مزهرون بأصوات غامضة في زمن ملغى
ومحادثات تحت طنين الفراغ
واغتيال الأحلام المتثاقلة
نحن الذين شيّدنا المنازل لأوهامنا وعشنا تحت سقف واحد
على ضوء شمعة وحيدة
وسجنّا أبصارنا في مرآة تكرّرملامحنا ولا تتذكرنا
ننظر الينا فنصاب بالذّعر ، ونسقط أرضًا
في الحد الفاصل بين اليقظة والنوم،
أو بين الحياة...
للشكّ ظلال غامضة
وعويل ريح.
ينام في خلايا الوعي الكوني
وشهوة تمشّط السواقي المرتعشة
بشوك الوحدة الشرسة.
****
للشك
سقوط مدويّ ،
يحفر عميقًا
فيما أراه من هنا
يجدل الهواء
ليتسلق خرائط العالم بنعل حذاء ممغنط أسود.
*****
للشكّ ظلال غامضة
وعويل ريح
يرتكبُ خياناتِ المعنى
في نصّ رديء
يَغرقُ في خطيئةِ...
أيّها الهارب من أغصان الخوف،
الآمن في ظلّ العصافير
السّاحر في قيثارة أورفيوس
لست كأحد...
أنت ارتباك القصب
اليك ترحل الانزياحات
منك يسرق الرعاة أغانيهم.
على وقع مقاماتك
تجاهر أجساد الفتيات
أيّها اللحن
أنت نور العالم
تفوح منك أناشيد الصلاة.
ليس لي ما أرد به الموت
غير الغناء
أنا من مزاميرك...
ردّني إلى هناك
هنا،
شفيعتي تسكن في خوفي،
تسكن في ذعري،
تسكن في امرأة دون قصاص،
والحزن رصاص.
ولا هداية لنون وقلم
على بساط مقصلة تُحتضر.
******
ردّني إلى هناك
هنا،
عزلتي حشرجة رغبة في أوتار كمانْ
ولا رؤية لكاهن سومريّ
يشرح لي من سفر التّكوين حكاية.
وأنا أتمدّد في حزني،
وحزني ثوب وفراش وقصاص.
الحالمون السّارحون في ضباب السّجائر،
يسجدون فجراً مع هشيم الوعي
على سجادة ملوّثة بخمرةٍ لا نشوة فيها.
الحالمون بعناق لا يأتي،
مسكونون بألحان حارّة
من ألحان "تشايكوفسكي"
في صقيع جغرافيّته اللّاذعة،
جغرافية لا يعرفها الاّ مَنْ
أحرقته نيران جليدها.
الحالمون،
يُراقصون نبض الأرق
بقميص منهك
إلى أصابعَ...
حين تصبح اللهفة موالا
يَجلِدُني خدرُ الصّمتِ
والوقتُ
الذي كان نشوانا بكَ صار حشرجة أفقٍ
يراودني باتجاه الإياب
آآآه كم هدّني ظلّك...!!!!
لكثرةِ ما استفردَ بي
صارَ كوجع القصيدة
كلما استنطقتُ بياضَها
استنزفتُ هديرَ المعاني
مسترجعةً النّارَ هناك
ماذا سأجيبُ الزهرة المرميّة فوق الأمواه المهزومة؟...
يحدّثني الماء
عن إشارات تميط الخوف
عن نبي غير آثم يورّد خدّ الصّبا
يدخلني حرمه المقدس
عن مسك ينظف حجرات الشجن
كعبق الهال في أحداق الفجر
عن قصائد مرمرية تمسّ رنّة ابتهالي في آخر بيت
عن كف ريح تنقع العجين بنبيذ
يستدرج خجل الغواية
للالتحاق بأعشاب رقصات اللذّة
يُحدّثني عن إشارات خضراء
تتقاطر رطبا...
سأتبع ضوء سوسنة وآلهة تجاور أنهارا تهجع في غلالات الجسد
وأقيم ابتهالاتي إلى أن يفك الظلام لغزه،
ويعيد للسوسن كلّ لغاته...
سأتبع ذاك الغريب...
وأقف على سدرة المعنى لأطهّر قدَمْي الحقيقة من فوضى التّأويل
سأتبعك أيّها الغريب...
سأتبعك،
بالمجاهدة والكتمان
لتضمّني مع رعاياك
وأشرب كأس إفاقتي على يديك...
يا أبي،
أَنا ارتعاشات الصوت المُجدبةُ التي لا تشتهيها الحساسين
أَنا الأغاني التي سقطت على شواطىء مرعوبة من لوثة الجنون
أتمدّد على مقامات النواب ، مردّدة "مو حزن، لكن حزين"
كيف يحتويني كون يصنع الآلهة ويحرقهم؟
يا أبي،
أنا لم اخاتل صديقًا لاستدرج المجد
ولم اهز ضمير الله في يتيمِ
ولم انهر سائلًا...
ليس صدى ما تسمع
لكنّه جسارة الآه في كامد الألوان
ريش طائر متورّم في المنفى يتأوّه
تصغي اليه
فتسمع شدوه نحيبًا رتيبًا إزاء أقدام ضخمة بلا هيبة تدكّ الأرض..
وبين ممرات الذهول يتساقط متصدّعًا كصدى آذان ملويّ
ويتناثر على حافة قصيدة تقاوم ردن العمر بلا جدوى ...
لا ليس أنينًا ،
بل جسد يتراقص
كلّما...
فنّ القصّة القصيرة جدًّا من الفنون السّردية، التي يحاول كاتبها تقديم نصٍّ سرديٍّ مكتنزٍ بعدد قليل من الأسطر وبشكل دلالي مكثّف، من خلال توظيفه لعناصر القصّ، من شخصيّات وأحداث وحبكة ضمن زمان ومكان محدّدين، تثير لدى القارئ تأويلات تتمثّل في اكتشاف الذّات والوعي بالآخر؛ حيث يحاول الكاتب إبرازها...