عصام الدين محمد أحمد - تهويد..

السماء – اليوم – يبدو عليها الحُزن، قد تكون فـُرصة لتسجيل صورة حية، تنبُض بالانفعالات، أبهر بها العالم مُحرزاً وساماً على صدر بني قومي . نسيت أن أقول لك أن آلة تصويري من بنات أفكاري، وكُل قطعة فيها من بلد.
فرغت – تواً – من استحلاب قطرات الشمبانيا، فلا يُمكنني التصوير وأعصابي مشدودة .
وربما لا أجلس هكذا ثانية، فالأطفال – هُنا- مهووسون بوهم اسمه القـُدس، والحجارة في أياديهم شواظ من نار .
ها هي نبراتي تعلو، وتفتقد حيادية التعبير .
علقت الكاميرا فوق كتفي الأيمن، أغلقت الباب، أتوجه إلى حائط المُبكي، في الطُرقات جنود متأهبون، فُرصة ماسية يجب أن لاتمُر دون قنص، فمن المؤكد حدوث شغب وحجارة ورشاشات، فالمسلمون يجثمون فوق صدورنا ويحتلون معبدنا المٌقدس .
على فكرة هؤلاء قلوبهم قاسية، يستكثرون علينا البُكاء .
أرأيت مثل هذا العنت قبلاً ؟ · أمسك الكاميرا يا فنان .
أقترب ... أكثر ... ما هذا ؟ ؟ أين الكاميرا ؟ ؟
رجُل وولد يستندان على الحائط، يرسمان بجلستهما قطراً لدائرة محيطها ستة جنود، الجنود لا يلبسون سوى سترات واقية، وكل فرد بيده فقط – بُندقية آلية، وتتحزم جنودهم- يا عيني – بالهراوات الكهربائية، وعلى وجوههم آثار التعب .
الكاميرا بها عدسة مُكبرة، ألم أقـُل لك أنني أتربص بالفـُرص .
الرجل يغمض عينيه ويلوح بيديه في شتى الاتجاهات، والولد يحتمي بجسد أبيه، يُلحد وجهه في عظام ظهره .
هذا المشهد لا يعكس الفزع كما يجب، فقط حاجباً الرجُل مزمومان وجبته معقودة . أصرخ :
طلقات ... بارود .. موت .
الرجُل يفتح نصف عينه المُلتصقة بصفحة أنفه اليُمنى، والولد يتشبث أكثر بأبيه، وجهاهما يضويان بالعرق. ازداد الجنود جُندياً آخراً .
هذه الصورة لن تحظى إلا باهتمام بعض المعارض المحلية وصُحف المُعارضة قليلة الانتشار .
وكأنهُم يقرأون خواطري، فيمطرون الحائط بالطلقات، البُكاء والنحيب يتوهان في الضجيج .
الكاميرا سجلت ريالة الرجُل ومخاضه ولسانه الذاهل، الرجُل يزحف مُلتصقاً بالبرميل، والولد في أثره .
أين الأحاسيس ؟ ؟
أين الخفاء المُترجم إلى خطوط ؟ ؟
يتوقعان ... هذا غير كاف .
يتسربلان بالرُعب .. هذا – أيضاً – لا يشبع جوع آلتي .
ها هي ... وجدتها... لابد من قتل الولد .
الصُخب والحركة يضفيان على المكان بُعداً درامياً، الرجُل يفتح عينيه عن آخرهما، أسنانه تصطك وتحتل عشر الصورة .
أحلقه جاف ؟ ·
ربما ·
إدماؤه فائرة ؟
لماذا لا ؟
تقب أشواك رأسه، بيده علبة سجائر، لم تسقـُط بعد، ما زالت في هذا الرجُل بقايا جلد، انفجارات فوق رأس الولد، جسده يرتخي، لقطة جيدة ...... أليس كذلك ؟ ها هو الولد يبتعد قليلاً ، فوق وجهه شخبطات وتقوسات .
ما هذا ؟
أ أنف ؟ ؟
نعم ، المخاض الجاف يصنع قناعاً .
لوحة سريالية مُعبرة .
أفم هذا ؟ ؟
أشفتان تلك ؟ ؟
لا ... بل كُتلة شحم مُترهلة، تخفي مخالب كانت يوماً لبنة . أين العينان ؟ ؟ كفى ..... كفى · الصورة لا تنقـُصها إلا رتوش بسيطة .
مُجرد إضافات والمسألة هينة يُمكن مُعالجتها معملياً .
ياه ..... ما هذا ؟ ؟
صدر الولد به عشرات الثقوب .. أعذر لي عدم التصوير، ربما يكون بيده حجر .

عصام الدين محمد أحمد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى