فى العاشرة من عمرها أدركها الحيض، أراد أبوها أن تبقى بالبيت وترتدى النقاب مثل أمها. نبوية الخادمة طفلة من عمرها، تقف أمام الحوض تغسل الصحون، المطبخ ضيق مظلم، ارتطم كتفها بظهر نبوية وهى تفتح باب الثلاجة، لأول مرة تكتشف أن لنبوية ردفين، جاءت من القرية بجسم ناحل جاف كعود الذرة، لا تعرف ظهرها من...
فى بلادنا العربية، كيف يحصل الكاتب على لقب الكاتب الكبير؟. ومنْ هو الكاتب الحر؟. فكرت طويلا فى هذا السؤال، واكتشفت أن الكاتب الحر، هو الذى يكتب أفكاره من وحى ضميره فقط، لا يمكنه أن يحصل على لقب «الكاتب الكبير»، فى حياته أو فى حياة الورثة. وأدركت أيضا أن معظم الكُتاب فى بلادنا، يفضلون أن يكونوا...
لا شىء يهدد النظام غير العادل، إلا العقل الحر المبدع، الذى يكشف الحجاب عن الاستبداد والفساد والقهر المتخفى فى حياتنا الخاصة والعامة.
فى جمعية تضامن المرأة العربية التى أنشأتها عام 1986، وأغلقتها الحكومة عام 1992، كان شعارنا «رفع الحجاب عن العقل»، بدعوى نشر الفتنة والتحريض ضد النظام.
تم...
ظاهرة لاحظتها فى مجال النقد الأدبى أو المؤتمرات الأدبية للرواية أو القصة أو الشعر أو المسرح أو السينما أو التليفزيون وأعمال الدراما، أغلب الرجال من النقاد والأدباء من كبار السن تجاوزوا الستين أو السبعين أو الثمانين من عمرهم، وأغلب الأديبات أو الشاعرات أو الكاتبات من الشابات فى ربيع العمر، نادرا...
سألنى أحد النقاد: لماذا تكتب المرأة الأدب؟ سألته بدورى: ولماذا يكتب الرجل الأدب؟ سكت طويلا يفكر، لم يتعود أن يواجه بسؤال جديد لم يسمعه من قبل، تربى فى أسرة كانت أمه تطبخ وأبوه يكتب، تصور أن هذا هو قانون الطبيعة أو القانون الإلهى، أن المرأة تطبخ للرجل طعامه والرجل يكتب للعالم أفكاره، لكنه التقى...
فى طفولتى كنت أخفى مفكرتي، بعيدا عن عين أبى وأمي، والعيون الأخري. أن أكتب ، معناه أن أكون منفصلة عن الكون والبشر، والحياة والموت، وما بعد الموت. الكتابة توجد، حيث لا أكون ابنة، أو زوجة، أو أما، أو مواطنة. كأنما أنا ذرة حرة، تتحرك بعيدا عن روابط الدم والهوية، والدين، والوطن والجنسية والطبقة...
شهوة العقل إلى المعرفة هى أعنف شهوات الإنسان، رجلا كان أو امرأة، وهى تفوق الشهوة إلى الطعام أو الجنس. وهذا هو السبب أن الإنسان وحده دون سائر المخلوقات كلها يمكن أن يضحى بطعامه وشرابه ومتعته الجنسية، بل بحياته كلها، من أجل إرضاء عقله وفكره. إن قصص هؤلاء النساء والرجال الذين ماتوا واستشهدوا فى...
فى منتصف الخمسينيات من القرن الماضى كان أغلب زملائى بكلية الطب ينشدون التخصص فى فرع الجراحة فهو يقوم على التشخيص الدقيق للمرض، واستئصاله من الجسد، وكان للطبيب الجراح شخصية دقيقة مثل سن المشرط لا تعرف التردد أو الالتواء لكنها أيضا شخصية نرجسية استعلائية إلى حد الألوهية متعصبة لآرائها وعقيدتها...
لا نفهم الحاضر دون الرجوع للماضى والتاريخ، فى الأربعينات من القرن الماضى سمعت أبي، أستاذ أصول الدين، يعلق على نخبة بالبرلمان منحوا «فاروق» لقب «الملك الصالح»، قال أبي: التجارة بالدين فى حلبة السياسة دليل الإفلاس، وفى بداية الخمسينات وجدتنى وسط المظاهرات الجامعية، حيث داس الطلاب بأقدامهم صورة...
نهاية عام 1956، فى بيتنا بشارع الهرم بالجيزة، كنت طبيبة امتياز بالمستشفى الجامعي، قصر العيني، احتفلت أسرتى وزميلاتى بالعام الجديد، تألقت أمى فى الحفل كعادتها، كانت فى ريعان شبابها، بلغت التاسعة والثلاثين من عمرها، فى قمة الصحة والحيوية، ترقص وتغنى مع أم كلثوم، افرح يا قلبي، لكن، فى اليوم التالي،...
ذات ليلة سمعت الخبطات فوق باب بيتى بالجيزة، دهشت من يأتى لزيارتى دون موعد سابق إلا رجال البوليس؟ كنا فى نهاية الستينيات أو بداية السبعينيات من القرن العشرين، أى منذ خمسين عاما وأكثر، وسألت من وراء الباب من هناك؟ وجاءنى صوت امرأة بلهجة مغربية تسأل: أهذا بيت نوال السعداوي؟
فتحت لها، قالت انها...
كان توفيق الحكيم يقول حين يرأس لجنة بمجلس أعلى دائم، لا دوام إلا لله, كان المجلس الأعلي، يحظى أيضا بلقب الدائم، يعارض توفيق الحكيم لفظ الدائم، يسخر من الحاكم بأمر الله مدى الحياة، لكنه كان، يعرف كيف يخفى النقد اللاذع تحت سخرية، لا يدركها عقل الحكام، كان معجبا بالكاتب الإيرلندى جورج برنارد شو،...
كانت تسكت أمي, تبتلع دموعها في صمت, أرهف أذني لصمتها, أحاول أن أعرف من هو أبي وماذا كان ؟ أتأمل ملامح وجهه في ضوء النهار,
في الليل أحملق في صورته تحت ضوء اللمبة, تتغير النظرة في عينيه مع تغير الضوء والمكان الذي أقف فيه, أمام دولاب الملابس أو وراء مكتبي, تبدو نظرته قوية ثائرة مستقيمة...
أحد الجينات المصرية الفريدة لعبادة الفرد، موروث منذ عصر الملك مينا، لا يجلس على قمة الهرم الأكبر إلا شخص واحد، يعيش فوقها، ويموت فوقها، وتظل محجوزة بعد موته ليظل خالدا للأبد. إنه جين الأبدية والفكر الأحادي الصامد، ضد فكرة التعدد، اللهم إلا تعدد الزوجات.
زاملت نجيب محفوظ، منذ أربعين عاما، في لجنة...