أنا....
لم أسئ يوما إلى
نجمة أو سحابة
لم أعكّر مزاج النّبات
فقط انشغلت بحزني كثيرا
وأقفلت باب الروح في وجه المباهج والصّبوات
أنا لم أسئ يوما
إلى حشرة
إلى عشبة في الحديقة
إلى ضيف الأحَد الثقيل
فقط
كنت أستدرج اللغة إلى سرير الليل
وأرمي برماح الشهوة
في المدفأة
والتي صعدت سلم الذكريات
"تغتسل بعسل...
منذ العبارة ..
منذ انزواء الماء في جسد الكائن ...
منذ استراحة الله ..
منذ البشر يحملون حقائبهم وينزلون الى الأرض
منذ اليأس ... وليل المفهوم ..
منذ الجريمة الأولى ... واكتشاف لون الدّم .. منذ الحكمة .. والخوف ..
الحجر في قلب الحيوان .. قبل الملوك .. والحبل المستدير ... قبل البحر والذريعة..
قبل...
مُلطخا بالحرب و بشتاء تصنعه امرأة ..
أسألُ أين تذهب في الليل الشّوارع ..
للمرّة الأولى أكون مع كُومُونَة مُستريبين وطاولة تتقدم
إليها الأشجار ..
أكون قد علّمت عزلتي وقاحة الضجيج ..
وهذا الغصنُ الخائب ...
يستسلم لليل بلا أحَد ...
كان بوُسع الأرض أن تصالحَ الموتى ..
وتفاوض عُمقها ..
كان بوسع...
يقول الغريب الى ظله:
غدا نحتمي بالمدن
التي وهبت وقتها للشائعات
و ينزف معدن غيمها بخواتم الدساتير ...
غدا يكتب البحر
نصه الأخير حول حدادين يصنعون السماء
ثم يدقون بالمطارق غيمها فتصيح من لذة الطرق ...
وتغسل قدميك السادرتين بتفاهة الماء
في جسد الشجر الميت
غيضا من الأقفاص و التوابيت ..
ستدرك بعدها...
أهذه أرض أم بيضة رُخّ تخبئ تحت قشرتها مرمر موتنا ...
أهذا أنا أصير في قفصها الصّدري حرا من أعضائي و من شجني ...
صباحا أخرج منها بعد أن أشرب قهوتي فيها ... أدق على الباب فنفتح الباب .. شبحين من فضة و صندل ...تقاسمني جسدي و قميصي ..
زاويتي في المساء القصي ..
أنا + أنا = وطن للخرافات و دولة المنفى...
عم وطنا أيها الحبق الشقي ...
عم خنجرا يا شقيق..
اجعل الكلب خارج السور
كي تنام أجراس الطريق...
أيتها اللغة التي تحرك تحت أقدامنا هذا الفراغ
كالرمال المتحركة تحت سرير المنفى
أيها القتلى
لم يبق غيرنا في هذا الممر.....
صرختنا بعيدة .... دمهم لا يخجل من الدوران
و دمنا سجين المخابر و الإبر
أيها...
البلاد التي لم أخن ملحها
البلاد التي صار دمي زيتها .. وأي بلاد تمر
بين الأصابع .. تحت الخواتم مثل الرياح
كأني أنا .. أعود من عقوق الصباحات
من قلق المؤذن وهو يسطو على آخر الحلم...
من تحرش الحدائق بالعشاق..
يرمون لحمهم للفراشات ....
و يرمون أيامهم خلف سياج الذكريات ...
من فتنة الملح يخرج ليلا من...
شكري بوترعة
- من مواليد مدينة قفصة سنة 1961
* حصل على عدة جوائز عربية وتونسية منها:
- جائزة ملتقى ابن منظور الاولى بقفصة 2003
- جائزة مفدي زكرياء المغاربية بالجزائر 2005
- جائزة جرسيف للشعر الاولى بالمغرب 2014
* أعماله الشعرية
- سونيتات لسيدة النهر، تونس ، 2007.
- لا شيء يحدث الان، دار...