بعد تشجيع وترحيب من بعض الصديقات والأصدقاء، قمتُ قبل قليل بفتح صفحة خاصّة بي في الفيسبوك. مش بروفايل، بل صفحة، page. الفرق واضح، ويعرفه حتى مُتمرّسي الفيسبوك الجُدد من أمثالي. لكلّ ضارب طبل بروفايل، أمّا “البيدج” فللمتميزين تميّزًا.
ثم فجأةً، بدأت أشعر بأنني أديب هامّ مع صفحة. فجأة تجرّأتُ...
هكذا تكون العودة إذًا، بخيام جديدة. خيام هي النقيض من الخيام التي اعتادها الفلسطينيون. هذه المرة هم الذين نصبوها وتمسّكوا بها. ليست خيام “الأونروا” وليست خيامًا على طراز “بيروت خيمتنا”. فلسطين خيمتنا (وشكرًا لبيروت). نتمسّك بها ونتشبّث كأنّ الروح تطلع منها وكأنّ الروح تعود إليها.
منذ مبادرة...
بدا عباس شاحبًا بعض الشيء وهو يراجع بعض الأوراق خلف مكتبه في الجريدة. “لم أسافر”، قال رأسًا من دون إلقاء التحية في المكالمة الصباحية المبكرة صباح السبت. لم يستوعب سمير وجوده في الأريكة يحضن ليليان من الخلف. حتى صوت عباس بدا له من عالم آخر.
“من أنت؟”
“ماذا يعني من أنا؟”
“آه، أهلاً.”
“صح...
زوجي سائق باص. منذ ثلاثين عامًا وتزيد. تعرّفتُ إليه وهو في الرابعة والعشرين، وكان تخرّج للتوّ من مدرسة السياقة في المدينة. في بطاقة هويته كتبوا إلى جانب المهنة: “سائق باص”، وكانت هذه كفيلة، إلى جانب صورته البراقة، بأن تدخلني إلى قفص الزوجية الذي بناه لي، في قريتنا الجميلة النائية.
كنتُ في أثناء...
تروي مسرحية “الجندي المخلص بالتأكيد” قصة جنديين وضابط، أثناء معارك ضارية تجري مع قرويين لا يستطيع فيها الجيش التغلب على “هؤلاء ناكحي الأبقار”، كما يصفهم الضابط. وخلال الانتظار للمعركة القادمة تتأزم الأمور بين الثلاثة، بحيث يتمرد “الجندي المخلص” على الضابط ويتولى مكانه، حتى تنقلب الآية عليه هو...
يجب ان اتحدث معه. فالامر لم يعد يحتمل التأجيل، حتى لو انه لا يعرفني او لم يسمع بي. سأتصل به وسأقول: يتكلم أنا واريد منك ” إكساً وواياً وزداً “. هكذا، بصراحة ومن غير مواربة، واذا تلعثم او استهجن المكالمة فإنني سأغيّر من لهجتي. سأقول له: اسمع، نحن عرب ونفهم على بعضنا البعض. كل ما اطلبه منك هو ”...
لم ألتقِ غابريئيل غارثيا ماركيز (غابو) في حياتي، لكنه كان أحد أساتذتي الكبار. فالأدب الذي كتبه وأبدعه حمل معه، إلى جانب المتعة، الكثير من الأخيلة والأشباح الأدبية التي أكسبتني الشجاعة -وأنا غضّ طريّ- على كسر أقسى القبضات التي تُحكم على أيّ شخص يحاول كتابة الأدب: الواقعية وقيودها و”ما يُفترض...
رغم سنواتي العشر، إلا أنني كنت قادرًا على استيعاب أنّ أمرًا جللاً وقع. كانت والدتي تغلق باب غرفة نومنا في كلّ مرة يُفتح، كي لا نسمع ما يدور من همس مضطرب في الصالة. لم تكن “جلسات” كهذه تتم في المنزل إلا في الأمور الجِّسام، ولم يكن باب غرفة الأطفال يُغلق أثناء قعدات القهوة والبابونج، بل على العكس...
يأتي الروائي الفسطيني علاء حليحل في رائعته التاريخية “أورفوار عكا” ليعيد -بموهبة عالية- كتابة وقائع حصار عكا عام 1799 من قبل نابليون بونابرت. يضع رقعة الشطرنج أمام القارئ، ولا يمنحه الوقت الكافي لالتقاط أنفاسه، فالمواجهة بين “الفرنساويّة” والعرب والانكليز ليست هي الهدف؛ هناك قائدان، خصمان...
طلبتْ مني أن أشتري لها أولويز ذات الأجنحة. العلبة الخضراء شددتْ. خرجتُ الى العالم البارد وبدأت أمشي نحو الصيدلية. في طريقي الى هناك حاولت أن أتخيل كيف تكون تلك الأجنحة. ومع أننا مارسنا الجنس هنا وهناك وهي مُحاضة، إلا أنني لم أرَ الفُوَط الكبيرة ذات الأجنحة التي تُستعمل في الأيام الأولى. وهكذا...
جذبتني “أ” من يدي وأخذتني إلى خلف ساحة المدرسة القصيّة، وقالت لي من دون أن تتلعثم: “تعال نلعب عروس وعريس”. كانت سنواتي الحادية عشرة كفيلةً بأن تجعلني أفهم ما تعنيه جملة “عريس وعروس”، إلا أنني لم أحرّك ساكنًا. فقد صدمتني صراحتها ومباشرتها وأعتقد أنني تفاجأتُ وقتها من معرفتها بحيلة “العروس...
سأبدأ من أعلى رقبتك. سأحتضنك من الخلف وأقبّل رقبتك ببطء كأننا ننتظر المطر في الصيف. يداي تمرّان بخفة وهدوء على منتصف صدرك بين النهديْن. أحبّ يديك وأنت تمسّدين بهما شعر رأسي. سألتصق بك أكثر. ستشعرين بحرّ جسدي الذي يحاول أن يلوي نفسه وفق تقعرات ظهرك وعجيزتك الحلوة.
الشهوة حارّة، كأننا خارجان...
طازا من الفرن: نزلت قبل نحو 20 دقيقة من القطار في محطة “مركز حيفا”. عند باب المقطورة تجمّع قوم كثيرون ومعهم شُنط كبيرة، أغلب الظنّ أنّهم في طريقهم إلى المطار. كانت إحدى النساء الكَهَلات تقف على الرصيف عند مدخل باب المقطورة وترطن بالعبريّة: لا أستطيع رفع هذه الحقيبة! وبحركة شهامة غير اعتياديّة...
تهادتِ الحافلةُ الحافلةُ بالركّاب وهي تتوقفُ عند المحطة القادمة، من دون أن يعرفَ كيف سيدخل كلُّ هذا الجمع الواقفِ عند المحطة، إلى هذه الحافلةِ الحافلةِ بالركابِ. أزاح رأسه صوبَ الشباك، ونظر صوب الجمع الواقف عند المحطة القادمة وتساءل عما إذا كان السائق سيتوقف وسيفتح البابَ لهم، رغم الاكتظاظ...