عبد الرحيم خلدوني - النص الفلسفي بين التلقي والتأويل

تسعى هذه المحاولة إلى وضع اليد على موضوع التلقي، ولعل هذا الموضوع من أهم الموضوعات في مجال الآداب والعلوم الإنسانية، والنص الفلسفي يعرف بخصائصه وبنائه المركب، وهو في ذلك مختلف عن الخطابات الأخرى، مما يعني اختلاف التلقي والتأويل.
إن نظرية التلقي _عموما_ تبحث في العلائق الخفية والبارزة بين النص باعتباره رسالة، والمتلقي باعتباره مرسلا إليه. إلا أن تأويل الخطاب الفلسفي يحتاج بالأساس إلى قراءة وفهم تامين قبل الشروع في مسألة التأويل. ينبغي أن نعلم أن الخطاب الفلسفي_ كما نتلقاه باللغة العربية _ خطاب كتب بلغة الفيلسوف نفسه، وما يصلنا ما هو إلا ترجمة من اللغة الأصل إلى لغة المتلقي، وهذا يكاد يشكل تزويرا للمعنى أو تحريفا له. وأثناء التأويل يعمد القارئ _المتخصص طبعا_ إلى إسقاط مجموعة من التأويلات على النص، تلك التي تتجاوز التفسير إلى درجات أرقى.
إن تلقي الخطاب الفلسفي وتأويله _في رأيي_ يحتاج اطلاعا على الخطاب بلغته الأصل، وضبط المذهب الفلسفي الذي ينتمي إليه (المذهب الوضعي، الذهب التجريبي...إلخ) آنئذ يمكن الانتقال إلى تأويل النص وفق منهج تأويلي محكم.
إن ما يصلنا من بعض النصوص المترجمة لا يكاد يكون فلسفة بقدر كاف، وإنما يمكن أن يكون فكرة عن عن فلسفة الفيلسوف. ونحن ها هنا لا نقلل من قيمة رواد الترجمة العربية، بل نسعى إلى إعادة النظر في الفلسفة العربية ومقارنتها بالفلسفات الأخرى، وتأسيس قواعد تأويلية تسعف الباحث على تأويل الخطاب الفلسفي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى