قبل سنوات كتبت عن إشكالية مصطلح المثقف، (النطاق الموضوعي) من ناحية، والجانب النفعي في مواجهة التخصص من ناحية ثانية، وذلك عبر عدة مقالات متفرقة. ولا زالت المشكلة قائمة. ولكنها اليوم تختلف قليلاً عما مضى.
تفاقم مشكلة المثقف أو الثقافة اليوم، ترتبط بتعريفنا للمثقف، أياً كان انتقاؤنا لأحد تعريفاتها...
لا أعرف إن كانت إدارة البي بي سي تتابع وتراقب نسختها العربية أم لا، ولكن أعتقد انه قد حان لها مراجعة نفسها قبل أن تفقد ما تبقى من احترامها.
تعرضت البي بي سي منذ نشاتها لصعوبات دعتها للارتماء في أحضان جهازي المخابرات البريطاني والامريكي، وأصبحت تحت رعاية مكتب العمليات النفسية (كان يسمى مكتب الحرب...
(ولدنا طيبين وتعلمنا الشر..
ولدنا أوفياء وتعلمنا الخيانة
ولدنا أبرياء وتعلمنا الخبث
ولدنا....)..
يغني الأطفال، وينظر لهم بعينين خائرتين من البعد..فتقول زوجته:
- ما هذه المدرسة الغريبة..
وتنظر إليه فتجده جالساً بصمت كعادته:
- ألا تسمعني؟
يلتفت إليها منتبهاً:
- الا تهتم بمستقبل طفلنا؟
فتجحظ...
أصوات فقط..
صيحات نوارس..ونعيق غربان..وأمواج تتحطم فوق بعضها..هكذا يجلس ويستمع لها داخل غرفته..كما لو كان يعيش في سبعينات القرن الماضي وليس من مواليد التسعينات..جسده خدِر..فهو بالكاد يرى بُقج ملابسه معلقةً على الجدار..وصنم الإله بين شمعتين.."الهند"..همس ورفع صورتها بأصبعين ثم حدق فيها.. حدق...
- نحن في الواقع نحصل على معاشنا مبكراً، هكذا هي الدول النامية، فعندما تعمل بلا أجر يكفي تغطية كافة إحتياجاتك، وبلا طموح في التطور، فأنت في الواقع تعيش في سن المعاش. وقد تجادلني، وتقول بأننا رغم كل شيء نقدم خدمات مهمة للجماهير، حسنٌ، وهذا ما يفعله المتطوعون أيضاً. لذلك فباعتباري كنت أحد المعاشيين...
نصيب الملائكة
___________
- ما الذي نجيده حقاً؟
- العيش وفق إمكانياتنا المحدودة..
- أن نقتل الطموح؟
- بلى..
وخرج من الباب الخاطئ فوجد مكتباً عتيقاً وعلى الطاولة زجاجة كونياك وكأس مقلوبة، وشبكة عنكبوت تلمع في الظلام..وفأر يعبر يتشمم التراب العالق في الأثاث. فأغلق الباب.
- غرفة جدنا؟
- كما هي...
لقد أصيب القصر الامبراطوري بالصدمة، الوزراء بل وحتى العبيد والخدم والنسوة، جالوا في كل ردهات القصر، وهم يتناقلون خبر الرسالة التي جاءت من التيبت..
"سونغتسان المجنون"..
"يا للجراة .. يا للوقاحة"..
"إنها الحرب لا محالة"..
عقد الامبراطور تانغ تاي تسونغ مجلساً طارئاً ومغلقاً مع الحكماء ووزيره،...
إن أغبى سؤال يمكن أن يطرح على شاعر أو أديب بشكل عام هو: ماذا تعني بهذا الكلام؟
التفت الأدب العربي القديم لذلك، حينما قص قصة اعرابي جلف سأل احد الشعراء:
- يا رجل..لماذا لا تقول ما لا يُفهم؟..
فأجابه الشاعر: يا رجل ولماذا لا تفهم ما يُقال؟..
وبعد قرابة الف عام، يظل سؤال الغباء مطروحاً، ولكنه...
* التشريعات الأجنبية:
هناك تشريعان مهمان جداً صدرا حول تنظيم الرعاية الصحية ؛ أولهم هو القانون البريطاني والثاني هو القانون الهندي. وقد مر القانون البريطاني بتطورات كثيرة جداً منذ سن أول تشريع يتعلق بمعاملة المرضى النفسيين ، وهو قانون البلهاء لسنة 1886م The Idiots Act ، ثم قانون القصور العقلي...
هذي اللغة تبدو سخيفة جداً، مسطحة أكثر مما ينبغي، فكيف يمكنني أن أصف هذه الكآبة وأنا أعبر الازقة المظلمة، وكيف أصف ذلك الظلام فأقول بأنه دامس، لكنني في الواقع أعني أكثر من ذلك بكثير، أعني أن ظلمته أكثر مما يمكن للقلب تحملها..ظلمة موحشة، كئيبة، لا تتحملها الشياطين، هذه اللغة بئيسة لأنها لا تخلق...
✍ في كارثة لبنان الأخيرة، حيث الاتفجار الضخم، قامت محطات اوروبية عديدة بلقاءات مع بعض اللبنانيين. تم اختيار امرأة مسلمة سنية فقيرة جداً، وركزت الكاميرا على قذارة الزقاق الذي تعيش فيه، في المقابل، جيء بامراة مسيحية، تعزف البيانو لتحكي عن قصة الانفجار.
في الأربعينات او الخمسينات، قام تلفزيون غربي...
يا امرأة النهر
حاسرة أغطية الروح
يا عابثة
ببتلات الزهر الصفراء..
حين يغفوا أطفال الليل..
زورق قلبي يعبر بحر خلاياك
وأنتِ أمامي..
على طاولة المقهى..
عيناك..عمري الممتد
فوق صحاري اللا جدوى..
ومن بين دخان الحب..
أراك..
تلهين بملعقة الفنجان..
فيختلط الحب كثيراً بالأحزان..
...
يا امرأة النهر
يا...
هفهفت الريح شعرها، هيكلها المظلم النحيل منتصب فوق صخرة، على جرف البحر.. تبدو كمن تتأمل شبحاً قادماً من لجج الغيب. هذه الروح المتآكلة.. تترامى شظاياها على أطراف المحيطات.. على السواحل التي هجرتها النوارس.. واستوطنتها الريح الشمالية الباردة.. بين أثلام الصخور وبين ألسنتها، وحدودها الحادة، وتعرجات...
في أسبوع، في عشرة أيام، في شهر في سنة...في خطوة في خطوتين في ثلاث في عشر خطوات...حاولت الاختيار، غير أن البائع الذي يفترش الكتب قال:
- لا تشترِ هذه الخزعبلات..
رددت يدي عن الكتاب، ووجهت نحوه نظرة متسائلة فقال:
- لا تصلح هذه الكتب معك..فلن تصبح مليونيراً لا في أسبوع ولا مائة عام..
ولما رأى الدهشة...
ها هو منتصف الظهيرة، في قلب الصحراء الأفريقية حول النيل، قبل السافنا الفقيرة، حيث هربت الوحوش من شدة العطش إلى الجنوب. يرفع أكتومو رأسه نحو الشمس ويغطي عينيه بكفه ذات الأصابع النحيلة القاسية. على يده اليسرى حربة رقيقة حادة الطرف، ويشم رهاب الصهد الحارق عبر منخرين واسعين..
كان النهر قد بات ممراً...