يتكاثر الشعراء في حياتنا الثقافية والإبداعية، كما يبدو في تلك الحركة النشطة، التي تتمثل في إقامة المهرجانات والندوات والملتقيات، ونشر الدواوين والمجموعات الشعرية. وفيما يظهر من قصائد تدعي الشعر على الشبكة العنكبوتية ومنصاتها الفضائية، مثل: الفيسبوك، والواتس، واليوتيوب وغيرها. وقد تداعت رابطة الكتاب الأردنيين مؤخرًا إلى إنشاء بيت الشعر العربي، على غرار بيوت الشعر في الأقطار العربية كبيت الشعر في العراق، والكويت، والإمارات، وفلسطين.
ودلالة على هذا التكاثر فقد بلغ عدد الشعراء، على سبيل المثال، من أعضاء الرابطة، الذين منحتهم صك الاعتماد، واختارتهم هيئة عامة لبيت الشعر العربي التابع لها 256 شاعرًا، كما ظهر في دعوتها أعضاءها من خلال الإنترنت لاختيار هيئة تنفيذية لبيت الشعر ذاك. ولا يهمنا من هذا الاعتماد في الأساس غير الالتفات إلى عدد الشعراء في الرابطة، فقد تجاوز عددهم عدد الشعراء في العصر الجاهلي، فعدد الشعراء الجاهليين، كما تذكر المصادر الأدبية، 120 شاعرًا مقابل 256 في الرابطة، إذا كان هذا عدد الشعراء الذين اعتمدتهم الرابطة فكيف عدد الذين لم تعتمدهم، أو الذين هم أعضاء في اتحاد الكتاب، والملتقيات والتجمعات الأدبية الأخرى؟ لا شك أنه عدد كبير.
على ضوء هذه الحقيقة، هل رافق هذه الكثرة تجويد في الشعر، وارتقاء بمعانيه وصوره؟ في الإجابة عن هذا التساؤل نقول: إن الشعراء تكاثروا، وقل الشعر الحقيقي، الشعر الذي يقوم على اتساق الإيقاع، وانتظام الألفاظ والتراكيب، واجتراح الصور المبتكرة، والرموز الشفيفة، والمعاني الإنسانية العميقة. وهو الشعر الذي وصفه الشاعر الحطيئة بقوله:
فَالشِعرُ صَعبٌ وَطَويلٌ سُلَّمُه
إِذا اِرتَقى فيهِ الَّذي لا يَعلَمُه
زَلَّت بِهِ إِلى الحَضيضِ قَدَمُه
وَالشِعرُ لا يَسطَيعُهُ مَن يَظلِمُه
يُريدُ أَن يُعرِبَهُ فَيُعجِمُه
ولعل من أبرز العوامل، التي ساعدت على تفاقم تلك الحالة تكمن فيما أتاحته الشبكة العنكبوتية لكثير من الكتبة ومدعي الأدب أن يظهروا شعراء على تلك الشبكات دون عائق أو جهد، مما منحهم الفرصة لرؤية آلاف الناس لهم ومعرفتهم، في معظم الأحيان، عرضًا ودون قصد. وهذا لم يحظ به المتنبي أو أبو العلاء المعري أو أبو فراس الحمداني في أزمنتهم. كما ساعد على بروز هذه الظاهرة استسهال قصيدة النثر، وغياب النقد الموضوعي، الذي حل مكانه التصفيق والتهليل من المتلقين. يضاف إلى هذا أن الناس يميلون بطبيعتهم إلى السهولة التي تتوافر في الشعر عامة، بخلاف الرواية والمسرحية والسيرة وغيرها.
لا شك أن هذا الواقع ألقى بثقله على الشعراء؛ فكثر الشعر الضعيف مبنى ومعنى، فجاءت صوره متهالكة، وتراكيبه ركيكة، وألفاظه هادرة خاوية، وأفكاره ضعيفة. ورأينا مجموعات من الجمل والتراكيب اللغوية متوزعة على صفحات كثيرة، لتشكل كتبًا ضخمة الحجم، تسمى دواوين أو مجموعات شعرية، ويُسمى صاحبها الشاعر الكبير، أو شاعر الأمة، أو شاعر الوطن، أو شاعر القضية، أو شاعر الهايكو العظيم.
إذا أردنا الخروج من هذه الحالة، التي تردى فيها الشعر، وكثر فيها الشعراء فإن الطريق صعبة ومعقدة؛ لأن الأمر يتصل بجوانب الحياة كلها، وخصوصًا الجانب التعليمي، فينبغي الاهتمام بالمدارس والجامعات، والمحافظة على اللغة العربية التي هي عنصر الإبداع الأساسي، وتطوير المناهج التعليمية، ورعاية المبدعين، والاهتمام بوسائل الإعلام والفنون التي تسهم في تربية الذوق، والارتقاء بالحس الجمالي الجمعي.
لعل الخطوة المهمة، التي يجب أن تسبق تلك الجهود ومن ثم ترافقها هي العمل على الارتقاء بالنقد الموضوعي، الذي لا يحابي أحدًا، ولا يتحزب لفئة، ولا يتعصب لطائفة أو قبيلة، ذلك النقد الذي يتوخى الحقيقة التي يُفصح عنها العمل الأدبي سواء أكان شعرًا أم نثرًا.
أما إذا استمر الانحدار في النقد وفي جوانب الحياة الأخرى فسيكثر الشعراء المتشاعرون، ويكثر الشعر النحيل، الذي لا يرتقي بذوق، ولا يخدم قضية.
ودلالة على هذا التكاثر فقد بلغ عدد الشعراء، على سبيل المثال، من أعضاء الرابطة، الذين منحتهم صك الاعتماد، واختارتهم هيئة عامة لبيت الشعر العربي التابع لها 256 شاعرًا، كما ظهر في دعوتها أعضاءها من خلال الإنترنت لاختيار هيئة تنفيذية لبيت الشعر ذاك. ولا يهمنا من هذا الاعتماد في الأساس غير الالتفات إلى عدد الشعراء في الرابطة، فقد تجاوز عددهم عدد الشعراء في العصر الجاهلي، فعدد الشعراء الجاهليين، كما تذكر المصادر الأدبية، 120 شاعرًا مقابل 256 في الرابطة، إذا كان هذا عدد الشعراء الذين اعتمدتهم الرابطة فكيف عدد الذين لم تعتمدهم، أو الذين هم أعضاء في اتحاد الكتاب، والملتقيات والتجمعات الأدبية الأخرى؟ لا شك أنه عدد كبير.
على ضوء هذه الحقيقة، هل رافق هذه الكثرة تجويد في الشعر، وارتقاء بمعانيه وصوره؟ في الإجابة عن هذا التساؤل نقول: إن الشعراء تكاثروا، وقل الشعر الحقيقي، الشعر الذي يقوم على اتساق الإيقاع، وانتظام الألفاظ والتراكيب، واجتراح الصور المبتكرة، والرموز الشفيفة، والمعاني الإنسانية العميقة. وهو الشعر الذي وصفه الشاعر الحطيئة بقوله:
فَالشِعرُ صَعبٌ وَطَويلٌ سُلَّمُه
إِذا اِرتَقى فيهِ الَّذي لا يَعلَمُه
زَلَّت بِهِ إِلى الحَضيضِ قَدَمُه
وَالشِعرُ لا يَسطَيعُهُ مَن يَظلِمُه
يُريدُ أَن يُعرِبَهُ فَيُعجِمُه
ولعل من أبرز العوامل، التي ساعدت على تفاقم تلك الحالة تكمن فيما أتاحته الشبكة العنكبوتية لكثير من الكتبة ومدعي الأدب أن يظهروا شعراء على تلك الشبكات دون عائق أو جهد، مما منحهم الفرصة لرؤية آلاف الناس لهم ومعرفتهم، في معظم الأحيان، عرضًا ودون قصد. وهذا لم يحظ به المتنبي أو أبو العلاء المعري أو أبو فراس الحمداني في أزمنتهم. كما ساعد على بروز هذه الظاهرة استسهال قصيدة النثر، وغياب النقد الموضوعي، الذي حل مكانه التصفيق والتهليل من المتلقين. يضاف إلى هذا أن الناس يميلون بطبيعتهم إلى السهولة التي تتوافر في الشعر عامة، بخلاف الرواية والمسرحية والسيرة وغيرها.
لا شك أن هذا الواقع ألقى بثقله على الشعراء؛ فكثر الشعر الضعيف مبنى ومعنى، فجاءت صوره متهالكة، وتراكيبه ركيكة، وألفاظه هادرة خاوية، وأفكاره ضعيفة. ورأينا مجموعات من الجمل والتراكيب اللغوية متوزعة على صفحات كثيرة، لتشكل كتبًا ضخمة الحجم، تسمى دواوين أو مجموعات شعرية، ويُسمى صاحبها الشاعر الكبير، أو شاعر الأمة، أو شاعر الوطن، أو شاعر القضية، أو شاعر الهايكو العظيم.
إذا أردنا الخروج من هذه الحالة، التي تردى فيها الشعر، وكثر فيها الشعراء فإن الطريق صعبة ومعقدة؛ لأن الأمر يتصل بجوانب الحياة كلها، وخصوصًا الجانب التعليمي، فينبغي الاهتمام بالمدارس والجامعات، والمحافظة على اللغة العربية التي هي عنصر الإبداع الأساسي، وتطوير المناهج التعليمية، ورعاية المبدعين، والاهتمام بوسائل الإعلام والفنون التي تسهم في تربية الذوق، والارتقاء بالحس الجمالي الجمعي.
لعل الخطوة المهمة، التي يجب أن تسبق تلك الجهود ومن ثم ترافقها هي العمل على الارتقاء بالنقد الموضوعي، الذي لا يحابي أحدًا، ولا يتحزب لفئة، ولا يتعصب لطائفة أو قبيلة، ذلك النقد الذي يتوخى الحقيقة التي يُفصح عنها العمل الأدبي سواء أكان شعرًا أم نثرًا.
أما إذا استمر الانحدار في النقد وفي جوانب الحياة الأخرى فسيكثر الشعراء المتشاعرون، ويكثر الشعر النحيل، الذي لا يرتقي بذوق، ولا يخدم قضية.