في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة بالعبرية، رواها خليل بن شاكر بن خليل المفرجي (أبراهام بن يششكر بن أبراهام المرحيبي، ١٩٢٢-١٩٨٨، ناظم، شارح وناشر للتوراة بالعبرية السامرية) بالعربية على مسامع الأمين (بنياميم) صدقة (١٩٤٤ - )، الذي بدوره نقلها إلى العبرية، نقّحها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب. - أخبار السامرة، العددين ١٢٣٠-١٢٣١، ١٥ شباط ٢٠١٧، ص. ٦٣-٦٤
هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها: إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية) بالخطّ اللاتيني.
بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، تُوزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين بالدراسات السامرية، في شتّى دول العالم. هذه الدورية، ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة الشقيقين المحرّريْن، بنياميم (الأمين) ويفت (حسني)، نجْلي المرحوم راضي صدقة الصباحي (رتسون صدقة الصفري، ٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).
”المجتهد في تأدية الفريضة
حسنًا، أنت آتٍ الآن لذبح الدجاجات! يا ابن آدم، أبناء طائفتنا لا يسمحون لي بالراحة ولو للحظة. إنّي، في آخر المطاف، إنسان يشتغل، عليّ توفير المعيشة لأهل بيتي، أليس كذلك؟ أقوم بحِرفة الجِزارة (الذبح) لوجه الله، لا مكافأة مالية، لا سمح الله. يكفي إن بعث الله لي زَبُونًا مقابل كلّ دجاجة أذبحها ببركة اسمه، اسم نبيّه، التوراة وجبل جريزيم، هذا يكفيني.
ولكن ماذا؟ كلّ الذين يريدون ذبحَ دواجنهم يأتون دائمًا في الوقت الخطأ؛ في وسط الاتّفاق مع زَبون ما، على تكاليف فرش لسيارته، يأتين إليّ بالدجاجات! ما العمل معهن؟ أبو شاكر، ينادينني بتغنّج قائلات: فقط لا تغضب، ليرسل الله لك رضاه، لا رضا أبيك، هلّا ذبحت لنا الدجاجات؟ أتعلم كم مرّة أغسِل السكّين يوميّا؟ أيّام الأعياد هي أصعب الأيّام بالنسبة للجزّارين. كلّ امرأة تأتي بعشْر إلى عشرين دجاجة. حسنًا، أنتهي من ذبح دجاجات الأولى، لا يتسنّى لي غسل السكّين والتفرّغ لكسب المعيشة، وإذا بالثانية أمامي. صدّقني، لا أذكر يومًا شاقًّا كهذا اليوم. الزبائن لا يقدِرون على الانتظار ريثما أنتهي من الذبح! أصحيح؟ ماذا، ألا يوجد جزّارون آخرون في الحيّ، فالجميع يجيء إلى أبي شاكر للذبح؟
طيّب، طيّب، لا بأس، لا أتذمّر، فما هذا إلا قيام بالفريضة. كم عندك في السلّة؟ ثلاث دجاجات؟ هذا لا شيء. جاءتني اليوم امرأة بستّ دجاجات! ناولني الدجاجات بسرعة قبل أن يأتي آخر. حسنًا، أنت تأتي عند الظهر، وهذا نصف مصيبة؛ تعال صباحًا واسمع الضجيج. حسنًا، أنهيتُ، ماذا تقول؟ أهناك شخص آخر؟ آه، ها أيمن (إيلان) كوهين من قرية شاريت، ماذا أقول له؟ ليعود إلى بيته؟ ولديك أنت أيضًا ثلاث دجاجات؟ ماذا جرى لكمُ اليوم؟ ماذا، ألا تأكل الناس لحم الخروف؟ حسنًا، تعال لأذبح لك أيضًا، يلّا خلّصنا، الآن يمكن العودة للعمل.
ربّ كلّ الشعوب
أعتقد أن الله يعمل كلّ هذا لي ليجربّني. إذن، هذا يُذكّرني بقصّة سأرويها لك الآن لنشرها في الصحيفة. إنّ أصعبَ أيّام طائفتنا كانت قبل قرن ونصف من الزمان في نابلس، حينما أراد المسلمون ذبح جميع السامريين، كما أذبح أنا هذه الدجاجات، صدّقني، ليس أقلّ من ذلك. أَدخلوا في عقولهم أنّ السامريين عابدو العجل، وعليه لا يستحقّون الحياة في هذا العالَم، بعبارة أخرى يجب نحرُهم. من أدخل لرؤوسهم، إنّهم شيوخهم. كان الأئمّة في صلاة يوم الجمعة يحرّضون ضدّ السمرة في الحيّ السامري القديم في القسم العتيق من مدينة نابلس. أجدادي هوجموا أيضًا كما كان أبي يحكي لي.
رئيس كلّ الشيوخ كان الطاغية السفاريني [لا أدري لأي سفاريني يرمي القاصّ. بالطبع ليس الفقيه الأصولي الصوفي المؤرخ محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني النابلسي الحنبلي، ١٧٠٢-١٧٧٤م، له مصنفات كثيرة]، آخ، ما أعظمَ كرهَه للسامريين. إنه أبلغ السمرة بأنّه إن لم يتأسلموا فسيأمر مصلّيه في مسجده بقتلهم جميعا. ذُهل السامريون من هذا التهديد ولم يعرفوا ما يفعلون. لا، هذه ليست القصّة حول الوثيقة التي تسلّمها السامريون من راب اليهود الرئيسي، القاضية بأنّهم فرع من شعب إسرائيل، ولكن هذه قصّة أخرى حول أحد الهجومات الذي قام به المسلمون ضدّ جيرانهم السمرة.
ماذا يفعل الله سبحانه، الذي يُجرّبنا كلّ يوم برحماته الكثيرة؟ تبيّن أنّه ليس كلّ الشيوخ كانوا سيّئين إزاء السامريين. كان ثمّة واحد أحبّهم واحترمهم لإخلاصهم لعقيدتهم. هذا الشيخ الذي لا أعرِف ما اسمه عزم على القيام بعمل ضدّ مؤامرة السفاريني. في يوم الجمعة إيّاه صعد لإلقاء خُطْبته، وكالمعتاد استهلّها بالفاتحة الإسلامية: الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين ولكن بدلًا من القول ربّ العالمين قال ربّ المسلمين. لا أحد من المصلّين قد لفت انتباهه إلى غلطته وقت الصلاة. ليس مثلنا، فعندما يُخطىء الشمّاس الكاهن أو المرنّم أيّ خطأ، يهُبّ كلّ من في الكنيس ضده؟ لا، عندهم يُحظر إبداء الملاحظة للإمام قبل نهاية الصلاة، ويكون ذلك همسًا من الفم للأذن كيلا يُخجّل.
المهمّ، عند انتهاء الصلاة تقدّم بعض المسلمين إلى الشيخ، لافتين انتباهه بشكل مؤدَّب: يا معلّمَنا، كيف أخطأت وقلت ربّ المسلمين بدلًا من ربّ العالمين؟ قالوا له. لتسمع آذانكم ما يسأل فمُكم! حقًّا صدقتم، ليس الله ربَّ المسلمين فحسب بل كلّ العوالم، كل الشعوب. وأنتم عندما تريدون أن يكون الله للمسلمين فقط تنوون ذبح الشعوب الأُخرى التي خلقها هو أيضا، ألا تخجلون؟
حقًّا، أصبت يا معلّمَنا، قال كلّ المصلّين بصوت مفعم بالخزي- إننا مأمورون باحترام جيراننا السمرة إذ أنّهم من خلق يدي باري الكلّ. بفضل هذا الشيخ أُنقذ السامريون في ذلك العام“.
حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها: إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية) بالخطّ اللاتيني.
بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، تُوزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين بالدراسات السامرية، في شتّى دول العالم. هذه الدورية، ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة الشقيقين المحرّريْن، بنياميم (الأمين) ويفت (حسني)، نجْلي المرحوم راضي صدقة الصباحي (رتسون صدقة الصفري، ٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).
”المجتهد في تأدية الفريضة
حسنًا، أنت آتٍ الآن لذبح الدجاجات! يا ابن آدم، أبناء طائفتنا لا يسمحون لي بالراحة ولو للحظة. إنّي، في آخر المطاف، إنسان يشتغل، عليّ توفير المعيشة لأهل بيتي، أليس كذلك؟ أقوم بحِرفة الجِزارة (الذبح) لوجه الله، لا مكافأة مالية، لا سمح الله. يكفي إن بعث الله لي زَبُونًا مقابل كلّ دجاجة أذبحها ببركة اسمه، اسم نبيّه، التوراة وجبل جريزيم، هذا يكفيني.
ولكن ماذا؟ كلّ الذين يريدون ذبحَ دواجنهم يأتون دائمًا في الوقت الخطأ؛ في وسط الاتّفاق مع زَبون ما، على تكاليف فرش لسيارته، يأتين إليّ بالدجاجات! ما العمل معهن؟ أبو شاكر، ينادينني بتغنّج قائلات: فقط لا تغضب، ليرسل الله لك رضاه، لا رضا أبيك، هلّا ذبحت لنا الدجاجات؟ أتعلم كم مرّة أغسِل السكّين يوميّا؟ أيّام الأعياد هي أصعب الأيّام بالنسبة للجزّارين. كلّ امرأة تأتي بعشْر إلى عشرين دجاجة. حسنًا، أنتهي من ذبح دجاجات الأولى، لا يتسنّى لي غسل السكّين والتفرّغ لكسب المعيشة، وإذا بالثانية أمامي. صدّقني، لا أذكر يومًا شاقًّا كهذا اليوم. الزبائن لا يقدِرون على الانتظار ريثما أنتهي من الذبح! أصحيح؟ ماذا، ألا يوجد جزّارون آخرون في الحيّ، فالجميع يجيء إلى أبي شاكر للذبح؟
طيّب، طيّب، لا بأس، لا أتذمّر، فما هذا إلا قيام بالفريضة. كم عندك في السلّة؟ ثلاث دجاجات؟ هذا لا شيء. جاءتني اليوم امرأة بستّ دجاجات! ناولني الدجاجات بسرعة قبل أن يأتي آخر. حسنًا، أنت تأتي عند الظهر، وهذا نصف مصيبة؛ تعال صباحًا واسمع الضجيج. حسنًا، أنهيتُ، ماذا تقول؟ أهناك شخص آخر؟ آه، ها أيمن (إيلان) كوهين من قرية شاريت، ماذا أقول له؟ ليعود إلى بيته؟ ولديك أنت أيضًا ثلاث دجاجات؟ ماذا جرى لكمُ اليوم؟ ماذا، ألا تأكل الناس لحم الخروف؟ حسنًا، تعال لأذبح لك أيضًا، يلّا خلّصنا، الآن يمكن العودة للعمل.
ربّ كلّ الشعوب
أعتقد أن الله يعمل كلّ هذا لي ليجربّني. إذن، هذا يُذكّرني بقصّة سأرويها لك الآن لنشرها في الصحيفة. إنّ أصعبَ أيّام طائفتنا كانت قبل قرن ونصف من الزمان في نابلس، حينما أراد المسلمون ذبح جميع السامريين، كما أذبح أنا هذه الدجاجات، صدّقني، ليس أقلّ من ذلك. أَدخلوا في عقولهم أنّ السامريين عابدو العجل، وعليه لا يستحقّون الحياة في هذا العالَم، بعبارة أخرى يجب نحرُهم. من أدخل لرؤوسهم، إنّهم شيوخهم. كان الأئمّة في صلاة يوم الجمعة يحرّضون ضدّ السمرة في الحيّ السامري القديم في القسم العتيق من مدينة نابلس. أجدادي هوجموا أيضًا كما كان أبي يحكي لي.
رئيس كلّ الشيوخ كان الطاغية السفاريني [لا أدري لأي سفاريني يرمي القاصّ. بالطبع ليس الفقيه الأصولي الصوفي المؤرخ محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني النابلسي الحنبلي، ١٧٠٢-١٧٧٤م، له مصنفات كثيرة]، آخ، ما أعظمَ كرهَه للسامريين. إنه أبلغ السمرة بأنّه إن لم يتأسلموا فسيأمر مصلّيه في مسجده بقتلهم جميعا. ذُهل السامريون من هذا التهديد ولم يعرفوا ما يفعلون. لا، هذه ليست القصّة حول الوثيقة التي تسلّمها السامريون من راب اليهود الرئيسي، القاضية بأنّهم فرع من شعب إسرائيل، ولكن هذه قصّة أخرى حول أحد الهجومات الذي قام به المسلمون ضدّ جيرانهم السمرة.
ماذا يفعل الله سبحانه، الذي يُجرّبنا كلّ يوم برحماته الكثيرة؟ تبيّن أنّه ليس كلّ الشيوخ كانوا سيّئين إزاء السامريين. كان ثمّة واحد أحبّهم واحترمهم لإخلاصهم لعقيدتهم. هذا الشيخ الذي لا أعرِف ما اسمه عزم على القيام بعمل ضدّ مؤامرة السفاريني. في يوم الجمعة إيّاه صعد لإلقاء خُطْبته، وكالمعتاد استهلّها بالفاتحة الإسلامية: الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين ولكن بدلًا من القول ربّ العالمين قال ربّ المسلمين. لا أحد من المصلّين قد لفت انتباهه إلى غلطته وقت الصلاة. ليس مثلنا، فعندما يُخطىء الشمّاس الكاهن أو المرنّم أيّ خطأ، يهُبّ كلّ من في الكنيس ضده؟ لا، عندهم يُحظر إبداء الملاحظة للإمام قبل نهاية الصلاة، ويكون ذلك همسًا من الفم للأذن كيلا يُخجّل.
المهمّ، عند انتهاء الصلاة تقدّم بعض المسلمين إلى الشيخ، لافتين انتباهه بشكل مؤدَّب: يا معلّمَنا، كيف أخطأت وقلت ربّ المسلمين بدلًا من ربّ العالمين؟ قالوا له. لتسمع آذانكم ما يسأل فمُكم! حقًّا صدقتم، ليس الله ربَّ المسلمين فحسب بل كلّ العوالم، كل الشعوب. وأنتم عندما تريدون أن يكون الله للمسلمين فقط تنوون ذبح الشعوب الأُخرى التي خلقها هو أيضا، ألا تخجلون؟
حقًّا، أصبت يا معلّمَنا، قال كلّ المصلّين بصوت مفعم بالخزي- إننا مأمورون باحترام جيراننا السمرة إذ أنّهم من خلق يدي باري الكلّ. بفضل هذا الشيخ أُنقذ السامريون في ذلك العام“.
حسيب شحادة
جامعة هلسنكي