أشرتُ إلى ذلك في عدَّة مقالات، يدل على فعلٍ يحدث في الحاضر والمستقبل. بمعنى أن اللهَ علمَ ويعلم ما يروج في السماوات والأرض. فمن السهل عليه أن يختارَ، من بين البشر، مَن هو جديرٌ بالنبوة وبتبليغ الرسالة. وقد أكَّد ذلك، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 124 من سورة الأنعام التي نصُّها : "وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ". والتأكيد جاء، في هذه الآية، حين قال، سبحانه وتعالى : "...اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ…".
أما النبي، فإنه، كالرسول، ينزل عليه الوحي. لكنه غير مكلف بتبليغ رسالةٍ سماوية. لكن الوحيُ الذي نزل يُسخِّره لدعوة الناس لعبادة الله طِبقاً، كما سبق الذكرُ، لمناهجَ وشرائعَ أنزلها، سبحانه وتعالى، على رُسُلِه من قبل. وبالتالي، فهو بشرٌ مثل جميع الناس، يُخطئ ويُصيب، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (الأحزاب، 1). أو مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 1 من سورة التَّحريم، المُشار إليها أعلاه.
فإذا كان النبي معصوما من الخطأ، فلماذا خاطبَه الله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 1 من سورة الأحزاب، قائلاً له : "...يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ…"؟
أما في الآية رقم 1 من سورة التَّحريم، فإنه، سبحانه وتعالى، يلوم النبي لأن هذا الأخير، بعد مُضاجعة أَمَتِه وحتى لا يُغضبَ أزواجَه الأخريات، حرَّم على نفسه هذه الأمَة. فأجابه، سبحانه وتعالى قائلا : "...لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ…". لو كان النبيُّ معصوما من الخطأ ما كان، عزَّ وجلَّ، أن يُوجِّهَ له هذا اللوم.
أما الرسول، فينزل عليه الوحيُ، لكنه مُطالبٌ بتبليغه للناس، كما أُنزِلَ إليه. في هذه الحالة، الرسول يلعب دورَ الناطق الرسمي باسم الله، أي أراده اللهُ، سبحانه وتعالى، أن يكونَ صِلةَ وصلٍ بينه وبين الناس.
الفرق بين النبي والرسول في الإسلام هو أن الرسول بعثه الله برسالة وشرع جديد، أما النبي فهو من نزل عليه الوحي من الله ليدعوَ لعبادة الله طِبقاً لأحد المناهج أو الشرائع التي أنزلها الله على رسله من قبل. فالنبي هو الذي يتلقى النَّبأَ من الله، بينما الرسول هو الذي أرسله الله، سبحانه وتعالى، إما لقومٍ من الأقوام، وإما للناس جميعا. وهو ما خصَّ به، سبحانه وتعالى، آخِرَ الأنبياء والرُّسل، محمد (ص). وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولًا.
وحسب ما وردَ في القرآن الكريم، الرُّسُل، غالبا ما يجدون صعوبةً في تبليغ ما نزل عليهم من وحيٍ. وهذا يعني أن الناس المستهدفين بالتبليغ، يُظهرون مقاومةً ومُعارضةً شديدتين للرُّسل، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" (الحجر، 11)، أو مصداقا لقولِه، عزَّ وجلَّ : "وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (النحل، 113).