في عالم نجيب محفوظ تمور الحياة الإبداعية في شتى أشكالها وخطوطها وصيغها وأنساقها، وتتفاعل المواقف والشخصيات والإفكار والرؤى، وشتى القضايا الفكرية، والعلاقات الإنسانية المتقاطعة والمتصارعة والمتداخلة، في عالم تحكمه طبيعة المكان، والأجيال المتعاقبة والشخصيات العائشة طبيعتها الخاصة، ونوازع الخير والشر، والرغبات الدفينة المثقلة بممارسات الحياة والنائمة على بركان كبير من الهموم الحياتية المختلفة، كذلك تحكم هذا العالم أيضا صراعات المبادئ والقيم، والإتجاهات الإجتماعية المختلفة والدين والسياسة، وقضايا الواقع بما تحمله على كاهلها وفي داخلها من تأزمات وأمراض العصر، وغيرها من مظاهر الحياة المختلفة في عصرنا الحاضر، وقد حظيت حارة نجيب محفوظ، أو الحارة المصرية والإنسان المصري بحضور غير عادي على المستوى الابداعي والشخصي والعالمي، وقد احتفي نجيب محفوظ بحارته المصرية الأصيلة إحتفاء خاصا لأنها هي أول من فتح عينيه عليها، وتابع فيها خطواته الأولى في حي الجمالية العريق، ثم في حي العباسية بعد ذلك، فانطبعت في ذهنه وذاكرته مظاهر الحياة في هذه الأحياء الشعبية الأصيلة.
لذا كانت الحارة هي أول خطواته نحو الواقعية حين أراد أن ينتقل من الرواية التاريخية إلى الرواية الواقعية، ومن ثم فقد كانت هذه الخطوة، أو هذه النقلة المهمة في إبداعه الروائي سببا في إنتقال إبداعه إلى العالم بأسره، لإحتوائه بجانب ذلك على كل مظاهر الصدق الفني الذي نبع من داخل خصوصية المكان في الحارة المصرية الشعبية الأصيلة التي جسدها تجسيدا خاصا في روحها وأزقتها ودروبها، وأبرز بكل صدق طبيعة الشخصيات التي عاشت فيها من خلال فنه الروائي والقصصي والذي ما كان ليظهر بهذه الطريقة المشعة والمتوهجة إلا من خلال أصالة في التعبير، وقدرة على سبر أغوار هذا العالم البسيط العميق الموغل في القدم والموغل أيضا في حداثته إن صح هذا التعبير، وقد جاء ذلك كله عبر معاناة ومكابدة شديدة في ساحة الأدب عاشها نجيب محفوظ، واحتفي بها خلال فترة زمنية تزيد على أكثر من سبعين عاما من الإبداع والفكر والإنضباط ، حيث سجل خلال هذه الفترة الحادة من عمر الأدب العربي في مصر التطور الفكري والحضاري للإنسان المصري عبر إبداعاته السردية في مجالاتها ومحاورها المختلفة، الرواية، والقصة القصيرة، والسينما، والمقالة، وغيرها من وسائل التعبير والإبداع التي استخدمها لتأصيل عالمه وطرح أفكاره ورؤيته الخاصة في التعبير .
وقد حظي نجيب محفوظ ككاتب له خصوصيته بعدد كبير وهائل من الدراسات النقدية، والبحوث الأكاديمية، والمقالات، والإهتمام الإعلامي جعلته يتربع على قمة الهرم الأدبي في مصر، والعالم العربي، بل وتطرق ذلك الإنتشار إلى كثير من المنابر الأدبية خارج العالم العربي . حيث أحتفي به كثير من المستشرقين في الشرق والغرب بدراسات وبحوث اضافية لعلمهم بأهمية إبداعه الذي يضارع كثير من كتاب الرواية والقصة في العالم و بما يحتويه عالمه الروائي والقصصي من أعمال تتفوق على كثير من هذه الأعمال التي كتبها كثير من كتاب الشرق والغرب شكلا ومضمونا .
ولعل هذه الببليوجرافيا التي أعدت عن إبداعات نجيب محفوظ تتحدث عن عالم هذا الكاتب الظاهرة الذي قلما يجود الزمان بمثله . وهي في نفس الوقت تعتبر ثمرة التفاعل مع هذا العالم الروائي الأصيل في كل نتاجاته، وهذه الرؤى المتقاطعة والمتداخلة ما بين السرد الروائي والقصصي والمقالات، وما بين لغة الفن السابع وما تحويه من عناصر لها خصوصيتها الفنية سواء ما أبدعه نجيب محفوظ من سيناريوهات لهذا الفن، أو ما تم توظيفه من خلال إبداعاته الروائية على شاشة السينما . لذا فقد أعدت هذه البانوراما الببليوجرافية الكبيرة لتعبر وتجسد هذه الرحلة الطويلة من الإبداع بكل ما تحويه من أفكار، ورؤى، وفلسفات، وبكل ما كتب عنها، وما أعد لها من دراسات، ومقالات، وشهادات، ونقد، تصدرتها بيوجرافيك موجز عن سيرته الذاتية توضح أبرز المحطات الرئيسة في حياته والتي كان لها أثر فعال على إبداعاته منذ ولادته في 11 كانون الاول عام 1911 وحتى رحيله في 30 آب عام 2006 عن عمر يناهز الخامسة والتسعين عاما عاشها نجيب محفوظ أديبا وكاتبا وروائيا وقاصا وسينمائيا وإنسانا يجمع داخله حب الناس وحب الإنسانية وحب الحياة وحب الموت أيضا كما أشار في إحدى حواراته وشهاداته الشهيرة .
الضبط الببليوجرافي
وقد بدأ هذا الضبط الببليوجرافي بالإبداع الأساسي في مجال الرواية، ثم القصة القصيرة، ثم السينما، ثم المقالة . وقد روعي في إعدادها استخدام العديد من التقسيمات الببليوجرافية المعروفة، مثل الببليوجرافيا التحليلية، وهو ما تم مراعاته عند إعداد ورصد إبداعاته في مجال الرواية، والقصة القصيرة بحيث شملت كل ما يخص هذا الجانب من كتابات تضمنت العديد من الرؤى، والإفكار الخاصة طالت فيها هذه الكتابات عناصر اللغة، والبناء الفني، والمكان، والزمان، والإتجاهات الروائية الحديثة، والتيارات الحداثية، والشخصيات الرئيسة والثانوية، ودلالات الواقع، ومضامين رواياته، والتيارات التي تندرج تحتها هذه المضامين . كما تم أيضا مراعاة نسق الببليوجرافيا النقدية حيث تم تقييم إبداعاته في مجالي الرواية والقصة القصيرة على وجه الخصوص، من خلال المقالات والدراسات التي أعدت عنها سواء في فصول من الكتب، أو على صفحات الدوريات المتخصصة، والثقافية، والجامعة . كذلك تمت مراعاة أسس الببليوجرافيا النسقية أو المنهجية خاصة عند إعداد الحوارات التي تمت معه . فقد تم تقسيم هذه الحوارات إلى حوارات تمت قبل حصوله على جائزة نوبل وهي تمثل مرحلة خاصة بإبداعاته وعالمه الخاص كان فيها نجيب محفوظ لا يزال داخل دائرة المحلية إعلاميا، وكذلك الحوارات التي تمت معه بعد حصوله على جائزة نوبل وهي تمثل المرحلة التي أنتقل فيها إلى آفاق جديدة لم يكن يعرفها الأدب العربي قبل ذلك . لذا جاءت هذه التقسيمة المرتبطة بالحوارات التي تمت معه لتميز العلامة الفارقة بين مرحلتين أدبيتين، وهما وإن كانتا مرحلتين لا يفصلهما فنيا أي فاصل، إلا أن طبيعة الحوار فيهما تبرز الوجه الحقيقي لحالة أدب نجيب محفوظ بل والأدب العربي الحديث بأكمله من خلال الأسئلة والأجابات التي تمت عليها حيث أصبح هذا الأدب محل أنظار العالم كله . كذلك تم إفراد فصل بأكمله للكتب النقدية التي صدرت عن نجيب محفوظ وعالمه بدأت بكتاب " اللامنتمي " لغالي شكري والذي صدر عن مكتبة الزناري للنشر عام 1964 تتابعت بعده كثير من الكتب النقدية حيث تلاها كتاب " تأملات في عالم نجيب محفوظ " لمحمود أمين العالم عام 1970، و" مع نجيب محفوظ " لأحمد محمد عطية عام 1971، ثم " الجهود الروائية من سليم البستاني إلى نجيب محفوظ " عام 1972، و" الله في رحلة نجيب محفوظ الروائية " لجورج طرابيشي واستحوذ نجيب محفوظ على كثير من الكتب النقدية التي تناقش وتبحث في عالمه الروائي والقصصي .
وقد تم الإعداد لهذه الببليوجرافيا بطريقة روعي فيها أن تكون ناطقة بما تحويه من إبداعات، ورؤى لصاحبها، ونقاده، ومريديه، وأصدقائه، وقرائه، وموقف الإعلام من عالمه . كما روعي أيضا ألا تكون ببليوجرافيا صماء تحوي جردا لإبداعاته، وما كتب عنه فحسب، بل روعي فيها أن تكون صورة صادقة لهذا العالم الملحمي الكبير بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى من خلال إختيار نماذج من مقاطع من رواياته أو بعض القصص القصيرة التي تعبر عن المجموعة المرصودة تكون تعبيرا صادقا وتحليليا عما ورد بالنص الروائي أو المجموعة القصصية . وهو أمر يختلف عما سبق أن صدر من ببليوجرافيات عن كاتبنا الكبير خاصة فيما أصدرته دار الكتب والوثائق القومية تحت عنوان " نجيب محفوظ " في المرآة .. ببليوجرافيا عن صاحب جائزة نوبل . كما اختلفت أيضا عن الجهود التي قام بها الدكتور صبري حافظ في رصده للرواية المصرية خلال مائة عام، والجهد الذي قام به الدكتور طه وادي عن الرواية الفنية في مصر، والجهد الذي بذله الدكتور حمدي السكوت في ببليوجرافيا الرواية العربية، وإن كان هناك إستفادات كثيرة مما سبق إعداده في جهدهم الببليوجرافي الكبير، إلا أن الببليوجرافيا التي تضمنها كتاب " اللامنتمي " للدكتور غالي شكري تبدو أقرب إلى حد كبير ما جاء بهذا الضبط الببليوجرافي الذي قمنا بتنفيذه لمراعاتها نفس القواعد المتحركة في هذا الضبط من ناحية الإستدلال على منهجية الرصد بنماذج مقتطعة من أقوال الكثير من نقاد وباحثي نجيب محفوظ الذين عبروا عن عالمه في أقوال موجزة . ومحاولة حصر ورصد كل ما صدر عن نجيب محفوظ في جوانبه المختلفة ليكون مرآة صادقة لهذا الكاتب الكبير **
الإبداع الروائي
لاشك ن ترتيب هذا العالم – عالم الرواية - يجيء من خلال أهمية كل محور من المحاور الإبداعية عند كاتبنا الكبير، وترتيب أهميتها في عالمه . فكان البدء بالإبداع الروائي، وهو الأول في الأهمية بالنسبة له، حيث شكلت كل رواية وحدة مستقلة بذاتها من حيث الضبط الببليوجرافي من خلال التحديدات الأولية للنص متمثلة في العنوان وجهة الإصدار ومكان النشر وسنة النشر وما إذا كان سبق نشرها مسلسلة في إحدى الدوريات، يلي ذلك إقتطاع جزء مهم من النص يعتبر نقطة فارقة لإبراز هويته والمضمون والتوجه الذي يعبر عنه . ثم رصد الكتب التي صدرت عن هذا النص في حالة وجود دراسات أعدت في كتب صدرت عنه مستقلة، نجد ذلك في حالات مثل الثلاثية، وملحمة الحرافيش، وروايات زقاق المدق، وبداية ونهاية، وأولاد حارتنا، واللص والكلاب، كما نجد ذلك أيضا في أصداء السيرة الذاتية . ثم يتم رصد ما كتب عن النص في فصول من الكتب ثم في الدوريات وتنتهي الببليوجرافيا للنص الروائي بمقطع مهم لأحد النقاد المتميزين . وقد تم التعامل مع جميع الروايات من خلال هذا المنظور بحيث شكلت ببليوجرافيا الرواية عند نجيب محفوظ محورا مهما وضع هذا النوع من الإبداع في شكل تحليلي ونقدي وفي نسق يسهل لأي باحث إعادة القراءة، وإعادة إكتشاف كل نص من النصوص الروائية عند كاتبنا الكبير في سهولة ويسر، بل إنها تساعده في نفس الوقت على إستصدار أحكام ورؤى جديدة حول النص شكلا ومضمونا . وقد تم مراعاة التسلسل التاريخي في هذا الضبط الببليوجرافي بصفة عامة . وكلنا نعرف البدايات الأولى لعالم الرواية عند نجيب محفوظ، وبواكيره في هذا المجال، فقد أصدر نجيب محفوظ أولى رواياته وهي رواية " عبث الأقدار " عام 1939 أصدرها له سلامة موسى في سلسلة المجلة الجديدة وكان نجيب محفوظ في ذلك الوقت في الثامنة والعشرين من عمره ثم أتبعها برواية " رادوبيس " عام 1943، و" كفاح طيبة " عام 1944، والغريب أن هذه الروايات الثلاث التي تمثل المرحلة التاريخية والتي قد استمدت من التاريخ الفرعوني مضمونها وشخصياتها قد صدرت جميعها أثناء الحرب العالمية الثانية وهو أمر يحتاج إلى وقفة تأملية إذ أن هذه الروايات قد جاء معها في نفس النسق بعض الروايات الأخرى التي تتناول نفس المرحلة التاريخية عند كل من السحار وعلى أحمد باكثير وعادل كامل وغيرهم فما هي العلاقة بين صدور هذا التيار وواقع الحرب الدائرة في ذلك الوقت هو تساؤل يفرض نفسه في هذا السياق . بعد ذلك بدأت المرحلة الإجتماعية بصدور " خان الخليلي " عام 1945، و" القاهرة الجديدة " عام 1946، ثم " زقاق المدق " عام 1947، و" السراب " عام 1948، وتوقف صدور أعمال نجيب محفوظ بعد ذلك حوالي ثماني سنوات إلى أن صدر الجزء الأول من الثلاثية " بين القصرين " عام 1956، ثم صدرت " السكرية " و" قصر الشوق " معا عام 1957 وتتابعت رحلة نجيب محفوظ مع الإبداع الروائي حتى بلغ عدد ما صدر من هذا الإبداع أربعة وثلاثين عملا روائيا بخلاف كتاب " أمام العرش " الذي يعتبره بعض الكتاب عملا روائيا بينما يصنفه البعض الآخر كرؤية لنجيب محفوظ في محاكمة حكام مصر منذ الملك مينا وحتى السادات، بالإضافة أيضا إلى كتاب " أصداء السيرة الذاتية " الذي يمثل عند نجيب محفوظ عملا شبه سيرى جسداً فيه أصوات تتداخل في ذاكرته ومدونات خاصة يعبر من خلالها عن واقعه الذاتى الخاص والعائلى ، وقد طبعت جميع الأعمال الروائية لنجيب محفوظ في القاهرة عدا رواية " أولاد حارتنا " فقد صدرت عن دار الآداب البيروتية عام 1967. وكانت قد نشرت مسلسلة بجريدة الأهرام خلال الفترة من 21 ايلول عام 1959 حتى 25 كانون الاول من نفس العام.
كما نشرت أيضا بمجلة الأهالي في 26 تشرين الاول 1994 بدراسة للدكتور جابر عصفور وذلك عقب نجاته من محاولة إغتياله .
والمتتبع لأسلوب الصياغة الببليوجرافية للإبداع الروائي عند نجيب محفوظ يستطيع أن يتلمس منذ البداية أسباب الجدل والإختلاف الذي ثار حول الكثير من إبداعاته خاصة، في مجال الرواية من خلال هذا الكم الكبير من العناوين، والمعبر عن جميع أشكال الصياغة، والأنساق، والقضايا المثارة الذي خرج منها هذا العالم.
