الآن يسكنني الضجر
أسألك لماذا لم تأت هذه الليلة
لم كانت كأسك فارغة
وأريكتك كئيبة؟
في التلفلزيون الآن هناك امرأة تثير شهية الموت
وفي بيتنا هناك امرأة أخرى
تثير شهية الموت
يسكنني الضجر،
فأقلب في دفاترك المنسيّة عن صورة لك زمانا
حين كان شعرك المجعد يملأ يدي
وكانت عيناك اللوزيتان بلا جيوب
وكان فمك...
لو كان لي، لقلتُ للدوارِ المترصد بي: توقف!
فأنا سيدة المسافات الطويلة..
و الخيارت العصيّة
ذات مساء صيفي..
و لهب السماء يخبو،
أبحرتُ..
و اخترتُ المنافي لي وطناً قصيّاً
رشْح من رذاذ الأمنيات و السلوى،
عن أرض ماكانت لي أرضاً،
و سماء.. ما كانت لي سماء!..
قلت للمطرِ المحبوس في قلة الاله: عمّدني ...
وعدتُ أمي أن أزُورها في السنة مرةً، لم أفعل. هذه السّنة، زرتُ أبي، لم أُحضر معي ماءً وقمحاً كما جرت العادة عندنا حين نزور موتانا. لم يكنْ معي إلاّ معطفٌ يرد الجليد الذي يسكنني، وجرابٌ مليئةٌ بالشفقةِ عليه من حكايتي.
كان قبرُه كما تركته آخر مرة، ككلّ القبورِ المجاورةِ نبتت على حاشيتِه الأعشابُ...
أبعثرني على المدى
أنزع كعبي العالي
و خفية.. أتوغل فيك…
أنا المحاربة و أنت الوغى
أفتحك نافذة نافذة ،
و أخلعك بابا باب
أبعثر في صناديقك أسراري
و أستأصل ما خان الرؤى…
أمشي في أزقتك وحيدة،
ليل يتسكع بين أعمدة الحنين
سيدة حلم عصي،
نرجسة يبرعمها الأنين
قطرة مطر…
ما حطت على أرض و ما علقت
بالسماء…
ياااا...
إذا كانت رواية "لمن تقرع الأجراس؟" للكاتب الأمريكي العظيم أرنست هيمنجواي تطرح في عنوانها سؤالاً حول جدوى قرع الأجراس بعد موت المئات في الحرب الأهلية؛ فإن عنوان مجموعة "صمت النواقيس" القصصية للكاتبة التونسية فتحية دبش يأتي في صيغة نتيجة تقول: لا أجراس تُقرع على الإطلاق في ظلّ تدمير إنسانية...