كليوباترا هي أول من حاول صناعة قضيب هزاز (لوحة “موت كليوباترا” – جان أندريه ريكسنز – القرن الـ19)
كيف تبدل المُعاش الجنسي للإنسانية؟ هذا هو الإستفهام، الذي تطرحه القصة المصورة، Sex Story (دار les arenesbd) التي سردها ورسمها كل من الطبيب النفسي فيليب برونو، والفنانة ليتيسيا كورين. ولكي يجيب الإثنان عليه، ينطلقان من “الأصول”، وتحديداً من تكون الأعضاء الجنسية للنوع البشري قبل مليوني عام.
ففي شمال القارة الأفريقية، ظهرت أول مجموعة من الكائنات، التي تقترب بملامحها من الإنسان، متحدرةً من الشمبانزي، لكنها مختلفةً عن القردة بإختفاءالـoestrus، أي المؤخرة الوردية، من جسد إناثها، وهذا ما يجعلها قادرة على ممارسة الجنس طوال الوقت، وبإختفاء العظمة القضيبية من ذكورها، وبطغيان الذكور على الإناث، بالإضافة إلى ولادة الشعور الحبي بينهم. وعلى هذا الأساس، بدأت رحلة الـ”homo habilis” (الإنسان الحاذق) في دنيا الجنسانية.
على أن “الأصول” تجلت بأسطورة مؤسسة، وهي أسطورة الخلق الدينية، التي يشدد المؤلفون على كونها فتحت الباب للربط بين العري والحياء، والجنس والتكاثر. وبالإستناد إلى الصلة بين آدم وحواء، وقتل قابيل لهابيل، وزواجه ممن يفترض أنها أمه، يخلص المؤلفان إلى أنه في البدء كان سفاح القربى. بعد الأسطورة، يتنقل برونو وكورين بين الحضارات القديمة، من بابل إلى مصر، فاليونان، فروما. في بابل، كان الزوج “يمتلك” زوجته، وفي الوقت نفسه، يحق له أن يمارس الجنس مع غيرها، أكانت امرأة أم رجلاً، لا سيما في الحانات. في مصر، كان رمسيس الثاني يستمني في النيل من أجل مدّه بالقوة والخصوبة. وفي اليونان، لاحت مساعي أبقراط لعلاج العقم بواسطة أحد “الإختبارات”: إشعال النار، وحرق بعض أوراق الشجر فيها، وإجلاس المرأة فوقها. إذا لم تخرج الدخان من فمها، تكون عاقراً، وفي النتيجة، كانت النساء كلهن عاقرات! وفي روما، يكتب أوفيد “فن الحب”، الذي يخل بآداب الزواج، ويثور العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل، الأمر الذي يدفع الإمبراطور أغسطس إلى معاقبته بالنفي.
يصوب برونو وكورين بعض المعلومات الشائعة حول الجنسانية. فمثلاً، لم يجر إختراع حزام العفة خلال القرون الوسطى، بل في عصر النهضة. وفي الفترة نفسها، لم يكن موجوداً “الحق في المفاخذة”، الذي يمارسه الأسياد حيال زوجات عبيدهم وخادميهم. كما أن البغاء كان دارجاً في القرون الوسطى، بحيث حظيت بائعات الهوى بدور معين، وهو حماية الزوجات من حمية أزواجهم، فضلاً عن كون الكرخانات مصدر مال للبلديات والإقطاعيات والأديرة. وذلك، إلى أن أقدم الملك لويس التاسع على منع البغاء في العام 1254، ولاحقاً، أعاد تنظيم أمكنته، ناقلاً الكرخانات من المدينة إلى أطرافها.
كما يروي المؤلفان معلومات مجهولة. فكليوباترا هي أول من حاول صناعة قضيب هزاز. أما صانعة وسائل الوقاية الجنسية الطبيعية، فكانت ساويرتيتي الفرعونية، مستفيدةً من حبوب الرمان، ومن أمعاء الحيوانات.
يخصص المؤلفان فصلاً للإستمناء، ولحظره الذي بدأ في القرن السابع عشر مع اختراع الهولندي زاكرياس يانسن للميكروسكوب، واستعماله من قبل مواطنه أنطوني فان ليفينهوك لفحص المني، بحيث اكتشف أنه يحتوي على حيوانات صغيرة للغاية. ومن بعدها، نشر الطبيب الفرنسي نيكولا فينيت كتابه “محاولة في الحب الزوجي”، الذي وجد فيه أن الإستمناء ليس سيئاً. لكن سرعان ما مُنع هذا الكتاب، ومعه جرى الإعتقاد بأن الإستمناء يؤدي إلى “الكارثة”، إذ أنه يمنع البشرية من التوالد، وبالتالي يُفنيها. في هذا السياق، نشر الدكتور الإنكليزي بيكرز كتابه “أونانيا” (نسبةً إلى أونان، وهو المستمني الأول، وقد “أفرغ منيه على الأرض”، بحسبما جاء في سفر التكوين)، متحدثاً فيه عن “التلوث الذاتي”و”الإنتحار” على إثر الإستمناء. حقق الكتاب مبيعاً غير مسبوق، وكانت مكتبات تبيعه مع “أدوية الشفاء من الجنس”، وعقاقير الإبتعاد عن الموت. جرى حظر الإستمناء من المؤسسة الكنسية والمجتمعية، وعلى أطراف هذا الحظر، كان ديدرو يتكلم عن “لحظة الإستمناء اللذيذة”، وماركيز دو ساد يستمني في السجن.
تتعدد شخصيات “قصة الجنس”، سياسيةً وتاريخية وأدبية. فيوصف فيكتور هوغو، على سبيل المثال لا الحصر، بالفحل، فهو الذي يمارس الجنس تسع مرات في اليوم، ما أدى إلى معاناة زوجته، أديل. أنجب هوغو من أديل إياها، خمسة أولاد، خلال ستة أعوام. ومن ثم، انفصلت عنه، “بسبب حدة شهوته”، واقترنت بالناقد سانت-بوف. تعرف هوغو على جولييت، تركها، وتعرف على ليوني التي كانت تصغره بالسن. أوقفتهما الشرطة بتهمة الزنا، أطلقت سراح هوغو، واعتقلت ليوني، لأن “الفجور نسائي فقط”. حتى موته، خاض هوغو مغامراته الجنسية مع عشيقاته المتنوعات، وهذا ما سجله في دفاتره السرية.
في رسم طريف، وسرد يسير، يروي برونو وكورين قصة الجنس، ولا يتوقفان عند قرننا، والعقد الثاني منه تحديداً. لكنهما يتوقعان أطوار الجنسانية المقبلة، التي تدور في عالمٍ يحاول، وبحسبهما، كل جهده لإزالة الرغبة الجنسية. فالناس داخله، حين يولدون، سيتعرضون لعملية جراحية، تجعلهم عُقماً، وستتولى الآلات مهمة توليدهم وتكثيرهم، قبل أن تتركهم للعيش في الإفتراض المحض. في هذا العالم، ممنوع تبادل القبل إلا عند استعمال الواقي، وممنوع ممارسة الجنس طبعاً. غير أنه، وفي يوم من الأيام، يتلخبط نظام المراقبة الجيني الذي يتحكم في هذا العالم، فيرسل حكامه كاميرات طيارة للبحث عن الخطب، ويجدون عشيقين يمارسان الجنس في الغابة. يسأل المراقبون:”ماذا يفعلان؟”، فالكل، على ما يبدو، نسي الجنس، وسيشرع في التعرف عليه من جديد.
كيف تبدل المُعاش الجنسي للإنسانية؟ هذا هو الإستفهام، الذي تطرحه القصة المصورة، Sex Story (دار les arenesbd) التي سردها ورسمها كل من الطبيب النفسي فيليب برونو، والفنانة ليتيسيا كورين. ولكي يجيب الإثنان عليه، ينطلقان من “الأصول”، وتحديداً من تكون الأعضاء الجنسية للنوع البشري قبل مليوني عام.
ففي شمال القارة الأفريقية، ظهرت أول مجموعة من الكائنات، التي تقترب بملامحها من الإنسان، متحدرةً من الشمبانزي، لكنها مختلفةً عن القردة بإختفاءالـoestrus، أي المؤخرة الوردية، من جسد إناثها، وهذا ما يجعلها قادرة على ممارسة الجنس طوال الوقت، وبإختفاء العظمة القضيبية من ذكورها، وبطغيان الذكور على الإناث، بالإضافة إلى ولادة الشعور الحبي بينهم. وعلى هذا الأساس، بدأت رحلة الـ”homo habilis” (الإنسان الحاذق) في دنيا الجنسانية.
على أن “الأصول” تجلت بأسطورة مؤسسة، وهي أسطورة الخلق الدينية، التي يشدد المؤلفون على كونها فتحت الباب للربط بين العري والحياء، والجنس والتكاثر. وبالإستناد إلى الصلة بين آدم وحواء، وقتل قابيل لهابيل، وزواجه ممن يفترض أنها أمه، يخلص المؤلفان إلى أنه في البدء كان سفاح القربى. بعد الأسطورة، يتنقل برونو وكورين بين الحضارات القديمة، من بابل إلى مصر، فاليونان، فروما. في بابل، كان الزوج “يمتلك” زوجته، وفي الوقت نفسه، يحق له أن يمارس الجنس مع غيرها، أكانت امرأة أم رجلاً، لا سيما في الحانات. في مصر، كان رمسيس الثاني يستمني في النيل من أجل مدّه بالقوة والخصوبة. وفي اليونان، لاحت مساعي أبقراط لعلاج العقم بواسطة أحد “الإختبارات”: إشعال النار، وحرق بعض أوراق الشجر فيها، وإجلاس المرأة فوقها. إذا لم تخرج الدخان من فمها، تكون عاقراً، وفي النتيجة، كانت النساء كلهن عاقرات! وفي روما، يكتب أوفيد “فن الحب”، الذي يخل بآداب الزواج، ويثور العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل، الأمر الذي يدفع الإمبراطور أغسطس إلى معاقبته بالنفي.
يصوب برونو وكورين بعض المعلومات الشائعة حول الجنسانية. فمثلاً، لم يجر إختراع حزام العفة خلال القرون الوسطى، بل في عصر النهضة. وفي الفترة نفسها، لم يكن موجوداً “الحق في المفاخذة”، الذي يمارسه الأسياد حيال زوجات عبيدهم وخادميهم. كما أن البغاء كان دارجاً في القرون الوسطى، بحيث حظيت بائعات الهوى بدور معين، وهو حماية الزوجات من حمية أزواجهم، فضلاً عن كون الكرخانات مصدر مال للبلديات والإقطاعيات والأديرة. وذلك، إلى أن أقدم الملك لويس التاسع على منع البغاء في العام 1254، ولاحقاً، أعاد تنظيم أمكنته، ناقلاً الكرخانات من المدينة إلى أطرافها.
كما يروي المؤلفان معلومات مجهولة. فكليوباترا هي أول من حاول صناعة قضيب هزاز. أما صانعة وسائل الوقاية الجنسية الطبيعية، فكانت ساويرتيتي الفرعونية، مستفيدةً من حبوب الرمان، ومن أمعاء الحيوانات.
يخصص المؤلفان فصلاً للإستمناء، ولحظره الذي بدأ في القرن السابع عشر مع اختراع الهولندي زاكرياس يانسن للميكروسكوب، واستعماله من قبل مواطنه أنطوني فان ليفينهوك لفحص المني، بحيث اكتشف أنه يحتوي على حيوانات صغيرة للغاية. ومن بعدها، نشر الطبيب الفرنسي نيكولا فينيت كتابه “محاولة في الحب الزوجي”، الذي وجد فيه أن الإستمناء ليس سيئاً. لكن سرعان ما مُنع هذا الكتاب، ومعه جرى الإعتقاد بأن الإستمناء يؤدي إلى “الكارثة”، إذ أنه يمنع البشرية من التوالد، وبالتالي يُفنيها. في هذا السياق، نشر الدكتور الإنكليزي بيكرز كتابه “أونانيا” (نسبةً إلى أونان، وهو المستمني الأول، وقد “أفرغ منيه على الأرض”، بحسبما جاء في سفر التكوين)، متحدثاً فيه عن “التلوث الذاتي”و”الإنتحار” على إثر الإستمناء. حقق الكتاب مبيعاً غير مسبوق، وكانت مكتبات تبيعه مع “أدوية الشفاء من الجنس”، وعقاقير الإبتعاد عن الموت. جرى حظر الإستمناء من المؤسسة الكنسية والمجتمعية، وعلى أطراف هذا الحظر، كان ديدرو يتكلم عن “لحظة الإستمناء اللذيذة”، وماركيز دو ساد يستمني في السجن.
تتعدد شخصيات “قصة الجنس”، سياسيةً وتاريخية وأدبية. فيوصف فيكتور هوغو، على سبيل المثال لا الحصر، بالفحل، فهو الذي يمارس الجنس تسع مرات في اليوم، ما أدى إلى معاناة زوجته، أديل. أنجب هوغو من أديل إياها، خمسة أولاد، خلال ستة أعوام. ومن ثم، انفصلت عنه، “بسبب حدة شهوته”، واقترنت بالناقد سانت-بوف. تعرف هوغو على جولييت، تركها، وتعرف على ليوني التي كانت تصغره بالسن. أوقفتهما الشرطة بتهمة الزنا، أطلقت سراح هوغو، واعتقلت ليوني، لأن “الفجور نسائي فقط”. حتى موته، خاض هوغو مغامراته الجنسية مع عشيقاته المتنوعات، وهذا ما سجله في دفاتره السرية.
في رسم طريف، وسرد يسير، يروي برونو وكورين قصة الجنس، ولا يتوقفان عند قرننا، والعقد الثاني منه تحديداً. لكنهما يتوقعان أطوار الجنسانية المقبلة، التي تدور في عالمٍ يحاول، وبحسبهما، كل جهده لإزالة الرغبة الجنسية. فالناس داخله، حين يولدون، سيتعرضون لعملية جراحية، تجعلهم عُقماً، وستتولى الآلات مهمة توليدهم وتكثيرهم، قبل أن تتركهم للعيش في الإفتراض المحض. في هذا العالم، ممنوع تبادل القبل إلا عند استعمال الواقي، وممنوع ممارسة الجنس طبعاً. غير أنه، وفي يوم من الأيام، يتلخبط نظام المراقبة الجيني الذي يتحكم في هذا العالم، فيرسل حكامه كاميرات طيارة للبحث عن الخطب، ويجدون عشيقين يمارسان الجنس في الغابة. يسأل المراقبون:”ماذا يفعلان؟”، فالكل، على ما يبدو، نسي الجنس، وسيشرع في التعرف عليه من جديد.