كما يستطيع أن يلم بمراحل التطور الذي طرأ على هذا العالم من جميع وجوهه، ويستطيع أيضا أن يتلمس هذا الجهد الكبير الذي بذله الكاتب طوال عمره الأدبي، والجهد الموازي له للدراسات والبحوث المكتوبة عن هذا الجانب السردي المتميز عنده . التي مثلت بانوراما ضخمة لعالم إبداعي غير مألوف وغير عادي . فقد أثارت رواية " أولاد حارتنا " وحدها العديد من القضايا، والإشكاليات، والجدل حتى أنها قد عرضت حياة كاتبنا الكبير للخطر خاصة بعد فوزه بجائزة نوبل للأداب . جميع ما يعطي إنطباعا عن تأثير أدب نجيب محفوظ في كثير من المجالات الإجتماعية والسياسية والدينية .
القصة القصيرة
أما الضبط الببليوجرافي في مجال القصة القصيرة وهو المحور الثاني في الأهمية في عالم نجيب محفوظ فقد تم رصد خطوطه الرئيسة بطريقة تحليلية، بحيث ضم هذا المحور ثبتاً عاماً بكل ما نشر لنجيب محفوظ في الدوريات المختلفة بدءا من أول قصة نشرت له وهي قصة " فترة من الشباب " التي نشرت بمجلة السياسة في الثالث من تموز عام 1932 وقد نشرت له هذه القصة وكان عمره في ذلك الوقت يناهز العشرين بقليل . تلتها مجموعة من القصص نشرت على صفحات " المجلة الجديدة " لصاحبها سلامة موسى الذي كان يمثل الأب الأدبي الروحي له في ذلك الوقت بدأت بقصة " ثمن الضعف " بالعدد رقم 6 الصادر في الثالث من آب 1934، ثم قصة " أدلة الإتهام " بالعدد 12 الصادر في 14 كانون الاول 1934، تلتها قصة " وفاء " بالعدد 15 الصادر في 5 أكتوبر عام 1934، حتى عام 1937 حينما بدأ نجيب محفوظ في نشر عدد من القصص في مجلة الرواية لصاحبها أحمد حسن الزيات، بدأت بقصة " خيانة في رسائل " نشرت بالعدد 12 الصادر في 15 تموز عام 1937، كما نشر نجيب محفوظ أيضا في بواكيره الأولى بعض القصص في مجلة " مجلتي " لصاحبها أحمد الصاوي محمد، ورسالة الزيات، وثقافة أحمد أمين، وغيرها من الدوريات الثقافية التي كان لها وزنها في ذلك الوقت، على أثر ذلك بدأت العديد من الدوريات المختلفة تتهافت على نشر قصصه القصيرة حتى استحوذت عليه الأهرام بدءا من العام 1959 من خلال عدد كبير من القصص القصيرة التي نشرت على صفحاته أبتداء من هذا التاريخ . إضافة إلى نشر رواية " أولاد حارتنا " مسلسلة . أما المجموعات القصصية التي صدرت لنجيب محفوظ والتي تم رصدها في هذا المجال فقد تمت مراعاة نفس الأسس التي تمت في رصد الإبداع الروائي، بحيث مثلت كل مجموعة وحدة ببليوجرافية مستقلة وتم التعامل معها فنيا من خلال رصد الفهرس الخاص بالمجموعة، ثم إنتقاء قصة من المجموعة لتحدد هويتها وتوجهها، ثم تحديد ما كتب عن هذه المجموعة نقديا في فصول من الكتب ثم في الدوريات . ثم إقتطاع جزء من دراسة نقدية تخص المجموعة للتنويه عنها نقديا . هذا بالإضافة إلى رصد الكتب التي صدرت عن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ وعرضها عرضا فنيا يجسد المظاهر الفنية والبنائية والدلالية حول القصة القصيرة في عالم نجيب محفوظ الابداعي . وقد لوحظ أن عدد الكتب التي صدرت عن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ قليل جدا بالقياس إلى عدد الكتب التي صدرت في مجال الرواية .
وقد بلغ عدد المجموعات القصصية التي صدرت لنجيب محفوظ ثماني عشرة مجموعة تضمنت كل منها عددا من القصص تراوحت ما بين الثلاث قصص والثلاثين قصة قصيرة، وقد سبق نشر عدد كبير منها في الدوريات المختلفة . وقد بدأ صدور هذه المجموعات عام 1948 بمجموعة " همس الجنون " عن دار الكتاب العربي بالقاهرة . تلتها مجموعة " بيت سيء السمعة " عام 1960 ثم تتابع صدور المجموعات القصصية تباعا حتى صدور آخر مجموعة وهي مجموعة " آخر العطوف " عام 2001 عن مكتبة مصر بالقاهرة . وقد تبين من الرصد الخاص بالقصة القصيرة أن هناك عدداً من المجموعات القصصية صدرت كمختارات تم إنتخاب نصوصها من المجموعات السابقة مثل مجموعة " أهل الهوى " وهي مجموعة أختارها نجيب محفوظ بنفسه عقب فوزه بجائزة نوبل عام 1988 وصدرت عن دار الهلال، كما صدرت مجموعة تحت عنوان " السهم " ضمن سلسلة مكتبة الأسرة التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب عام 1996 بمقدمة للأستاذ محمد سلماوي، كما أصدرت مجلة نصف الدنيا في ملحق خاص أكثر من مجموعة قصصية لنجيب محفوظ مما نشر على صفحاتها من نصوص، فأصدرت في عيد ميلاده السابع والثمانين مجموعة في عددها الصادر في 11 كانون الاول 1998 يحوي 15 قصة، كما صدرت مجموعة أخرى عام 1999، بخلاف القصص التي كان نجيب محفوظ ينشرها في مجموعات مشتركة مع رواد القصة في مصر نذكر منها على سبيل المثال قصة " همس الجنون " التي صدرت ضمن مجموعة مشتركة في سلسلة كتب للجميع تحت عنوان " 15 قصة مصرية المجموعة الثانية " في شباط عام 1958، وقصة " تحت المظلة " التي تضمنتها مجموعة مشتركة تحت عنوان " قصص قصيرة " بدراسة للدكتور غالي شكري وصدرت هذه المجموعة عن سلسلة كتابات معاصرة في كانون الاول 1968، وقصة " الجبار " التي صدرت ضمن مجموعة أخرى في سلسلة كتابي وتحت عنوان " ألوان من الأدب المصري " عام 1979، وقصة " الحوادث المثيرة " التي تضمنتها مجموعة " 10 قصص قصيرة من أدب جيل الرواد " التي صدرت عن سلسلة كتاب اليوم عام 1993 برؤية نقدية للدكتور سمير سرحان .
السينما
بالنسبة للضبط الببليوجرافي لمحور السينما فقد تم رصد فيلموجرافيا خاصة بسينما نجيب محفوظ في ثبت خاص موضح فيه جميع السيناريهات التي قام بإعدادها خلال حياته حسب تاريخ عرض الأفلام التي صدرت بشأنها . بدءا من سيناريو فيلم " المنتقم " الذي أخرجه صلاح أبو سيف، وعرض عام 1947 وإنتهاء بسيناريو فيلم " أصدقاء الشيطان " المأخوذ عن رواية الحرافيش والذي أخرجه أحمد ياسين وعرض في العام الذي فاز فيه نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب . كما تم رصد الكتب التي صدرت عن سينما نجيب محفوظ التي بلغت أكثر من عشرة كتب تناولت هذا الفن من جميع جوانبها، وبدأت بكتاب " نجيب محفوظ على الشاشة " لهشام النحاس والصادر عن الهيئة العامة للكتاب عام 1975، وانتهاء بالطبعة الثانية من كتاب " إعادة اكتشاف فيلم مصري مختلف " للدكتور مدكور ثابت رئيس أكاديمية الفنون وأستاذ الأخراج في المعهد العالي للسينما وهو من الكتب المهمة التي تحوى عددا من الدراسات المتعمقة لنخبة من نقاد السينما حول فيلم " حكاية الأصل والصورة " عن قصة لنجيب محفوظ بنفس الأسم، وهو يحوي أيضا بعض المضامين والرؤى الجديدة حول هذا الفيلم الذي يعتبر أول فيلم تجريبي في السينما المصرية . وقد تم إعداد عرض لكل كتاب صدر عن سينما نجيب محفوظ أسوة بما تم مع كتب الرواية والقصة القصيرة . كما تم رصد عدد كبير من الدراسات والمساهمات التي تناولت السينما عند نجيب محفوظ سواء التي نشرت في فصول من الكتب أو في الدوريات المختلفة مرتبة ترتيبا تاريخيا لسهولة الرجوع إليها . مدعمة ببعض المقولات التي قيلت عن ارتباط نجيب محفوظ بفن السينما طوال حياته الإبداعية كلها .
المقالة
المقالات التي كتبها نجيب محفوظ سواء في مرحلة البواكير الأولى أو عند تعيينه في جريدة الأهرام أثر خروجه على المعاش عام 1971، تمثل مرحلة مهمة تعبر عن فكر وآراء نجيب محفوظ تجاه الواقع الإنساني المصري والعربي والعالمي، من خلال قضايا الديمقراطية والدين والسياسة والثقافة والتعليم والعمل، وغيره من المحاور التي تناولها في مقالاته الأسبوعية في الأهرام وغيرها من الجرائد والدوريات المصرية والعربية . وقد أصدرت الدار المصرية اللبنانية مجموعة من الكتب تتناول هذه المقالات التي بدأها نجيب محفوظ منذ عام 1934، وهي على ترتيب صدورها " حول الدين والديمقراطية " " حول الشباب والحرية "، " حول الثقافة والتعليم "، " حول التدين والتطرف "، " حول العدل والعدالة "، " حول التحرر والتقدم "، " حول العلم والعمل "، " حول العرب والعروبة " . وتمثل المقالة في إبداعات نجيب محفوظ علامة مهمة تعبر عن رؤيته الفكرية تجاه ما يدور حوله من ممارسات وردود فعل سياسية واجتماعية مؤثرة وفاعلة في المنطقة العربية وفي الساحة العالمية على إطلاقها.
النقد
يمثل النقد في عالم نجيب محفوظ المحور الموازي لعالمه الابداعي، ففي هذا الجانب، تبرز الإضاءة والتوهج لهذا العالم من خلال ما يكتب عن إبداعه الروائي والقصصي، وقد فاق الجانب النقدي من ناحية الكم ما أبدعه نجيب محفوظ نفسه من ناحية عدد الروايات والمجموعات القصصية حيث فاقت الكتب التي صدرت عنه والدراسات الأكاديمية التي أعدت عن إبداعاته والملفات والأعداد الخاصة والتذكارية التي أصدرتها الدوريات المتخصصة وغير المتخصصة عن عالمه بما يكفي لتأسيس مكتبة كبيرة قائمة بذاتها . وقد مثل هذا الجانب في هذا الضبط الببليوجرافي محورا أساسيا وعلامة مهمة حيث تم رصد هذا الزخم الهائل من الدراسات والكتب والمقالات والبحوث، وحظي هذا الجانب على مساحة كبيرة من الضبط الببليوجرافي . فقد تم في هذا المجال حصر الكتب التي صدرت كدراسات ومساهمات نقدية وحوارات جرت معه وقد بلغ عددها 121 كتابا تم رصدها وإعداد عروض لكل منها طبقا لتوجهه النقدي والبحثي والتاريخي .
إلى جانب ذلك تم رصد ما كتب نقديا وبحثيا عن إبداع نجيب محفوظ الروائي والقصصي في فصول من الكتب وفي الدوريات المختلفة على مستوى العالم العربي بأكمله، مقالات وملفات وأعداد خاصة من الدوريات، وقد تم رصد عدد كبير جدا من هذه المساهمات موضحا فيها أسم الناقد أو الباحث وأسم الدورية التي تضمنتها هذه المساهمة ومكان تواجدها وتاريخ النشر وغير ذلك من البيانات الأساسية التي تهم الباحث وقد تم العروج أيضا إلى مواقع الأنترنت وتم الحصول منها على الكثير مما كتب عن نجيب محفوظ نقديا وبحثيا وحواريا . وتعتبر الأعداد الخاصة التي صدرت عن نجيب محفوظ من العلامات المهمة في ساحة النقد وهي وثائق ومراجع مهمة للباحثين ويعتبر العدد الخاص الذي صدر عن مجلة الهلال في شباط 1970، والعدد الخاص الذي صدر في كانون الثاني 1963 من مجلة الكاتب من الأعداد المهمة التي يرجع إليها الباحث والدارس لأدب نجيب محفوظ وقد صدرت بعد ذلك أعداد كثيرة من الدوريات المختلفة في مجلات فصول، وإبداع، والقاهرة، والعربي، وشؤون أدبية الإماراتية، والحرس الوطني بالسعودية، وآفاق المغربية أما الحوارات التي تمت معه فقد تم تقسيمها على أساس حوارات تمت قبل حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1988 وحوارات تمت معه بعد حصوله على الجائزة . لما في ذلك من جوانب فنية لها تأثيرها على الآراء التي عبر عنها نجيب محفوظ في تناوله للواقع العام للرواية والقصة العربية على إطلاقها . إلا انه من الملاحظ أيضا أنه بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب نشطت حركة النشر عنه فلم تخلو دورية، أسبوعية، أو شهرية، أوفصلية من نشر دراسة أو حوار أو إعداد ملف عن إبداعه الروائي والقصصي وتعد جريدة أخبار الأدب من أكثر الدوريات الثقافية المتخصصة إعدادا لملفات عن نجيب محفوظ خاصة في مناسبات تاريخ ميلاده كل عام .
الدراسات الأكاديمية
وقد حظي عالم نجيب محفوظ الروائي والقصصي على كثير من الدراسات، والإطروحات الأكاديمية، في رسائل الماجستير، والدكتوراه وقد بلغ عدد الأطروحات الأكاديمية التي أعدت عن عالمه أكثر من أربعين أطروحة، ورسالة، وهو عدد لم يصل إليه مبدع في تاريخ الدراسات الأكاديمية لا في مصر ولا في العالم العربي حتى الآن، وربما يكون ذلك أيضا في العالم أيضا . تصدى لها عدد من الباحثين المتميزين، وتحت إشراف عدد من خيرة الأساتذة المتخصصين في مجال النقد، والبحث العلمي، ولعل فاتحة هذه الدراسات الأكاديمية كانت تحت عنوان الواقعية الفرنسية والرواية العربية في مصر ( 1945 – 1960 ) دراسة مقارنة تطبيقا على ثلاثية نجيب محفوظ، وكانت للباحثة سيزا أحمد قاسم، وتحت إشراف الدكتورة سهير القلماوي، ونوقشت هذه الأطروحة لنيل درجة الدكتوراه في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1976 . وقد طبعت هذه الدراسة ونشرت بمعرفة الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1984، ثم تتابعت بعد ذلك الدراسات الأكاديمية عن عالم نجيب محفوظ الروائي والقصصي، فسجلت أطروحات عن الشخصية الروائية، وبناء النص فنيا، والواقع الإجتماعي، وأسلوب تيار الوعي، والرواية النهرية عند نجيب محفوظ في دراسات مقارنة مع بعض الروايات العالمية للأنجليزي جولزورثي والفرنسي روجيه مارتان دوجار والأميركي دوس باسوس ، كما نوقشت بعض الرسائل حول التيارات الرمزية والواقعية في رواياته، وتوظيف التراث، والتطور في البناء الفني، والرواية السياسية في إبداعاته الروائية، والقصة القصيرة في إبداعه، كما تصدى بعض الباحثين إلى روايات بعينها مثل الثلاثية، ورواية زقاق المدق، ورواية الكرنك، واللص والكلاب، كما تصدى بعضهم أيضا ِإلى المرحلة التاريخية عند نجيب محفوظ وهي المرحلة الأولى التي بدأ بها إبداعه الروائي في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي .
والمتتبع لهذه الأطروحات والدراسات الأكاديمية يجد أن عدد الدراسات التي سجلت للحصول على درجة الماجستير في أعمال نجيب محفوظ تفوق عدد الدراسات المسجلة للحصول على درجة الدكتوراه مما يعطي إنطباعا إلى تهافت كثير من الباحثين على عالم نجيب محفوظ خاصة من الباحثين الجدد الذين يجدون في هذا العالم الابداعي منبعا جديدا، وتجربة ثرية وخصبة لدخولهم عالم النقد والبحث . كما لوحظ أيضا أن هناك عدداً من الدراسات الإكاديمية أعدت عن نجيب محفوظ في جامعات أوروبا وأميركا للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه في أكسفورد وكاليفورنيا ومتشجان ولندن وأوكلاهاما وأريزونا وغيرها من الجامعات تناولت روايته أولاد حارتنا واللص والكلاب وحضرة المحترم والثلاثية وزقاق المدق وبعض القضايا المتعلقة بعالمه الروائي .
لذا كانت الحارة هي أول خطواته نحو الواقعية حين أراد أن ينتقل من الرواية التاريخية إلى الرواية الواقعية، ومن ثم فقد كانت هذه الخطوة، أو هذه النقلة المهمة في إبداعه الروائي سببا في إنتقال إبداعه إلى العالم بأسره، لإحتوائه بجانب ذلك على كل مظاهر الصدق الفني الذي نبع من داخل خصوصية المكان في الحارة المصرية الشعبية الأصيلة التي جسدها تجسيدا خاصا في روحها وأزقتها ودروبها، وأبرز بكل صدق طبيعة الشخصيات التي عاشت فيها من خلال فنه الروائي والقصصي والذي ما كان ليظهر بهذه الطريقة المشعة والمتوهجة إلا من خلال أصالة في التعبير، وقدرة على سبر أغوار هذا العالم البسيط العميق الموغل في القدم والموغل أيضا في حداثته إن صح هذا التعبير، وقد جاء ذلك كله عبر معاناة ومكابدة شديدة في ساحة الأدب عاشها نجيب محفوظ، واحتفي بها خلال فترة زمنية تزيد على أكثر من سبعين عاما من الإبداع والفكر والإنضباط ، حيث سجل خلال هذه الفترة الحادة من عمر الأدب العربي في مصر التطور الفكري والحضاري للإنسان المصري عبر إبداعاته السردية في مجالاتها ومحاورها المختلفة، الرواية، والقصة القصيرة، والسينما، والمقالة، وغيرها من وسائل التعبير والإبداع التي استخدمها لتأصيل عالمه وطرح أفكاره ورؤيته الخاصة في التعبير .
وقد حظي نجيب محفوظ ككاتب له خصوصيته بعدد كبير وهائل من الدراسات النقدية، والبحوث الأكاديمية، والمقالات، والإهتمام الإعلامي جعلته يتربع على قمة الهرم الأدبي في مصر، والعالم العربي، بل وتطرق ذلك الإنتشار إلى كثير من المنابر الأدبية خارج العالم العربي . حيث أحتفي به كثير من المستشرقين في الشرق والغرب بدراسات وبحوث اضافية لعلمهم بأهمية إبداعه الذي يضارع كثير من كتاب الرواية والقصة في العالم و بما يحتويه عالمه الروائي والقصصي من أعمال تتفوق على كثير من هذه الأعمال التي كتبها كثير من كتاب الشرق والغرب شكلا ومضمونا .
ولعل هذه الببليوجرافيا التي أعدت عن إبداعات نجيب محفوظ تتحدث عن عالم هذا الكاتب الظاهرة الذي قلما يجود الزمان بمثله . وهي في نفس الوقت تعتبر ثمرة التفاعل مع هذا العالم الروائي الأصيل في كل نتاجاته، وهذه الرؤى المتقاطعة والمتداخلة ما بين السرد الروائي والقصصي والمقالات، وما بين لغة الفن السابع وما تحويه من عناصر لها خصوصيتها الفنية سواء ما أبدعه نجيب محفوظ من سيناريوهات لهذا الفن، أو ما تم توظيفه من خلال إبداعاته الروائية على شاشة السينما . لذا فقد أعدت هذه البانوراما الببليوجرافية الكبيرة لتعبر وتجسد هذه الرحلة الطويلة من الإبداع بكل ما تحويه من أفكار، ورؤى، وفلسفات، وبكل ما كتب عنها، وما أعد لها من دراسات، ومقالات، وشهادات، ونقد، تصدرتها بيوجرافيك موجز عن سيرته الذاتية توضح أبرز المحطات الرئيسة في حياته والتي كان لها أثر فعال على إبداعاته منذ ولادته في 11 كانون الاول عام 1911 وحتى رحيله في 30 آب عام 2006 عن عمر يناهز الخامسة والتسعين عاما عاشها نجيب محفوظ أديبا وكاتبا وروائيا وقاصا وسينمائيا وإنسانا يجمع داخله حب الناس وحب الإنسانية وحب الحياة وحب الموت أيضا كما أشار في إحدى حواراته وشهاداته الشهيرة .
الضبط الببليوجرافي
وقد بدأ هذا الضبط الببليوجرافي بالإبداع الأساسي في مجال الرواية، ثم القصة القصيرة، ثم السينما، ثم المقالة . وقد روعي في إعدادها استخدام العديد من التقسيمات الببليوجرافية المعروفة، مثل الببليوجرافيا التحليلية، وهو ما تم مراعاته عند إعداد ورصد إبداعاته في مجال الرواية، والقصة القصيرة بحيث شملت كل ما يخص هذا الجانب من كتابات تضمنت العديد من الرؤى، والإفكار الخاصة طالت فيها هذه الكتابات عناصر اللغة، والبناء الفني، والمكان، والزمان، والإتجاهات الروائية الحديثة، والتيارات الحداثية، والشخصيات الرئيسة والثانوية، ودلالات الواقع، ومضامين رواياته، والتيارات التي تندرج تحتها هذه المضامين . كما تم أيضا مراعاة نسق الببليوجرافيا النقدية حيث تم تقييم إبداعاته في مجالي الرواية والقصة القصيرة على وجه الخصوص، من خلال المقالات والدراسات التي أعدت عنها سواء في فصول من الكتب، أو على صفحات الدوريات المتخصصة، والثقافية، والجامعة . كذلك تمت مراعاة أسس الببليوجرافيا النسقية أو المنهجية خاصة عند إعداد الحوارات التي تمت معه . فقد تم تقسيم هذه الحوارات إلى حوارات تمت قبل حصوله على جائزة نوبل وهي تمثل مرحلة خاصة بإبداعاته وعالمه الخاص كان فيها نجيب محفوظ لا يزال داخل دائرة المحلية إعلاميا، وكذلك الحوارات التي تمت معه بعد حصوله على جائزة نوبل وهي تمثل المرحلة التي أنتقل فيها إلى آفاق جديدة لم يكن يعرفها الأدب العربي قبل ذلك . لذا جاءت هذه التقسيمة المرتبطة بالحوارات التي تمت معه لتميز العلامة الفارقة بين مرحلتين أدبيتين، وهما وإن كانتا مرحلتين لا يفصلهما فنيا أي فاصل، إلا أن طبيعة الحوار فيهما تبرز الوجه الحقيقي لحالة أدب نجيب محفوظ بل والأدب العربي الحديث بأكمله من خلال الأسئلة والأجابات التي تمت عليها حيث أصبح هذا الأدب محل أنظار العالم كله . كذلك تم إفراد فصل بأكمله للكتب النقدية التي صدرت عن نجيب محفوظ وعالمه بدأت بكتاب " اللامنتمي " لغالي شكري والذي صدر عن مكتبة الزناري للنشر عام 1964 تتابعت بعده كثير من الكتب النقدية حيث تلاها كتاب " تأملات في عالم نجيب محفوظ " لمحمود أمين العالم عام 1970، و" مع نجيب محفوظ " لأحمد محمد عطية عام 1971، ثم " الجهود الروائية من سليم البستاني إلى نجيب محفوظ " عام 1972، و" الله في رحلة نجيب محفوظ الروائية " لجورج طرابيشي واستحوذ نجيب محفوظ على كثير من الكتب النقدية التي تناقش وتبحث في عالمه الروائي والقصصي .
وقد تم الإعداد لهذه الببليوجرافيا بطريقة روعي فيها أن تكون ناطقة بما تحويه من إبداعات، ورؤى لصاحبها، ونقاده، ومريديه، وأصدقائه، وقرائه، وموقف الإعلام من عالمه . كما روعي أيضا ألا تكون ببليوجرافيا صماء تحوي جردا لإبداعاته، وما كتب عنه فحسب، بل روعي فيها أن تكون صورة صادقة لهذا العالم الملحمي الكبير بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى من خلال إختيار نماذج من مقاطع من رواياته أو بعض القصص القصيرة التي تعبر عن المجموعة المرصودة تكون تعبيرا صادقا وتحليليا عما ورد بالنص الروائي أو المجموعة القصصية . وهو أمر يختلف عما سبق أن صدر من ببليوجرافيات عن كاتبنا الكبير خاصة فيما أصدرته دار الكتب والوثائق القومية تحت عنوان " نجيب محفوظ " في المرآة .. ببليوجرافيا عن صاحب جائزة نوبل . كما اختلفت أيضا عن الجهود التي قام بها الدكتور صبري حافظ في رصده للرواية المصرية خلال مائة عام، والجهد الذي قام به الدكتور طه وادي عن الرواية الفنية في مصر، والجهد الذي بذله الدكتور حمدي السكوت في ببليوجرافيا الرواية العربية، وإن كان هناك إستفادات كثيرة مما سبق إعداده في جهدهم الببليوجرافي الكبير، إلا أن الببليوجرافيا التي تضمنها كتاب " اللامنتمي " للدكتور غالي شكري تبدو أقرب إلى حد كبير ما جاء بهذا الضبط الببليوجرافي الذي قمنا بتنفيذه لمراعاتها نفس القواعد المتحركة في هذا الضبط من ناحية الإستدلال على منهجية الرصد بنماذج مقتطعة من أقوال الكثير من نقاد وباحثي نجيب محفوظ الذين عبروا عن عالمه في أقوال موجزة . ومحاولة حصر ورصد كل ما صدر عن نجيب محفوظ في جوانبه المختلفة ليكون مرآة صادقة لهذا الكاتب الكبير **
الإبداع الروائي
لاشك ن ترتيب هذا العالم – عالم الرواية - يجيء من خلال أهمية كل محور من المحاور الإبداعية عند كاتبنا الكبير، وترتيب أهميتها في عالمه . فكان البدء بالإبداع الروائي، وهو الأول في الأهمية بالنسبة له، حيث شكلت كل رواية وحدة مستقلة بذاتها من حيث الضبط الببليوجرافي من خلال التحديدات الأولية للنص متمثلة في العنوان وجهة الإصدار ومكان النشر وسنة النشر وما إذا كان سبق نشرها مسلسلة في إحدى الدوريات، يلي ذلك إقتطاع جزء مهم من النص يعتبر نقطة فارقة لإبراز هويته والمضمون والتوجه الذي يعبر عنه . ثم رصد الكتب التي صدرت عن هذا النص في حالة وجود دراسات أعدت في كتب صدرت عنه مستقلة، نجد ذلك في حالات مثل الثلاثية، وملحمة الحرافيش، وروايات زقاق المدق، وبداية ونهاية، وأولاد حارتنا، واللص والكلاب، كما نجد ذلك أيضا في أصداء السيرة الذاتية . ثم يتم رصد ما كتب عن النص في فصول من الكتب ثم في الدوريات وتنتهي الببليوجرافيا للنص الروائي بمقطع مهم لأحد النقاد المتميزين . وقد تم التعامل مع جميع الروايات من خلال هذا المنظور بحيث شكلت ببليوجرافيا الرواية عند نجيب محفوظ محورا مهما وضع هذا النوع من الإبداع في شكل تحليلي ونقدي وفي نسق يسهل لأي باحث إعادة القراءة، وإعادة إكتشاف كل نص من النصوص الروائية عند كاتبنا الكبير في سهولة ويسر، بل إنها تساعده في نفس الوقت على إستصدار أحكام ورؤى جديدة حول النص شكلا ومضمونا . وقد تم مراعاة التسلسل التاريخي في هذا الضبط الببليوجرافي بصفة عامة . وكلنا نعرف البدايات الأولى لعالم الرواية عند نجيب محفوظ، وبواكيره في هذا المجال، فقد أصدر نجيب محفوظ أولى رواياته وهي رواية " عبث الأقدار " عام 1939 أصدرها له سلامة موسى في سلسلة المجلة الجديدة وكان نجيب محفوظ في ذلك الوقت في الثامنة والعشرين من عمره ثم أتبعها برواية " رادوبيس " عام 1943، و" كفاح طيبة " عام 1944، والغريب أن هذه الروايات الثلاث التي تمثل المرحلة التاريخية والتي قد استمدت من التاريخ الفرعوني مضمونها وشخصياتها قد صدرت جميعها أثناء الحرب العالمية الثانية وهو أمر يحتاج إلى وقفة تأملية إذ أن هذه الروايات قد جاء معها في نفس النسق بعض الروايات الأخرى التي تتناول نفس المرحلة التاريخية عند كل من السحار وعلى أحمد باكثير وعادل كامل وغيرهم فما هي العلاقة بين صدور هذا التيار وواقع الحرب الدائرة في ذلك الوقت هو تساؤل يفرض نفسه في هذا السياق . بعد ذلك بدأت المرحلة الإجتماعية بصدور " خان الخليلي " عام 1945، و" القاهرة الجديدة " عام 1946، ثم " زقاق المدق " عام 1947، و" السراب " عام 1948، وتوقف صدور أعمال نجيب محفوظ بعد ذلك حوالي ثماني سنوات إلى أن صدر الجزء الأول من الثلاثية " بين القصرين " عام 1956، ثم صدرت " السكرية " و" قصر الشوق " معا عام 1957 وتتابعت رحلة نجيب محفوظ مع الإبداع الروائي حتى بلغ عدد ما صدر من هذا الإبداع أربعة وثلاثين عملا روائيا بخلاف كتاب " أمام العرش " الذي يعتبره بعض الكتاب عملا روائيا بينما يصنفه البعض الآخر كرؤية لنجيب محفوظ في محاكمة حكام مصر منذ الملك مينا وحتى السادات، بالإضافة أيضا إلى كتاب " أصداء السيرة الذاتية " الذي يمثل عند نجيب محفوظ عملا شبه سيرى جسداً فيه أصوات تتداخل في ذاكرته ومدونات خاصة يعبر من خلالها عن واقعه الذاتى الخاص والعائلى ، وقد طبعت جميع الأعمال الروائية لنجيب محفوظ في القاهرة عدا رواية " أولاد حارتنا " فقد صدرت عن دار الآداب البيروتية عام 1967. وكانت قد نشرت مسلسلة بجريدة الأهرام خلال الفترة من 21 ايلول عام 1959 حتى 25 كانون الاول من نفس العام.
كما نشرت أيضا بمجلة الأهالي في 26 تشرين الاول 1994 بدراسة للدكتور جابر عصفور وذلك عقب نجاته من محاولة إغتياله .
والمتتبع لأسلوب الصياغة الببليوجرافية للإبداع الروائي عند نجيب محفوظ يستطيع أن يتلمس منذ البداية أسباب الجدل والإختلاف الذي ثار حول الكثير من إبداعاته خاصة، في مجال الرواية من خلال هذا الكم الكبير من العناوين، والمعبر عن جميع أشكال الصياغة، والأنساق، والقضايا المثارة الذي خرج منها هذا العالم.
كما يستطيع أن يلم بمراحل التطور الذي طرأ على هذا العالم من جميع وجوهه، ويستطيع أيضا أن يتلمس هذا الجهد الكبير الذي بذله الكاتب طوال عمره الأدبي، والجهد الموازي له للدراسات والبحوث المكتوبة عن هذا الجانب السردي المتميز عنده . التي مثلت بانوراما ضخمة لعالم إبداعي غير مألوف وغير عادي . فقد أثارت رواية " أولاد حارتنا " وحدها العديد من القضايا، والإشكاليات، والجدل حتى أنها قد عرضت حياة كاتبنا الكبير للخطر خاصة بعد فوزه بجائزة نوبل للأداب . جميع ما يعطي إنطباعا عن تأثير أدب نجيب محفوظ في كثير من المجالات الإجتماعية والسياسية والدينية .
القصة القصيرة
أما الضبط الببليوجرافي في مجال القصة القصيرة وهو المحور الثاني في الأهمية في عالم نجيب محفوظ فقد تم رصد خطوطه الرئيسة بطريقة تحليلية، بحيث ضم هذا المحور ثبتاً عاماً بكل ما نشر لنجيب محفوظ في الدوريات المختلفة بدءا من أول قصة نشرت له وهي قصة " فترة من الشباب " التي نشرت بمجلة السياسة في الثالث من تموز عام 1932 وقد نشرت له هذه القصة وكان عمره في ذلك الوقت يناهز العشرين بقليل . تلتها مجموعة من القصص نشرت على صفحات " المجلة الجديدة " لصاحبها سلامة موسى الذي كان يمثل الأب الأدبي الروحي له في ذلك الوقت بدأت بقصة " ثمن الضعف " بالعدد رقم 6 الصادر في الثالث من آب 1934، ثم قصة " أدلة الإتهام " بالعدد 12 الصادر في 14 كانون الاول 1934، تلتها قصة " وفاء " بالعدد 15 الصادر في 5 أكتوبر عام 1934، حتى عام 1937 حينما بدأ نجيب محفوظ في نشر عدد من القصص في مجلة الرواية لصاحبها أحمد حسن الزيات، بدأت بقصة " خيانة في رسائل " نشرت بالعدد 12 الصادر في 15 تموز عام 1937، كما نشر نجيب محفوظ أيضا في بواكيره الأولى بعض القصص في مجلة " مجلتي " لصاحبها أحمد الصاوي محمد، ورسالة الزيات، وثقافة أحمد أمين، وغيرها من الدوريات الثقافية التي كان لها وزنها في ذلك الوقت، على أثر ذلك بدأت العديد من الدوريات المختلفة تتهافت على نشر قصصه القصيرة حتى استحوذت عليه الأهرام بدءا من العام 1959 من خلال عدد كبير من القصص القصيرة التي نشرت على صفحاته أبتداء من هذا التاريخ . إضافة إلى نشر رواية " أولاد حارتنا " مسلسلة . أما المجموعات القصصية التي صدرت لنجيب محفوظ والتي تم رصدها في هذا المجال فقد تمت مراعاة نفس الأسس التي تمت في رصد الإبداع الروائي، بحيث مثلت كل مجموعة وحدة ببليوجرافية مستقلة وتم التعامل معها فنيا من خلال رصد الفهرس الخاص بالمجموعة، ثم إنتقاء قصة من المجموعة لتحدد هويتها وتوجهها، ثم تحديد ما كتب عن هذه المجموعة نقديا في فصول من الكتب ثم في الدوريات . ثم إقتطاع جزء من دراسة نقدية تخص المجموعة للتنويه عنها نقديا . هذا بالإضافة إلى رصد الكتب التي صدرت عن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ وعرضها عرضا فنيا يجسد المظاهر الفنية والبنائية والدلالية حول القصة القصيرة في عالم نجيب محفوظ الابداعي . وقد لوحظ أن عدد الكتب التي صدرت عن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ قليل جدا بالقياس إلى عدد الكتب التي صدرت في مجال الرواية .
وقد بلغ عدد المجموعات القصصية التي صدرت لنجيب محفوظ ثماني عشرة مجموعة تضمنت كل منها عددا من القصص تراوحت ما بين الثلاث قصص والثلاثين قصة قصيرة، وقد سبق نشر عدد كبير منها في الدوريات المختلفة . وقد بدأ صدور هذه المجموعات عام 1948 بمجموعة " همس الجنون " عن دار الكتاب العربي بالقاهرة . تلتها مجموعة " بيت سيء السمعة " عام 1960 ثم تتابع صدور المجموعات القصصية تباعا حتى صدور آخر مجموعة وهي مجموعة " آخر العطوف " عام 2001 عن مكتبة مصر بالقاهرة . وقد تبين من الرصد الخاص بالقصة القصيرة أن هناك عدداً من المجموعات القصصية صدرت كمختارات تم إنتخاب نصوصها من المجموعات السابقة مثل مجموعة " أهل الهوى " وهي مجموعة أختارها نجيب محفوظ بنفسه عقب فوزه بجائزة نوبل عام 1988 وصدرت عن دار الهلال، كما صدرت مجموعة تحت عنوان " السهم " ضمن سلسلة مكتبة الأسرة التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب عام 1996 بمقدمة للأستاذ محمد سلماوي، كما أصدرت مجلة نصف الدنيا في ملحق خاص أكثر من مجموعة قصصية لنجيب محفوظ مما نشر على صفحاتها من نصوص، فأصدرت في عيد ميلاده السابع والثمانين مجموعة في عددها الصادر في 11 كانون الاول 1998 يحوي 15 قصة، كما صدرت مجموعة أخرى عام 1999، بخلاف القصص التي كان نجيب محفوظ ينشرها في مجموعات مشتركة مع رواد القصة في مصر نذكر منها على سبيل المثال قصة " همس الجنون " التي صدرت ضمن مجموعة مشتركة في سلسلة كتب للجميع تحت عنوان " 15 قصة مصرية المجموعة الثانية " في شباط عام 1958، وقصة " تحت المظلة " التي تضمنتها مجموعة مشتركة تحت عنوان " قصص قصيرة " بدراسة للدكتور غالي شكري وصدرت هذه المجموعة عن سلسلة كتابات معاصرة في كانون الاول 1968، وقصة " الجبار " التي صدرت ضمن مجموعة أخرى في سلسلة كتابي وتحت عنوان " ألوان من الأدب المصري " عام 1979، وقصة " الحوادث المثيرة " التي تضمنتها مجموعة " 10 قصص قصيرة من أدب جيل الرواد " التي صدرت عن سلسلة كتاب اليوم عام 1993 برؤية نقدية للدكتور سمير سرحان .
السينما
بالنسبة للضبط الببليوجرافي لمحور السينما فقد تم رصد فيلموجرافيا خاصة بسينما نجيب محفوظ في ثبت خاص موضح فيه جميع السيناريهات التي قام بإعدادها خلال حياته حسب تاريخ عرض الأفلام التي صدرت بشأنها . بدءا من سيناريو فيلم " المنتقم " الذي أخرجه صلاح أبو سيف، وعرض عام 1947 وإنتهاء بسيناريو فيلم " أصدقاء الشيطان " المأخوذ عن رواية الحرافيش والذي أخرجه أحمد ياسين وعرض في العام الذي فاز فيه نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب . كما تم رصد الكتب التي صدرت عن سينما نجيب محفوظ التي بلغت أكثر من عشرة كتب تناولت هذا الفن من جميع جوانبها، وبدأت بكتاب " نجيب محفوظ على الشاشة " لهشام النحاس والصادر عن الهيئة العامة للكتاب عام 1975، وانتهاء بالطبعة الثانية من كتاب " إعادة اكتشاف فيلم مصري مختلف " للدكتور مدكور ثابت رئيس أكاديمية الفنون وأستاذ الأخراج في المعهد العالي للسينما وهو من الكتب المهمة التي تحوى عددا من الدراسات المتعمقة لنخبة من نقاد السينما حول فيلم " حكاية الأصل والصورة " عن قصة لنجيب محفوظ بنفس الأسم، وهو يحوي أيضا بعض المضامين والرؤى الجديدة حول هذا الفيلم الذي يعتبر أول فيلم تجريبي في السينما المصرية . وقد تم إعداد عرض لكل كتاب صدر عن سينما نجيب محفوظ أسوة بما تم مع كتب الرواية والقصة القصيرة . كما تم رصد عدد كبير من الدراسات والمساهمات التي تناولت السينما عند نجيب محفوظ سواء التي نشرت في فصول من الكتب أو في الدوريات المختلفة مرتبة ترتيبا تاريخيا لسهولة الرجوع إليها . مدعمة ببعض المقولات التي قيلت عن ارتباط نجيب محفوظ بفن السينما طوال حياته الإبداعية كلها .
المقالة
المقالات التي كتبها نجيب محفوظ سواء في مرحلة البواكير الأولى أو عند تعيينه في جريدة الأهرام أثر خروجه على المعاش عام 1971، تمثل مرحلة مهمة تعبر عن فكر وآراء نجيب محفوظ تجاه الواقع الإنساني المصري والعربي والعالمي، من خلال قضايا الديمقراطية والدين والسياسة والثقافة والتعليم والعمل، وغيره من المحاور التي تناولها في مقالاته الأسبوعية في الأهرام وغيرها من الجرائد والدوريات المصرية والعربية . وقد أصدرت الدار المصرية اللبنانية مجموعة من الكتب تتناول هذه المقالات التي بدأها نجيب محفوظ منذ عام 1934، وهي على ترتيب صدورها " حول الدين والديمقراطية " " حول الشباب والحرية "، " حول الثقافة والتعليم "، " حول التدين والتطرف "، " حول العدل والعدالة "، " حول التحرر والتقدم "، " حول العلم والعمل "، " حول العرب والعروبة " . وتمثل المقالة في إبداعات نجيب محفوظ علامة مهمة تعبر عن رؤيته الفكرية تجاه ما يدور حوله من ممارسات وردود فعل سياسية واجتماعية مؤثرة وفاعلة في المنطقة العربية وفي الساحة العالمية على إطلاقها.
النقد
يمثل النقد في عالم نجيب محفوظ المحور الموازي لعالمه الابداعي، ففي هذا الجانب، تبرز الإضاءة والتوهج لهذا العالم من خلال ما يكتب عن إبداعه الروائي والقصصي، وقد فاق الجانب النقدي من ناحية الكم ما أبدعه نجيب محفوظ نفسه من ناحية عدد الروايات والمجموعات القصصية حيث فاقت الكتب التي صدرت عنه والدراسات الأكاديمية التي أعدت عن إبداعاته والملفات والأعداد الخاصة والتذكارية التي أصدرتها الدوريات المتخصصة وغير المتخصصة عن عالمه بما يكفي لتأسيس مكتبة كبيرة قائمة بذاتها . وقد مثل هذا الجانب في هذا الضبط الببليوجرافي محورا أساسيا وعلامة مهمة حيث تم رصد هذا الزخم الهائل من الدراسات والكتب والمقالات والبحوث، وحظي هذا الجانب على مساحة كبيرة من الضبط الببليوجرافي . فقد تم في هذا المجال حصر الكتب التي صدرت كدراسات ومساهمات نقدية وحوارات جرت معه وقد بلغ عددها 121 كتابا تم رصدها وإعداد عروض لكل منها طبقا لتوجهه النقدي والبحثي والتاريخي .
إلى جانب ذلك تم رصد ما كتب نقديا وبحثيا عن إبداع نجيب محفوظ الروائي والقصصي في فصول من الكتب وفي الدوريات المختلفة على مستوى العالم العربي بأكمله، مقالات وملفات وأعداد خاصة من الدوريات، وقد تم رصد عدد كبير جدا من هذه المساهمات موضحا فيها أسم الناقد أو الباحث وأسم الدورية التي تضمنتها هذه المساهمة ومكان تواجدها وتاريخ النشر وغير ذلك من البيانات الأساسية التي تهم الباحث وقد تم العروج أيضا إلى مواقع الأنترنت وتم الحصول منها على الكثير مما كتب عن نجيب محفوظ نقديا وبحثيا وحواريا . وتعتبر الأعداد الخاصة التي صدرت عن نجيب محفوظ من العلامات المهمة في ساحة النقد وهي وثائق ومراجع مهمة للباحثين ويعتبر العدد الخاص الذي صدر عن مجلة الهلال في شباط 1970، والعدد الخاص الذي صدر في كانون الثاني 1963 من مجلة الكاتب من الأعداد المهمة التي يرجع إليها الباحث والدارس لأدب نجيب محفوظ وقد صدرت بعد ذلك أعداد كثيرة من الدوريات المختلفة في مجلات فصول، وإبداع، والقاهرة، والعربي، وشؤون أدبية الإماراتية، والحرس الوطني بالسعودية، وآفاق المغربية أما الحوارات التي تمت معه فقد تم تقسيمها على أساس حوارات تمت قبل حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1988 وحوارات تمت معه بعد حصوله على الجائزة . لما في ذلك من جوانب فنية لها تأثيرها على الآراء التي عبر عنها نجيب محفوظ في تناوله للواقع العام للرواية والقصة العربية على إطلاقها . إلا انه من الملاحظ أيضا أنه بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب نشطت حركة النشر عنه فلم تخلو دورية، أسبوعية، أو شهرية، أوفصلية من نشر دراسة أو حوار أو إعداد ملف عن إبداعه الروائي والقصصي وتعد جريدة أخبار الأدب من أكثر الدوريات الثقافية المتخصصة إعدادا لملفات عن نجيب محفوظ خاصة في مناسبات تاريخ ميلاده كل عام .
الدراسات الأكاديمية
وقد حظي عالم نجيب محفوظ الروائي والقصصي على كثير من الدراسات، والإطروحات الأكاديمية، في رسائل الماجستير، والدكتوراه وقد بلغ عدد الأطروحات الأكاديمية التي أعدت عن عالمه أكثر من أربعين أطروحة، ورسالة، وهو عدد لم يصل إليه مبدع في تاريخ الدراسات الأكاديمية لا في مصر ولا في العالم العربي حتى الآن، وربما يكون ذلك أيضا في العالم أيضا . تصدى لها عدد من الباحثين المتميزين، وتحت إشراف عدد من خيرة الأساتذة المتخصصين في مجال النقد، والبحث العلمي، ولعل فاتحة هذه الدراسات الأكاديمية كانت تحت عنوان الواقعية الفرنسية والرواية العربية في مصر ( 1945 – 1960 ) دراسة مقارنة تطبيقا على ثلاثية نجيب محفوظ، وكانت للباحثة سيزا أحمد قاسم، وتحت إشراف الدكتورة سهير القلماوي، ونوقشت هذه الأطروحة لنيل درجة الدكتوراه في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1976 . وقد طبعت هذه الدراسة ونشرت بمعرفة الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1984، ثم تتابعت بعد ذلك الدراسات الأكاديمية عن عالم نجيب محفوظ الروائي والقصصي، فسجلت أطروحات عن الشخصية الروائية، وبناء النص فنيا، والواقع الإجتماعي، وأسلوب تيار الوعي، والرواية النهرية عند نجيب محفوظ في دراسات مقارنة مع بعض الروايات العالمية للأنجليزي جولزورثي والفرنسي روجيه مارتان دوجار والأميركي دوس باسوس ، كما نوقشت بعض الرسائل حول التيارات الرمزية والواقعية في رواياته، وتوظيف التراث، والتطور في البناء الفني، والرواية السياسية في إبداعاته الروائية، والقصة القصيرة في إبداعه، كما تصدى بعض الباحثين إلى روايات بعينها مثل الثلاثية، ورواية زقاق المدق، ورواية الكرنك، واللص والكلاب، كما تصدى بعضهم أيضا ِإلى المرحلة التاريخية عند نجيب محفوظ وهي المرحلة الأولى التي بدأ بها إبداعه الروائي في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي .
والمتتبع لهذه الأطروحات والدراسات الأكاديمية يجد أن عدد الدراسات التي سجلت للحصول على درجة الماجستير في أعمال نجيب محفوظ تفوق عدد الدراسات المسجلة للحصول على درجة الدكتوراه مما يعطي إنطباعا إلى تهافت كثير من الباحثين على عالم نجيب محفوظ خاصة من الباحثين الجدد الذين يجدون في هذا العالم الابداعي منبعا جديدا، وتجربة ثرية وخصبة لدخولهم عالم النقد والبحث . كما لوحظ أيضا أن هناك عدداً من الدراسات الإكاديمية أعدت عن نجيب محفوظ في جامعات أوروبا وأميركا للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه في أكسفورد وكاليفورنيا ومتشجان ولندن وأوكلاهاما وأريزونا وغيرها من الجامعات تناولت روايته أولاد حارتنا واللص والكلاب وحضرة المحترم والثلاثية وزقاق المدق وبعض القضايا المتعلقة بعالمه الروائي .