على فترة من غياب
وعن غير مَوْعِدَة يتسلل في ظلمة القبر ،
وهو يقدم في حذر قدما ويؤخر أخرى
تقود خطاه ، وقد وهن العظم منه عصا يتوكأ حينا عليها
وحينا يهش بها عن قصيدته ما يلاحقها من كلاب
ويخفي وراء الذي يتهرَّأ عن جلده من ثياب
شريطا من الذكريات التي أكل النمل ما شاء من لحمها
وأهال على ما تَبقَّى التراب
ليهمس في أُذُنَيَّ وقد مَدَّ كلتا يديه به ،
وصدى همسه يتردد في ظلمة المقبرة
إليك كتابك ، فيه الذي قد رأيت و فيه الذي ما لم تره
وفيه مشاهد عن موت موتاك لم تتهيَّأ لها ،
ومسوَّدة لقصيدة اخترتَ ألا تُتِمَّ كتابتها
احفظه عن ظهر قلب كما هو مَتْناً وحاشية ،
قبل أن يتنزل شيطان شعرك بين اللحود
فيحفر تحت القصيدة أنفاقه في عظام الجدود
ثم هيئ لنهنهة الشعر متكَّأً بين ما نسج العنكبوت على بابها
لا تُجاهر بأوجاعها أو تُخافت بها ،
فالدموع التي علقت بين أهدابها
آذنت بالبكاء
وما عاد متسع للبقاء
ولا فسحة للفرار
فكل القبور مُكَدَّسة عُدَّة وعتادا وموتى
ولما نجد لك عزما لتَنْقُب لو فُرْجة في الحصار
وما في القصيدة موطئ قبر لتدفن ثانية ،
ورفاتك من لا هناك إلى لا هنا تتسوَّل قبرا لتستر عريك
و قبرك ما زال مُختبئا خلف خلفك في مهربه
وظلك آنس من جانب القبر موتا فحط الرحال إلى جانبه
ولا شيء يوحي بشيء ، فلا من يهوذا جديد يشي به
ولا من مسيح قريب .. ليحمل عنه الصليب
وآخر غربانه فوق آخر صلبانه يأكل الآن من رأسه
وآخر صبَّارة نبتت في ضلوع القصيدة تعصر في كأسه
فتَوَخَّ الحذر
وشبك يديك إلى ركبتيك وألق برأسك بينهما لاتقاء الخطر
وسجِّل حضورك إن شئت أو لم تشأ في سجلِّ غيابك
وأغلق وراء غيابك مزلاج بابك
فكل الدروب التي تَتَنَكَّبها غير آمنة ،
والبدايات غير مُهيأة ، والنهايات في غير موضعها ،
وسماؤك غارقة في الغيوم
وشمسك معتمة ، ونهارك يذوي ، وليلك أطفأ كل النجوم
فلا تخرج الآن .. مُعِدَّاتُهم سوف تُخْلِي المكان
وقد سجَّلوا اسمك فيمن هَلَك
فسبحان من أمهلك ..
إلى أن ترى مقتلك
فتغمض عينا وتفتح أخرى لتنظر بين صليبك والقبر وسط الحطام
قيامة هذي العظام
فتنزل عن ظهره لتُسَمِّيَ ما لم يُسَمَّ هنا فاعله
وتَذْكُرَ أو تتذكرَ من قاتله
فأنت على غير ما تتوقع أبعد من أن تموت بلا فعل فاعل
وها هم على الباب .. يقتحمون عليك الغياب
جنود ودود وجَرَّافة ومَعَاول
وألف مُقاول
تزمجر في لا أحد
حَذَارِ ، المكان هدد
وكل القبور بدد
فدَعْ عنك شَقِّ الجيوب ولطم الخدود
ولملم رفاتك وامض إلى حيث لم تأت ، كل عيون رصد
ولكنني وأنا المُتَمَرِّس في الموت ما بين دود ودود
تسلَّلت لا ظهر لي عاريا ، كفني قد تمزَّق عن جثتي أو سُرِق
أُقَدِّم ما بين شوك الطريق ولحم الخطى قدما وأؤخر أخرى
على حطب يحترق
وحين بلغت من الموت مبلغه جَبُنوا وجَبُنْتُ
فمَزَّقْتُني ثم أحْرَقْتُني ثم خَبَّأتُني في جيوب الغياب
وألقيت بي وبظلي الذي كنت أكرهه وهو يكرهني لنباح الكلاب
فيصرخ فيَّ وقد صدمته مجنزرة وهو يهربُ ،
أنت تلاحقني وتعكر صفو مماتي ،
غريبان نحن ، التقينا مصادفة في حياتي ،
ولا تعرف اسمي ولا أعرف اسمك
وجلدي رقيق وعودي نحيل وعودك أقوى وجلدك أسمك
فلا تصطفيني خليلا ، ولا تتخذني دليلا
وأنْصِتْ إلى قبرك المستباح
يُرَدِدُّ ما بين شق الجيوب ولطم الخدود أغاني الصباح
وينكأ من خلف خلفك في جثتينا الجراح
ليأتيَ رجع صداه على ظهر جَرَّافةٍ بقرت بطن صفصافة في الجوار
تدور على جذعها ساعة ثم تسقط تحت الجدار
وتسقط مئذنة لم تتم الأذان ، ونصف جدار ،
ودمعة قبر وألف نهار
فأُنْصِتُ يا ظل ،
هل كنت تتبعني لترى ما جَنَتْه يدي وأحاول أن أنكره
وما حدثتني به النفس يوما وأخجل أن أذكره
هنا أيها الظل ما لم تره
هنا كل ما خَلَّفَته معداتهم من رماد اللحود
وما يتساقط من بين أنيابهم من عظام الجدود
هنا الدود .. ينهش لحم القصيدة من أخْمُص القدمين إلى رأسها ،
وهي تدفع عن نفسها
فمن يا سَوِيَّ الخُطَى في اعوجاج المسار ، لهذا الدمار
يقلبه حجرا حجراعن بقايا الأذان الذي يتحشرج في حلق مئذنتي
وهي عالقة في صدوع الضريح
ومن قد يُهَدِّئ من رَوْع قبري الجريح
فقد يتذكر عنوانه وعناوين جيرانه في القبور
ومن كنت أحفظ أسمائهم ميتا ميتا
وأحمل في كل عيد لأرواحهم ما تيسر لي من دعاء وفاكهة وزهور
ومن أيها القاعدون على تَلِّها تحرسون الخراب
يعيد بناء الغياب
ومن يا غراب .. سيبحث تحت جدار السراب
يواري على العجز سوءاتنا ويقيم شواهد فوق المشاهد
باسمي ورسمي وعنوان قبري
ويحفر في الصمت غير مكترث للصخور
التي تتساقط يا شعر فوق رؤوس السطور
وتترك عاهتها المستديمة في الوزن والقافية
فكيف أُرَمِّمُها بالحروف التي لم تعد كافية
وكيف أُرَقِّع أسمالها البالية
وكيف أمُنِّي رفاتي بما تشتهيه
هنا في المكان الذي لا مكان لها فيه
ويَخْفُت صوتي ويعلو النباح .. يخالط كل أغاني الصباح
ويُنْصَب فينا المزاد .. بطول وعرض البلاد
نبيع عظام مقابرنا الناخرة
لنرفع أبراجها الفاخرة
ونبنيَ فوق خرائبها المدن العامرة ،
ليدخل إخوة يوسف إن شاء يوسف أو لم تشأ آمنين
فيا أهلها لا مقام لكم فارجعوا
فما في القصيدة موطئ قبر لكم
كان وقع الخطى متعبا
فنحَّيْت عني الخطى جانبا
وألقيت عني صليبي ، وسرت أنا والغياب
نَسُوق من الذكريات التي أكل النمل ما شاء من لحمها وأهال التراب
لنستر عري النهار وجوع الصغار وعجز الكبار
فلم يبق لي في القصيدة إلا بقية صبر وزفرة صدر وأنقاض قبر ،
هنا كان يسكن فيّ وأسكن فيه
وها هيَ بترودراهمهم تشتريه
ففروا فرادى ومجتمعين إلى خارج الذاكرة ،
فنحن هنا حُمُرٌ يا بقاياي مستنفرة
وبترودراهمهم قٌسْوَرَة
وهذا الطريق الذي نتنكبه لا يؤدي إلى لا هنا
هنا اللا هنا
هنا اللا هناك ، هنا الآخرة
هنا كل ما لم تره
وعن غير مَوْعِدَة يتسلل في ظلمة القبر ،
وهو يقدم في حذر قدما ويؤخر أخرى
تقود خطاه ، وقد وهن العظم منه عصا يتوكأ حينا عليها
وحينا يهش بها عن قصيدته ما يلاحقها من كلاب
ويخفي وراء الذي يتهرَّأ عن جلده من ثياب
شريطا من الذكريات التي أكل النمل ما شاء من لحمها
وأهال على ما تَبقَّى التراب
ليهمس في أُذُنَيَّ وقد مَدَّ كلتا يديه به ،
وصدى همسه يتردد في ظلمة المقبرة
إليك كتابك ، فيه الذي قد رأيت و فيه الذي ما لم تره
وفيه مشاهد عن موت موتاك لم تتهيَّأ لها ،
ومسوَّدة لقصيدة اخترتَ ألا تُتِمَّ كتابتها
احفظه عن ظهر قلب كما هو مَتْناً وحاشية ،
قبل أن يتنزل شيطان شعرك بين اللحود
فيحفر تحت القصيدة أنفاقه في عظام الجدود
ثم هيئ لنهنهة الشعر متكَّأً بين ما نسج العنكبوت على بابها
لا تُجاهر بأوجاعها أو تُخافت بها ،
فالدموع التي علقت بين أهدابها
آذنت بالبكاء
وما عاد متسع للبقاء
ولا فسحة للفرار
فكل القبور مُكَدَّسة عُدَّة وعتادا وموتى
ولما نجد لك عزما لتَنْقُب لو فُرْجة في الحصار
وما في القصيدة موطئ قبر لتدفن ثانية ،
ورفاتك من لا هناك إلى لا هنا تتسوَّل قبرا لتستر عريك
و قبرك ما زال مُختبئا خلف خلفك في مهربه
وظلك آنس من جانب القبر موتا فحط الرحال إلى جانبه
ولا شيء يوحي بشيء ، فلا من يهوذا جديد يشي به
ولا من مسيح قريب .. ليحمل عنه الصليب
وآخر غربانه فوق آخر صلبانه يأكل الآن من رأسه
وآخر صبَّارة نبتت في ضلوع القصيدة تعصر في كأسه
فتَوَخَّ الحذر
وشبك يديك إلى ركبتيك وألق برأسك بينهما لاتقاء الخطر
وسجِّل حضورك إن شئت أو لم تشأ في سجلِّ غيابك
وأغلق وراء غيابك مزلاج بابك
فكل الدروب التي تَتَنَكَّبها غير آمنة ،
والبدايات غير مُهيأة ، والنهايات في غير موضعها ،
وسماؤك غارقة في الغيوم
وشمسك معتمة ، ونهارك يذوي ، وليلك أطفأ كل النجوم
فلا تخرج الآن .. مُعِدَّاتُهم سوف تُخْلِي المكان
وقد سجَّلوا اسمك فيمن هَلَك
فسبحان من أمهلك ..
إلى أن ترى مقتلك
فتغمض عينا وتفتح أخرى لتنظر بين صليبك والقبر وسط الحطام
قيامة هذي العظام
فتنزل عن ظهره لتُسَمِّيَ ما لم يُسَمَّ هنا فاعله
وتَذْكُرَ أو تتذكرَ من قاتله
فأنت على غير ما تتوقع أبعد من أن تموت بلا فعل فاعل
وها هم على الباب .. يقتحمون عليك الغياب
جنود ودود وجَرَّافة ومَعَاول
وألف مُقاول
تزمجر في لا أحد
حَذَارِ ، المكان هدد
وكل القبور بدد
فدَعْ عنك شَقِّ الجيوب ولطم الخدود
ولملم رفاتك وامض إلى حيث لم تأت ، كل عيون رصد
ولكنني وأنا المُتَمَرِّس في الموت ما بين دود ودود
تسلَّلت لا ظهر لي عاريا ، كفني قد تمزَّق عن جثتي أو سُرِق
أُقَدِّم ما بين شوك الطريق ولحم الخطى قدما وأؤخر أخرى
على حطب يحترق
وحين بلغت من الموت مبلغه جَبُنوا وجَبُنْتُ
فمَزَّقْتُني ثم أحْرَقْتُني ثم خَبَّأتُني في جيوب الغياب
وألقيت بي وبظلي الذي كنت أكرهه وهو يكرهني لنباح الكلاب
فيصرخ فيَّ وقد صدمته مجنزرة وهو يهربُ ،
أنت تلاحقني وتعكر صفو مماتي ،
غريبان نحن ، التقينا مصادفة في حياتي ،
ولا تعرف اسمي ولا أعرف اسمك
وجلدي رقيق وعودي نحيل وعودك أقوى وجلدك أسمك
فلا تصطفيني خليلا ، ولا تتخذني دليلا
وأنْصِتْ إلى قبرك المستباح
يُرَدِدُّ ما بين شق الجيوب ولطم الخدود أغاني الصباح
وينكأ من خلف خلفك في جثتينا الجراح
ليأتيَ رجع صداه على ظهر جَرَّافةٍ بقرت بطن صفصافة في الجوار
تدور على جذعها ساعة ثم تسقط تحت الجدار
وتسقط مئذنة لم تتم الأذان ، ونصف جدار ،
ودمعة قبر وألف نهار
فأُنْصِتُ يا ظل ،
هل كنت تتبعني لترى ما جَنَتْه يدي وأحاول أن أنكره
وما حدثتني به النفس يوما وأخجل أن أذكره
هنا أيها الظل ما لم تره
هنا كل ما خَلَّفَته معداتهم من رماد اللحود
وما يتساقط من بين أنيابهم من عظام الجدود
هنا الدود .. ينهش لحم القصيدة من أخْمُص القدمين إلى رأسها ،
وهي تدفع عن نفسها
فمن يا سَوِيَّ الخُطَى في اعوجاج المسار ، لهذا الدمار
يقلبه حجرا حجراعن بقايا الأذان الذي يتحشرج في حلق مئذنتي
وهي عالقة في صدوع الضريح
ومن قد يُهَدِّئ من رَوْع قبري الجريح
فقد يتذكر عنوانه وعناوين جيرانه في القبور
ومن كنت أحفظ أسمائهم ميتا ميتا
وأحمل في كل عيد لأرواحهم ما تيسر لي من دعاء وفاكهة وزهور
ومن أيها القاعدون على تَلِّها تحرسون الخراب
يعيد بناء الغياب
ومن يا غراب .. سيبحث تحت جدار السراب
يواري على العجز سوءاتنا ويقيم شواهد فوق المشاهد
باسمي ورسمي وعنوان قبري
ويحفر في الصمت غير مكترث للصخور
التي تتساقط يا شعر فوق رؤوس السطور
وتترك عاهتها المستديمة في الوزن والقافية
فكيف أُرَمِّمُها بالحروف التي لم تعد كافية
وكيف أُرَقِّع أسمالها البالية
وكيف أمُنِّي رفاتي بما تشتهيه
هنا في المكان الذي لا مكان لها فيه
ويَخْفُت صوتي ويعلو النباح .. يخالط كل أغاني الصباح
ويُنْصَب فينا المزاد .. بطول وعرض البلاد
نبيع عظام مقابرنا الناخرة
لنرفع أبراجها الفاخرة
ونبنيَ فوق خرائبها المدن العامرة ،
ليدخل إخوة يوسف إن شاء يوسف أو لم تشأ آمنين
فيا أهلها لا مقام لكم فارجعوا
فما في القصيدة موطئ قبر لكم
كان وقع الخطى متعبا
فنحَّيْت عني الخطى جانبا
وألقيت عني صليبي ، وسرت أنا والغياب
نَسُوق من الذكريات التي أكل النمل ما شاء من لحمها وأهال التراب
لنستر عري النهار وجوع الصغار وعجز الكبار
فلم يبق لي في القصيدة إلا بقية صبر وزفرة صدر وأنقاض قبر ،
هنا كان يسكن فيّ وأسكن فيه
وها هيَ بترودراهمهم تشتريه
ففروا فرادى ومجتمعين إلى خارج الذاكرة ،
فنحن هنا حُمُرٌ يا بقاياي مستنفرة
وبترودراهمهم قٌسْوَرَة
وهذا الطريق الذي نتنكبه لا يؤدي إلى لا هنا
هنا اللا هنا
هنا اللا هناك ، هنا الآخرة
هنا كل ما لم تره