فجأة أبصرت نفسى أقف وحدى عاريا فى قلب الكون. لم يكن من العدل ان ألقى باللوم على الآخرين وأتهمهم بأنهم تركونى ، مثلما لم يكن من العدل أيضا أن أدعى بطولة الاستغناء عنهم باختيارى.. أما الأسباب الحقيقية التى وضعتنى فى هذا الموضع فلست أعرفها ولا أدرك زمانها.
هبطت أمامى من حيث لا أدرى يحف بها عطر...
كلما عجزت عن تذكرها عاودت النوم عسى أن أراها من جديد. تتجسد أمامى فى الحلم بجسدها النحيل وابتسامتها الرقيقة ونظراتها الساهمة الرصينة. تمشى بجوارى صامتة فى طريق يحفه النخيل وتمتد بموازاته ترعة عريضة ينمو على ضفتيها شجر طويل أوراقه حمراء وصفراء وخضراء تنعق على أغصانها غربان لاحصر لها..لكن النحيلة...
بقوة جامحة اندفعت فى طريق البحث العلمى وفى نيتى ألا اتوقف حتى الموت.ما أن حصلت على درجة علمية عليا فى تخصصى النادر حتى أصابنى الملل وتوقفت.
بنفس القوة اندفعت فى طريق العمل المهنى مكتسحا فى طريقى كل العقبات حتى حصلت على منصب كبير بعد قتال دموى شرس مع المتنافسين . تعمدت أن أقف عند هذه المحطة...
في مصادفة لا تفسير لها؛ عثرت بين أوراقي ومذكراتي العلمية على ورقتين في نفس اليوم. لست أدري كيف ضلت كل منهما الطريق إلى مكانها الطبيعي فجاءت حيث وجدتها. إحداهما كتبتها بخط يدي ليلة مبيتي بالقاهرة في بيت صديق لي قريب من المطار، إلى حيث أتوجه فجرًا لأستقل الطائرة المتجهة إلى كوبنهاجن، أما الأخرى...
واقع الأمر أنه لم يسب أمي. لقد قال لي بالحرف الواحد:
- أتظن أنني أشتغل عند أمك؟ ولكني لم أستطع النوم ليلتها.. فاقت حيرتي طاقة سنواتي التسع على التفكير، إذ لم أستطع أن أفهم لماذا يهينني إنسان ويخاطبني بهذا الاستعلاء والاحتقار. كل ما فعلته أنني ناديته بعفوية.
- بس.. بس... بس
لم أجد وسيلة غير...
حين تراكمت الخسائر وبدأت الشركة في الانهيار، كان من الطبيعي أن يقاسمني شريكي الخسارة ونفض الشركة، ويذهب كل إلى حال سبيله. لكنه تشبث بي لسبب غامض عارضا أن يتحمل الخسارة وحده. ولسبب أكثر غموضا رفضت عرضه وقررت الاحتفاظ لنفسي بملكية الشركة الخاسرة. احتدم بيننا الجدل وتساءل:
- لماذا لا تنفصل أنت...
في الصغر سلمتني أمي إلى الخواجة آندرز لأعمل بمصنعه مع الصبية في تعبئة أكياس الشاي خلال إجازة الصيف لقاء خمسة قروش في اليوم. بهرتني شخصيته القاطعة المعالم والقرارات.
استرحت له وتمنيت أن أكون مثله عندما أكبر وأصبح مسئولا عن عمل. من يعمل يكافأ ومن يهمل يفصل ولا حل وسطًا. لم يكن الحب مبعث اهتمامه...
وهو يقدم لى فنجان القهوة اليومى فى نفس الموعد من صباح كل يوم ، قال لى النادل الماكر :
- لقد نسيت ولاعتك بالأمس ، وكذلك لم تأخذ بقية حسابك
لم أهتم كثيرا بما قال حسن،لأننى فى أيام أخرى أنسى علبة السجائر أو النظارة أو سلسلة المفاتيح لأجده محتفظا بها فى اليوم التالى.كما أننى عادة ما أنسى أين ركنت...
حين انتقلنا إلى ستوكهولم كانت هيلدا مرشدتنا، وكانت تقيم معنا فى كل فندق ننزل به وتلبى طلباتنا كافة ولو لم تكن فى نطاق العمل .
لكن هيلدا تقدس وقت راحتها الخاص، إذ تنسلخ تمامًا عن المجموعة ولا تعطى لأحد فرصة ضئيلة ولو لمجرد الحوار البرئ معها. وعلى الرغم من شخصيتها الفولاذية إلا أن طابع الحياء...
سعيد محمود سالم - من مواليد الاسكندرية 1943
– عضو اتحاد كتاب مصر و عضو اتحاد الكتاب العرب
ـــ عضو هيئة الفنون و الآداب و عضو أتيليه الفنانين و الكتاب
ـــ عضو لجنة النصوص الدرامية باذاعة و تليفزيون الاسكندرية سابقا .
– حاصل على ماجيستير الهندسة الكيميائية من جامعة الاسكندرية 1968 .
– رئيس قطاع...
انتهى بي المطاف ذلك الصباح الباريسي المشمس في مقهى مغمور، في شارع فرعي يطل على زقاق منحدر إلى الحي اللاتيني، وانحزت إلى ركن مشمس، فما أجمل أشعة الشمس في وسط هذا البرد القارس الذي لا تدفئه لا الشمس ولا القهوة التي جلست احتسيها غارقاً بين دفتي كتاب تاريخي بالإنجليزية أعجبني غلافه، الذي يحمل رسوماً...
عائد من خلوتى المحببة فى حديقة النادى.كنت أقرأ كتابا عن "الجسد"يحوى بحوثا علمية ونفسانية لكاتبات وكتاب من تونس ولبنان والسودان واليمن.فى طريقى الى بوابة الخروج عبر ممر محاط بالشجيرات والزهور،فوجئت بها قادمة تعترض بجسدها الرشيق طريقى وتتوقف أمامى مباشرة وهى تغرس نظراتها فى وجهى ، مثلما انغرست فى...
سعيد محمود سالم - من مواليد الاسكندرية 1943
– عضو اتحاد كتاب مصر و عضو اتحاد الكتاب العرب
ـــ عضو هيئة الفنون و الآداب و عضو أتيليه الفنانين و الكتاب
ـــ عضو لجنة النصوص الدرامية باذاعة و تليفزيون الاسكندرية سابقا .
– حاصل على ماجيستير الهندسة الكيميائية من جامعة الاسكندرية 1968 .
– رئيس قطاع...