أحماد بوتالوحت

ها هي الجَداجِد تَفْرغ لِتَوِّها من التَّراشُق بِالألْقاب وتَفْزَع الى أسِرَّتِها قد تَكون سَفينَة الليل تَمْخُر رُؤوس أحْلَام المَرْتَبات المَوْتى المُؤَرَّقون يُغادِرون لُحودَهم مَحْمولين تحت قُبَّعاتِهم اللَّبَدِيّة سيكون علي أن أتأهب لِعَدّ أصابِع النجوم قَبل تَكاثُف السُّحُب ومن المُحْتَمل...
حاول النمل إقْتِلاع ساقِه الفاضِلة من زمَن الفُتُوّة والقَصْف والصَّعْلَكة ، السّاق الغائِبَة إقْتَطعَها من جِسْمه قِطار يَمُرّ مُدَنْدِناً على السِّكّة المُثاخِمَة لِقرْيَته الصَّغيرة وكان آنذلك في حالَة سُكْر طافِح لَم يَشْعُر خِلالَه بِرِجْلِه وهي تَأْخُد إِسْتِراحَتَها على السِّكَّة...
مِن عَلُ يُسْبِغ إبْتِساماتِه الْماكِرَة على الأرْصِفَة وَأحْذِيّة الْمارَّة الْمُفَخَّخَة مُمْتَطِيّاً دَرّاجَة هَوائِيّة مُصَفّحَة ضِدّ عُيون الجَواسِيس وَالأوْبِئَة كان يُدَوِّس بِصَرامَة مُوَجِّهاً إَيّاها ، حَسَب نِظام تَحْديد الْمَواقِع ، نَحْو قُبَّة السَّماء مُرْغِماً عَجَلَتَيْها على...
العالَم لا يُريدُك مُتَفَرِّداً ، يُريدُك أعْمَى وَمُفْتَرَساً داخِل الْقَطيع الغَباء عُمْلَة رائِجَة داخِل السِّرب وقِسْمَة عادِلَة بَيْن الأُمَم فَارْفَع ياقَة جُنونِك ولْيَكُن العَقْل قائِدك في زَمَن يَتَجشَّأ التَّفاهَة إبْدَأ بِالشّكّ فَالشَّك سَبيلُك إلى اليَقين ولا تَكُن غِرّاً...
مُسوخ فِضَّيّة تَخْنق الأُفُق ، تَنْثُر مَخالِبُها فَتنْتَزِع الأحْشاء القَصْف يَقْطُف قُبَّعات الأجْراس ، يُوَزِّعُها في الفَراغ كَالطُّرود يَرْكُل العَرَبات وَيرْسِل أحْشاءَها المُفَكّكة خارِج الهَياكِل وَعَلى مَرْمى مِن القَناطِر المُنْحَنِية ، تَطير قُصاصات الْحِيطان تَتَشَظّى أوْعِيَة...
سَكَنَت تَهْويدَة النَّاي الخَشَبِيّة المُتْعَبة مِن هَدْهَدَة أجْفان النَّهْر المُهَرَّب داخِل سِلَّة وَكَفَّت الكَواكِب عَن الإرْتِجاج حِين تَخَلَّصَت مِن حُمَّى الرِّيّاح بِفَضْل قُرْص "أسْبِّيرين" فَوّار آبَ الرَّجُل إلى مَهْجَعِه ، عِلِّيَّة تَنْتَعِظ على بِنايَة مَلْعونَة ، تَخْطو...
حَذَّرَت نَمْلَة ، حَزْمَة النَّمل ، مِن مَداسات الجُنود وَهِي تَقْطُر غُبارطَريق الْوَادي مِن بَيْن طُقْم أسْنانِه الذَّهَبِية أَفْرَج عن ضَحْكة مَلْفوفَة فِي أَنْفاس القُرُنْفُل وَسَحَبَها مِن الأُذُن إلى الأُذُن لَم يُفكِّر فِي كَنْس خُوذات تِلْك المَخْلوقات ، كَيْ لا يُضيف خَطِيئة إِلى...
مَا يَجْعلُنا تُعَساء هُو أن لا نَجِد كَتِفاً بِاتِّساع السَّماء يُسْنِدُنا فِي ذُرى العَواصِف وَاللَّعْنة عَلى حَياة حُكِم على الْمَرْء فيها أن لا يُفَكِّر إلَّا في النَّجاة مِن المَوْتِ بَيْن أَصابِع القُفّازات الْمُلَوّثَة بِالجَريمَة ، المُتَرنِّحَة بِثِقْل مَزِيد مِن الدِّماء ...
مَن لم يَكُن لَه جَحيم يَخْلُقه له الآخَرون ، أَو تَلِده لَه زِينَة مِن زينَة الحَياة الأَسْياد جَحيم ! يَتَوارَثون رُكُوب العَبيد وَكُلَّما أٌذِلُّوا أمْعَنوا فِي التَّمَسُّك بِالنَّيْر. نَحْن خِراف أضَلّتْنا وَقادَتْنا إلى الكَمائِن رَغَبات الأَسْياد الفاسِدَة أَمِن أْجْل فاكِهَة هالِكَة...
كُلّ الحِكايات كَتَبتْ لِّلسَّجين نَفْس النِّهايَة المُفْجِعة :تُحْمَل رَأْس الفَتى مَذْبوحَة إلى مَائِدة السُّلْطان بَعْض الحِكايات رَأَت أن تَسْمو بِالهَدِية فَقَدَّمت الرَّأْس مُضَرَّجة بِالْحِقْد على طَبَق مِن ذَهَب تَمَلَّى الْقَيْصَر بِعَجْرَفة ، الشَّعْر الأَشْقَر المَشوب بِحُمْرة...
الدُّروب مُغْبَرة تَذْرو فِيها الرِّيح أوْراق الْخَريف وَتَنْكات الجُعّة الفارِغَة السَّماء لَم تُذْرف دَمْعة واحِدة ، شُلّت أذْرُع الطَّواحِين وَغُلَّت أيْدِيها سِرْب الأَهَالي يَجوب الأَحْياء مُلوِّحاً بِعَرُوس مِغْرَفة عِمْلاقَة حَازَت إِسْم " تاغَنْجا" لَم تُفْلِح المَساعي الحَميدَة...
حتَّى أنْت يا يَهُوذا !؟...كيْف تَجْرُؤ !؟ في العَشاء الأَخير كان مَكْتوبا عَلى رٍقِّ جَبينِك أنك تُسلِّمُني وهَكَذا حَدَث ، وَبِيَد مَطْوِية داخِل قَفَّاز مَتَواطِىء ،سَدَّدْت إِلآ ظَهْري طعَنات غَير رَحيمَة وَقَد عَلَّمْتك وأنت غِرّ، كَيْف تَجُزّ عُنق شَاتِك وَ تُعِدّ عَشاءَك وتُنظِّف...
كان الوَقْت مُبكِّراً كَي تَخْرُج الأَرْض مُتَبرِّجَة مِن جُيوب الْمَاء هِراقْليطِس لَا زَال يُجَرِّب السِّباحَة فِي النَّهْر مَرَّتَيْن حَتَّى يُثْبِت أن العالَم يَتَغَير وَراحَتا الرَّحَى لَا زالَتا لَم تَنْفَتِقا وَظلَّتا رِتْقاً لم تَنْفَصِم عُرَاه حَتّى أجْراس الكَنائِس لَم تَتَفتَّح...
كان يَحْشو رُؤوس الطَّواحين الصَّغيرة بِالأقْوال وَالأَفْعال المَنْسوبَة خَطَأً إلى رُسُل البَدْو وَكان هذا إِعْتِقاد الفارِس النَّبيل ، صاحِب تَجارِب إِسْتهْدَفَت فِيما بَعْد عَقيدَته وَحَياتَه حَدَث أن غَاص في لَحْم رِوايات المُغامَرات وَالفُروسِية حتَّى جَحَظت شَامَة بَيْن عَيْنَيه ...
في سَنَوات صِباهَا الأُولَى ، تَقَلَّدَت رَأْس شَخْص مَهْوُوس بِالمُرْتَفَعات كَان مُرَوِّض عَضَلَات الحِبال ، يَرْقُص عَلى ظُهورِها وَعلى أَحْزانِها المَفْتولَة . في ذَلِك الزَّمَن الأَغْبَر ، كانَت الطَّبيعَة مَسْكونَة بِفُوبْيا الفَراغ وَالإِنْتِظار فَعَمَدت إِلى مَلْء جُيوبِه الخاوية...

هذا الملف

نصوص
127
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى