استوقف نظري فيما قرأت منذ قريبٍ، قولان مختلفان، لكنهما يلتقيان عند نقطة واحدة، فيها من الخصوبة،والثراء ما يوحي للفكر المتأمل بمعانٍ، كثيرة، غزيرة، من بينها معنىً قد يكون هو الفصل الحاسم عند تحديدنا للمثقف الثورى؛من ذا يكون؟ فمتى يكون المثقف مثقفاً وكفى، ومتى يكون مثقفاً، وثورياً معاً ؟ أما أحدُ القولين فقد صادفتُه خلال ّقراءتي لديوان ابن عربی: "ترجمان الأشواق" ، الذي تولّى فيه ابن عربى بنفسه شرْحّ شعره، لِيُبيِّنَ مَرامِيَهُ فى الرموز التي لجأ إلى استخدامها في ذلك الشعر ، وقد أورد في غضون هذا الشرح حديثاً للنبي عليه السلام يقول فيه:
{وما ابتلى أحدٌ من الأنبياء بِمِثْلِ ما ابْتُليتُ}، مُشيرًا بذلك - فيما يقول ابن عربي- إلى رجوعه من حالة الرؤية - رؤية الحق - إلى دنيا الناس ليُخاطِبَ فهْمَ مَنْ ضلّ لِهدْيِه سواءَ السّبيلِ؛ أي أن رؤية الحق لم تكن عنده هي كل الطريق ، وإنما يكملها أن يغير الحياة على هذه الأرض بما يجعلها تعْلو إلى الكمال الذي رأى
وأمّا القولُ الثاني فقد وجدتُه عند مُحَمّد إقبال، حينما عاودْتُ قِراءةَ كِتابِهِ "تجديد التفكير الديني في الإسلام"، إذ وجدتُهُ يسْتهِلُّ الفصل الخامس من هذا الكتاب بهذه العبارة : (صعد محمد النبي العربي إلى السماوات العلى، ثم رجع إلى الأرض، قسماً بربى لو بلغتُ هذا المقام لما عدتُ أبدًا، وهي عبارة قالها - فيما يحكى محمد إقبال.
(في حياتنا العقلية. ص142)د. زكي نجيب محمود
{وما ابتلى أحدٌ من الأنبياء بِمِثْلِ ما ابْتُليتُ}، مُشيرًا بذلك - فيما يقول ابن عربي- إلى رجوعه من حالة الرؤية - رؤية الحق - إلى دنيا الناس ليُخاطِبَ فهْمَ مَنْ ضلّ لِهدْيِه سواءَ السّبيلِ؛ أي أن رؤية الحق لم تكن عنده هي كل الطريق ، وإنما يكملها أن يغير الحياة على هذه الأرض بما يجعلها تعْلو إلى الكمال الذي رأى
وأمّا القولُ الثاني فقد وجدتُه عند مُحَمّد إقبال، حينما عاودْتُ قِراءةَ كِتابِهِ "تجديد التفكير الديني في الإسلام"، إذ وجدتُهُ يسْتهِلُّ الفصل الخامس من هذا الكتاب بهذه العبارة : (صعد محمد النبي العربي إلى السماوات العلى، ثم رجع إلى الأرض، قسماً بربى لو بلغتُ هذا المقام لما عدتُ أبدًا، وهي عبارة قالها - فيما يحكى محمد إقبال.
(في حياتنا العقلية. ص142)د. زكي نجيب محمود