أجد من الصعب هنا، وضع مقدمة تعريفية وافية بهذا الشاعر المجهول ( سييربو المريد أو عبد المريد ) لدى القارئ العربي والإسباني على حد سواء، ذلك إن النقد الإسباني لا يدرجه ضمن إنطلوجيا التعريف بالشعرية الإسبانية، على الرغم من أنه لم يكتب بغير الإسبانية ولا يعرف غيرها.وعده آخرون شاعراً محلياً، بينما ورد ذكره عبر آخرين على أن شعريته لم تتضح بعد ولم تمسك لها مساراً واضحاً سوى داخل حلقة شعراء فترته من أبناء الجنوب الأندلسي. ولعل أعذاراً وأخرى غيرها قد تبدو منطقية في نظر النقد الإسباني،رغم عدم إنصافها مع قيمة شاعر مثل سييربو المريد.ولكنني هنا أحيل أغلب التجاهل وإن لم ترد على لسان النقاد ومصنفي الشعر الإسباني، إلى أمرين هامين:
أولهما ضياع أغلب نتاجه أو تفرقه ما بين مجلات ثقافية وصحف محلية لم يحفظ أغلبه ولم يسعَ إلى نشره في كتاب مستقل لا هو أو غيره من أصحابه. كما فقد المتبقي في فترة نزاع الأخوة في الحرب الأهلية الأسبانية، كما إن حفريات النقد لم تتعب ولم تبحث عنه أو عن شعره بعد اختفاء اسمه مباشرة من الوسط الأدبي ومن الحياة برمتها، وقيل في ذلك الكثير، منها هجرته إلى بلدان أميركا اللاتينية وهذا غير مؤكد لأن لا أثر له في قوائم المهاجرين ولا في المجلات وحلقات الأدب الإسباني المهجري.وقيل، وهو المرجح، بأنه قتل من قبل قوات الفالانجا طالما هناك إشارات عن وقوفه مع الجمهوريين وحتى حمله السلاح والمشاركة مع قواتها. ولم يكن بالطبع بوزن لوركا حتى يصل خبره إلى أرجاء العالم ويكتب عنه كما حصل مع الشاعر الغرناطي صاحب أغاني الغجر.وثانيهما أسباب نراها ساهمت في تجاهله، كاتخاذه خطاً منفرداً ربما بدا غريباً وغير مألوف في التصور الشعري آنذاك، مثل استرجاع صور الشعر الرومانطيقي واتخاذه لصور وشخصيات وأنماط شعرية لم تعرف ولم يتم التعريف بها، وهو ما يتضح في نماذجه التي نترجم:هناك عودة للخرجة الأندلسية، الحنين ووصف اللوعة لآثار خافية وغيرها الكثير.
ما يجعلنا نترجم نماذج مما وجدنا من قصائد سييربو المريد (وهي نواة لترجمة كاملة لما عثرنا عليه وانتشلناه من غابة الشعر الإسباني ننوي توثيقها ونشرها بكتاب في المستقبل القريب، مع حقائق وتفاصيل كاملة عن حياته وشعريته)، هو ما شعرت بحصتنا فيه. هذا الشاعر الذي لم يهجر أطلاله ولم يتخلَ عن غمزة العشق العربي، ولا التغني بما يعيده حقاً إلى صف آخر شعراء الأندلس العرب. كما إن دراسة مطولة و بحثاً مستزيداً عن آثاره وحياته، وإن كانت نادرة، وضعتني أمام يقين تام بأن بقاءه في إسبانيا ، ولادته،وعيشه وانتسابه إلى إسبانيا كان بمحض الصدفة.إذ أن المعلومات تؤكد ـ وإن ليس بشكل قاطع ـ بأنه ابن لأب مشرقي وأم أندلسية، كان قد قدم والده في الربع الأخير من القرن التاسع عشر،وما تشير إليه أشعار المريد بأنه من بقعة شرقية لها علاقة بآثار رافدينية،كما أن معرفة المريد بالأنماط الشعرية العربية دليل آخر على أن والده كان حريصاً على تعليمه إياها،أو حتى نقلها إلى الإسبانية مباشرة، وربما حتى قبل محاولات المستعرب غومث المعروفة.وفي بحثنا المستفيض نرجح وجود أبيه في إسبانيا بسبب من مرافقته لأحد المشتغلين آنذاك في مكتبة الأسكوريال، دون معلومات أو وثيقة مؤكدة.
موت الأب ودفنه في أسبانيا، يجعل الصبي برعاية أمه الأندلسية التي تنتقل به إلى أرض أجداه، حيث يتربى وينشأ ويدرس ويخرج إلى الأوساط الأدبية، ويتعلق بحب صبية شقراء كما يتضح من قصائده وإن لم يتزوج بها، حيث سيبقى عازباً حتى حدوث الحرب الأهلية ومشاركته بها وحتماً موته وهو الذي لم يتجاوز الخامسة و أربعين من عمره على أقرب تخمين… محاولة منا أولية للتعريف به، شعراً وحياةً و مصيراً، اعتقاداً منا بأنه شئناً أو أبينا ينتمي لتركتنا الأندلسية في أسبانيا.
.مشاهدة المرفق 3772
أولهما ضياع أغلب نتاجه أو تفرقه ما بين مجلات ثقافية وصحف محلية لم يحفظ أغلبه ولم يسعَ إلى نشره في كتاب مستقل لا هو أو غيره من أصحابه. كما فقد المتبقي في فترة نزاع الأخوة في الحرب الأهلية الأسبانية، كما إن حفريات النقد لم تتعب ولم تبحث عنه أو عن شعره بعد اختفاء اسمه مباشرة من الوسط الأدبي ومن الحياة برمتها، وقيل في ذلك الكثير، منها هجرته إلى بلدان أميركا اللاتينية وهذا غير مؤكد لأن لا أثر له في قوائم المهاجرين ولا في المجلات وحلقات الأدب الإسباني المهجري.وقيل، وهو المرجح، بأنه قتل من قبل قوات الفالانجا طالما هناك إشارات عن وقوفه مع الجمهوريين وحتى حمله السلاح والمشاركة مع قواتها. ولم يكن بالطبع بوزن لوركا حتى يصل خبره إلى أرجاء العالم ويكتب عنه كما حصل مع الشاعر الغرناطي صاحب أغاني الغجر.وثانيهما أسباب نراها ساهمت في تجاهله، كاتخاذه خطاً منفرداً ربما بدا غريباً وغير مألوف في التصور الشعري آنذاك، مثل استرجاع صور الشعر الرومانطيقي واتخاذه لصور وشخصيات وأنماط شعرية لم تعرف ولم يتم التعريف بها، وهو ما يتضح في نماذجه التي نترجم:هناك عودة للخرجة الأندلسية، الحنين ووصف اللوعة لآثار خافية وغيرها الكثير.
ما يجعلنا نترجم نماذج مما وجدنا من قصائد سييربو المريد (وهي نواة لترجمة كاملة لما عثرنا عليه وانتشلناه من غابة الشعر الإسباني ننوي توثيقها ونشرها بكتاب في المستقبل القريب، مع حقائق وتفاصيل كاملة عن حياته وشعريته)، هو ما شعرت بحصتنا فيه. هذا الشاعر الذي لم يهجر أطلاله ولم يتخلَ عن غمزة العشق العربي، ولا التغني بما يعيده حقاً إلى صف آخر شعراء الأندلس العرب. كما إن دراسة مطولة و بحثاً مستزيداً عن آثاره وحياته، وإن كانت نادرة، وضعتني أمام يقين تام بأن بقاءه في إسبانيا ، ولادته،وعيشه وانتسابه إلى إسبانيا كان بمحض الصدفة.إذ أن المعلومات تؤكد ـ وإن ليس بشكل قاطع ـ بأنه ابن لأب مشرقي وأم أندلسية، كان قد قدم والده في الربع الأخير من القرن التاسع عشر،وما تشير إليه أشعار المريد بأنه من بقعة شرقية لها علاقة بآثار رافدينية،كما أن معرفة المريد بالأنماط الشعرية العربية دليل آخر على أن والده كان حريصاً على تعليمه إياها،أو حتى نقلها إلى الإسبانية مباشرة، وربما حتى قبل محاولات المستعرب غومث المعروفة.وفي بحثنا المستفيض نرجح وجود أبيه في إسبانيا بسبب من مرافقته لأحد المشتغلين آنذاك في مكتبة الأسكوريال، دون معلومات أو وثيقة مؤكدة.
موت الأب ودفنه في أسبانيا، يجعل الصبي برعاية أمه الأندلسية التي تنتقل به إلى أرض أجداه، حيث يتربى وينشأ ويدرس ويخرج إلى الأوساط الأدبية، ويتعلق بحب صبية شقراء كما يتضح من قصائده وإن لم يتزوج بها، حيث سيبقى عازباً حتى حدوث الحرب الأهلية ومشاركته بها وحتماً موته وهو الذي لم يتجاوز الخامسة و أربعين من عمره على أقرب تخمين… محاولة منا أولية للتعريف به، شعراً وحياةً و مصيراً، اعتقاداً منا بأنه شئناً أو أبينا ينتمي لتركتنا الأندلسية في أسبانيا.
.مشاهدة المرفق 3772