أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٨٠ : الوجه الآخر لحرب غزة / الوجه الباقي إلى حين

ليس ما قرأته قبل قليل ل Heba Alagha هو سبب كتابتي عن الوجه الآخر لحرب غزة / الوجه الباقي إلى حين .
كتبت هبة عما ينتابها حين تنزل في هذه الأيام إلى شوارع غزة فتتمنى لوأنها مثل قطعة قرشلة تذوب في كأس شاي.
سبب كتابتي الحقيقي هو منظر شاب غزي رأى بيته في الحرب أو أثناءها ، وقد دمر ، فبكى حلم العمر وشقاء السنين والإقامة فيما يشبه الخلاء ، في المدارس أو العراء ، إلى حين . كان الشاب يبكي بحرقة ، وقد ذكرني بمنظر صاحب مكتبة سمير منصور وهو يرى مشروع عمره وقد سوي بالأرض ، ومثل صاحب المكتبة شاب آخر أسس مكتبة عامة لبيع الكتب ، ففقد بتدميرها مصدر رزق عائلته أيضا .
أمس أصغيت في الخامسة من إذاعة صوت فلسطين إلى برنامج عن مشروع إعمار غزة وما تحتاج إليه ، فتذكرت بيت الشعر :
" وماذا ينفع البنيان في غير " مكانه "
إذا كنت تبني والطائرات الإسرائيلية تقصف "
وثمة تبديل كلمات .
ستتكرر الحكاية ما لم يكن هناك حل جذري ، ولا حل جذري إلا بدولة واحدة على أرض فلسطين الكاملة يحيا فيها البشر كما يحيون الآن في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا ولندن و ... والوطن للجميع والدين لله .
حقا ما جدوى إعادة إعمار غزة إن لم يكن هناك حل جذري ؟
ولم يقلل من حضور وتأثير صورة الشاب الباكي صورة امرأة فلسطينية غزية تجلس على أطلال بيتها المهدم تمسك بحجارته وتتذكر انتفاضة ١٩٨٧ ودور الحجر فيها ، ولم يقلل من حضور صورة الشاب الباكي الصورة التي أدرجها حنظلة حنظلة وهي صورة ذات مغزى ودالة وقد شرحتها العبارة المكتوبة باللون الأحمر .
ثمة طائر بغاث باض على كومة ، تقترب من الكومة جرافة بلدوزر لتجرفها فلا يهرب الطائر ولا يخاف من البلدوزر ، ويعقب حنظلة :
" طائر البغاث مثل الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال " .
كانت الحياة أمس في نابلس عادية جدا . البائعون يبيعون ومن لديه فائض وقت ، مثلي ومثل الدكتور خليل قطناني ، يتسكع في الشوارع أو يجلس في مقهى يشاهد لاعبي طاولة النرد يلعبون ، فيغنون ويشتمون ويتمادون في ألفاظهم وحركاتهم ، فقد خلا الجو ووضعت الحرب أوزارها " وفكفكت أزرارها " ولا يجلس على أنقاض بيته إلا من صار بيته أنقاضا ، ولا يتألم من الحياة إلا من كسرت الحرب إيقاع حياته ، ولا أحاديث الآن عن الانتصار ، فقد خفت نشوته على ما يبدو ، وصار حديث الناس يتمحور حول الأسعار واللقاح والسفر وانتظار يوم الأحد لاستلام الرواتب .
أمس ، من خلال صفحة الشاعر Zakaria Mohammed ، عرفت أن للسيد يحيى السنوار رواية عنوانها " الشوك والقرنفل " ، وبالتأكيد لا بد من قراءتها ، فقد أكتب عنها كما كتبت عن المجموعة القصصية لرئيس الوزراء محمد اشتية .
الذكرى التاسعة والثلاثون لحرب لبنان ١٩٨٢ والذكرى الرابعة والخمسون لحرب حزيران ١٩٦٧ تحلان ، ومن حرب إلى حرب إلى حرب إلى ... " يا قلبي لا تحزن " كما يقول المثل الذي آنف عن ذكره كاملا . و " كل حزيران ونحن بخير " .
" لا شيء يعجبني " .
صباح الخير
خربشات
٤ حزيران ٢٠٢١
أعلى