أول ما أبدأ به هذه المقالة، هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، أشار إلى ال"عذاب" في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم. لكن ما يُثيرُ الانتباهَ، هو أن كلمة "عذاب" جاءت في أكثر من 80 آية بصيغة اسمٍ مُعرَّف، أي اسمٌ تمَّ تمييزُه عن الإسم النَّكِرة بإضافة الالف واللام. والإسمُ المُعرَّف بالألف واللام يدل على شيءٍ مُعيَّن، أي معروف أو معلوم أو محدَّد. فما دلالةُ أن ترِدَ كلمة "عذاب" بصيغة اسمٍ معرَّفٍ بإضافة له الألف واللام؟
الدلالة التي يُشير لها اللهُ، سبحانه وتعالى، في أكثر من ثمانين آية كريمة، هي أن العذابَ المُشار إليه في هذه الآيات، عذابٌ معيَّن، أي معروف أو معلوم أو محدَّد. والعذاب المعيَّن والمعروف والمعلوم والمحدَّد، المشار إليه في القرآن الكريم، هو عذاب جهنَّم. وهذا يعني أن هناك عذابا واحِدا لا ثاني له. إنه عذاب جهنم.
وحتى عندما وردت كلمة "عذاب" في صيغة اسمٍ نَكِرَةٍ في آيات كريمة أخرى، فغالبا ما يتبعُها نعتٌ، أي وصفٌ يُبيِّن نوعيةَ العذاب أو شدَّتَه. فيصِف، سبحانه وتعالى العذابَ ب"أليم، عظيم، مهين، شديد، غليظ". وهذه النعوت تفيد بأن العذابَ سيكون قاسياً وموجِعاً للنفس البشرية.
بينما حين يقول، سبحانه وتعالى : "عذاب مقيم"، فنَعتُ العذاب ب"المُقيم" يُفيد بأن هذا العذاب دائم. ونحن نعرف أن الله، سبحانه وتعالى، بعد الحساب، كما هو مُشارٌ إليه في القرآن الكريم، يُرسل الناسَ، حسب نوعية أعمالهم، إما إلى الجنة وإما إلى جهنَّم. والإقامة في الجنة أو في النار، خالِدة. إذن، حين يقول، سبحانه وتعالى، "عذاب مقيم"، المقصود هو عذاب جهنَّم الدائم.
أما عندما يقول، سبحانه وتعالى : "عذاب النار أو عذاب الحريق، فالنار أو الحريق يشيران لجهنَّمَ. أما عندما يقول، سبحانه وتعالى : "عذاب يوم عظيم أو عذاب يوم كبير"، فاليومُ العظيم أو الكبير يُشيران ليوم الحساب، علما أن أبوابَ الجنة أو أبوابَ جهنَّم لا تُفتَح إلا بعد الحساب، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ" (الزمر، 71). أو مصداقا لقولِه، عزًّ وجلَّ : "وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ" (الزمر، 73).
السؤال الذي يفرض نفسَه علينا هو : "لماذا لم يذكر الله، سبحانه وتعالى، عذاب القبر في الآيات التي وردت فيها كلمةُ "عذاب"؟
لعدم ذكرِ "عذاب القبر" في الآيات التي وردت فيها كلمةُ "عذاب"، حسب تقديري الشخصي، سببان، اعتبرهما منطقيين. السبب الأول يكمن في عدم وجود عذاب القبر، وبالتالي، لم يذكره، عزَّ وجلَّ، في القرآن الكريم. أما السبب الثاني هو أن الله، سبحانه وتعالى، يقول في كتابِه الكريم : "وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ ٥أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (النحل، 89). أو حين يقول، سبحانه وتعالى : "كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (فصلت، 3). أو حين يقول، سبحانه وتعالى : "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ" (هود، 1).
في هذه الآيات الثلاثة السابقة الذكر، عبارة "تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ" تعني توضيح لكل شيء وعبارة "فُصِّلَتْ آيَاتُهُ" تعني دخلت في تفاصيل الأمور ودقائقها. أما عبارة "أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ" فتعني أن آيات القرآن الكريم، في مختلف سُوَرِه، ليس فيها تناقض أو تعارض أو تباينٌ. وحين يقول، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 1 من سورة هود : "مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ"، "حَكِيمٍ" تعني، كما سبق الذكرُ، أن آيات القرآن ليس فيها تناقض، "خَبِيرٍ" تعني على اطلاعٍ بكل الأشياء وحاشاه أن ينسى. وهذا يعني أن الله، سبحانه وتعالى، أشار أو تطرَّق، في القرآن الكريم لكل ما له علاقة بالحياة البشرية، الدنيوية والأُخروية.
وبما أن آيات القرآن الكريم تم تفصيلُها للناس"مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ"، فحتى الآيات التي وردت فيها كلمة "قبر"، لم يُشِرْ فيها، سبحانه وتعالى، ل"عذاب القبر". وبما أن القرآن الكريم مُفصَّلٌ فيه كل شيءٍ يخصُّ حياةَ الناس الدنيوية والأخروية، فما لم يُذكَر فيه، غير موجود. وكل مَن يقول إن "عذابَ القبر" حق، فإنه مُفتري ويكذب على الله وعلى الناس.
الدلالة التي يُشير لها اللهُ، سبحانه وتعالى، في أكثر من ثمانين آية كريمة، هي أن العذابَ المُشار إليه في هذه الآيات، عذابٌ معيَّن، أي معروف أو معلوم أو محدَّد. والعذاب المعيَّن والمعروف والمعلوم والمحدَّد، المشار إليه في القرآن الكريم، هو عذاب جهنَّم. وهذا يعني أن هناك عذابا واحِدا لا ثاني له. إنه عذاب جهنم.
وحتى عندما وردت كلمة "عذاب" في صيغة اسمٍ نَكِرَةٍ في آيات كريمة أخرى، فغالبا ما يتبعُها نعتٌ، أي وصفٌ يُبيِّن نوعيةَ العذاب أو شدَّتَه. فيصِف، سبحانه وتعالى العذابَ ب"أليم، عظيم، مهين، شديد، غليظ". وهذه النعوت تفيد بأن العذابَ سيكون قاسياً وموجِعاً للنفس البشرية.
بينما حين يقول، سبحانه وتعالى : "عذاب مقيم"، فنَعتُ العذاب ب"المُقيم" يُفيد بأن هذا العذاب دائم. ونحن نعرف أن الله، سبحانه وتعالى، بعد الحساب، كما هو مُشارٌ إليه في القرآن الكريم، يُرسل الناسَ، حسب نوعية أعمالهم، إما إلى الجنة وإما إلى جهنَّم. والإقامة في الجنة أو في النار، خالِدة. إذن، حين يقول، سبحانه وتعالى، "عذاب مقيم"، المقصود هو عذاب جهنَّم الدائم.
أما عندما يقول، سبحانه وتعالى : "عذاب النار أو عذاب الحريق، فالنار أو الحريق يشيران لجهنَّمَ. أما عندما يقول، سبحانه وتعالى : "عذاب يوم عظيم أو عذاب يوم كبير"، فاليومُ العظيم أو الكبير يُشيران ليوم الحساب، علما أن أبوابَ الجنة أو أبوابَ جهنَّم لا تُفتَح إلا بعد الحساب، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ" (الزمر، 71). أو مصداقا لقولِه، عزًّ وجلَّ : "وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ" (الزمر، 73).
السؤال الذي يفرض نفسَه علينا هو : "لماذا لم يذكر الله، سبحانه وتعالى، عذاب القبر في الآيات التي وردت فيها كلمةُ "عذاب"؟
لعدم ذكرِ "عذاب القبر" في الآيات التي وردت فيها كلمةُ "عذاب"، حسب تقديري الشخصي، سببان، اعتبرهما منطقيين. السبب الأول يكمن في عدم وجود عذاب القبر، وبالتالي، لم يذكره، عزَّ وجلَّ، في القرآن الكريم. أما السبب الثاني هو أن الله، سبحانه وتعالى، يقول في كتابِه الكريم : "وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ ٥أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (النحل، 89). أو حين يقول، سبحانه وتعالى : "كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (فصلت، 3). أو حين يقول، سبحانه وتعالى : "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ" (هود، 1).
في هذه الآيات الثلاثة السابقة الذكر، عبارة "تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ" تعني توضيح لكل شيء وعبارة "فُصِّلَتْ آيَاتُهُ" تعني دخلت في تفاصيل الأمور ودقائقها. أما عبارة "أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ" فتعني أن آيات القرآن الكريم، في مختلف سُوَرِه، ليس فيها تناقض أو تعارض أو تباينٌ. وحين يقول، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 1 من سورة هود : "مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ"، "حَكِيمٍ" تعني، كما سبق الذكرُ، أن آيات القرآن ليس فيها تناقض، "خَبِيرٍ" تعني على اطلاعٍ بكل الأشياء وحاشاه أن ينسى. وهذا يعني أن الله، سبحانه وتعالى، أشار أو تطرَّق، في القرآن الكريم لكل ما له علاقة بالحياة البشرية، الدنيوية والأُخروية.
وبما أن آيات القرآن الكريم تم تفصيلُها للناس"مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ"، فحتى الآيات التي وردت فيها كلمة "قبر"، لم يُشِرْ فيها، سبحانه وتعالى، ل"عذاب القبر". وبما أن القرآن الكريم مُفصَّلٌ فيه كل شيءٍ يخصُّ حياةَ الناس الدنيوية والأخروية، فما لم يُذكَر فيه، غير موجود. وكل مَن يقول إن "عذابَ القبر" حق، فإنه مُفتري ويكذب على الله وعلى الناس.