نصوص بقلم محمد محمود غديه

تستقبل الصباح ببسمة حانية، تشكر الشمس على صبغة بشرتها بلون الذهب، ناضرة كالفاكهة ليس ذلك ماشده نحوها، لكنه ذلك الكتاب المتوحدة معه فى إستغراق تام، لدرجة انها لا ترى الأطفال الذين يتقافزون حولها، مدهوشا أمام تلك الحسناء التى تقرأ فى رواية من تأليفه، آية مصادفة القت بها جواره، إنها القارئة الوحيدة...
قال فيها ماقاله العقاد لحبيبته الأديبة مى زيادة : ماذا فى الدنيا لعمرى أريد / أنت هى الدنيا فهل من مزيد آدم باع خلده من أجل حواء، فهل يبخل بحبه لها وهى الجميلة التى لا تخطئها العين، أحبها بحجم الكون الحياة تبدأ وتنتهى عندها، لا يدرى أنها لا تبادله الحب وإنما تتسلى من باب تذكية الوقت من جهة...
الحياة مسرح كبير، يمثل فيه البعض أدوار تراجيدية كتبت بعناية، أوأدوار كوميدية هزلية تبعث على الضحك والمتعة، وهناك النظارة، الذين يشاهدون المسرح إما للمتعة الذهنية والإرتقاء بالفكر، أو للتسلية وتذكية الوقت، وغالبا مايكونوا مسكونين بالدهشة طول الوقت، وكما قال عميد المسرح العربى يوسف وهبى : أن...
يركب الباص يوميا، أو علبة السردين كما يسميه، لاتراه وسط الزحام، إلا وهو مدفوعا مسحوقا مضغوطا لا يستطيع التنفس، حتى نزوله للمصلحة التى يعمل بها، أناقته ضاعت فى الزحام، لمعة الحذاء إنطفئت، بذلته الوحيدة إتكرمشت، يمسح حذائه فى رجل البنطلون أثناء صعوده سلم المصلحة، الأسانسير للمدير وكبار الزوار فقط،...
فى منتصف الثلاثين، ملابسه تعكس ذوقه الرفيع، فتحت باب مكتبه بعد أن طرقته ثلاث، جميلة لم يسبق له رؤيتها، كانت غاضبة وهى تطلب منه فسخ التعاقد مع شركته وإستعدادها لدفع قيمة الشرط الجزائي فى فسخ العقد بعد تأخر التوريد من جهة شركته، طلب منها التهدئة ودعوتها لفنجان قهوة، متقدة الذهن، لاحظت شروده وهو...
تخرجت من كلية الإعلام قسم صحافة، تدربت فى إحدى المؤسسات الصحفية الكبرى، أحلامها كبيرة تلامس السحاب، الصفحة الفنية كانت البدايات أخبار الفن والفنانين والسينما والمسرح وأخبار النجوم، كارنيه الصحافة فخم تسهيل مأمورية حامله، فى أول عمل صحفى يحمل إسمها من خلال حوار مع أحد نجوم السينما، سيارة تحمل...
رفضت كل الاغراءات التى قدمها صاحب الشركة التى تعمل بها، وردت كل هداياه ونقوده، وهى الفقيرة التى لم تمتثل لإغراءت العجوز الثرى، المتزوج ولديه أسرة، صغيرة،هى فى سن إبنته، لايرى هناك مانع ولديه المال الذى يشترى كل شىء، لابد بالفوز بها، لم تمانع فى أن تكون الزوجة الثانية، إشترط عليها عدم الإنجاب،...
إعتاد رسم بورتريهات لأشخاص يراقبهم، فى الغالب لا يعرفهم، يرسمهم دون ريشة، بقلم فحم فهو كاتب روائى وقصصى، يرتاد الكافيهات والمقاهى، ويطلق قرون الإستشعار لسماع مايقوله العشاق، لديه قدرة مدهشة على قراءة ماتقوله الشفاه وما لم تقوله، يصطاد أبطال قصصه من هنا ومن هناك، تختاره طاولة فى ذاوية من المقهى،...
كادت تطير من الفرح حين طلب منها موعدا للقاء، الطيور تحلق فى السماء فى مجموعات أشبه براقصات بحيرة البجع، وقفت طويلا أمام المرآة وهى تعيد توزيع الميكاب بوجهها، تسقط خصلة من شعرها بوجهها، كي تبدو أن سقوطها عفوى، معلنة نعومة ورشاقة شعرها الجميل، تتأمل جمال ثوبها الجديد، الذى إدخرته لمثل هذه المناسبة...
امرأة عامرة بفيض الشباب وتوقد الذهن، لايدرى كيف إتصل بروحها فى دنيا غير هذه الدنيا ؟ عالم كله شموس وأقمار وأشجار وأزهار، أيمكن أن يكونا إلتقيا فوق كوكب آخر، إنه الحب الذى يؤسس أحلاما لا تمت بصلة إلى الواقع ومنطق الأشياء، يحيل الفوضى إلى نظام مدقق جميل، أشبه بحياة الجداول والزهور، إستكانت روحه...
الأسرة ميسورة الحال، لاهى بالفقيرة ولا بالغنية، الأب يعمل فى شركات الغزل والنسيج، الأولاد والبنات من حملة المؤهلات العليا، الأب دأب على التواصل مع الأبناء، يشاركهم فى كل شيء، حتى رغبة الأبناء فيما يحبون من طعام، قريب منهم طول الوقت، يسألهم المشورة فى أمر قد يتعلق بعمله ويسمع لهم، السعادة ترفرف...
تخطفك إلى وجهها النضر لحظة أن تراها، تفك شفرات القلب وعقد الكلمات، لا يطيب سفر المرء إلا إليها ولا يرفرف طير محبته إلا لها، ترى أنه لا إمرأة تشبهها فى هذا الكون، فهى نسيج فريد من عبق الورد وثمر التفاح والبرتقال، لديها القدرة على محاصرتك وتهيئتك لما تريد، تتحدى قوانين الطبيعة فهى ربيع دائم طول...
رأسه الفارغة من الشعر، كثيرا مايسخر منها قائلا : أن لديه وفرة في الإنتاج وسوء فى التوزيع مشيرا إلى ذقنه كثيفة الشعر، غزارة هنا وقلة هناك قاصدا رأسه، كان مدهوشا حين وجد إسمه ضمن المحالين للمعاش، بينه وبين سن الإحالة للمعاش، عشرة أعوام، طالته مطرقة الخصخصة، مدهوشا كيف وقد أحدث تطورا فى الأرشيف...
إنقلبت دولته لحظة أن تدانت وإقتربت منه قائلة : لاتتردد وأكتب الرغبة الأولى طب القاهرة، مثلما فعلت، بجرأة لم يعهدها أخذت أوراقه عنوة، مدهوشا وكأنه فى حلم، مسلوب الإرادة لا يدرى كيف وافقها، تشده عيناها إلى سفر بعيد، أين وكيف لا يدرى؟ وجنتاها ورديتان يمكنهما إنضاج البيض، الإبتسامة لا تفارق...
تناثرت على الأرض حبات البرتقال، ككرات التنس المتقافزة، بعد سقوط صاحبها تحت عجلات سيارة مسرعة، كسرت إشارة المرور وواصلت إندفاعها دون توقف، أحد المارة كان يحمل فى يده جريدة، أخرج من جيب معطفه قلم وسجل رقم السيارة، أوسع الجميع الطريق لسيارة الشرطة والإسعاف، الخمسينى الذى قتلته السيارة فى تدافعها...
أعلى