ســروة سالايي - تلك الليلة.. تـرجمة : فتـــاح خطــاب

تلك الليلة
تركت بجنب مصباح سريري الأيسر رسالةً
بَغتةُ أخذتني الغَفوة
لُجَج بعادك أغرقتني في التوهان
جراءها لَم تسعفي الكلمات
قد تكون الغفوة أحياناً عفويةً
حين يعصف بنا دوّار الحنين
فيجرف جُلَّ الأشياء
وتتبدل الأدوار
حيث أنا, هي
وأنتَ هو
كان ذلك في الحلم
حيث حروف إسمكً
مثلما أبطال الروايات
باتت تتطاير في الفضاءات
أشبه بفراشات بيضاء
تأتلق مُحلقةً..
ومن ثم خفقة قلب وفزة..
باحثة عن خطاباتك المرسلة
بجنون وخشوع..
كما لو أن قلبي يُنبؤني بما لاًيُستَحب
بين وسادتي والمصباح كان جناح فراشة
فيه لم يكن إسمك دالاً
وإنما ناقصاً
ومنذ ذاك الحين أطوي رسائلك
أصغر حجماً
كيلا لا يتبعثر إسمك
.
لما رأت صديقتي ذلك
تعقبت قائلة: أن جَدتي عملت لي تعويذة
على ذات الشاكلة
شفاءً لدوخة الرأس!
يا لسذاجتها..
إذ أنها لاتعلم بأن أي تعويذة
لا تُضاهي رسالة منك
لتسكين الألم
لذا أُحشر في ثنايا أثوابي
تحت وسادتي
بين صفحات الكُتب
معاتبتي الودية الصغيرة
الملأى بإسمك
وما أن يظهر حرف منه
حتى يتعطر به الوجود كله
حُلماً ارجوانياً
وإن تنسمت به نواة الوجود
كل خلية منه تكسوها الحياة
حياة بلا هموم
كنت أتقصد أحياناً بوضع حرف من إسمك
تحت وسادتي
فتأخذني سنة النوم عميقاً..
حتى مطلع الفجر
لولا زقزقة عصافير الحارة الفوضوية
لًكُنتَ معي بكل وجودك
قد لا تصدق
أحياناً كان زندي يتماهى بزندك
فيَخضَرّ متشابكاً كما غصن شجرة السدر
نتمايل, ننسل معاً
لكثرة ما كنتُ أرنو لِعَينيك
لَقفتُ منهما أنجماً وأنواراً
ملء الخِراج
ما تكفي مدى العمر
تاركة تحت رأسي
وما أن فززتُ بَغتةً
كانت أحرف إسمك
قد تبعثرت ثانيةً
والآن لا أقدر على الإستغناء
عن تلك الوريقات
او أمنحها لأطفال الجيران
ليرسموا عليها سكيتشات بريئة
أعلم..
بأن بتلويناتهم وحروف إسمك
يولد وطن
او على الأقل
أن يجعلوا من لصق تلك الوريقات
طائراً ورقياً
قد تَغير منه ألوان السماء السبعة
متحدياً شعاع الشمس
قد تشكو كل مخلوقات الكون الجميلة
مما أبدعه أطفال الجيران
وهم بدورهم يُجافونني
أعلم بأنك أنت الآخر
من مخلوقات بلد الثلوج الزجاجية
لاتحتمل التيارات الشديدة الجارفة
لذا لا أسمح بتعرض حروف إسمك
لهبة ريح
فتنفصل عن ذاتي
ويعلم بك أي كائن كان
علماً أن هناك نفوس متوحشة
أشبه بذئاب شرهة, تلتهم أي شيء
خّبَّأتك بأُعجوبة
حتى أنت لاتعلم سِر ما فعلت
كي لا تنغر أكثر
وأنت أعلم بما يفعل الناس من رَزايا
إذ إنهم لا يتورعون من هدم وتخريب
أي شيء جميل
ولك الدراية التامة
بسواد قلوبهم وغيرتهم العمياء
إذن لا مفر من أن نبقى
وحكايتنا
أُسطورة نابضة بين اُقصوصات ورقية
بيضاء

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى