أحمد عبد الرحمن فرج الله - قراءة في المجموعة القصصية"قهوة بوتيرو"

" أنا عايز اشرب من إيدك.. واتنهد مع تنهيدك ! "
حبيبي يا متغرب .
.
ما ببن الرسم والغناء والموسيقى التصويرية وعبر خمسة عشر قصة هي عدد مجموعته القصصية "قهوة بوتيرو" يصحبنا القاص والروائي حسام المقدم إلى عوالم سحرية فمن مشاهد عابرة في دنيا الله لا تستوقفنا يلتقطها هو بسن قلمه ويمسك بتلابيبها ويعيد صياغتها من جديد ليصنع منها حدثاً ويرسم منها لوحة ويطرح علينا أسئلة وجودية تجعلنا نسرح بخيالنا ومخيلتنا .
و"فرناندو بوتيرو" الفنان الكولومبي الشهير والذي تحمل المجموعة اسمه يفعل الشيء نفسه ! في رسمه ونحته الذي اعتمد الصورة المكبرة حتى لحيوات صاخبة ومرئية لا تخطئها العين أبدا وكأنه يضع أعماله للناظرين تحت مجهر طبي يشخصها ويعيد اكتشاف دقائقها من جديد...
لعل أهم ما يميز أدب حسام المقدم في تقديري هو لغته والطفل الكامن هناك في أعماقه.. لغته"العامية الفصيحة" إن جاز التعبير والتي تتبدى حتى في عنوان المجموعة "قهوة" بمعناها المكاني والتي يرادفها مفردة أخرى "مقهى" كان بمقدوره اختيارها إلا أنه اختار الأولى ... فضلاً عن عينه اللاقطة -كما طفل شغوف- لتفاصيل الأشياء والشخوص في حركاتهم وسكناتهم وحلهم وترحالهم وكأن شيطان إبداعه يكمن في التفاصيل ...!
ما استوقفني كذلك في المجموعة هي قصص"نجوم صغيرة فوق نافذة فايزة أحمد" و"الأقفال" والتي سبق وأن نشرت على صفحات الأهرام وجريدة القصة لازالت أذكر ..وكذا قصته الفاتنة "بيانو الظل"والتي يمزج فيها الكاتب الخيال "تداخل الظل والشمس" بالواقع " القطارات اللاهثة المشحونة بالأنفاس والأجساد !"
ربما يعود الأمر في القصص الثلاث هذه إلى ذائقتي التي تستسيغ القصة الكلاسيكية لا القصة السريالية رغم ان القصة السريالية الحديثة التي يجيدها "المقدم "تنفتح على تأويلات جدا متعددة وتجعلنا نعمل تفكيرنا دون توقف ولعل هذا يذكرني بقصة له كنت قرأتها منذ خمس سنوات مضت عن بقعة زيت منسكبة في نهر الشارع جانب عربة تعطلت عن المسير وكيف قرأها المارون بالقرب كل من زاويته وحالته النفسية التي يحياها.
..
المجموعة صادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة إبداعات قصصية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى