1-الزعماء يغيرون الجغرافيا:
هربْتُ من السجن، حينما عبرتُ النفق الذي يمتد أربعة عشر متراً تحت الأسوار.
تخيّلتُ صديقي الناصري صبري عبده حينما يصحو ويكتشف هروبي، فيصرخ في أقرب جارٍ له في السجن:
ـ عثمان خائب وغرير .. لماذا هرب؟ .. سيجيئون به من تحت الأرض .. ويعذبونه!!
أتخيله يلحق بي، ويصرخ:
ـ لماذا...
عطر البدايات
حينما كنت في العاشرة من عمري ذهبتُ مع والدي إلى الطبيب في الزقازيق التي تبعد عن قريتنا نحو ثلاثين كيلاً، وفي انتظار عودة الطبيب من المستشفى وجدتُ بعض المجلات، أخذتُ أُقلِّب فيها، فاكتشفتُ عالماً غير الذي أعرفه في الكتب المدرسية الرصينة التي يُدرِّسها لنا المعلمون، وكنتُ أتمنَّى ألا...
حين خرجتُ من البيت ـ في الحادية عشرة صباحاً ـ لأدرس محاضرةً في النصوص العباسية لطالبات قسم اللغة العربية .. تركتُ القاضي في التلفاز يُقلبُ أوراق الرئيس العراقي السابق صدام حسين في قضية «الدجيل» .. قبيل النطق بالحكم!
هذا القاضي الجهبذ .. الساهرُ على قضية العدالة.. لماذا أراه زائغ النظرات؟...
قال الحاج محسن لولده الوحيد جابر، الذي حصل على بكالوريوس التجارة منذ خمس سنوات، ويفلح الأرض ـ بمساعدة أبيه ـ حتى يجد وظيفة ملائمة، فالدولة لم تعدْ معنية بتوظيف الخريجين:
ـ متى ستهتدي؟
ـ الله قادر على كل شيء!
صمت الحاج محسن، وتنحنح، وأضاف بعد هنيهة:
ـ ... عشتُ في هذه القرية ستا...
قالت له عزيزة:
ـ منذ شهرين تركتُ التمثيل في مسرح قصر الثقافة بعد أن تحرش المخرج خالد بي، ونحن في حافلة القصر في طريقنا إلى الإسماعيلية .. لمشاهدة عرض مسرحي له.
قال وهو يكاد ينتفض غضباً:
ـ كيف؟
قالت وهي تنظر إلى عينيه لترى أثر كلماتها:
ـ كان يلتصق بي! .. أحسستُ به كالمراهقين...
كما يقراُ الموتُ الخريفَ المُصفِّدا
كدتُ أكتبُ ـ يا نجوى ـ قصيدةً مهداة إلى الشاعر عبد الله البردوني، وهذا مطلعها المأمول .. لكني توقفتُ بعد هذا الشطر!
لماذا تموت أحلام كثيرة قبل أن تولد؟!
الطريق إلى صنعاء مازالت طويلةً!
وقد استسلمت سفن الموتى المنهكة، مساءً للقرصان العجوز، الذي...
*مشهد أول:
وقفتَ تتحدثُ مع «ناهد سليم» ـ في مدخل نادي القصة بشارع القصر العيني ـ عن محور النص وعن الحبكة فيه وجمالية السرد، بعد أن ألقت قصتها «في منتهى الشجاعة» .. ورددت هي في غبطة ما سمعته من تعليقات الجمهور عليها، وعبارات الاستحسان، ولم تشر ـ طبعاً ـ إلى القليل من النقد الذي قيل عن النص...
حينما عاد شقيقي وسيم من زيارته الأولى لأمريكا، ورأى تمثال إبراهيم باشا، صرخ:
ـ هل هذا تمثال الحرية؟
ثم سأل مستنكراً:
ـ من إبراهيم هذا؟
لم أجبه!
(مسكين! لا يعرف أن إبراهيم باشا هذا هو ابن مؤسس مصر الحديثة: محمد علي باشا.
ولا يعرف أن إبراهيم باشا كان من أعظم قادة الحرب في العالم).
حاولتُ أن أبعده...
يضم هذا الكتاب (الذي صدر في سلسلة «كتابي»، العدد (68)، في 162 صفحة من القطع الصغير) خمساً من قصص التراث الأدبي الهندي، هي: «الملك والشيطان»، و«الحب والمال»، و«حكمة ماهوداسا»، و«زهرة العفة»، و«مدينة الذهب». وهي من التراث الشعبي الذي ظلت الألسنة تتناقله منذ أجيال كثيرة، حتى تنبّه بعض الأدباء...
صمّمت «عزيزة البحيري» على أن تتزوّج ـ وهي في الثانية والأربعين ـ أول طارقٍ لبابها، أو طالب ليدها، فالزواج ـ على كل حال ـ أقل عبئاً من هموم الكتابة والتمثيل، وأخف عبئاً من وظيفة المستشار القانوني للدار الصحفية التي تعمل بها..
هي تحس أنها قد عاشت عصوراً طويلةً ـ منذ أن احترفت الكتابة، ومارست...
هل هذا هو الفقر الذي ليس مدقعاً؟
البيوت الطينية تُناديك .. لتتأمل فيها، وفي ساكنيها؟
هل جاءوا من قرى صغيرة فقيرة مثل قريتك؟
أنت معلق في دوسيه في السماء، في الدور السادس من بيت محمد رحيم في «أبي قتاتة» ..
تُذاكر بعض أخبار الصعاليك في كتاب يوسف خليف، في شقتك الفقيرة، أو وأنت جالس...
قال عبد الله الصامت، المُغني الضرير، وزميلنا في قسم التاريخ، وهو واقف تحت ساعة جامعة القاهرة، التي أصبحت مختلة .. وعقاربها واقفة، وكنا في صباحٍ بارد من يناير الثامنة والستين:
ـ لماذا لا تنصت في مثل هذا الجو البديع يا عبد الصادق إلى أغنية نجاة التي تتهادى إلى آذاننا من شارع بين السرايات...
الأضواء الخافتة تتلألأ كنجوم أعياها السهر وأضناها، وهناك في مقهى صغير أكثر من شاب حول مائدة صغيرة متسخة يلعبون "الورق" .. وفي الركن صبية صغيرة نائمة. وارتفع صوت عامر الدُّكش:
ـ بنت يا سنية!
ولمّا لم يجد ردًّا على ندائه عاد ينادي بصوته الأجش من جديد:
ـ بنت يا مقصوفة الرّقبة ..
ولكن البنت لم تسمع،...
هذه هي الطبعة الثالثة من كتاب "أشياء شخصية" للدكتور عبد السلام العجيلي، ويقول في مقدمتها: "هذه الطبعة ليست صورة مكرورة من الطبعة الأولى القليلة في صفحاتها، ولا من الطبعة الثانية المزيدة، ولكنها تُشبه أن تكون كتاباً جديداً. إنها كتاب جديد، لأن ما احتوته من حوارات ومقابلات ضاعف حجم الكتاب قي...