في مثل هذا اليوم، وأنا على مكتب الأخ والصديق " عبدو" بمراكش الحمراء وقبل أن أحييه، بادرني بضحكته الرنانة، وهو يقول: " ما هذه المسافة التي ابتدعتها، يا كاتبنا" ، أم تراك عُدت؟"...
فابتسمتُ، ولم أنبس ببنت شفة...وحدثتُ نفسي بمثل ما حَدثها به يومَ ذاك... " يفقدُ الإنسان لونه ويسيطر عليه الشر، فلا بد...
كمن يتهيأ للمغادرة، لكنه سرعان ما يعود ليخلع معطفه وقبعته ودثاره، ويعلق كل ذلك على المشجب، ثم يدلف إلى الحجرة، ويغلق الباب الداخلي وراءه، ولفترة طويلة ظل يرتب احتمالاته، حتى بدَا له القرار في النهاية، بعد الذعر المجنون الذي تراكم على وجهه الممتقع، ووضح بصورة أشد من ارتعاد شفتيه، وحالة التقوقع...
كمن يتهيأ للمغادرة، لكنه سرعان ما يعود ليخلع معطفه وقبعته ودثاره، ويعلق كل ذلك على المشجب، ثم يدلف إلى الحجرة، ويغلق الباب الداخلي وراءه، ولفترة طويلة ظل يرتب احتمالاته، حتى بدَا له القرار في النهاية، بعد الذعر المجنون الذي تراكم على وجهه الممتقع، ووضح بصورة أشد من ارتعاد شفتيه، وحالة التقوقع...
مرة أخرى يستيقظ باكرا...تحت لهيب خيوط أشعة شمس الصيف الحارقة التي اخترقت غرفته عبر النافذة المشرعة، كان الضوء باهرا وعنيفا، أجهز على البقية الباقية من أرقه المحموم...لم ينم سوى دقائق معدودة.. نهض بصعوبة، بعد تردد وحيرة.. حالة شبه الميت تثير إحساسا بالوحدة القاتلة والضياع والتشتت حيث القلق...
وجه نحاسي، أجدني مرارا أعصر مخي لأتذكر أين واجهني، أو واجهته، فهذه الأسنان المتآكلة، وهذا الأنف العريض، وهذا الفم المنفرج باستمرار، وهذان الحاجبان المقوسان مثل القارب، وهاتان العينان الحزينتان ليستا غريبتان عني، كان يرتمي على كؤوس الشاي والقهوة والمشروبات التي يجدها فوق الموائد المتراصة عبر...
أقولُ لمن ودَّعوا شُعاعي..!
ضِيائي، بَهائي..
بين الذهاب والإيابِ
ومن أَبْدَعُوا في حُرْقَة الوَجْدِ
صَبابَتِي...
أقولُ لمن صنَعوا تابوتاً من ضَياعي
وهيَّأُوهُ للغياب...
ستأتونَ إِثْري..
وتحْيَون َ الوضع مثلي..
أوليس الصُّبحُ بقريب...!
أقول لمن صنعوا في الهواءِ مَمَرَّات
وحبال وعلامات من عِظام...
ما الفائِدهْ؟؟
حين يتنكَّرُ الأصحابُ...!؟
ويطعَنُ الأحبابْ...،
أو يتمَسَّحُونَ بعتَبَةِ الرَّحيل في وجوهٍ...
ما عادتْ تَذْكُرُ أَصْحابَها،
وكأنَّهُم افترشوا ثَرْثَرَتَهُم، وأيامَهُمُ الحُلْوةِ...!
ونَامُوا للأبدِ...!
رَاحُوا، هَدَأوا كالأنقاضِ، أو بَقايا رَمادْ،
وحتَّى حينَ يأتُونَ من أَطْرافِ...
-1-
- أنطلق إلى الشوارع، صوت حبيبتي الصغيرة يملأ كياني و الرذاذ يغسل هموم القلب، وما تزال الأرض الطيبة تحتضن مطر القلب ومطر السماء، مزيجا واحدا يجسد حقول اللهفة، ويرسم تفاصيلنا الصغيرة،ويعلن عن إصرارنا أن نفتح في جدران الحزن كوة للفرح، تعبث الريح بخصلات شعرك قبل أن يداهمك الصلع، وتلهو بمزق ثوبك...
" بين الترابط و التناثر"
للأستاذ محمد رحمان
في غمرة هذا اللقاء البهيج، وفي لجة هذا المنتدى البديع الذي يجمعنا لأول مرة، يشرفني ويسعدني أن أشارك في تقديم مؤلف حديث في طبعته الثانية2011، لمؤلف زميل بدأ يطأ أرض الإبداع والنشر، قادما إليها من تخوم التفكير الصعب والمساءلة العميقة.
إنها مناسبة...
ـ 1 ـ
القبورُ تنتقلُ.. والسَّماءُ تنزلُ بالمطرِ، وحفيفُ الأشجارِ يمتَدُّ ينتشِرُ، وعُشٌّ دافء بين الأغصانِ، وقش يتحطَّمُ ويندَثِرُ، وأنا لستُ هناكَ سوى قبر مضيء بين ظلام المقبرة وبين القبور المتنقلةِ الخائفةِ..لم هم خائفون؟ لم يكن بين الغابةِ والبحرِ إلا بضع خُطوات، والمقبرةُ بينهُما تلقي...