محب خيري الجمال - من ذاكرة حليب الروح

كنت أُوبخ النيل وأجلد ظهره ببكاء السعف،
أملأ حلقه برمال الصحراء قبل اكتمال الحريق،
اخبط ذراعه الذي يلوح بها لأصدقائي المغمورين في أمعائه،
أمي التي كانت تقول لي:
لا تلوح للنهر ولا تتحدث إليه،
النهر به "مارد" به "جنيَّات حِسان" يعشقن الصغار
أنا الآن أجلس على صخرة وحدي
أصرخ اخرج يا "إبراهيم"
اخرج يا أخي لقد كبرت
لا داعي لكل هذا الاختباء!
ما زلت أحبك يا "إبراهيم"
اخرج ولن أخبر أمك بأنك كنت تحب الجنيَّات
وتكره نذالة الخوف،،
النهر الذي أكتبه أول السطر كعلامة لشاهد أصم
أصبح لصا محترفا يبتلع أحلام " إبراهيم "
يحلب القصائد بلا هوادة
يسحبها من بطنها الجائع ويقامر بها آخر الليل
على طاولة حبلى بمواسم الموتى
هذا النيل الوديع كحمامة،،
الحكيم كحية،،
الماكر كثعلب الكروم
حاد كخنجر من سكر ولين وعنيد كرقصة في حي شعبي فقير،،
تؤلمه الأرواح المريضة وخرافة إلقاء العملات المعدنية للعشاق الحالمين،،
شعور الحجر في رأسه العجوز وهو يضفر الحكايات
بعد كل قصيدة طاعنة في بياض الرؤيا
النيل الذي يأوي في بطنه الواسع خيبات الماضي والحاضر
ينقر حلقي دوما بأسماك ميتة
كانت لصياد فقير يثقب النيل من أذنه كلما باح بالسر الرجيم
صياد يبحث عن الأمل في جوف سمكة من الأساطير الإغريقية،،
عن الأمل تحت الحجارة أو في صندوق قمامة ممتلئ بأطفال الشوارع والحيوانات الضالة
والقصائد المشبعة بعطر النساء اللاذع ،،



20

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى