ذكرنا في ختام المقالة الأولى أن حظ العرب من تاريخ الأدب قد ضؤل لأنه فرع من التاريخ العام؛ وفن التاريخ العام بمعناه الصحيح لم يكن في طوقهم لعجزهم عن وسائله وجهلهم بعلومه. ثم أضفنا في المقالة الثانية في بسط العوامل المؤثرة في الأدب لنوضح العلاقة الوثيقة بين التاريخ السياسي والتاريخ الأدبي.
وفي هذه المقالة نذكر نقصا آخر في الوسائل الضرورية لمؤرخ الأدب وهو ضعف أدبائنا القدامى في النقد واعتسافهم طرائق الحكم فيه. والنقد كما علمت داخل في تعريف تاريخ الأدب بمعناه الأخص؛ فالعجز عنه أو الضعف فيه يستلزم حتما ذلك النقص الذي تراه واضحا في أكثر ما صدر عن أسلافنا من تعليل أو موازنة أو حكم. فإن من يطلع على ما أثر عن السلف من الموازنة والنقد يجد الخطأ في الأقيسة، والخلل في الموازين، وذلك لتحكم الذوق الخاص واستبداد الهوى المطلق، وإرسال الناقد الحكم على غير قاعدة مرسومة ولا مذهب معين. وربما اكتفوا في تقديم شاعر أو تفضيل بيت بالعبارة العامة، أو الإشارة المهمة، أو الهتاف الموجز كقولهم: ولله دره إذ يقول. . . وهذا مما لم يسبق إليه أحد. . . وما أحسن هذا البيت!. . .
هذا أبو المنصور الثعالبي قد أفرد في كتابيه: الإيجاز والإعجاز، وخاص الخاص، بابا مسرف الطول لوسائط قلائد للشعراء، رتبهم فيه ترتيبا زمنيا من عصر الجاهلية إلى عصره، ثم حكم على كل شاعر بجملة من جزاف القول لا تعليل فيها ولا فائدة منها، كقوله: يقال إنه أمير الشعراء، وأمير شعره قوله:. .، ومن جوامع كلمه قوله. . . وأمير شعره وغرة كلامه قوله. . . وليس للعرب مطلع قصيدة في مرثية أوجز لفظا وأحسن عنى من قوله. . . وأمدح بيت قالته العرب في الجاهلية قوله. . . ومن لطائف كلامه وطرائفه قوله. . . فلما أراد الإسهاب والاستيعاب في كتابه: (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر) عنى باللفظ المختار والسجع الرائق والاختيار الحسن؛ ولكنه لم يعن بالخطوط التي تميز كلاما من كلام، ولا بالحدود التي تفرق بين شاعر وشاعر. فلو نقلت ما قاله من المدح في شاعر إلى شاعر آخر لما تغير المعنى ولا أضطرب السياق. والأمر كذ من الكتب على طراز اليتيمة كدمية القصر للباخرزي، وخربدة القصر لعماد الدين الأصفهاني، وريحانة الألباء لشهاب الدين الخفاجي، وسلافة العصر في محاسن أعيان العصر، لأبن معصوم المحبى.
كذلك فعل الأدباء اللغويون كالأصمعي في كتابه (فحول الشعراء)، فقد توخى فيه تمييز فحول الشعراء من غيرهم بأحكام لا أسباب لها، وأقوال لا غناء فيها؛ ومثله سائر اللغويون والرواة الذين سجل الأصفهاني آراءهم في أغانيه، فإنها لم تعد أن تكون آراء شخصية لا تقوم على دليل ناهض، ولا تعتمد على قاعدة عامة. وسواء أكان النقاد من الأدباء أم كانوا من اللغويين فإن أحكامهم كانت تصدر على الشاعر في جملته، أو على بيت أو بيتين أو ثلاثة في قصيدته. . .
ولم نعثر على مثال من النقد البياني لقطعة كبيرة من الشعر إلا في كتاب إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني، حين حاول أن يبين ما جاء من العوار في نصف معلقة امرئ القيس، على أنه لم يستطع إنصاف ولم يبرأ من الهوى.
ولقد أكثر البيانيون من سرد الأبيات المفردة مستشهدين بها على قواعد المعاني والبيان البديع، ولكن أحدا منهم لم يوفق إلى عقد باب للنقد البياني يضع فيه قواعده ويرسم حدوده ويبين غايته.
نعم، لقد ألف قدامة بن جعفر كتابا سماه (نقد الشعر) يقول في أوله: (العلم بالشعر ينقم أقساما، فقسم ينسب إلى علم عروضه ووزنه، وقسم ينسب إلى علم قوافيه ومقاطعه، وقسم ينسب إلى علم غريبة ولغته، وقسم ينسب إلى علم معانيه والمقصد به، وقسم ينسب إلى علم جيده ورديئه، وقد عني الناس بوضع الكتب في القسم الأول وما يليه إلى الرابع عناية تامة، فاستقصوا أمر العروض والوزن، وأمر القوافي والمقاطع، وأمر الغريب والنحو، وتكلموا في المعني الدال عليها الشعر، وما الذي يريد بها الشاعر، ولم أجد أحدا وضع في نقد الشعر وتخليص جيده من رديئة كتابا، وكان الكلام في هذا القسم أولى بالشعر من سائر الأقسام) ولكن المؤلف لم يخرج عن السنن المألوف في ذكر ما يحسن أو يقبح الأبيات المفردة أو المقطوعات القصيرة، على منهج لا يختلف عن مناهج المتأخرين من أصحاب البيان والبديع والحال بالموازنة كالحال في النقد سواء بسواء. تنازع علماء الأدب في أي الشعراء أشعر، وذهب الخلف بينهم كل مذهب، فلم يتفق ناقدان على رأي، ولم يجتمع رأيان على شاعر، وكان مدار المفاضلة على الأبيات المفردة من الشعر والصفات العامة للشاعر. فأبو زيد محمد بن الخطاب القرشي أضاع ثماني عشرة صفحة من كتابه جمهرة أشعار العرب في أن من علماء اللغة في القرنين الثاني والثالث من كان يقدم امرأ القيس أو زهيرا أو النابغة أو الأعشى أو لبيداً أو عمرو بن كلثوم أو طرفة، ولكن إذا نظرت في أسباب المفاضلة لم تجد فيها ما يقنعك على أن تتابع واحدا منهم فيما يرى. وإذا قرأت (باب المشاهير من الشعراء) في كتاب العمدة لأبن رشيق القيرواني، وهو فصل نسخ أكثره جلال الدين السيوطي في كتابه (المزهر في علوم اللغة) لم يزدك اختلاف العلماء في الحكم على الشعراء إلا ريبة وحيرة. ولقد تشعبت الآراء وتعارضت الأهواء في الموازنة بين جرير والفرزدق والأخطل، ثم بين مسلم بن الوليد وأبي نواس وأبي العتاهية، ثم بين أبي تمام والبحتري والمتنبي، ولكنك لا تدري إلى اليوم علام أستقر الرأي وكيف انحسم الخلاف. ولعلك لا تجد الفرق بعيدا بين حكم يصدر جوابا عن سؤال أو عرضا في مقال، وبين حكم يصدر عن رواية وبحث في كتاب قائم بذاته، فكتاب (الموازنة بين الطائيين) لأبي القاسم الحسن بن بشير الآمدي، يبتدئ بذكر أخطاء أبي تمام كقوله: (وقال:
ضحكات في إثرهن العطايا، وبروق السحاب قبل رعوده فأقام البرق مقام الضحك، والرعد مقام العطايا، وإنما كان يجب أن يقوم الغيث مقام العطايا لا الرعد). ثم يستطرد إلى تخطئة الشعراء القدامى في المعاني، ثم ينتقل إلى سرقات أبي تمام ويعود إلى تخطئته في المعاني، ثم يعقد بابا لما في شعر أبي تمام من قبح الاستعارات، وبابا في سوء نظمه وتعقد ألفاظ نسجه، ثم بابا فيما كثر في شعره من الزحاف واضطراب الوزن؛ وينتقل بعد ذلك إلى البحتري فيسلك في الكلام عنه الطريقة التي سلكها في الكلام عن أبي تمام؛ ثم يخلص إلى الموازنة بين الشاعرين فيقول: (وأنا أذكر بإذن الله الآن في هذا الجزء المعاني التي يتفق فيها الطائيين فأوزان بين معنى ومعنى، وأقوال أيهما أشعر في ذلك المعنى بعينه. فلا تطلبني أن أتعدى هذا إلى أن افصح لك بأيهما أشعر عندي على الإطلاق، فإني غير فاعل ذلك؛ إن قلدتني لم تحصل لك الفائدة بالتقليد، وإن طالبت بالعلل والأسباب التي أوجبت التفضيل فقد أخبرتك فيما تقدم بما أحاط به علي من نعت مذهبيهما وذكر مطلوبيهما في سرقة معاني الناس، وانتحالهما وغلطهما في المعاني والألفاظ، وإساءة من أساء منهما في الطباق والتجنيس والاستعارة ورداءة النظم واضطراب الوزن وغير ذلك مما أوضحته في مواضعه وبينته، وما سيعود ذكره في الموازنة من هذه الأنواع على ما يقوده القول وتقتضيه الحجة، وما ستراه من محاسنهما وبدائعهما وعجيب اختراعهما، فإني أوقع الكلام على جميع ذلك وعلى سائر أغراضهما ومعانيهما في الأشعار التي أرتبها في الأبواب، وأنبه على الجيد وأفضله على الرديء وأرذله، وأذكر من علل الجميع ما ينتهي إليه التلخيص وتحيطه به العناية، ويبقى ما لم يكن إخراجه إلى البيان ولا إظهاره إلى الاحتجاج، وهي علة ما بعد أن يكون هناك طبع فيه تقبل لتلك الطباع وامتزاج وإلا لا يتم ذلك، وأكلك بعد ذلك إلى اختبارك، وما تقضي عليه فطنتك وتميزك)
(للكلام بقية)
أحمد حسن الزيات
مجلة الرسالة - العدد 680
بتاريخ: 15 - 07 - 1946
وفي هذه المقالة نذكر نقصا آخر في الوسائل الضرورية لمؤرخ الأدب وهو ضعف أدبائنا القدامى في النقد واعتسافهم طرائق الحكم فيه. والنقد كما علمت داخل في تعريف تاريخ الأدب بمعناه الأخص؛ فالعجز عنه أو الضعف فيه يستلزم حتما ذلك النقص الذي تراه واضحا في أكثر ما صدر عن أسلافنا من تعليل أو موازنة أو حكم. فإن من يطلع على ما أثر عن السلف من الموازنة والنقد يجد الخطأ في الأقيسة، والخلل في الموازين، وذلك لتحكم الذوق الخاص واستبداد الهوى المطلق، وإرسال الناقد الحكم على غير قاعدة مرسومة ولا مذهب معين. وربما اكتفوا في تقديم شاعر أو تفضيل بيت بالعبارة العامة، أو الإشارة المهمة، أو الهتاف الموجز كقولهم: ولله دره إذ يقول. . . وهذا مما لم يسبق إليه أحد. . . وما أحسن هذا البيت!. . .
هذا أبو المنصور الثعالبي قد أفرد في كتابيه: الإيجاز والإعجاز، وخاص الخاص، بابا مسرف الطول لوسائط قلائد للشعراء، رتبهم فيه ترتيبا زمنيا من عصر الجاهلية إلى عصره، ثم حكم على كل شاعر بجملة من جزاف القول لا تعليل فيها ولا فائدة منها، كقوله: يقال إنه أمير الشعراء، وأمير شعره قوله:. .، ومن جوامع كلمه قوله. . . وأمير شعره وغرة كلامه قوله. . . وليس للعرب مطلع قصيدة في مرثية أوجز لفظا وأحسن عنى من قوله. . . وأمدح بيت قالته العرب في الجاهلية قوله. . . ومن لطائف كلامه وطرائفه قوله. . . فلما أراد الإسهاب والاستيعاب في كتابه: (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر) عنى باللفظ المختار والسجع الرائق والاختيار الحسن؛ ولكنه لم يعن بالخطوط التي تميز كلاما من كلام، ولا بالحدود التي تفرق بين شاعر وشاعر. فلو نقلت ما قاله من المدح في شاعر إلى شاعر آخر لما تغير المعنى ولا أضطرب السياق. والأمر كذ من الكتب على طراز اليتيمة كدمية القصر للباخرزي، وخربدة القصر لعماد الدين الأصفهاني، وريحانة الألباء لشهاب الدين الخفاجي، وسلافة العصر في محاسن أعيان العصر، لأبن معصوم المحبى.
كذلك فعل الأدباء اللغويون كالأصمعي في كتابه (فحول الشعراء)، فقد توخى فيه تمييز فحول الشعراء من غيرهم بأحكام لا أسباب لها، وأقوال لا غناء فيها؛ ومثله سائر اللغويون والرواة الذين سجل الأصفهاني آراءهم في أغانيه، فإنها لم تعد أن تكون آراء شخصية لا تقوم على دليل ناهض، ولا تعتمد على قاعدة عامة. وسواء أكان النقاد من الأدباء أم كانوا من اللغويين فإن أحكامهم كانت تصدر على الشاعر في جملته، أو على بيت أو بيتين أو ثلاثة في قصيدته. . .
ولم نعثر على مثال من النقد البياني لقطعة كبيرة من الشعر إلا في كتاب إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني، حين حاول أن يبين ما جاء من العوار في نصف معلقة امرئ القيس، على أنه لم يستطع إنصاف ولم يبرأ من الهوى.
ولقد أكثر البيانيون من سرد الأبيات المفردة مستشهدين بها على قواعد المعاني والبيان البديع، ولكن أحدا منهم لم يوفق إلى عقد باب للنقد البياني يضع فيه قواعده ويرسم حدوده ويبين غايته.
نعم، لقد ألف قدامة بن جعفر كتابا سماه (نقد الشعر) يقول في أوله: (العلم بالشعر ينقم أقساما، فقسم ينسب إلى علم عروضه ووزنه، وقسم ينسب إلى علم قوافيه ومقاطعه، وقسم ينسب إلى علم غريبة ولغته، وقسم ينسب إلى علم معانيه والمقصد به، وقسم ينسب إلى علم جيده ورديئه، وقد عني الناس بوضع الكتب في القسم الأول وما يليه إلى الرابع عناية تامة، فاستقصوا أمر العروض والوزن، وأمر القوافي والمقاطع، وأمر الغريب والنحو، وتكلموا في المعني الدال عليها الشعر، وما الذي يريد بها الشاعر، ولم أجد أحدا وضع في نقد الشعر وتخليص جيده من رديئة كتابا، وكان الكلام في هذا القسم أولى بالشعر من سائر الأقسام) ولكن المؤلف لم يخرج عن السنن المألوف في ذكر ما يحسن أو يقبح الأبيات المفردة أو المقطوعات القصيرة، على منهج لا يختلف عن مناهج المتأخرين من أصحاب البيان والبديع والحال بالموازنة كالحال في النقد سواء بسواء. تنازع علماء الأدب في أي الشعراء أشعر، وذهب الخلف بينهم كل مذهب، فلم يتفق ناقدان على رأي، ولم يجتمع رأيان على شاعر، وكان مدار المفاضلة على الأبيات المفردة من الشعر والصفات العامة للشاعر. فأبو زيد محمد بن الخطاب القرشي أضاع ثماني عشرة صفحة من كتابه جمهرة أشعار العرب في أن من علماء اللغة في القرنين الثاني والثالث من كان يقدم امرأ القيس أو زهيرا أو النابغة أو الأعشى أو لبيداً أو عمرو بن كلثوم أو طرفة، ولكن إذا نظرت في أسباب المفاضلة لم تجد فيها ما يقنعك على أن تتابع واحدا منهم فيما يرى. وإذا قرأت (باب المشاهير من الشعراء) في كتاب العمدة لأبن رشيق القيرواني، وهو فصل نسخ أكثره جلال الدين السيوطي في كتابه (المزهر في علوم اللغة) لم يزدك اختلاف العلماء في الحكم على الشعراء إلا ريبة وحيرة. ولقد تشعبت الآراء وتعارضت الأهواء في الموازنة بين جرير والفرزدق والأخطل، ثم بين مسلم بن الوليد وأبي نواس وأبي العتاهية، ثم بين أبي تمام والبحتري والمتنبي، ولكنك لا تدري إلى اليوم علام أستقر الرأي وكيف انحسم الخلاف. ولعلك لا تجد الفرق بعيدا بين حكم يصدر جوابا عن سؤال أو عرضا في مقال، وبين حكم يصدر عن رواية وبحث في كتاب قائم بذاته، فكتاب (الموازنة بين الطائيين) لأبي القاسم الحسن بن بشير الآمدي، يبتدئ بذكر أخطاء أبي تمام كقوله: (وقال:
ضحكات في إثرهن العطايا، وبروق السحاب قبل رعوده فأقام البرق مقام الضحك، والرعد مقام العطايا، وإنما كان يجب أن يقوم الغيث مقام العطايا لا الرعد). ثم يستطرد إلى تخطئة الشعراء القدامى في المعاني، ثم ينتقل إلى سرقات أبي تمام ويعود إلى تخطئته في المعاني، ثم يعقد بابا لما في شعر أبي تمام من قبح الاستعارات، وبابا في سوء نظمه وتعقد ألفاظ نسجه، ثم بابا فيما كثر في شعره من الزحاف واضطراب الوزن؛ وينتقل بعد ذلك إلى البحتري فيسلك في الكلام عنه الطريقة التي سلكها في الكلام عن أبي تمام؛ ثم يخلص إلى الموازنة بين الشاعرين فيقول: (وأنا أذكر بإذن الله الآن في هذا الجزء المعاني التي يتفق فيها الطائيين فأوزان بين معنى ومعنى، وأقوال أيهما أشعر في ذلك المعنى بعينه. فلا تطلبني أن أتعدى هذا إلى أن افصح لك بأيهما أشعر عندي على الإطلاق، فإني غير فاعل ذلك؛ إن قلدتني لم تحصل لك الفائدة بالتقليد، وإن طالبت بالعلل والأسباب التي أوجبت التفضيل فقد أخبرتك فيما تقدم بما أحاط به علي من نعت مذهبيهما وذكر مطلوبيهما في سرقة معاني الناس، وانتحالهما وغلطهما في المعاني والألفاظ، وإساءة من أساء منهما في الطباق والتجنيس والاستعارة ورداءة النظم واضطراب الوزن وغير ذلك مما أوضحته في مواضعه وبينته، وما سيعود ذكره في الموازنة من هذه الأنواع على ما يقوده القول وتقتضيه الحجة، وما ستراه من محاسنهما وبدائعهما وعجيب اختراعهما، فإني أوقع الكلام على جميع ذلك وعلى سائر أغراضهما ومعانيهما في الأشعار التي أرتبها في الأبواب، وأنبه على الجيد وأفضله على الرديء وأرذله، وأذكر من علل الجميع ما ينتهي إليه التلخيص وتحيطه به العناية، ويبقى ما لم يكن إخراجه إلى البيان ولا إظهاره إلى الاحتجاج، وهي علة ما بعد أن يكون هناك طبع فيه تقبل لتلك الطباع وامتزاج وإلا لا يتم ذلك، وأكلك بعد ذلك إلى اختبارك، وما تقضي عليه فطنتك وتميزك)
(للكلام بقية)
أحمد حسن الزيات
مجلة الرسالة - العدد 680
بتاريخ: 15 - 07 - 1946