الأَنْثُروبُولوجيا: علم الإنسان، علم يبحث في أصل الجنس البشريّ, وتاريخ تطوره وأعراقه وعاداته ومعتقداته وعلاقاته وتوزيعه الجغرافي، وفي السُّلالات البشريّة وخصائصها ومميِّزاتها. واللغة هي الوسيلة التي يعبر بها الإنسان عن ذاته فيعبر عن سلوكه الاجتماعي وهي من الصفات التي يتميز بها عن غيره من الكائنات الحية الأخرى, فهي طريقة التخاطب والتفاهم بين الأفراد والشعوب بوساطة رموز صوتية وأشكال كلامية متفق عليها ويمكن تعلمها .
من هنا نجد اهتمام العالم الأنثروبولوجي باللغة فهو يجد متنفسا لآرائه ومناقشاته من خلال أساليب الكلام واللهجات الخاصة, وتحليل المحادثة, والأنثروبولوجية الدلالية, وأثنوغرافية الكلام, واللغة والثقافة ومواضيع أخرى قريبة من هذه, فهناك لغة في مجتمع يتم تحليل تفاصيل دورها في التفاعل الاجتماعي, فهي المرشد للواقع الاجتماعي, ولا توجد لغتان متطابقتان بشكل فعال للواقع الاجتماعي نفسه, ففي دراسة معجمية مضنية ومفصلة عن الهند أوربيين وصفت النظام الكامل للعلاقات الشخصية ضمن العائلة ومجتمع الجماعة والعشيرة عندهم حيث حدد نظام صلة القرابة والالتزامات القانونية الموجودة في تبادل البضائع والخدمات وحددت الحقوق والواجبات المتعلقة بالحاكم وبيان الطرق المختلفة لتقديم الاحترام للآلهة وتقديم معلومات قيمة في تربية الحيوانات الأليفة, فاللغة تدرس في سياقها الاجتماعي والثقافي في المكان والزمان ؛ لذا فإن فرع اللغويات من أكثر فروع الأنثروبولوجيا الثقافية استقلالا وانعزالا عن الفروع الأخرى فـ(ليفي ستروس) يعدها من الأركان الأساسية في علم الإنسان فهي الظاهرة الثقافية الأساس التي يمكن عن طريقها فهم كل الصور الاجتماعية حيث يقول: (حين نقول الإنسان ... فإننا نعني اللغة, وحين نقول اللغة... فإننا نقصد المجتمع). وقد استطاع علماء اللغة تصنيف اللغات المختلفة بحسب طبيعتها واستعمالها في ثلاثة أقسام :
1. اللغات المنعزلة : وهي اللغات التي تتخاطب بها فئات منعزلة عن الفئات الأخرى, ولا تفهمها إلا الفئات المتحدثة بها , وهي لغة لا تكتب وليس لها تاريخ .
2. اللغات الملتصقة : وهي اللغات التي تتخاطب بها شعوب كبيرة, ولكنها ملتصقة بهم وبتراثهم, وهي لغات معروفة , ولكن ليس لها قواعد , وإنما تعتمد على المقاطع والكلمات, مثل اللغة الصينية .
3. اللغات ذات القواعد (النحو والصرف): وهي اللغات الحديثة التي تستعملها الأمم المتحضرة لها قواعد نحوية وصرفية , وتضبط جملها وقوالبها اللغوية مثل : اللغة العربية .
ويقسم علم اللغويات على أقسام فرعية من أهمها : علم اللغة الوصفي, وعلم أصول اللغات, فالأول يدرس اللغات في زمن محدد, ويدرس النظم الصوتية وقواعد اللغة والمفردات, وعملية تحليل اللغات وتصنيفها كعملية تحليل الأجناس البشرية وتصنيفها, فاللغات تساعد العالم إلى التوصل إلى فهم سيكولوجية الأفراد والمجتمعات, أما علم أصول اللغات فهو يختص بالجانب التاريخي والمقارن, وهناك علاقة بين عالم اللغة والأنثروبولوجي الثقافي في دراسة المجتمع الذي يجري بحثه, والدراسة اللغوية المقارنة توضح أن الكائن البشري على الرغم من استعماله لغة واحدة فهو يقوم بعملية انتقائية غير واعية للمعاني التي يستعملها .
وصفوة القول : إن اللغة لها دور في بناء المجتمع ؛ لأنها وسيلة تعبر عنه وعن حضارته وثقافته وتقاليده , فالإنسان يعبر عن سلوكه الاجتماعي باللغة وهذا محط أقدام العالم الأنثروبولوجي الذي يدرس مقومات اللغة ويدرس سياقها الاجتماعي والثقافي من أجل أن يكتشف الإدراك والنماذج الفكرية المختلفة والاختلافات اللغوية في سياقها الاجتماعي.
د. محمد نوري جواد
* عن الصباح
من هنا نجد اهتمام العالم الأنثروبولوجي باللغة فهو يجد متنفسا لآرائه ومناقشاته من خلال أساليب الكلام واللهجات الخاصة, وتحليل المحادثة, والأنثروبولوجية الدلالية, وأثنوغرافية الكلام, واللغة والثقافة ومواضيع أخرى قريبة من هذه, فهناك لغة في مجتمع يتم تحليل تفاصيل دورها في التفاعل الاجتماعي, فهي المرشد للواقع الاجتماعي, ولا توجد لغتان متطابقتان بشكل فعال للواقع الاجتماعي نفسه, ففي دراسة معجمية مضنية ومفصلة عن الهند أوربيين وصفت النظام الكامل للعلاقات الشخصية ضمن العائلة ومجتمع الجماعة والعشيرة عندهم حيث حدد نظام صلة القرابة والالتزامات القانونية الموجودة في تبادل البضائع والخدمات وحددت الحقوق والواجبات المتعلقة بالحاكم وبيان الطرق المختلفة لتقديم الاحترام للآلهة وتقديم معلومات قيمة في تربية الحيوانات الأليفة, فاللغة تدرس في سياقها الاجتماعي والثقافي في المكان والزمان ؛ لذا فإن فرع اللغويات من أكثر فروع الأنثروبولوجيا الثقافية استقلالا وانعزالا عن الفروع الأخرى فـ(ليفي ستروس) يعدها من الأركان الأساسية في علم الإنسان فهي الظاهرة الثقافية الأساس التي يمكن عن طريقها فهم كل الصور الاجتماعية حيث يقول: (حين نقول الإنسان ... فإننا نعني اللغة, وحين نقول اللغة... فإننا نقصد المجتمع). وقد استطاع علماء اللغة تصنيف اللغات المختلفة بحسب طبيعتها واستعمالها في ثلاثة أقسام :
1. اللغات المنعزلة : وهي اللغات التي تتخاطب بها فئات منعزلة عن الفئات الأخرى, ولا تفهمها إلا الفئات المتحدثة بها , وهي لغة لا تكتب وليس لها تاريخ .
2. اللغات الملتصقة : وهي اللغات التي تتخاطب بها شعوب كبيرة, ولكنها ملتصقة بهم وبتراثهم, وهي لغات معروفة , ولكن ليس لها قواعد , وإنما تعتمد على المقاطع والكلمات, مثل اللغة الصينية .
3. اللغات ذات القواعد (النحو والصرف): وهي اللغات الحديثة التي تستعملها الأمم المتحضرة لها قواعد نحوية وصرفية , وتضبط جملها وقوالبها اللغوية مثل : اللغة العربية .
ويقسم علم اللغويات على أقسام فرعية من أهمها : علم اللغة الوصفي, وعلم أصول اللغات, فالأول يدرس اللغات في زمن محدد, ويدرس النظم الصوتية وقواعد اللغة والمفردات, وعملية تحليل اللغات وتصنيفها كعملية تحليل الأجناس البشرية وتصنيفها, فاللغات تساعد العالم إلى التوصل إلى فهم سيكولوجية الأفراد والمجتمعات, أما علم أصول اللغات فهو يختص بالجانب التاريخي والمقارن, وهناك علاقة بين عالم اللغة والأنثروبولوجي الثقافي في دراسة المجتمع الذي يجري بحثه, والدراسة اللغوية المقارنة توضح أن الكائن البشري على الرغم من استعماله لغة واحدة فهو يقوم بعملية انتقائية غير واعية للمعاني التي يستعملها .
وصفوة القول : إن اللغة لها دور في بناء المجتمع ؛ لأنها وسيلة تعبر عنه وعن حضارته وثقافته وتقاليده , فالإنسان يعبر عن سلوكه الاجتماعي باللغة وهذا محط أقدام العالم الأنثروبولوجي الذي يدرس مقومات اللغة ويدرس سياقها الاجتماعي والثقافي من أجل أن يكتشف الإدراك والنماذج الفكرية المختلفة والاختلافات اللغوية في سياقها الاجتماعي.
د. محمد نوري جواد
* عن الصباح