يوم أحد كئيب، كل ما حاولنا أن نتسلّى نبوء بالفشل.
في البداية تسلّلْنا إلى مقبرة النصارى، كان حسن العامل بالفرّان قد حكى لنا أنهم يدفنون الحلي الذهبية مع أمواتهم، تسللنا وبحوزتنا مطرقة ووتد، لكن سطوح القبور كانت صلدة، ورغم كل الجهد الذي بذلناه لم نفلح سوى في تحطيم سور قصير كان يحيط بقبر من هذه...
نكتب رسالة غرامية لنرسلها لعبد العزيز، رسالة غرامية خيالية٠
بعد أن نختلف في البداية حول الاسم نتفق في الأخير ونوقعها هكذا: ًزينب المجنونة بحبكً، يعني بحب عزيز.
تقول له زينب التي اخترعناها من بين ما تقول إنها ما عادت تنام بسبب غرامها به، وإنها قد تقدم على الانتحار إذا ظل يتجاهلها.
نرسم في أسفل...
بأحد الدواوير المجاورة للمدينة الصغيرة يوجد بيت العْرْبي صانع المَاحْيَا، يصنع كميات كبيرة يبيعها للمروجين، الذين يبيعونها بدورهم للمستهلكين.
وفي يوم من الأيام ترك العربي الماحيا تتقطر في جفنة وخرج، وأتى حماره الأشهب وكانت الجفنة تكاد تمتلئ وكان عطشانا فشربها عن آخرها، كانت الساعة قد تجاوزت...
لم يعُدْ للعجوزِ فاطنة في الآوِنَة الأخيرة مِنْ موضوع للحديث سِوَى موتِ زوْجِهَا، كُلَّما زارتها جَارةٌ، أو زَارتْ جارةً، أو جلست مع مجموعة من النساء أمام أحد الدُّور عند الأصيل، تروي حِكايتهاَ.
ها هي تبدأ، إنَّ بقية النِّساء لَيُصْغِينَ إليها بِكُلِّ اِهتمام رغم أنَّهُنَّ قد سمِعْنَ القِصَّة...
كان عبد العزيز، وكنا نسميه تحببا “تَعِيزَّا”، مِلْحَ جماعتنا، ومُنقذنا من الملل، وصانع فرجتنا.
وحين أتذكر اليوم، بعد كل هذه السنين الطويلة، كثيرا من الوقائع العجيبة، أجد أن تَعيزّا كان في الغالب هو مُبدِعها، وبطلها، وضحيتها !
أذكر، من بين كثير مما أذكر، أننا قرأنا في حصة القرآن الكريم قصة...
لا تنفك عمتي يزة تنذب حظها، تقول إن عينا شريرة تلاحقها، فمستأجرو بيتها، الذين تتابعوا على كرائه منذ وفاة زوجها، بعد أن أخلته وسكنت بالغرفة الصغيرة على السطح، لم (يَصْدَقْ) فيهم ولا واحد.
تقول لي:
ـ أول من اكترى مني البيت كان أستاذ لغة فرنسية، أنيق وصامت لا يكلم أحدا، ولا يأتي عنده أحد، لكن ما إن...
كتاب ‹المرايا› لنجيب محفوظ، الصادر سنة 1972 يصعب تصنيفه. فلا هو بالرواية ولا هو بالمجموعة القصصية. يستعرض الكاتب في هذا الكتاب مجموعة من الشخصيات تعَرف عليها على امتداد حياته، من مختلف طبقات المجتمع المصري: الأستاذ الجامعي، المثقف ،الموظف البسيط، أصدقاء وصديقات الطفولة والشباب، نساء من مختلف...
اسماعيل في الأربعين ويشتغل صبّاغاً، يعمل أحيانا ويبقى عاطلا أحيانا أخرى، يعيش مع أمّه في بيت صغير.
لكن رغم أنه في الأربعين، فإّن روحه روح طفل، وجهه الأمرد مبتسم ٌدائما، وعيناهُ ملتمعتان، وبذلة ُ العملِ الزقاء الملطّخة بمختلف الألوان تُضْفي عليه طابع بهلوان.
وفي كل مرة تتَفَتّقُ قريحته عن هواية...
ما إن بدأ النعاس يدب إلى عيني عبد الله، وكان قد أصبح يشعر بخدر لذيذ يسري بجسمه، حتى أيقظته.
كانت واقفة على رأسه، تمسك ببطنها بكلتي يديها وتتأوه وتقول :
ـ آميمتي مصارني، غادي نموت !
ملأ الحنق نفسه إلا أنه تصنع الاهتمام والشفقة، جلس على حافة السرير، أحس بالبرد في رجليه الحافيتين، أراد أن يقول...
على الساعة العاشرة صباحا سمعنا طرقا على الباب، قالت فاطمة إنه حسين وتحدتنا على أن نتراهن إن لم يكن هو، فاطمة لا تخطئ فقد دخل بقامته الطويلة وشعره غير الممشوط ، كان يحمل حقيبة وضعها فوق الثلاجة، وجلس بجانبي على الكنبة الزرقاء، قال لنا :
_ غادي لآسفي نشوف الوالدة .
رحبنا به ومد له مصطفى كأس نبيذ،...
كانت الربوة تبعد عن حيّنا مسافةً تتجاوز الكيلومترين، لكن كان بإمكاننا رؤية البيت الذي يقع فوقها، والسّور القصير المحيط به، والشجرة التي بجانبه.
كان البيت مطليا باللون الأحمر، وكانت تَقْطُنُه امرأة عجوز ولم نكن نراها إِلاّ نادراً، حين تمر بجانب حينا متجهة إلى مركز المدينة، وحين تؤوب عائدة إلى...