عصام الدين محمد أحمد

يطوف أرجاء السوق. يتسكع بملابسه المتسخة،تتنسل خيوط جلبابه واهية النسج . يراقبه الجن ساعة...ساعتين،يتلصص خلفه من حلقة مزاد إلى أخرى. تتداخل النداءات : "قشطة يا جوافة يابنور" . تتسابق الصيحات : حلو يا بلح "حيانى "، رطب" يا إمهات يا سيوى" . وفتحي ـكعادته يتجول عسى أن يفوز بأرخص...
أنا في حيرة. هكذا أتخيل! ينهشني العالم المحيط. أو قل صادقا أنهش العالم المحيط. لا يمكنني التواؤم معه او الانسجام فيه. خطوط قاتمة تلتف حول عنقي، تكبل خطواتي،تركسني أسفل دهاليز الخبل والوهم. انقصمت عري التواصل مع عوالم ظننت أنها شاركت في تكويني: الشقة بعيدة بين الذكرى والواقع! دوما أكبح جوامع...
أسجل بعض العبارات : ربما أشعر بأهمية اللحظة أو مكانتي المتحققة ! الجو تحتله الغيوم،أمست السماء - كل السماء- وكرًا غربيًا للشمس،احتجبت- اليوم-عن الظهور وكأنها تعاني وعكة أقعدتها طريحة الفراش،أتجول على المسرح بين الأنام فى هذا الجو الرومانسي البارد ، لا أمتثل لأوامر المخرج ، يزعق . يتجمع الكل...
السماء – اليوم – يبدو عليها الحُزن، قد تكون فـُرصة لتسجيل صورة حية، تنبُض بالانفعالات، أبهر بها العالم مُحرزاً وساماً على صدر بني قومي . نسيت أن أقول لك أن آلة تصويري من بنات أفكاري، وكُل قطعة فيها من بلد. فرغت – تواً – من استحلاب قطرات الشمبانيا، فلا يُمكنني التصوير وأعصابي مشدودة . وربما لا...
في الـــحـانــة يقطع مدحت الهمس المُرتبك : التاريخ سوق كبير . أنشغل عنه مُعالجاً غصتي، يستطرد مُفسراً : سلع جلبها الآخرون . المغص – الذي في نافوخي – ينتحب، أرنم بهدوء مُستفز : سمك ،لبن ،تمر هندى . مدحت يرشف الكأس دُفعة واحدة، يتقيأ الحكمة : لا شيءفى السوق سوى النفايات والعطب . أصفق، قلبي يخمل،...
✍️ الجو مزكوم بالأدخنة والأغبرة،الجنود يركلون الأرص،يختبرون بنادقهم،يصيحون، يسيطر الارتباك على الجميع. يشتد اللغط،ترتعب النفوس. تتجول عيناى بين القدود ،لا أحد من أصحاب العمائم المميزة يظهر ، شربات تتدثر جلبابها البرتقالي، تتصدر الحشود ،تقترب مني، وكأنها تبحث عن كنف تستظل به،صدى سؤال يهاجمني...
حول خصره يلتف حزام منتفخ بأوراق النقد، وبعض ملامح لقاء في المخيلة، يصفع الليل النهار، فيهرب الأخير مضمداً جراحه، لاعقا دماءه الصفراء الشاحبة. الرياح تحف شواشي الذرة، والتي ـ سرعان ـ ما تصفر صفيراً يبعث الخوف من مرقده، أللخوف مرقد؟ قدماه تنحتان طريقهما من مدق لآخر،وزعابيب الهلع تنخل الجسد، يشخب...
أتأملهم، يعتريهم السكون، يرسمهم الوجوم، الطريق يضيق، أشجار البُرتقال تظلل جنباته . في نفوس هؤلاء مكنونات تتعرى الآن، ففي شعابهم مائة رغبة للانتقام . يهتز النعش، كاد نافوخي أن يتشظى ، أنزلوني الآن . لا أحد ينصت، يبغون التخلُص من هذا العبء، ليهرولوا راجعين إلى الصخب والضجر، ماذا الم بك يها...
ينتظر عم حسن كل يوم، تمر الأيام ثقيلة الوطء واللحظة لم تأت بعد! أنظر إليه دبر كل صلاة، أود أن أبوح له بكلام كثير، أسترسل معه في حديث الفضفضة، المؤانسة، التسرية، الشجاعة تخذلني، تثبط عزمي، تكبح جماحي، ترديني سكوناَ مرتبكاَ، أخشى أن يظن بي التطفل، فربما المغالاة في التعاطف يُساء فهمها! فأتراجع،...
أهم بصعود ( الأسانسير )، صوت يزاحمني : صدر قرار بنقل بدوي. ألتفت لأتأكد من شخص المُتحدث، وأثناء الدوران يُغلق الباب، أنزل بالدور الثالث عشر، الإدارة تكاد تكون فارغة، السعاة يترقبون قدوم المدير أمام الأسانسير ،وفي الغرفة المقابلة الموظفات تتهامسن، جلست قبالتهن، أ أفتتح ندوة الترويح أم ما زال...
أستيقظ في الغبشة، أرش وجهي بالمياه، لا فطور ولا (يحزنون)، أركب قدمي،أبتلع ثلاث كيلو مترات من الرمال، يجف ريقي، يتصبب عرقي، أخيراً أدخل أرض أبو الفتوح، يتشابك النخيل مُتباين الأطوال، لا وقت للتأمل يا مسروع، أرص الأقفاص فوق الأرض، أورقها : هي لم تأت بعد ، تتدلل هذه الأيام، تتغندر . الجنائون...
طال الليل. أتقلب علي فراشي،أتلولب كالأفعى. تاه النوم عن دربي،أتصفح تلال الورق دون فائدة،ما بال الوهن تفصدني! أستحلب حبة المنوم،أدير الكاسيت،حتي الأنغام الهادئة الناعمة توترني أكثر. أجرب الإغماء،لا يجدي معي. أقوم متكاسلة،وأمام المرآة أترنح،الشحوب يهدل تقاطيعي،والعينان تجوبان السراب،ألتصق...
ما كدت أجلس حتي هاجمتني الوخزات : (الأرض متجمرة؛ فالشمس تخبط وترزع الأرض‏. ‏أسفل شجرة الجميز العتيقة قعدنا نستظل، جلبابي مُتنسل ولكنه لايسلبني الشعور بتفردي‏. القرية مختبئة في البيوت وأسفل الأشجار الوارفة الظلال‏،‏ حتي الأوز والبط يحفرون القاع بحثًا عن أتربة رطبة،‏ الدور مُسنكرة وحوائطها...
يتدحرج حجر من سطح دار القرشي، تقرع العصى صفيحة ، ينهق حمار ،يثغو حمل ، ينبح كلب ، يصرخ رضيع ، تخور جاموسة ،يصيح ديك فى غير ميعاد الصلاة،تموء قطة ، يزيط العيال: بيو.. بيو تكر الأصوات وتفر . العجوز تسوطه النبرات ،يغتاظ،ينفخ ،ينفر ،يهيل طوب (الجحريدة) على خيالات العيال. توجعه الصيحات ،يدور حول رسمه...
"طائر - مفتقد الهوية - يغرد، ينثر نغما رجراجاَ . يعدو خماصاَ ويعود خماصاَ. يبلغ به الجوع شأو التلاشي . يستغيث بغسق الرمق، لا أحد يسمع أو ينصت . يتوارى ـ كالعادة ــ مبتعدا عن الأنظار . بومة تنعق فوق برج المدينة،تصغي الآذان لشدوها الشجى ،تتلقفها الهبات ." هكذا قص الحكيم - الآبق من أسر الزمان...

هذا الملف

نصوص
18
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى