محمد شمخ

كنت أمشي في شارع ( النقراشي)، في طريق عودتى إلى منزلي، الواقع عند المصباح الحكومي في حارة "علي السَّقا". أدفع ساقيّ دفعا، وأقاوم دغدغة النوم التي تسري في جسدي. كان ميلي للنعاس شديدا. وكان الشارع خاليا. الدكاكين والورش والمعارض ومتاجر الأدوات النسائية والكماليات والمقهى والكبابجي يوحي منظرها...
جميعًا رأينا الله.. رأيناه منذ الساعة الأولى لنا في هذه الحياة، وكنا نضحك له، ونفتح ذراعينا إليه في الهواء. وبمرور الوقت كان بيننا وبينه، لغة لا يعرفها الكبار من حولنا. كان يمكث لساعات طويلة في جوارنا، يعلمنا بعض الأسماء والأشياء. يخلق لنا بضع فراشاتٍ أو كائنات، لتدور من حولنا، ويُضْحكنا بها...
أمسك ذراعى ،استوقفنى .. - أوراقك ؟ وجهُه مثل حجرٍ مدببٍ، حُفِرت فيه عينان وأنفٌ وخطٌ غليظٌ . شدّنى منظُر الحفرتين ؛ فلم أنطق.. - أوراقك ياأخ ؟ - أوراقى ! ؟ " كرر ضاغطاً على الحروف: - أو ..را..قك، بسرعة . - شرطة؟ " هزّ الحجرُ المدببُ نفسَه . فتشتُ فى جيوبي، وعينا الحجر تتابعاني؛ ارتبكتُ . -...
‎الليلة.. رجلٌ - هُنا- وحيدٌ جداً. مثل قميصٍ، تهاوى من شُرفةٍ، يلامسُ الأسفلتَ منذ ساعاتٍ، ولا يلتفت إليه أحد. رجلٌ - هُنا- وحيدٌ جداً. في مقْهى المحطة شاردا، يُفاجئه صوتُ القطار، يترك كوبَ الماء من يده، كمَن سيغادرُ في الحال، لكنه يتراجع. يُمْسكُ الكوبَ ثانية، وينظر إليه طويلا. رجلٌ - هُنا-...

هذا الملف

نصوص
4
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى