لطالما راودني الفضول في البحث عن أصل بعض الكلمات الغربية في لهجتنا العامية الجزائرية ، وعندما أقول أصل الكلمة لا اقصد به معرفة معنى الكلمة ، إنما البعد التاريخي لها، لذا اخترت كلمتين من العربية الفصحى هما " زغب و كعب" حرفتا إلى "زغبة و كعبى" في قاموسنا العامي، و تدل الكلمة الأولى على التصغير من قيمة الشيء كقولنا هذا قد الزغبة ، وعندما نقول هذا الشخص كعبى يعني شخص فريد من نوعه سواء بالإيجاب أو السلب ، أما عند العودة إلى معناهما الحقيقي في اللغة العربية الفصحى فان كلمة " زغب" في لسان العرب تدل على الشعيرات الصفر على ريش الفرخ ، أما " كعب" في المعجم يقال كعب الإناء أي ملاه، لكن في الحقيقة هتين الكلمتين لا علاقة لهما عندنا بمعناهما الحقيقي، بل لهما بعد تاريخي كما سبق وان ذكرت، يعود إلى الزحف الثاني للعرب إلى الشمال الإفريقي، حيث أن قبائل بني هلال ومن معها من قبائل عربية وخاصة قبيلتا زغبة و كعبى خلفت في بداية هجرتها أثارا سلبية بالمغرب الأدنى وما حاذاه من شرق المغرب الأوسط ،فقد انقض الأعراب كالطوفان الغامر والجراد الكاسح ، ينسفون المدن و يخربون القرى ويغورون الآبار ويعذقون الأشجار ويقتلون السكان رجالا و نساء شيوخا وأطفالا ، وهذا ما جعل أهل البلاد تنقبض صدورهم من وصول هؤلاء الأعراب، وتتعوذ ألسنتهم لمجرد ذكرهم ويضربون المثل بهم في الشؤم و الشقاء المنسوب، إليهم فيطلقون كلمة " زغبة وكعبى" على كل شقي منحوس سيء الطباع فهؤلاء القوم على غير العرب الأوائل الفاتحين الذين جاءوا لنشر الإسلام ، لان العرب الهلالين كان الهدف من مجيئهم نشر الرعب و الفساد بين السكان بأمر من الخليفة الفاطمي المستنصر ، الذي بعثهم من صعيد مصر انتقاما من بنو زيري، الذين انفصلوا عن الدولة الفاطمية وأسسوا دولتهم، ومع مرور الزمن تأقلم أولائك الأعراب مع السكان وانصهروا فيما بينهم والفضل يعود لهم في نشر اللغة العربية بشمال الإفريقي