عن شهوة الرجل
(- بعدين اسمع.. إني أريد أذوق كل الأنواع.. كل واحدة طعمها مختلف..
أمنية تراود البشر سرًّا.. أمنية تبدو مستحيلة، لا تقبلها الشرائع والقوانين.. رغبة في التداخل جسديًّا بكل النساء.. سيكتشف لاحقًا أن النساء تراودهن الرغبة نفسها في مضاجعة أنواع مختلفة من الرجال. كان يمعن في التملي بالوجه المنفعل.. المنهمك بالسرد والتحليل.. بمنطقه في الحياة.. القريب جدًّا من شعاره القديم.. الحياة لحظة.. لكنه سلك في حياته عكس مثله حينما وقع في حبائل التي طارت إلى السماء.. أطفال.. وفاء.. عفة.. ورطة كان ينوء بعبئها، ما كان يلهيه عن ذلك العناء هو الإبحار في جسدها الفتّان كل ليلة:
- جرب يا ول.. جرب!
كان يبتسم لنداء هذا البدوي الصاخب الذي أزال قدومه شعور الأسى والوحدة والغم بحديثه وأقاصيصه، يبتسم ويصغي لنصائحه التي تخص العلاقة بالروسيات، وكأنه عاش العمر كله في موسكو.. يصغي متخيلًا طراوة الأفخاذ، صلابة النهود، نعومة البشرات بألوانها المختلفة، متابعًا كفي «أسعد» اللتين ترسمان في الفراغ فوق الطاولة الصغيرة بينهما قبب المؤخرات، وبطرف السبابة رجفة الحلمات. ويفيض في وصف الوجوه في اللحظة، التي ترتفع فيها إلى جلال النشوة والخدر والصراخ:
- اسمع .. المضاجعة مضاجعة وجوه.. كل اللي وصفته راح تحس به باللمس.. وبكل جسمك.. لكنْ ركزْ على الوجه والعيون.. يا ول الكبيرة تصغر تصير شابة لما تبدي تفقد وتذوب روحه.
كان ينصت مستغربًا من قدرة هذا البدوي على خوض تجربة الجنس بكل هذا العنفوان والتفاصيل، ولم يمض على وصوله إلى موسكو مهربًا سيرًا على الأقدام عبر الحدود الإيرانية السوفيتية ؛ سوى عدة أشهر. يضاف إلى ذلك أن الناظر إلى شكله من الخارج سيقدر أن من الصعوبة عليه الحصول على واحدة ؛ لذا يراوده ظنٌّ في بعض اللحظات بأن ما يقصه محض أخيلة، تنضح من مخيلة مكبوتة، لكن بائعة الورد التي جاء بها لزيارتهم، والتي بدت مسحورة بين يديه يطرد ظنه، فيعود يصغي إصغاء تلميذٍ مبهورٍ:
- ابتعد عن الصغيرات.. أكثرهن عاهرات نضجن في عهد «جورباتشوف»، أولا؛ ما يمتعن، لأن يفكرن بس بالفلوس، وثانيًا؛ أكثرهن مريضات، تعرف أش صار بالرفاق البيشمركة منهن.. أمراض جنسية عجيبة.. من السيلان إلى قراد العانة.. والله وحده يدري يجوز ضربهم الإيدز وما يدرون. لكن متوسطات العمر العاملات بالمخازن، محلات بيع الورد، البائعات بسوق الخضار، اللي فاتهن القطار مثلنا، اللي نضجن زمن بريجنييف هذني يا ول نظيفات.. ينطين روحهن بالفراش.. مو بس روحهن يعيشنك.. وإلا منين أشرب وأكل.. الرفيعة ترقص جواك وفوقك، والسمينة جدًّا ما تقدر تتحرك.. أسمع.. أسمع لا تفكر بجسمها تروح تبرد، ركز بس على وجهها، تقوم تصرخ صراخ مخنوق مثل اللي يغرق، وبعدين تقوم تقرط بأسنانها وتْطَلِعْ موجات.. موجات من نصف وجهها. تشوفها جوه الجلد تتموج وتختفي خلف الأذنين.. عالم عجيب يا ولد جرب.. جرب.. صحيح الرفيقة مثل أختي.. لكنها أولا ما تدري.. وبعدين أحنه رجال مثل الثيران لا نحبل ولا نجيب.. وهذا من يوازينه.
وأشار بسبابته السميكة المنتصبة من قبضة يده المضمومة، وكأنها فوهة مسدس، إلى وسطه مردفًا:
- نتخبل.. مو تمام!.
لا يدري كيف أمتعه هذا التفصيل المباشر شبه التجريدي للعلاقة الجنسية من زاوية رجل بدوي.. لا يدري لكنه وجده يشبه خطوط عظماء الرسامين الذين صوروا جسد المرأة عارية.. فالكلام هنا يشبه تلك اللوحات، أو جعله يرى التفصيل الفيزيقي للجسد، زائد القصة المروية بطريقة يصبح فيها الكلام تجسيدًا أكثر حيوية فعلًا من الشريط السينمائي.. وكأنك ترى كل شيء أمام عينيك لحظة القص، وقسمات الراوي الصخرية تستحيل إلى كتلة رائقة من الوهج والماء تبهر الرائي..)ص42-ص45
رواية -الحياة لحظة- صدرت عن الدار المصرية اللبناتية -القاهرة-
(- بعدين اسمع.. إني أريد أذوق كل الأنواع.. كل واحدة طعمها مختلف..
أمنية تراود البشر سرًّا.. أمنية تبدو مستحيلة، لا تقبلها الشرائع والقوانين.. رغبة في التداخل جسديًّا بكل النساء.. سيكتشف لاحقًا أن النساء تراودهن الرغبة نفسها في مضاجعة أنواع مختلفة من الرجال. كان يمعن في التملي بالوجه المنفعل.. المنهمك بالسرد والتحليل.. بمنطقه في الحياة.. القريب جدًّا من شعاره القديم.. الحياة لحظة.. لكنه سلك في حياته عكس مثله حينما وقع في حبائل التي طارت إلى السماء.. أطفال.. وفاء.. عفة.. ورطة كان ينوء بعبئها، ما كان يلهيه عن ذلك العناء هو الإبحار في جسدها الفتّان كل ليلة:
- جرب يا ول.. جرب!
كان يبتسم لنداء هذا البدوي الصاخب الذي أزال قدومه شعور الأسى والوحدة والغم بحديثه وأقاصيصه، يبتسم ويصغي لنصائحه التي تخص العلاقة بالروسيات، وكأنه عاش العمر كله في موسكو.. يصغي متخيلًا طراوة الأفخاذ، صلابة النهود، نعومة البشرات بألوانها المختلفة، متابعًا كفي «أسعد» اللتين ترسمان في الفراغ فوق الطاولة الصغيرة بينهما قبب المؤخرات، وبطرف السبابة رجفة الحلمات. ويفيض في وصف الوجوه في اللحظة، التي ترتفع فيها إلى جلال النشوة والخدر والصراخ:
- اسمع .. المضاجعة مضاجعة وجوه.. كل اللي وصفته راح تحس به باللمس.. وبكل جسمك.. لكنْ ركزْ على الوجه والعيون.. يا ول الكبيرة تصغر تصير شابة لما تبدي تفقد وتذوب روحه.
كان ينصت مستغربًا من قدرة هذا البدوي على خوض تجربة الجنس بكل هذا العنفوان والتفاصيل، ولم يمض على وصوله إلى موسكو مهربًا سيرًا على الأقدام عبر الحدود الإيرانية السوفيتية ؛ سوى عدة أشهر. يضاف إلى ذلك أن الناظر إلى شكله من الخارج سيقدر أن من الصعوبة عليه الحصول على واحدة ؛ لذا يراوده ظنٌّ في بعض اللحظات بأن ما يقصه محض أخيلة، تنضح من مخيلة مكبوتة، لكن بائعة الورد التي جاء بها لزيارتهم، والتي بدت مسحورة بين يديه يطرد ظنه، فيعود يصغي إصغاء تلميذٍ مبهورٍ:
- ابتعد عن الصغيرات.. أكثرهن عاهرات نضجن في عهد «جورباتشوف»، أولا؛ ما يمتعن، لأن يفكرن بس بالفلوس، وثانيًا؛ أكثرهن مريضات، تعرف أش صار بالرفاق البيشمركة منهن.. أمراض جنسية عجيبة.. من السيلان إلى قراد العانة.. والله وحده يدري يجوز ضربهم الإيدز وما يدرون. لكن متوسطات العمر العاملات بالمخازن، محلات بيع الورد، البائعات بسوق الخضار، اللي فاتهن القطار مثلنا، اللي نضجن زمن بريجنييف هذني يا ول نظيفات.. ينطين روحهن بالفراش.. مو بس روحهن يعيشنك.. وإلا منين أشرب وأكل.. الرفيعة ترقص جواك وفوقك، والسمينة جدًّا ما تقدر تتحرك.. أسمع.. أسمع لا تفكر بجسمها تروح تبرد، ركز بس على وجهها، تقوم تصرخ صراخ مخنوق مثل اللي يغرق، وبعدين تقوم تقرط بأسنانها وتْطَلِعْ موجات.. موجات من نصف وجهها. تشوفها جوه الجلد تتموج وتختفي خلف الأذنين.. عالم عجيب يا ولد جرب.. جرب.. صحيح الرفيقة مثل أختي.. لكنها أولا ما تدري.. وبعدين أحنه رجال مثل الثيران لا نحبل ولا نجيب.. وهذا من يوازينه.
وأشار بسبابته السميكة المنتصبة من قبضة يده المضمومة، وكأنها فوهة مسدس، إلى وسطه مردفًا:
- نتخبل.. مو تمام!.
لا يدري كيف أمتعه هذا التفصيل المباشر شبه التجريدي للعلاقة الجنسية من زاوية رجل بدوي.. لا يدري لكنه وجده يشبه خطوط عظماء الرسامين الذين صوروا جسد المرأة عارية.. فالكلام هنا يشبه تلك اللوحات، أو جعله يرى التفصيل الفيزيقي للجسد، زائد القصة المروية بطريقة يصبح فيها الكلام تجسيدًا أكثر حيوية فعلًا من الشريط السينمائي.. وكأنك ترى كل شيء أمام عينيك لحظة القص، وقسمات الراوي الصخرية تستحيل إلى كتلة رائقة من الوهج والماء تبهر الرائي..)ص42-ص45
رواية -الحياة لحظة- صدرت عن الدار المصرية اللبناتية -القاهرة-