د. محمد الهادي الطاهري - شرح نص : "ما هي العلمانية" للمفكر اللبناني علي حرب

1. النصّ:
إذا شئنا أن نحصر حديثنا بالعلمانية فإنه يجدر بنا أن نجدد ما نفهمه من هذه الكلمة إذ يبدو أن لا اتفاق على مدلولها عند من يستعملها من الكتاب العرب. فما يسمّى بالعلمانية أو العلمنة يبدو صعبا على الوصف والتحديد وهو مدعاة للالتباس وسوء التفاهم. وفي الواقع، إن لمفردة العلمانية معناها الأصلي الاشتقاقي، كما أن لها أيضا معانيها الاصطلاحية شأنها بذلك شأن معظم المصطلحات التي يتداولها أهل الفكر والعلم، فهي تعني أصلا الشعبَ أو العامّة مقابل رجال الدين أو الكهنوت، أي تعني كلّ ما لا ينتمي إلى رجال الدين ويكون خارجا عن سلطتهم بعيدا عن تدخّلهم. ثم استعملت في ما بعد للدلالة على ما هو مضادّ للدين ومعاد لرجاله. غير أنّه إذا لم تكن العلمنة بالضرورة مضادّة للدين معادية لرجاله فإنها تقتضي على الأقلّ الفصل بين الصعيد القدسي والصعيد السياسي، بين الكهنة والساسة، ولنقل بين اللاهوت والناسوت. ودفعا للالتباس، هناك معيار يمكن استخدامه للفصل بين العلماني وغير العلماني هو أصل المشروعية التي يرتكز إليها مجتمع ما في تصوّره لهويّته وفي إرساء نظامه وإدارة وحدته وتسيير شؤونه. ففي المجتمع الديني أو اللاعلماني، تُستمدّ المشروعية، بل المعنى والنظام والوحدة، من خارج المجتمع، من مصدر مفارق، عُلويّ، غائب قدسي. والإنسان لا مشروعية له هنا ولا شرعيّة إذ هو غير مؤهّل لأن يستقل بذاته فهو مجرّد نائب أو وكيل، بل عبد يأتمر بأوامر قوّة أو مشيئة عليا تتجاوزه ولا تقع في متناول تجربته. فسلطته هي إذن مجازية رمزية ولا حقيقة لها بذاتها. هذا في حين أنّ المشروعية في المجتمع العلماني هي على الضد من ذلك تنبع من داخله لا من خارجه. فالإنسان، في المنظور العلماني، هو كائن خارج عن قصوره مستقل بعقله مالك زمامه ينتج معرفته عن ذاته وعن عالمه ببحثه ونظره ويشرّع لاجتماعه مع غيره بحسب تجاربه وخبراته فلا مصدر إذن لشرعيته غيره. وإذا كانت العلمنة لا ترتبط بالعلم، من حيث اشتقاقها، فإنها لا تنفكّ عنه من حيث ظهورها إذ هي ارتبطت تاريخيا بتعليم العلوم العقلية في المدرسة مقابل تعليم الدين في الكنيسة، فهي إذن مطلب أو نشاط عقلي، أي عقلانية وهي أيضا منزع تحرّري، أي ليبرالية، نظرا لكونها مسعى لتحرير الإنسان من قيوده. إنها مذهب له منزعه الإنساني ومضمونه التحرّري وشكله العقلاني.
علي حرب، نقد الحقيقة، ص: 56 – 58.
2. الشرح:
1.2. مدخل:
لئن بادر المفكّرون العرب المحسوبون من "طلائع العلمانية"، أمثال فرح أنطون وشبلي الشميّل وعبد الرحمن الكواكبي، ومن تبعهم من بعدهم أمثال علي عبد الرازق في كتابه "الإسلام وأصول الحكم" وطه حسين في كتابه " في الأدب الجاهلي"، والطاهر الحداد في كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"، ومعروف الرصافي في كتابه "الشخصية المحمّدية"، إلى ممارسة العلمانية على صعيد التفكير بنزع القدسيّة عن نصوص الإسلام ومؤسساته وشخصياته الرمزية، والتفكير في التراث الديني تفكيرا عقلانيّا، فقد انشغل عدد كبير من المفكّرين العرب المعاصرين بالتفكير في مفهوم العلمانية ذاته، ومنهم من خصّص كتابا أو أكثر لشرح هذا المفهوم وبيان ما يقتضيه من مواقف وتصوّرات. يظهر ذلك بوضوح في كتاب المفكر اللبناني عادل ضاهر "الأسس الفلسفية للعلمانية" كما يظهر في سلسلة الكتب التي أصدرها عزمي بشارة بعنوان "الدين والعلمانية في سياق تاريخي". فقد توسّع هذان المفكّران في البحث عن المراد من لفظ العلمانية في اللغات الأوروبية، وعن تاريخ هذا المفهوم من لحظة نشوئه إلى اليوم وما طرأ عليه من تحوّلات وما ترتّب على ذلك من ممارسات.
وبالمقارنة بين اللحظتين، لحظة الفكر العربي الحديث ولحظة الفكر العربي المعاصر، نستطيع القول إنّ ما دعا أعلام الفكر العربي المعاصر إلى الانشغال بالتفكير في مفهوم العلمانية بدلا من ممارسة التفكير العلماني والنقد العقلاني إنّما هو تلك الموجة العنيفة من الكتابات المعترضة على العلمانية بدعوى أنها تضاد الدين وتنشر الإلحاد. وفي هذا السياق يندرج هذا النص المقتطف من الصفحات 56 - 58 من كتاب "نقد الحقيقة" للمفكر اللبناني علي حرب، وفيه يوضّح الكاتب معنى العلمانية من زوايا لغوية وتاريخية وفكريّة مركّزا بالخصوص على ما تعنيه العلمانية في علاقتها بالدين أوّلا وبالعلم ثانيا. فما المراد من لفظ العلمانية عند الكاتب؟ وما علاقتها بالدين والعلم في نظره؟ وبم نفسّر انشغال الكاتب بمفهوم العلمانية بعد أن مضى على دخول هذا المفهوم ساحة الفكر العربي أكثر من قرن؟
يمكن تقسيم النص إلى مقطعين اثنين، أما المقطع الأوّل فينتهي عند قوله في السطر الثامن "ولنقل بين اللاهوت والناسوت." وفيه يستعرض الكاتب دلالات لفظ العلمانية اللغوية والاصطلاحية والتاريخية، وأمّا المقطع الثاني فيتمثّل في بقيّة النصّ وفيه يعرض الكاتب فهمه الخاصّ للعلمانية انطلاقا من النظر في العلاقة بينها وبين الدين والعلم مستخلصا من تلك العلاقة أهمّ ما تعنيه العلمانية من وجهة نظره.
2.2.المقطع الأوّل:
استهلّ علي حرب نصّه بالإشارة إلى الضرورة المنهجيّة التي ألزمته بالعودة إلى التفكير في المراد من لفظ "العلمانية" وعلّل ذلك بما يتّسم به هذا اللفظ في الخطاب العربي المعاصر من التباس وغموض. تعليل منهجيّ يجعل النص في جملته مساهمة من صاحبه في رفع ما ران على معنى العلمانية من غموض والتباس وما أدّى إليه ذلك كلّه من شقاق وعدم اتّفاق. وحين يفتتح كاتب عمله بمثل هذا التنويه المنهجيّ، فهو يضع نفسه في منزلة أعلى من الكتّاب العرب المختلفين في ما بينهم حول المراد من "العلمانية" لا بدعوى أنّه أعرف منهم فحسب، بل بدعوى أنّه مترفّع عن خلافاتهم الأيديولوجية التي قادتهم إلى التنازع وعدم الاتفاق.
ومن هذا المدخل المنهجيّ، تتجلّى لنا المنزلة التي وضع الكاتب نفسه فيها، فهو يعتقد أنّه فوق "الكتّاب العرب" المتنازعين على العلمانية العاجزين عن إدراك معناها. اعتقاد نلمسه بوضوح في الرابط الذي اختاره الكاتب ليصل قوله في الجملة الثانية" فما يسمّى بالعلمانية أو العلمنة يبدو صعبا على الوصف والتحديد وهو مدعاة للالتباس وسوء التفاهم" بقوله في الجملة الثالثة " إن لمفردة العلمانية معناها الأصلي الاشتقاق…" ويتمثل هذا الرابط في عبارة " وفي الواقع". وهي في تقديرنا عبارة فاصلة واصلة بين جملتين لأداء معنى التقابل بين الفكر والواقع. ففي الفكر العربي ممثّلا في "الكتاب العرب" غموض والتباس و"في الواقع"، أي في تاريخ المفهوم، وضوح وبيان. واختار علي حرب الربط بين الجملتين بأسلوب يظهر بعد المسافة بين "الكتاب العرب" المتنازعين حول معنى العلمانية من جهة، وبين واقع هذا المفهوم من جهة أخرى. وبهذا الأسلوب، يوحي الكاتب لقارئه بأنه فطن نبيه لأنّه يدرك معنى العلمانية لا من زاوية أيديولوجية أو سياسية بل من زاوية الواقع، وليس الواقع هنا سوى تاريخ اللفظ وتاريخ المفهوم وما ترتّب على ذلك من مواقف وتصوّرات.
بعد هذا البيان المنهجي وما فيه من حكم على "الكتاب العرب" أوّلا ومن تصريح بمنزلة الكاتب منهم ثانيا، يأتي بيان آخر محوره المراد من العلمانية لغة واصطلاحا وممارسة. فمن حيث الاشتقاق اللغوي تعني "العلمانية" حسب الكاتب "الشعب أو العامّة" وهي إذن لفظ يتضمّن تمييز فئة من الناس عن فئة أخرى، أي عامّة الناس عن خاصّتهم، فالعامّة هم الشعب والخاصّة هم رجال الدين. ومن هذا المعنى الاشتقاقي، مرّ الكاتب إلى المعنى الاصطلاحي ليقول إن العلمانية تعني "كل ما لا ينتمي إلى رجال الدين". تعريفان في غاية الاختزال ولا يستند فيهما الكاتب إلى أيّ مرجع لا من المعاجم اللغوية ولا من معاجم المصطلحات وتاريخ الأفكار رغم الحاجة إلى ذلك، فمن نزّل نفسه في منزلة المعلّم العارف فوق من التبس عليهم الأمر من "الكتاب العرب" كان عليه أن يبرهن على صحّة علمه بالإحالة على المراجع المعتمدة، ولكنّه لم يفعل ذلك لا لأنّه يدّعي المعرفة ولا يمتلكها بل ليؤكّد لمن يخاطبهم أنّ هذه المعاني شائعة معروفة وبإمكان كلّ واحد أن يقع عليها دون عناء. هنا يكون الاختزال الشديد والسكوت عن المراجع استنقاصا من شأن من التبس عليهم معنى العلمانية فتنازعوا فيه ولم يتفقوا، بقدر ما هو إعلاء من شأن صاحبه.
وفي هذين التعريفين الاشتقاقي والاصطلاحي، على ما فيهما من اختزال، تأكيد على الحدّ الفاصل بين عالمين هما عالم العامة أو الشعب من جهة وعالم رجال الدين والكنيسة من جهة أخرى. فهذان العالمان ليسا عالمين منفصلين فحسب، بل هما عالمان متضادّان، فالعلماني معاد للدين ورجاله. وبهذا الاستنتاج المستخلص من المعنيين اللغوي والاصطلاحي، ينتقل الكاتب من حدّ التعريف لغة واصطلاحا إلى حدّ التعريف بمعنى العلمانية انطلاقا من الممارسة التاريخية. يظهر ذلك في قوله: "ثمّ استعملت بعد ذلك للدلالة على ما يضادّ الدين ورجاله". هنا تصبح العلمانية اسما دالا على تيار يضادّ الدين بعد أن كانت لفظا يدلّ على صنف معيّن من الناس دون صنف. ويتضح التعريف بالممارسة التاريخية أكثر في ذلك التعديل الذي أضافه الكاتب بعد الإشارة إلى أبرز ما ترتّب على العلمانية في الواقع، فالعلمانية ليست حركة تضادّ الدين مطلقا بقدر ما هي "الفصل بين الصعيد القدسي والصعيد السياسي" أو كما قال بين اللاهوت والناسوت.
نستخلص مما جاء في المقطع الأوّل أنّ الكاتب قد نبّه إلى حالة الغموض والالتباس التي تخيّم على لفظ العلمانية في الخطاب العربي المعاصر، وأنّ ذلك هو ما دعاه إلى التفكير في دلالات هذا اللفظ واستعمالاته اللغوية والاصطلاحية لينتهي إلى القول إن العلمانية هي، بكلّ بساطة، الفصل بين الدين والسياسة. فعلى أي أساس سيكون هذا الفصل بين اللاهوت والناسوت؟ وأيّ معنى للعلمانية يستفاد من معانيها اللغوية والاصطلاحية والتاريخية؟
2. 3. المقطع الثاني:
افتتح الكاتب المقطع الثاني مذكّرا بمهمّته المنهجية وهي العمل على رفع الالتباس الحاصل في أذهان الكتاب العرب. لذلك اختار التصريح بالمعيار الذي سيعتمده لتمييز العلماني من غير العلماني، أو لتمييز المجتمع العلماني من المجتمع الديني. ويتمثّل هذا المعيار في ما سمّاه "أصل المشروعية"، والمراد بذلك المرجعية العليا التي يستند إليها المجتمع لبناء هويّته ونظام حياته. ففي نظر الكاتب، تنحصر المشروعية في مرجعيّتين اثنتين، مرجعية إلهية علويّة مفارقة وهي المرجعية الدينية أو اللاهوتية، ومرجعية إنسانية محايثة. فإذا اختار مجتمع مّا أن تكون مرجعيته العليا لبناء هويته ونظام حياته الدنيوية مرجعية دينية، فقد اختار أن يكون الله هو مركز الكون المدبّر لكل شيء وأن يكون الإنسان على هذه الأرض مجرد نائب أو وكيل، وهو إذن غير مؤهّل لإدارة حياته بنفسه وعاجز عن تمييز النافع من الضار والحق من الباطل. أمّا إذا اختار المجتمع أن تكون مرجعيته العليا لبناء معنى وجوده مرجعية إنسانية محايثة فقد اختار أن يكون الإنسان هو مركز هذا الكون لأنه قادر بما أوتي من عقل على تنظيم حياته وإدارة شؤونه والارتقاء بمعارفه وخبراته.
في هذا المعيار، كما نرى، مقدّمة لتأسيس معنى أعمق للعلمانية، فليست العلمانية مجرّد فصل للدين عن الدولة، ولا هي حركة فكرية تعادي الدين وتضادّه لأنّها في العمق رؤية للعالم تتأسّس على ما يقوله العقل لا على ما تقوله النصوص الدينية، وعلى العلم لا على الدين. ومن هذا المعنى التفت الكاتب إلى العلاقة بين العلم والعلمانية منبّها إلى أنهما لفظان لا صلة اشتقاقية بينهما، ومع ذلك فبين العلم والعلمانية علاقة مفهومية لأنّ الرؤية العلمانية للعالم مؤسسة على مقتضيات المعرفة العلمية. ويستمر الكاتب مستطردا فيشتقّ من مفهوم العلم مفهوم العقل ليقول إن العلمانية هي العقلانية، وأن العقلانية بوصفها كسرا للقيود المفروضة على العقل هي الليبرالية أو التحرّرية، وأنّ الليبرالية نزعة إنسانية لأن هدفها الأسمى هو تحرير الإنسان من كل قيد. سلسلة من الأفكار المستنتج بعضها من بعض أدت في الختام إلى أنّ العلمانية في نظر علي حرب هي "مذهب له منزعه الإنساني ومضمونه التحرّري وشكله العقلاني". تعريف مكتنز يضم في طياته ثلاثة مفاهيم كبرى شغلت الفكر العالمي منذ قرون وهي مفهوم الإنسيّة Humanisme ومفهوم التحرّرية Liberalisme ومفهوم العقلانية Rationalisme، ويرتقي بالعلمانية لتكون تأليفا بين هذه المفاهيم الثلاثة. هل يعني ذلك أن العلمانية في نظر على حرب هي خلاصة ما أنتجته الحضارة الغربية الحديثة على المستويين النظري والعملي؟ الجواب لابد أن يكون بالإيجاب، فكل هذه المفاهيم هي من نتاج الحضارة الغربية ومن رؤيتها للعالم ومنزلة الإنسان فيه، ومن معنى الوجود الفردي أو الجماعي فيها.
3. التقييم:
يمكن في نهاية التحليل أن نعتبر هذا النص علامة دالّة على استمرار الفكر العربي المعاصر في الانشغال بمعركة المفاهيم الكبرى وفي مقدّمتها مفهوم العلمانية. صحيح أنّ الجيلين الأول والثاني من أجيال الفكر العربي الحديث قد انخرطا عمليّا في فكر الحداثة الغربية واستعارا مفاهيمها ومفرداتها وشرعا في استعمالها لنقد التراث العربي الإسلامي تمهيدا لبناء مجتمع جديد، ولكنهما جيلان قد أسقطا من الحسبان معركة المفاهيم لأنّ المعركة عندهما كانت معركة سياسية واجتماعية بالدرجة الأولى، ثم صارت بعد ذلك معركة تحرر وطني من ربقة الاستعمار. أمّا الفكر العربي المعاصر فقد وجد نفسه بعد الاستقلال إزاء أنظمة سياسية واجتماعية مشوّهة لا هي دينية ولا هي علمانية، ولا هي عربية ولا هي غربية، ولا هي قديمة ولا هي حديثة، لذلك كان لابد من إعادة التأسيس لبناء مفاهيم واضحة تمكّن المجتمعات من توضيح اختياراتها النظرية والعملية وتحسم معركتها الحضارية المستمرة مع ذاتها ومع الآخر في الوقت نفسه.
في هذا السياق، أدلى علي حرب بدلوه مساهمة منه في توضيح أشد المفاهيم إثارة للجدل ألا وهو مفهوم العلمانية، أو العلمنة كما يقول أحيانا. ولكن هذه المساهمة، على ما تضمنّته من بيانات وتوضيحات، صيغت في قالب أقرب إلى الخطابة منه إلى الفلسفة والمنطق. وهذا ظاهر جليّ في المنزلة التي وضع الكاتب فيها نفسه مقارنة بغيره من الكتاب العرب متّهما إياهم بأنهم قد اختلفوا وتنازعوا على دلالة لفظ ظاهرة في المعاجم وفي الاستعمال، كما يظهر في ولعه الزائد بضمّ الألفاظ إلى بعضها البعض دون عمل على بيان معانيها. فكيف للقارئ أن يستوعب دلالات جملة أرادها الكاتب أن تكون تعريفا للعلمانية فإذا هي تضمّ ثلاثة مفاهيم إشكالية؟ أليس من شروط التعريف أن يزيل الالتباس؟ وكيف يزول الالتباس وقد أضاف الكاتب إلى لفظ ملتبس المعنى ثلاثة ألفاظ هي أيضا محلّ جدل ومثار لكل التباس؟
ومع ذلك، ورغم هذه النزعة الخطابية البعيدة نسبيا عن التحليل الفلسفي والمنطقي المطلوب في معركة المفاهيم، نجد في هذا النص معيارا دقيقا لتمييز العلماني من غير العلماني، ولنا أن نبني عليه لنقول إن العلمانية التي يبتغي الكاتب الإقناع بها رؤية للعالم مؤسسة على ما أنتجه العقل البشري من معارف وما اكتسبه من خبرات، فإذا استندنا إليها كانت مقدّمة لتحرير الإنسان من كل قيد معرفي أو سياسي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى