قبل سنوات خمسة أو ستة ( أو خمس أو ست) ـ وكلتاهما جائزة ـ اشتريت شقة.
كان سعر الدولار في انخفاض، وفقدت مدخراتي ما لا يقل عن 20% من قيمتها، وهكذا قررت شراء شقة حتى أحفظ قيمة بعض مدخراتي، وحتى لا يحدث معي ما حدث مع أبي حيان التوحيدي في شيخوخته.
ولم أحزم أمري وأعقد النية إلاّ بعد أن أخذت الألسن تتحدث عن احتمال تجدد انتفاضة الأقصى، وكنت، وغيري أيضاً، عانيت في العامين 2002 و2003 معاناة شديدة بسبب الحواجز داخل المدينة، فقد كان لزاماً عليّ، إذا أردت أن أصل إلى مكان عملي، في جامعة النجاح الوطنية، وهي غرب المدينة، كان لزاماً عليّ أن أستقل أكثرة من حافلة وأن أصعد الجبل، وأن أتعرض، وغيري أيضاً، لإطلاق النار.
يومها عملت المخيلة الشعبية عملها، فقد أطلقت الألسن على طريقين في نابلس اسم: طريق توراه بورا. ولا أبالغ إذا قلت إنني نجوت مرتين من موت شبه محقق.
نعم كان السببان السابقان: انخفاض الدولار واحتمال تجدد الانتفاضة من أسباب تفكيري بشراء شقة غرب المدينة، قريبة من الجامعة، حتى أبيت فيها إن تأزمت الأوضاع وقسمت المدينة إلى ثلاثة أقسام؛ شرق المدينة ووسطها وغربها، فطريق توراه بورا كان السير فيها مزعجاً، ثم إنني أتقدم في العمر.
يومها لم يخطر ببالي، وما زال لا يخطر ببالي حتى الآن، أن الحي الذي اقيم فيه، وهو شرق المدينة، حي متواضع، وهذا دفع ببعض سكانه إلى بيع بيوتهم والرحيل إلى أحياء تقع غرب المدينة، حيث الأحياء الراقية ـ كما يقال ـ ما زلت أقيم في حي المدينة الشرقي، في شقة متواضعة، لكنها شقة فيها حديقة تجعل منها ـ من الشقة ـ قصراً وتذكرني بميسون زوجة الخليفة معاوية:
لبيت تخفق الأرياح فيه أحب إليّ من قصر منيف
ولكم أن تحوروا: لبيت توجد الحديقة فيه أفضل إليّ من شقة جديدة واسعة .. إلخ.
لكنّ مقالاً نشره فاروق وادي في الأيام ـ لم أعد أذكر عنوانه وتاريخ نشره ـ حثني على شراء الشقة وشجعني وقال لي: لا تتردد. كان الكاتب الذي افتقدنا مقاله في جريدة الأيام، بسبب ضعف نظره، ـ خسرنا كاتب مقال مميزاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ـ كان كتب مقالاً عن الأزمة الاقتصادية العالمية في نهاية 20ق20، وأتى فيه على ما حدث مع عالم النفس الشهير (فرويد) الذي جمع ما يقارب المليون جنيه استرليني، وقرر إثر ذلك أن يتقاعد، فقد قال إنه يعيش من وراء مدخراته، وإنها تكفيه ما تبقى من عمر، ولم يكن يخطر بباله أن المليون جنيه ستفقد، خلال فترة، قيمتها، وأنها ستدفع ثمن تذكرة قطار فقط، للانتقال من بلد إلى بلد.
المقال هذا دفعني بلا تردد لشراء الشقة، حتى إن أخي لم يصدق ما أقدمت عليه، والمقال هذا سيصبح من أكثر المقالات إشارة إليه، وأنا أتحدث مع زملائي عن انخفاض العملة والخوف من المستقبل.
ومرة واحدة فقط التقيت بالكاتب فاروق وادي وتحدثت معه ربع ساعة فقط. كان ذلك في جامعة البتراء التي عقدت مؤتمراً أدبياً شاركت فيه، وكرمت الجامعة فيه المفكر عزمي بشارة والروائي المصري يوسف زيدان الذي فاز في حينه بجائزة البوكر العربية عن روايته «عزازيل». يومها قلت لفاروق: مقالك عن فرويد دفعني لشراء شقة، فابتسم وقال لي: وأنا أيضاً اشتريت شقة لهذا، ودفعت فيها مدخراتي كلها. ولم أعد أرى فاروق، ولكنني أتذكره كاتب مقال، وأتذكر مقاله هذا، وقد تذكرته مؤخراً، وتحديداً الأسبوع الماضي.
أنفقت الأيام الخمس ـ أو الخمسة يا عزيزي المدقق في الأيام ـ الأخيرة على قاعدة العدد يخالف المعدود، والثانية ـ أي الأولى هنا ـ على قاعدة الصفة تتبع الموصوف، وهذا للتذكير فقط، وأحياناً أكون مخطئاً ويأتي تصويبك في مكانه ـ أنفقت الأيام الأخيرة من العام المنصرم أقرأ رواية (أميركا) 2009 لربيع جابر، فتذكرت مقال فاروق وادي المشار إليه.
كنت اشتريت نسخة من الرواية في 7/8/2010، وأنا أزور عمان، ولا أدري لِمَ لَمْ أقرأها حتى اللحظة، وكان في نيتي أن أقارن بينها وبين رواية (فرانز كافكا) (Amerika) ـ هكذا بالألمانية ـ التي كنت قرأتها في أعياد الميلاد، في العام 1989، وأنا أعد للدكتوراه في مدينة (بامبرغ)، ومرت السنون ولم أقرأ الرواية، علماً بأنني قرأت، من قبل، لربيع جابر روايته (الاعترافات) وخصصتها بمقال في هذه الزاوية، ومن بعد، روايته «دروز بلغراد» التي حظيت بجائزة البوكر قبل عامين ثلاثة. راقت لي الاعترافات، ولم ترق لي «دروز بلغراد». التي كتبت أيضاً عنها مقالاً، وظلت رواية «أميركا» على رفوف المكتبة تنتظر القراءة.
في أثناء الإجازة، وبعض طلبة الماجستير ممن سأدرسهم في الفصل القادم يسألني عن الموضوع الذي سأدرسه، في أثناء الإجازة خطر ببالي أن أدرس صورة أميركا في الرواية العربية المعاصرة، وتحديداً في رواية القرن الحادي والعشرين، وقلت: هذا موضوع طريف يستحق أن يدرس، وقد كتب فيه من قبل د. يوسف الشويري كتاباً عنوانه «الرحلة العربية الحديثة من أوروبا إلى الولايات المتحدة» (بيروت، 1998)، ولما قرأته كتبت على صفحته الأولى: «كتاب ممتع».
طبعاً يجب أن أشير إلى أن المؤلف أدرج في القسم الأخير من كتابه ما كتبه الدكتور فيليب حتي تحت عنوان «أميركا في نظر شرقي: أو ثماني سنوات في الولايات المتحدة» (الهلال، السنة الحادية والثلاثون، 1922، 1923). (ص 127 ـ ص202، ويقع في سبع حلقات).
في أثناء الإجازة هذه تناولت رواية ربيع جابر «أميركا» وانتهيت منها في أربعة أيام، وقررت أن أكتب عنها، وأن أدرسها، مع غيرها، من الروايات التي أتت على أميركا، وهي كثيرة، وكنت قبل أسبوعين ثلاثة كتبت مقالين، أولهما عن رواية عنوانها «فتاة هايدلبرغ الأميركية» وثانيهما عن رواية «القسم 14»، وقلت: أدرجهما أيضاً في المخطط.
والرواية، رواية ربيع ذكرتني ثانية بمقال فاروق وادي، وجعلتني أسخر: مقال دفعك لشراء شقة، ورواية قد تجعل منك تاجر أرض. يا لجدوى الكتابة!! ويا لجدوى القراءة أيضاً!! وهكذا قد لا يحدث معك ما حدث مع أبي حيان التوحيدي من قبل، وما حدث مع فرويد من بعد.
في روايته التي كنت فكرت أن أكتب عنها مقالاً ذا صبغة أدبية بحت، أقارن فيها بينها وبين روايات عالمية وعربية، يأتي ربيع جابر على الأزمة الاقتصادية العالمية في نهاية 20ق20، ويصف المآسي التي ألمت بالناس في أميركا، ومن هؤلاء مارتا (مرتا) حداد ابنة قرية بتاتر اللبنانية، ويخصص عشرات الصفحات تقريباً ليصور معاناة المواطنين جراء الأزمة، وإفلاس الأثرياء بين عشية وضحاها، فقد ذهبت مدخراتهم أدراج الرياح، وفقدت البنوك أرصدتها ولم تعد قادرة على إرجاع المدخرات إلى أصحابها، وأعلنت إفلاسها.
فما الذي أنقذ مرتا من مصير أسود كان سيلحق بها سوى الأرض؟
كانت مرتا التي سافرت إلى الولايات المتحدة في العام 1913، لتبحث عن زوجها ابن عمها خليل حداد الذي غدا يعرف بجو حداد، مرت هناك بظروف قاسية، فخليل تزوج من أميركية، ولم يعد يسأل عن ابنة عمه زوجته، وأدركت مرتا أن عليها أن تشق طريقها في الحياة معتمدة على نفسها، وهكذا غدت كشاشة ـ بائعة في المدن والقرى، بائعة شنطة ـ وجمعت القرش على القرش، والأصح الدولار على الدولار، حتى غدت ثرية، ثم.. ثم جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية، ففقدت مدخراتها كلها.
الأرض والمزرعة اللتان اشترتهما هما ما حالا بينها وبين الفقر. وهكذا أخذت أضحك من نفسي على نفسي: مقال حثك على شراء شقة ورواية قد تجعل منك تاجر أرض، وكل عام جديد ونحن بلا احتلال.
عادل الأسطة
كان سعر الدولار في انخفاض، وفقدت مدخراتي ما لا يقل عن 20% من قيمتها، وهكذا قررت شراء شقة حتى أحفظ قيمة بعض مدخراتي، وحتى لا يحدث معي ما حدث مع أبي حيان التوحيدي في شيخوخته.
ولم أحزم أمري وأعقد النية إلاّ بعد أن أخذت الألسن تتحدث عن احتمال تجدد انتفاضة الأقصى، وكنت، وغيري أيضاً، عانيت في العامين 2002 و2003 معاناة شديدة بسبب الحواجز داخل المدينة، فقد كان لزاماً عليّ، إذا أردت أن أصل إلى مكان عملي، في جامعة النجاح الوطنية، وهي غرب المدينة، كان لزاماً عليّ أن أستقل أكثرة من حافلة وأن أصعد الجبل، وأن أتعرض، وغيري أيضاً، لإطلاق النار.
يومها عملت المخيلة الشعبية عملها، فقد أطلقت الألسن على طريقين في نابلس اسم: طريق توراه بورا. ولا أبالغ إذا قلت إنني نجوت مرتين من موت شبه محقق.
نعم كان السببان السابقان: انخفاض الدولار واحتمال تجدد الانتفاضة من أسباب تفكيري بشراء شقة غرب المدينة، قريبة من الجامعة، حتى أبيت فيها إن تأزمت الأوضاع وقسمت المدينة إلى ثلاثة أقسام؛ شرق المدينة ووسطها وغربها، فطريق توراه بورا كان السير فيها مزعجاً، ثم إنني أتقدم في العمر.
يومها لم يخطر ببالي، وما زال لا يخطر ببالي حتى الآن، أن الحي الذي اقيم فيه، وهو شرق المدينة، حي متواضع، وهذا دفع ببعض سكانه إلى بيع بيوتهم والرحيل إلى أحياء تقع غرب المدينة، حيث الأحياء الراقية ـ كما يقال ـ ما زلت أقيم في حي المدينة الشرقي، في شقة متواضعة، لكنها شقة فيها حديقة تجعل منها ـ من الشقة ـ قصراً وتذكرني بميسون زوجة الخليفة معاوية:
لبيت تخفق الأرياح فيه أحب إليّ من قصر منيف
ولكم أن تحوروا: لبيت توجد الحديقة فيه أفضل إليّ من شقة جديدة واسعة .. إلخ.
لكنّ مقالاً نشره فاروق وادي في الأيام ـ لم أعد أذكر عنوانه وتاريخ نشره ـ حثني على شراء الشقة وشجعني وقال لي: لا تتردد. كان الكاتب الذي افتقدنا مقاله في جريدة الأيام، بسبب ضعف نظره، ـ خسرنا كاتب مقال مميزاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ـ كان كتب مقالاً عن الأزمة الاقتصادية العالمية في نهاية 20ق20، وأتى فيه على ما حدث مع عالم النفس الشهير (فرويد) الذي جمع ما يقارب المليون جنيه استرليني، وقرر إثر ذلك أن يتقاعد، فقد قال إنه يعيش من وراء مدخراته، وإنها تكفيه ما تبقى من عمر، ولم يكن يخطر بباله أن المليون جنيه ستفقد، خلال فترة، قيمتها، وأنها ستدفع ثمن تذكرة قطار فقط، للانتقال من بلد إلى بلد.
المقال هذا دفعني بلا تردد لشراء الشقة، حتى إن أخي لم يصدق ما أقدمت عليه، والمقال هذا سيصبح من أكثر المقالات إشارة إليه، وأنا أتحدث مع زملائي عن انخفاض العملة والخوف من المستقبل.
ومرة واحدة فقط التقيت بالكاتب فاروق وادي وتحدثت معه ربع ساعة فقط. كان ذلك في جامعة البتراء التي عقدت مؤتمراً أدبياً شاركت فيه، وكرمت الجامعة فيه المفكر عزمي بشارة والروائي المصري يوسف زيدان الذي فاز في حينه بجائزة البوكر العربية عن روايته «عزازيل». يومها قلت لفاروق: مقالك عن فرويد دفعني لشراء شقة، فابتسم وقال لي: وأنا أيضاً اشتريت شقة لهذا، ودفعت فيها مدخراتي كلها. ولم أعد أرى فاروق، ولكنني أتذكره كاتب مقال، وأتذكر مقاله هذا، وقد تذكرته مؤخراً، وتحديداً الأسبوع الماضي.
أنفقت الأيام الخمس ـ أو الخمسة يا عزيزي المدقق في الأيام ـ الأخيرة على قاعدة العدد يخالف المعدود، والثانية ـ أي الأولى هنا ـ على قاعدة الصفة تتبع الموصوف، وهذا للتذكير فقط، وأحياناً أكون مخطئاً ويأتي تصويبك في مكانه ـ أنفقت الأيام الأخيرة من العام المنصرم أقرأ رواية (أميركا) 2009 لربيع جابر، فتذكرت مقال فاروق وادي المشار إليه.
كنت اشتريت نسخة من الرواية في 7/8/2010، وأنا أزور عمان، ولا أدري لِمَ لَمْ أقرأها حتى اللحظة، وكان في نيتي أن أقارن بينها وبين رواية (فرانز كافكا) (Amerika) ـ هكذا بالألمانية ـ التي كنت قرأتها في أعياد الميلاد، في العام 1989، وأنا أعد للدكتوراه في مدينة (بامبرغ)، ومرت السنون ولم أقرأ الرواية، علماً بأنني قرأت، من قبل، لربيع جابر روايته (الاعترافات) وخصصتها بمقال في هذه الزاوية، ومن بعد، روايته «دروز بلغراد» التي حظيت بجائزة البوكر قبل عامين ثلاثة. راقت لي الاعترافات، ولم ترق لي «دروز بلغراد». التي كتبت أيضاً عنها مقالاً، وظلت رواية «أميركا» على رفوف المكتبة تنتظر القراءة.
في أثناء الإجازة، وبعض طلبة الماجستير ممن سأدرسهم في الفصل القادم يسألني عن الموضوع الذي سأدرسه، في أثناء الإجازة خطر ببالي أن أدرس صورة أميركا في الرواية العربية المعاصرة، وتحديداً في رواية القرن الحادي والعشرين، وقلت: هذا موضوع طريف يستحق أن يدرس، وقد كتب فيه من قبل د. يوسف الشويري كتاباً عنوانه «الرحلة العربية الحديثة من أوروبا إلى الولايات المتحدة» (بيروت، 1998)، ولما قرأته كتبت على صفحته الأولى: «كتاب ممتع».
طبعاً يجب أن أشير إلى أن المؤلف أدرج في القسم الأخير من كتابه ما كتبه الدكتور فيليب حتي تحت عنوان «أميركا في نظر شرقي: أو ثماني سنوات في الولايات المتحدة» (الهلال، السنة الحادية والثلاثون، 1922، 1923). (ص 127 ـ ص202، ويقع في سبع حلقات).
في أثناء الإجازة هذه تناولت رواية ربيع جابر «أميركا» وانتهيت منها في أربعة أيام، وقررت أن أكتب عنها، وأن أدرسها، مع غيرها، من الروايات التي أتت على أميركا، وهي كثيرة، وكنت قبل أسبوعين ثلاثة كتبت مقالين، أولهما عن رواية عنوانها «فتاة هايدلبرغ الأميركية» وثانيهما عن رواية «القسم 14»، وقلت: أدرجهما أيضاً في المخطط.
والرواية، رواية ربيع ذكرتني ثانية بمقال فاروق وادي، وجعلتني أسخر: مقال دفعك لشراء شقة، ورواية قد تجعل منك تاجر أرض. يا لجدوى الكتابة!! ويا لجدوى القراءة أيضاً!! وهكذا قد لا يحدث معك ما حدث مع أبي حيان التوحيدي من قبل، وما حدث مع فرويد من بعد.
في روايته التي كنت فكرت أن أكتب عنها مقالاً ذا صبغة أدبية بحت، أقارن فيها بينها وبين روايات عالمية وعربية، يأتي ربيع جابر على الأزمة الاقتصادية العالمية في نهاية 20ق20، ويصف المآسي التي ألمت بالناس في أميركا، ومن هؤلاء مارتا (مرتا) حداد ابنة قرية بتاتر اللبنانية، ويخصص عشرات الصفحات تقريباً ليصور معاناة المواطنين جراء الأزمة، وإفلاس الأثرياء بين عشية وضحاها، فقد ذهبت مدخراتهم أدراج الرياح، وفقدت البنوك أرصدتها ولم تعد قادرة على إرجاع المدخرات إلى أصحابها، وأعلنت إفلاسها.
فما الذي أنقذ مرتا من مصير أسود كان سيلحق بها سوى الأرض؟
كانت مرتا التي سافرت إلى الولايات المتحدة في العام 1913، لتبحث عن زوجها ابن عمها خليل حداد الذي غدا يعرف بجو حداد، مرت هناك بظروف قاسية، فخليل تزوج من أميركية، ولم يعد يسأل عن ابنة عمه زوجته، وأدركت مرتا أن عليها أن تشق طريقها في الحياة معتمدة على نفسها، وهكذا غدت كشاشة ـ بائعة في المدن والقرى، بائعة شنطة ـ وجمعت القرش على القرش، والأصح الدولار على الدولار، حتى غدت ثرية، ثم.. ثم جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية، ففقدت مدخراتها كلها.
الأرض والمزرعة اللتان اشترتهما هما ما حالا بينها وبين الفقر. وهكذا أخذت أضحك من نفسي على نفسي: مقال حثك على شراء شقة ورواية قد تجعل منك تاجر أرض، وكل عام جديد ونحن بلا احتلال.
عادل الأسطة