في أمسية أدبية بمدينة "مالمو" وقع نظري عليه أول مرة. كان ذلك في منتصف تسعينيات القرن المنصرم. كان يجلس في الصف الأول بوجه الأسمر وكأنه رغيف خبزٍ تعطل قليلا في التنور، يحملق بعينين ذكيتين متابعاً وأنا أقدم صديق مسرحي ليحاضر عن طقوس المسرح، وحقيقة الأمر أنه ألح عليّ كي أعبر معه إلى مالمو، وقتها لم...
عينٌ صافيةٌ كحجر الليل، لا ريب
في حياته الأخرى المضاءة بالصواعق
وفوق ذلك لا ينبح
كالكلب ولا يصادق السلالم.
وحيداً في البراري يتذكر سهاماً كثيرة عبرت أحلامه
في الصحراء الموحشة
ينام بعينٍ واحدةٍ اما الأخرى
فهي مزلاج باب او ندم في برية الكلمات
عندما تدفعها الريح الى المقابر
أعنّي قليلا ايها الملكوت...
هناك أصوات أتتني على ظهر الأبدية
أقاسمها حياتي.
أموات يبيعون الجمرَ والصراخ لليالي
القادمة في فصل الثلوج.
لا أعرف أن أسمّي ظلالَ من دخلَ إلى الغرفة.
هل العائلة لا تزال حيّةً،
هل أنا رجل وحيد وأعمى.
أذكر أنني كنتُ شاباً يسافر في
منتصف الألم تتلقفُهُ جهات العالم كلها.
لابدّ أنني أضعتُ المفتاحَ في...
على الأغلب كنت أحرس الليل لأن قبضتي قوية تحت النجوم لكن الألم في مِعصَم الصبيّة والعينان الزرقاوان تخاطبان العالم من زنزانةٍ. شيء شبيه بالحلم وأنت تعبر الجسر لتنحدر الصرخة من الفم أنه أمر مماثل في يدِ ادوارد مونخ، اللوحة في الطبيعة لكن الخسارة تنام أيضا في اليد القوية.
تزور أحياناً غرفاً طينية...
1
لقد تُركت لوحدِها نافورةُ الماء
الألمُ يسبق اليتيمَ على السرير
ينبغي علينا أن نجد جرحاً في المفاصل
أو الركبة.
ربما حينها سيطير الهواءُ من ثقوب الميّت
ونحن نتفرّج على صرخته في الخلاء
سننسى أننا ولدنا مراتٍ عديدة
في مكانين مختلفين
لكن فجأة تنتفض أرضُ البلدة كلها
لأن الحياةَ مقيّدةٌ في زنزانة
2...
لا، أنا لستُ من هنا،
كنتُ فارساً يخطف صبيّةً
على حصانٍ من خشب الطفولة ثم متُّ.
اذهب واطرق ذلك الباب
سيأتي إليك الصوتُ
لك وحدكَ من وراء القبر
لأنّكَ أتيتَ
لترى القطعة النقدية المحمولة بالهواء
وهي تسقط فوق طاولة الكتابة.
أجل أنه قرش ماري تيريزا الفضيّ
أذهبْ وخذه،
كنتُ أشتري به الآفاق قبل أن يولدَ...
لا يأبه الجالسون بالغريب.
لقد تركتُ حياتي هناك بين الأحجار
وها أنا الآن كمنْ يصطاد أضواء الغروب
هل كان ينبغي أن تمضي
كل تلك السنوات
كي أكتشف أنني صيحةٌ عائدة من الموت.
من عزلةٍ أخفّ من ريشة طائر
يحمل إليّ رائحة الندم
والظلال.
نظرتي الشاردة
تنسجُ فخاً من ماضيّ البعيد
وكلّ كلام أقولهُ
يرفع مصيري...
إلى سلمى
الجبالُ بعيدةٌ وهذا الألم الطالع من الأمواج
بلا مُلوحةٍ. ليس خطأ بعد الآن أن يمرحَ
السحرةُ فوق الغيوم.
المنازلُ خاليةٌ
وكل وجهٍ أصادفهُ صقيلٌ كحجارة الوادي
المغمورة في ضوء القمر.
كان الأبُ يسهرُ على الزمن في بريق دمعةٍ
عندما سمعتُ البكاءَ
يتردد في الأروقة.
الأختُ بمرآتها تستنجدُ هائمةً...